بما أن لازِم الحقِ حقٌ ،نقول يلزمُ من كمالِ الإسلامِ أن يكون فيه كلُ ما يحتاجُه المسلم من أمورِ دينه ودنياه جملةً وتفصيلاً .
وقد وجدنا مصداق ذلك في قواعده وتفصيلاته، حينما أعطي لكلِ ذي حقٍ حقه وصان لكلِ صاحبِ حقٍ حقه ودافع عنه وعاقب مخالفيه .
فجعل للعبد حقوقاً تُنظِمُ له طريقة تعامله، وجعل للحيوان حقوقاً تراعيه وتبين للإنسان كيف يعامله بما يُحقق المصلحة للطرفين .
وبهذا يكون للإسلامِ فضلُ السبقِ في تقرير هذا المجال –وهو وضع الحقوق- لا كما يظنه من قل علمه وقصُر نظره أن أهل الغرب هم المؤسسون والمنظمون لهذه الحقوق،بل أن تنظيمهم هذا حادثٌ جديد إن لم يكن مستمداً من أصل ديننا الحنيف ،
وفيما يأتي ستظهر عظمة الخالق إذ وضع هذه الحقوق رفيعة المستوى،وتظهر رحمته إذ جعلها مُنصبةً لتحقيق المصالح
ولقد سبق لبعض علماء المسلمين أن تناولوا بعض مباحث هذا الموضوع كالإمام السخاوي المتوفى سنة (902هجري) حيث كتب : (تحرير الجواب في ضرب الدواب) ولقد بلغت أحاديث هذا الموضوع عندي أكثر من خمسين حديثاً ،مما يُظهِر للعاقلِ اللبيبِ هذه العناية الربانية والرحمة الشاملة للجميع .
وأعتمدت في هذا البحث على الأحاديث الصحيحة والحسنة فقط، وسيكون العزو للمصادر مختصراً بالرموز ثم في النهاية مفصلاً، وما كان-بين الكلام-بين قوسين فإنه مني .ونبدأ بالباب الأول وبالله التوفيق.

النظرة الإسلامية العامة للحيوان

لقد بين الله في القرآن كثيرا من الآيات المتعلقة بالحيوان ، بل إن هناك سورةٌ اسمها سورة الأنعام-وهي في الجزء السابع-ذكر فيها سبحانه بعض الأحكام المتعلقة بالحيوان وأكله،وبعض الممارسات الخاطئة نحوه التي كان الناس يفعلها قبل الإسلام،وبين سبحانه أن الحيوان أمةٌ من الأمم لها حياتُها وخصوصياتُها فقال سبحانه: " وما من دابةٍ في الأرض لا طائرٌ يطيرُ بجناحيه إلاأممٌ أمثالُكُم"(1) وفي هذا إشارة إلى رحمةِ الحيوانِ وعدم إيذائه أوتعذيبِهِ أوقتله من غير حاجة ولا مصلحة . بل إن فيما سيأتي بيان أن هذا الحيوان شيءٌ محترمٌ ومحبوبٌ ولم يعتبرهُ مخلوقاً ذليلاً مستقذراً .
قال الله تعالى :"زُيّن للناس حُبُ الشهواتِ من النساءِ والبنين والقناطيِر المقنطرةِ من الذهبِ والفضةِ والخيلِ المُسومةِ والأنعامِ والحرثِ ذلك متاعُ الحياةِ الدنيا والله عِندهُ حُسنُ المئاب"(2)
وظهر ذلك أيضاً في بعض الأحاديث التي تشبهُ الحيوان بالأمور المحبوبة للنفوس، مثاله قول النبي r :" يدخل الجنة أقوامٌ أفئدتُهم مثلُ أفئدةِ الطيرِ " (3)
والمراد بالفؤاد هنا هو القلب، قال النووي في شرح مسلم : قيل مِثلُها في رِقتِها وضعفِها. والإنسانُ ذو القلبِ الرقيقِ:طيبٌ ومحبوبٌ. وقال النبي r "إنما نسمةُ المؤمنِ طائرٌ في شجرِ الجنةِ حتى يبعثه الله - عز وجل -إلى جسده يوم القيامة "قال السندي : المراد روحُ المؤمن الشهيد كما جاء في روايات الحديث (وقوله طائر ) ظاهره أن الروح تتَشكل وتتمثل بأمر الله تعالى طائراً كتمثل الملك بشراً، ويحتمل المراد: أن الروح تدخل في بدنِ طائرٍ كما في بعض الروايات (4)
فهذا ترغيب في الشهادة ومن ضمنه التشبيه بالطير ولو كان الطير الذي هو من الحيوانات شيئاً مكروهاً لما شبهه به .
وقال النبي صلی الله علیه واله وسلم عن الهِرة "إنها ليست بَنَجس إنها من الطوافين عليكم والطوافات.
أي أن الهرة نظيفةٌ في أصلِها وليس شعرُها أو لُعابُها بنجسين، وعلل ذلك بأنها من الحيوانات التي تدخل وتخرج بكثرةٍ على الناس في بيوتهم ودورهم .
وصحّ عن زوجة النبيr السيدة عائشة رضي الله عنها أنه جيء إليها بهريسة فُوضِع عندها فجاءت هرة فأكلت منها فلما انصرفت - أي الهرة - أكلت -السيدة عائشة - من حيث أكلت الهرة وذكرت الحديث السابق .
وكان النبي r " يُصلي على راحلتِهِ نحو المشرق " (5) والراحلة هي الدابة,وكان هذا في النافلة حين السفر، فالصلاة من أعظمِ العبادات والنبي صلی الله علیه واله وسلم أداها على ظهر الدابة .
فهذه الأحاديث وغيرها تدل أن الحيوان من الأشياء المألوفةِ لا نجسة ومنبوذة ، وهذا هو الأصل وهناك بعض التقيدات كالخنزير ولعاب الكلب فإنهما نجسان ومنبوذان .
الرحمة بالحيوان بالمحافظة على روحه وعدم جواز إزهاقها بلا سبب
لقد جاءت تعاليم الإسلام بالرفقِ بالحيوان فلم تُجوِزُ قتله لغير سبب أو مصلحة وهذا هو الأصل، لِما جاء عن النبي صلی الله علیه واله وسلم في ذلك صراحةً ودلالةً .
أما التصريح: فقول ابن عباس رضي الله عنه : نهى رسول الله r عن قتلِ كلّ ذي روح .
وأما الدلالة فعموم قوله قوله r " الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا أهل الأرض يرحمكم من في السماء " قال شارح عون المعبود تحت حديث 4931:(الراحمون) أي لمن في الأرض من آدمي وحيوان لم يؤمر بقتله بالشفقة عليهم والإحسان إليهم .
إذن لا يجوز قتلُ الحيوانِ لمجردِ اللهوِ واللعبِ والعبثِ،وحتى الصيد بالبندقية إن لم يكن من أجلِ الأكلِ فهو محرمٌ ، وكذلك الصيد بما يُسمى [النباطة أو النبلة] فإنه محرمٌ ، وإن كان ذلك من أجلِ الصيدِ، لأنه يُشترطُ في أداة الصيد : أن تخزِقُ الفريسة وتنفُذُ فيها ،دليل ذلك هو قول النبي r حينما سأله عدِيِ بن حاتم رضي الله عنه عن الصيدِ بالمِعراض[وهي عصاً في طرفِها حديدة غير مسنونة وقد تكون بغير حديدة، فهي لاتخزقُ]
وما يُقذف من النباطة لايخذِق فيكون صيدُها ميتة ، إلا إن أدرك الفريسة وبها حياة فذبحها فهي حلالٌ –وتحقق هذا صعب-، وإن كانت هناك حاجة للصيد بها غير الأكل-لإطعام سبع مثلاً-فهوجائز.
وأعلم أن فاعل ماسبق سيُحاسبُ عليه يوم القيامة ، كيف يقتُلُ روحاً بلا فائدة وهي مخلوقةٌ تُسبحُ الله عز وجل، قال تعالى " ألم تر أن الله يُسبحُ له من في السماواتِ والأرضِ والطيرُ صافات " (6) . وعليه فلابد أن تكون هناك مصلحة ظاهرة للقتل .
ولم يقتصر الشرع على تحريم قتلِ الحيوانِ بلا سبب ، بل حرم قتل بعض الدوابِ تحديداً وهي : طائر الصرد والهدهد والنحل والنمل والضفدع، ودليل ذلك قول ابن عباس : نهى النبي صلی الله علیه واله وسلم عن قتل أربع من الدواب النملة والنحلة والهدهد والصرد .
الصرد:طائرٌ ضخمُ الرأس والمنقار وله ريشٌ عظيم نِصفه أبيض ونصفه أسود .
وسبب هذا النهي قد يكون لكونها:مسالِمةٌ في طبعها فلا تؤذي أحداً أو للمنافع المتحققة من وراء بقائها حية كالعسل من النحل، والمحافظة على البيئة بواسطة الضِفدع فهو معينٌ" للإنسان من عدة نواحٍ حيث تأكل أعدادا كبيرة من الحشرات التي قد تسبب آفة خطيرة.." (7) ولعدم المصلحة الظاهرة في قتلها .
ويجبُ أن نعلم أن الله حكيم عليم فهو سبحانه لا يفعل شيئا إلا لحكمةٍ ، وهذا من كماله سبحانه وهذه الحكمه قد تظهر لنا وقد تخفى عنّا،وسواء ظهرت أم خفيت فالواجب علينا أن نقول " سمعنا وأطعنا" وأن نعلم أن هذا الحكم الشرعي: وضعه الله لحكمةٍ جليلة فهو منزهٌ عن العبث .
ولا مانع من أن نذكر هنا قاعدة قيمة ودليلُها ، وهي أن الخبر أو الحكم من الله يكون محتوياً على العلمِ والصدقِ ووضوحِ العبارةِ وإرادةِ النُصحِ والهدايةِ وهذه هي مقوماتُ قبول الخبر،والإذعانُ له والاطمئنان إليه .
أما العلم فلقوله تعالى : " وعنده مفاتِحُ الغيبِ لا يعلمُها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر " (8)
وأما الصدق فلقوله سبحانه " ومن أصدقُ من اللهِ حديثاً " (9) وأما الوضوح فلقوله عز ذكره " وهذا لسانٌ عربيٌ مبين " (10)
وأما إرادة الهداية للخلق فلقوله عز وجل " يريدُ الله ليبين لكم ويهديكم سنن الذين من قبلكم ويتوب عليكم والله عليمٌ حكيم " (11) . وعلى هذا إن أتانا شيء من الشرع كتاباً أو سنة صحيحة أخذنا به دون اشتراط معرفة العلة والحكمة ، بل يجب التسليم أولاً والعمل ثانياً ثم إن أردنا معرفة العلة فلنسأل أهل الذكر .

جواز الانتفاع بالحيوان والتغذي به .

جعل الله سبحانه و تعالى الإنسان معمراً للأرض قال تعالى " وإلى ثمود أخاهم صالحاً قال يا قومِ اعبدوا الله ما لكم من إله غيره هو أنشأكم من الأرضِ واستعمركُم فيها " (12) . قال ابن كثير في تفسيره " أي جعلكم عُماراً تعمرونها وتستغلونها "
فالإنسان هو المعمر والسماواتُ والأرضُ سُخِرتا من أجله قال تعالى " وسخر لكم ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه " (13)فالجبال والبِحار وجميع ما في الأرضِ مُذللٌ ومُطوعٌ للإنسان ومصالحه فضلاً من الله وإحساناً ولما كانت هذه قيمة الإنسان جُعلت له الأولوية في العيش وحقه في ذلك مقدم على غيره من المخلوقات،ولما كان الحيوان من مصادر الطاقة والغذاء والنفع للإنسان جاز له ذبحه والتغذي به والتمتع بأكله .
قال الله سبحانه " والأنعام خلقها لكم فيها دفءٌ ومنافعٌ ومنها تأكلون " (14)
ولما جاز للإنسان ذبح هذا الحيوان من أجل التغذي به والتفكه بأكله جاز قتله لدفع ضرره من باب أولى، مهما كان نوعه وحتى المنهي عن قتله من الأصناف الخمسة السابقة .
ودفع ضرره يكون بالقدر الذي يندفِعُ به، فندفعه بغير القتل أولاً فإن لم يتيسر قتلناه بلا إشكال، والمؤذي من الحيوان ’يقتل حين تتحقق أذاه لا كل ما رأيناه وفي كلِ مكان قتلناه ،لأن هذا من التعدي، وأذكر هنا قصة ذكرها النبيr ، قال: " قرصت نملةٌ نبياً من الأنبياء فأمر بقرية النمل فأُحِرقت فأوحى الله إليه: أن قرصتك نملة أحرقت أمةً من الأمم تسبح الله"(15) . إذن لا يحِقُ لأحد التعدي .
ملاحظة : لا يؤخذ من الحديث جوازُ إحراقِ الحيوانِ ، قال ابن حجر : لكن ورد في شرعنا النهي عن التعذيبِ بالنارِ (16).قلت: وهو حديث " وأن النار لا يعذب بها إلا الله "(17) وعلى ما سبق :من امتلأ موضعاً في منزلهِ- كالمطبخِ مثلاً- بالنمل وآذاه ولا سبيل له لإزالة هذا الأذى إلا بالقتل فيجوز له ذلك .
وهكذا في كل مؤذٍ من الحيوان، ولقد أشار الشارع إلى هذا، في قول النبي r " خمسٌ فواسقٌ ’يقتلن في الحِلِ والحرمِ : الحيةُ والغُرابُ الأبقعُ والفأرةُ والكلبُ العقورُ والحديا"(18) وفي رواية " العقرب "(19)
ورغب في قتل الأوزاغ فقال r " من قتل وزغاً في أول ضربة كُتب له مائة حسنة وفي الثانية دون ذلك وفي الثالثة دون ذلك " (20)

توضيح للمفردات :

الغُرابُ الأبقع: الذي في ظهره وبطنه بياض ( واستثنى العلماء الغراب الصغير الذي يأكل الحب ويقال له غراب الزرع ) .
الكلبُ العقورُ: ( كل ما عقر[عضّ] الناس وعدا[هجم] عليهم وأخافهم ) قاله الأمام مالك رحمه الله في الموطأ تحت حديث ( 815)
الحديا أو الحدأة : من الطيور ،ومن خصائِصِها أنها تقِفُ في الطيران
الفأرة : دويبة في البيوت تصطادُها الهرة .
الوزغُ : دويبة مؤذية برصاء ، وهي ضرب من الزواحف
فهذه الحيوانات تُقتلُ لأذاها المعروف، فالكلب العقور يضُرُ بعدوِهِ على الناس .
والفأرة تنقِبُ الأرض وتقرُضُ المتاع.وأذكر هنا قصة ’تظهر شيئاً من أذاها،قال ابن عباس رضي الله عنه : " جاءت فأرةٌ فأخذت تجرُ الفتيلة فذهبت الجارية تزجُرُها فقال النبي صلی الله علیه واله وسلم " دعيها فجاءت بها [أي جاءت الفأرة بالفتيلة ] فألقتها على الخُمرة التي كان قاعداً عليها فاحترقت منها مثل موضع درهم فقال رسول الله صلی الله علیه واله وسلم " إذا نِمتُم فأطفِئوا سُرجكم فإن الشيطان يدلُ مثلُ هذه على مثلِ هذا فتحرقكم " . والخُمرة : حصير صغير بقدر الوجه والكفين
والعقرب والحية يؤذيان باللسع ونحوه، والغرابُ والحدأةُ يختطِفانِ الأغراض، والوزغُ من الزواحف المؤذية، ولقد ذكر النبي صلی الله علیه واله وسلم إن إبراهيم لما أُلقي في النارِ لم تكن في الأرض دابةٌ إلا أطفأت النار غير الوزغ فإنها كانت تنفُخُ عليه فأمر رسول الله صلی الله علیه واله وسلم بقتله .
ملاحظة: هناك فرقٌ بين الحيّات التي توجد في الصحاري وتلك التي في البيوت ، فالأولى تُقتل والثانية لا تُقتل إلا بعد إنذارِها وأمرِها بالخروج من البيت ، كأن يقولُ لها :أنتِ في ضيقٍ وحرجٍ إن لبثتِ عندنا . إلا الابتر[حية مقطوعة الذنب] وذو الطُفيقتين[حية يكون على ظهرها خطان أبيضان] فإنهما تُقتلانِ في البيت بلا إنذار ،وهذا لما ورد أن أبا لُبابة قال لأبن عمر وهو يُطارد حيةً : لا تقتُلها . فقال ابن عمر : إن رسول الله صلی الله علیه واله وسلم أمر بقتل الحيّات . فقال أبو لُبابة : إنه نهى بعد ذلك عن ذواتِ البيوت . (21)، قال ابن حجر في الفتح : وفي الحديث النهي عن قتل الحيّات التي في البيوت إلا بعد الإنذار ، إلا أن يكون أبتر أو ذا طُفيقتين فيجوز قتله بغير إنذار.
ثم قال النووي في شرح مسلم عن هذه الأصناف من الدواب:فسُميت هذه فواسق لخروجها بالإيذاءِ والإفسادِ عن طريقِ معظمِ الدوابِ.
قلت: وهذا هو العدلُ والحكمةُ والتوسطُ والابتعاد عن الغلوِ ، فلا يصح أن يكون الحيوانُ سبباً في إزعاج الإنسان وأذيته وتضجُرِهِ بل صحته وراحته أولى .
ولقد غلت مُنظمة حقوق الحيوان حينما حدثت مشكلةُ كثرةُ القردةِ في الهند في عاصمتها نيودلهي فآذت الناس والمواطنين مما اضطرهم إلى التسلُحِ بالعصى والحجارة لحماية أنفسهم ضد هجمات هذه القردة فهم لا يقتلونها لأنها مُقدسةٌ في ديانتهم ،وليست هذه هي المشكلة لكن ما تبنته هذه المنظمة من موقفٍ غريبٍ فقالت : " إن المشكلة ليست زيادُة أعداد القردةِ بل زيادةُ أعدادِ البشر وقالوا إن البشر قد استولوا على الأراضي التي كانت القردة تعيشُ فيها، وأكلوا الثمار التي كانت تتغذى عليها ولذا لم تجد القردة سبيلاً للبقاء سوى الُلجوءِ إلى المُدُنِ" الأنترنت(22)بعنون القردة تغزو الحكومة الهندية
وهذا قول عجيب دال على قلة العقلِ والبصيرةِ فسبحان الله كيف ابتعد هؤلاء عن مقتضى العقل والحكمة وكيف عُكست المفاهيم والحقائق عندهم ، فجعلوا القردة بمستوى يكاد يصل إلى مستوى البشر ومكانتهم، فالحمد لله على نعمة الإسلام،والذي يؤسِفُني أن هؤلاء قالوا هذا لرأفةٍ في قلوبهم بهذا الحيوان ،والرأفة مطلوبة بلاشك لكن لابد من ضبطها بالدين قويم وحيث أنهم تركوها لأهوائهم وعقولهم اعوج المسار وكانت هذه النتيجة،وهكذا نتيجة كل من ابتعد عن الوحي واتبع هواه، وكلما اتبع الإنسان الوحي ابتعد عن هواه فهل من مُدّكِر ؟

الرحمة في الذبح

سبق أن بينا أن الشرع أباح للإنسان ذبح الحيوان للتغذي به والتمتع بأكله،والذبحُ وإن كان مؤلماً للحيوان فإنه أُبيح لما يترتب عليه من مصالح أعظم .
ومن رحمة الشرع ورأفته أنه قيد هذا الذبح وضبطه بضوابط تجعله أخف ألماً للحيوان بقدر الإمكان وأكد الإسلام هذا بأصلٍ عامٍ وهو قوله تعالى " وأحِسنوا إن الله ’يحبُ الُمُحسنين " (23) وأكده بأصل خاص وهو قول النبي r " والشاة إن رحِمتها رحِمك الله " مرتين .
وقال هذا حينما قال رجل: يا رسول الله أني لأذبح الشاة فأرحمها ، فذكره
وقوله صلی الله علیه واله وسلم " إن الله كتب الإحسان على كل شيء فإن قتلتم فأحسنوا القتلة وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبح ")(24) . وقال أيضا " من رحِم- ولو ذبيحة عصفورٍ - رحِمه الله يوم القيامة "(25)
قال البغوي رحمه الله:الإحسانُ في القتلِ والذبحِ مكتوبٌ على الإنسان كما نطق به الحديث. وعليه ينبغي أن يكون الذابحُ عالماً بطريقة الذبح الشرعية وإلا لن يتحقق الإحسان في الذبح .
المصادر :
1- الأنعام 38
2- آل عمران 14
3- مسلم 7091
4- حاشية السندي على سُنن النسائي
5- البخاري 1099
6- النور/41
7- أسماء الحيوان في القرآن لمحمد العبدلي ص121
8- الأنعام 59
9- النساء/87
10- النحل 103
11- النساء 26
12- هود61
13- الجاثية 13
14- النحل5
15- البخاري3019
16- فتح الباري تحت حديث 3319
17- البخاري3016
18- البخاري 3314 ومسلم 2854
19- البخاري 1829
20- مسلم5808
21- البخاري 3298
22- بي بي سي أونلاين،بتاريخ 15/01/2001
23- البقرة:195
24- مسلم 5028
25- الصحيحة 27