الاختلاط اللامشروع
یرى أئمة الاسلام أن أولاد الزنا مصابون بالانحراف الروحی، الأمر الذی یؤدی بهم إلى سوء الأخلاق ومخالفة القوانین والاستهانة بها. یقول الامام الصادق علیه السلام: (إنه یحن إلى الحرام، والاستخفاف بالدین، وسوء المحضر)(1).
    
الأطفال المنحرفون
یرى أئمة الاسلام أن أولاد الزنا مصابون بالانحراف الروحی، الأمر الذی یؤدی بهم إلى سوء الأخلاق ومخالفة القوانین والاستهانة بها. یقول الامام الصادق علیه السلام: (إنه یحن إلى الحرام، والاستخفاف بالدین، وسوء المحضر)(1).وهنا یمکن أن یخطر السؤال الآتی على أذهان البعض فیقولون: إن الأطفال یوجدون من نطفة الأبوین، وإن الجهاز التناسلی فی الرجل والمرأة یعمل عمله حسب نظام دقیق. وهذا العمل الطبیعی لا یختلف فی العلاقة القانونیة وغیر القانونیة. فأی أثر لإجراء صیغة الزواج أو صدور ورقة العقد فی واقعیة النطفة؟ ولماذا یجب أن یکون ولد الزنا مصاباً بالانحراف؟.
سئل الامام الصادق علیه السلام: لم حرم الله الزنا؟!
قال: لما فیه من الفساد، وذهاب المواریث، وانقطاع الأنساب... لا تعلم المرأة فی الزنا: من أحبلها؟ ولا المولود یعلم: من أبوه؟. ولا أرحام موصولة، ولا قرابة معروفة (2) .
هناک عشرات المسائل الأخلاقیة والنفسیة والاجتماعیة والتربویة والعائلیة والاقتصادیة والعاطفیة سببت تحریم المشرعین الالهیین (أی الأنبیاء) للزنا واعتباره أمراً مخالفاً للقانون.
وهناک نکتة لطیفة هی أن العالم المتمدن یعتبر الزنا مشکلة وظهور الأطفال اللاشرعیین مشکلة أخرى، کما أن الاسلام یعتبر الاختلاط اللامشروع بین الرجل والمرأة معصیة، وحمل المرأة عن طریق الزنا معصیة أخرى أفظع من الأولى. وإلیک النصوص الآتیة التی تثبت ذلک:
1- قال رسول الله صلّى الله علیه وآله: (ما من ذنب أعظم عند الله تبارک وتعالى بعد الشرک من نطفة حرام وضعها امرء فی رحم لا تحل له)(3)
2- فقال الرضا علیه السلام:(إن الدفق فی الرحم إثم والعزل أهون له(4) ویظهر من الحدیث أن الزنا مع العزل (قذف النطفة خارج الرحم) أهون للزانی من الزنا مع قذف النطفة داخل الرحم لأنه یمنع اختلاط الأنساب على الأقل. (5)
3- عن الامام الصادق علیه السلام: "إن أشد الناس عذاباً یوم القیادمة رجل أقر نطفته فی رحم یحرم علیه".
إن الزانی والزانیة إذا لم یولد منهما طفل، فإن جریمتهما أنهما تجاوزا حریم القانون الجنسی، أما إذا حملت المرأة من الزنا، فإن الجریمة تتضاعف لأنه سیظهر فی المجتمع ولد جبل على مخالفة القانون وارتکاب الجرائم. ومن الواضح أن خطر هذا أشد من الجریمة الأولى.
ولتوضیح وضع الأطفال اللاشرعیین، وبیان الفرق بینهم وبین الأطفال القانونیین علینا أن نبحث عن الحالات النفسیة للمرأة التی حملت بصورة غیر مشروعة لنقیسها بالحالات النفسیة للنساء الشرعیات، ونحلل الفروق بینهما تماماً
هناک ملایین النساء والفتیات المسلمات یعشن فی الدول الاسلامیة، وهن یختلفن بحسب درجات إیمانهن... فالبعض منهم معتقدات بالاسلام حقیقة ویعتبرن مخالفة التعالیم الاسلامیة ذنباً یستحقن العقاب علیه... فإذا صادف وإن زلت امرأة من هذا النوع فی سلوکها وارتکبت الزنا فهی تواجه حالتین من الاضطراب النفسی والضغط الروحی:
إحداهما: الاحساس بالخوف الشدید من الله لارتکابها ذنباً.
والثانیة: الاضطراب والخوف من انفضاح أمرها أمام أهلها، والناس بصورة عامة...
أما النساء اللاتی لا یملکن من الایمان والتدین ما کانت تملکه الطائفة الأولى، فهؤلاء یمکن أن یرتکبن الزنا ویحسسن لذلک بخوف تجاه الله تعالى ولکنه ضعیف. ولکن إهتمامهن إلى الرأی العام أکبر. فهن یخشین تمام الخشیة من نبذ الرأی العام ونفوره تجاههن ولا یرضین أبداً بأن یسمیهن المجتمع (زانیات) أو (فاحشات). وحتى الرجال الذین لا یتورعون من الزنا لا یرضون بالاختلاط مع النساء المعروفات بالزنا، والمشهورات بهذا العمل الشنیع.
وهناک طائفة ثالثة من النساء ابتلیت بترک العفة وارتکاب الزنا، إما إتباعاً للهوى أو للفقر والبؤس. هؤلاء النساء وإن کن یبدین الرضا بهذا العمل، ولکن فی ضمائرهن عقدة لا تقبل الانکار. ومتى ما وجدن من یحفظ سرهن إنطلق لسان الضمیر فیهن یتحدث له عن الشقاء والبؤس الذی یلاقینه، وأظهر ان عدم رضاهن بهذا العمل الشنیع. ولهذا فإذا صادفن من لا یعرف عنهن الفحشاء والفساد، ظهرن بمظهر العفیفة الطاهرة.
والخلاصة: إن التعالیم الدینیة، والعادات الاجتماعیة، والتقالید العائلیة قد أوجدت فی نفوس جمیع النساء والرجال المسلمین، سواء کانوا عدولاً أو فساقاً، متقین أو فاقدین للتقوى... أوجدت فی ضمائرهم وجداناً لا یقبل الانکار من أن الزنا عمل قبیح، وأن الفاحشة تکون منفورة دائمة بین الناس.
الزواج القانونی
فعندما یقیم الشاب والشابة زواجاً قانونیاً، یراعیان فیه جمیع القوانین والمقررات، لا نجد إضطراباً بسیطاً فی ضمیر الرجل والمرأة ولا یشعران فی باطنهما بوحشة أو خوف من الله أو الناس. یمارسان إتصالهما بفکر هادئ وروح مطمئنة. وفی مثل هذه الظروف تنعقد النطفة بصورة طبیعیة مائة فی المائة. هذا مضافاً إلى أن المرأة فی أیام الحمل لیست غیر مضطربة فحسب، بل إنها فرحة فی ضمیرها ومستبشرة بالحمل. لأنها تعلم أن ذلک القران الخیر قد أنتج ثماره، وما هی إلا أیام قلائل حتى یزین حجرها مولود سعید، وعشرات أو مئات النساء والرجال سیأتون للتهنئة بولادته مستصحبین معهم باقات الزهور والهدایا الکثیرة .إرتیاح البال
لقد جلب ارتیاح بال الأبوین وحالتهما الطبیعیة من جهة التأثیر فی البناء البدنی والروحی للطفل إنتباه العلماء فی العصر الحدیث. ولم یفت الأئمة علیهم السلام هذا الأمر. بل أکدوا على أثر الاطمئنان النفسی وارتیاح الضمیر عند الأبوین فی إیجاد الطفل. یقول الامام الحسن العسکری علیه السلام فی موضوع الشبه بین الطفل وأبویه أو عدمه: (فإن الرجل إذا أتى أهله بقلب ساکن وعروق هادئة، وبدن غیر مضطرب، استکنت تلک النطفة فی الرحم، فخرج الرجل یشبه أباه وأمه)(6).النطفة الطبیعیة
إذا کان قلب الأبوین حین انعقاد النطفة منتظماً، وجریان الدم طبیعیاً، والبدن خالیاً من الاضطراب، فالطفل یکون شبیهاً لأبویه حسب القاعدة. إن أصح الحالات الطبیعیة للطفل هو أن یشبه أبویه. وأصح الحالات الطبیعیة للأبوین هو الکفیل بظهور ذلک الشبه الطبیعی.والنتیجة التی نستنتجها من هذا البحث، هی: أن الرجل والمرأة اللذین یقیمان علاقة زوجیة طاهرة مع مراعاة القوانین الدینیة لا یحسان باضطراب وهلع حین الاتصال الجنسی، فالنطفة التی توجد منهما فی تلک الحالة، وفقدان الاضطراب إلى حین الولادة یضمن نشوء إنسان طبیعی خال من الانحراف الفطری والخلقی.
أما الشاب والشابة اللذان یتصلان بغیر زواج قانونی، فمما لا شک فیه أن حالتهما لیست هادئة وطبیعیة مائة فی المائة، وإذا کانا یهتمان بالتعالیم الدینیة ویخافان من إنفضاح الأمر أمام أبویهما فان الاضطراب سیتضاعف أما إذا لم یکونا مرتبطین بالتعالیم الدینیة فإن الخوف من الفضیحة أمام المجتمع کاف فی إیجاد حالة من الهلع والاضطراب فی الطرفین.
وإذا لم تنعقد نطفة من هذا الاتصال اللامشروع، ولم یستقر جنین فی رحم المرأة، فإن الطرفین قد ارتکبا بذلک ذنباً فی السر. أما إذا حملت المرأة من ذلک الاتصال فإن إفشاء السر بین الناس وانفضاح أمرهما سیعمل على ازدیاد إضطرابها.
الاضطراب أیام الحمل
إن الفتاة التی تقدم على الزنا خفیة عن أبویها، بمجرد شعورها بالحمل تضطرب أشد الاضطراب، وتنتابها رعشة تسری إلى فرائصها. ذلک لأن انتفاخ بطنها فی أقرب وقت سیفضح سرها، ولذلک فانها تقضی لیالیها بالأرق وتعیش أیامها غارقة فی التفکیر، والدموع السائلة والندم المتواصل... وما أکثر أولئک اللاتی أدى بهن الأمر إلى الانتحار والتخلص من هذه الحیاة أو تحمل المشاق العظیمة فی سبیل إجهاض الجنین اللاقانونی... الأمر الذی یجر معه الأمراض والآلام الشدیدة.أما إذا لم تقدم هذه المرأة على الانتحار، ولم تقم بإجهاض الجنین، وبعد انقضاء أیام الحمل تولد الطفل، هل تتصورون بأن هذا الطفل یمکن أن یکون سالماً وطبیعیاً؟ فمضافاً إلى أن الاضطراب کان مستولیاً على الأبوین حین انعقاد النطفة، ولم تنشأ النطفة الأولى لهذا الطفل بصورة طبیعیة، فإن کابوس الاضطراب والقلق کان مسیطراً على المرأة طیلة تسعة أشهر (أیام الحمل) فهناک الغصص والآلام والهموم التی حولت تلک المرأة إلى مخلوقة ضعیفة علیلة... ولا یخفى أن الطفل کان شریکاً مع أمه فی تلک الآلام والمحن.
ان التجارب العلمیة الدقیقة أثبتت نقطتین مهمتین:
الأولى: أن المرأة إذا أصیبت فی أیام الحمل بخوف شدید وانتابتها رعدة من جراء خوفها تظهر بقع على جسم الطفل.
والثانیة: أن الاضطرابات العصبیة للأم فی أیام الحمل تؤدی إلى تولد الطفل عصبیاً... فإذا کانت حادثة مخیفة بسیطة أو حالة عصبیة فی وقت قصیر تخلف أثراً سیئاً فی الطفل، فالقلق الذی یستمر تسعة أشهر لا بد وأن یکون أثره أعظم .
إن الفرق بین الاتصال المشروع واللامشروع بین الرجل والمرأة مثل الفرق بین النقل القانونی والتهریب، وبین السفر إلى الخارج مع الجواز وبدونه... فالمسافر عن کل من الطریقین یحتمل أن یعبر الحدود ویدخل الدولة الأخرى، ولکن مع فارق مهم هو أن حامل الجواز الذی یدخل الدولة الأجنبیة بواسطة سمة الدخول یمتاز باطمئنان وارتیاح بال، یتنقل کیف یشاء ویتصل بمن یشاء، من دون أن یحس فی باطنه قلقاً أو اضطراباً. ولکن المسافر الذی لا یحمل جوازاً یرى نفسه معرضاً للخطر فی کل لحظة، فهو قلق مضطرب، حرکاته غیر متزنة یصحبها إرتباک وتلفت إلى الیمین والشمال، وحذر من مراقبة الأفراد له. إذا قابل فرداً ظن أنه یراقبه وسیرفع تقریراً عنه إلى الحکومة وما أسرع أن یلقى القبض علیه... وهکذا فهو یمتقع لونه مقابل سؤال بسیط، وترتعد فرائصه ویفقد توازنه.
کل هذه الاضطرابات والحالات غیر الاعتیادیة التی تنتابه، لأجل أن هذا المسافر قد دخل دولة أجنبیة بدون جواز أو سمة دخول. إن العقد وإجراء الصیغة فی الزواج بمثابة الجواز والسمة للسفر إلى الخارج.
وتوجد بین النساء الملوثات بالانحرافات الجنسیة، طائفة لا تملک الایمان کی یراقبن الخوف من الله ولا تملک سمعة حسنة فی المجتمع کی یخفن من انفضاح الأمر، ولذلک فیرتکبن الزنا من دون اکتراث ولا یرین فرقاً بین الاتصال القانونی وغیر القانونی. فإذا حملت هذه المرأة من الزنا، فبالرغم من أنها لم تصب بالاضطراب والقلق طلیة أیام الحمل، ولکن فی ضمیرها نقص مهم، وفی فکرها إنحراف أهم، وهو الخروج على القانون... وهذه الصفة نفسها کسائر الصفات الرذیلة تخلق تربة مساعدة فی الطفل للخروج على القانون. وفی کل مرة تحمل هذه المرأة من الزنا تؤثر حالتها النفسیة فی نفسیة الطفل وتجر على المجتمع آثاراً سیئة.
یقول الامام الصادق علیه السلام: (لا تزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا، ولا تزوجوا الرجل المستعلن بالزنا، إلا أن تعرفوا منهما التوبة)(7)
إن بعض النساء یتزوجن ولکن نفوسهن القذرة الدنیئة تمیل إلى الرجال الأجانب، ومن الممکن أن ترتکب الزنا بالرغم من أنها ذات زوج وتستفید من ذلک لأنها تجعل الزوج حصناً منیعاً أمام التهم الاجتماعیة. إن ما لا شک فیه أن هذه المرأة مصابة بالانحراف النفسی. وحتى إذا حملت من زوجها القانونی، فإن الطفل بالرغم من کونه قانونیاً حسب المقررات الشرعیة ولکنه من جهة الانحراف الروحی والفساد النفسی لا یقل عن ولد الزنا، إذ ان الطفل یرث الصفات الرذیلة من أمه فهو ینزع إلى الإجرام والخروج على القانون دائماً، یقول النبی صلّى الله علیه وآله:
(واشتد غضب الله على إمرأة ذات بعل ملأت عینها من غیر زوجها، أو ذی محرم منها. وانها إن فعلت ذلک أحبط الله کل عمل لها فإن أوطأت فراشها غیره، کان حقاً على الله أن یحرقها بالنار بعد أن یعذبها فی قبرها)(8)
کان الحجاج بن یوسف الثقفی فرداً غیر طبیعی، وخطراً فی نفس الوقت، والتاریخ أحصى له جرائم وجنایات عظیمة سودت وجه البشریة. إن مما لا شک فیه أن عوامل عدیدة تدخلت فی إنحراف سلوک هذا الانسان مما جعلته خطراً وشریراً إلى هذه الدرجة، ومن الممکن أن قسطاً وافراً من ذلک یرجع إلى روح أمه المنحرفة.
إن أم الحجاج (فارغة) کانت زوجة (المغیرة بن شعبة) قبل أن تتزوج یوسف الثقفی وکان عمر بن الخطاب یسیر فی أزقة المدینة فی بعض اللیالی... فسمع امرأة تغنی فی أحد البیوت وتنشد البیت الآتی:
هل من سبیل إلى خمر فاشربها أم من سبیل إلى نصر بن حجاج؟
فتأثر عمر من هذا البیت، وساءه أن تکون فی عاصمة حکومته امرأة تترنم بغرام شاب أجنبی بالرغم من أنها متزوجة، فأحضر النصر إبن الحجاج وکان شاباً جمیلاً فحلق رأسه وسفره إلى البصرة. (9)
إن المرأة المحصنة التی تفکر فی رجل أجنبی وتتمنى معاقرة الخمر والوصول بالنصر بن حجاج إذا حملت من زوجها القانونی نطفة، فإن انحرافها سیؤثر فی نفس طفلها. إن المرأة التی لا تفهم لاحترام القوانین الالهیة والتعالیم الدینیة معنى، لا یستغرب منها أن تلد طفلاً مثل الحجاج فی فساده وانتهاکه حریم الناس وأرواحهم وأموالهم.
الأمهات العفیفات
إن من سعادة الرجل وحسن حظه أن تکون أمه عفیفة، متصفة بالأخلاق الفاضلة. یقول الامام الصادق علیه السلام: (طوبى لمن کانت أمه عفیفة)(10)نستنتج من البحوث السابقة: أن أولاد الزنا لیسوا طبیعیین مائة فی المائة. ومما لا شک فیه أن الأشخاص المجرمین قد ورثوا العوامل المساعدة على الانحراف من آبائهم. ولکن من الجهة العلمیة لیست تلک الانحرافات حتمیة فی نفوسهم، ولم تسلبهم الارادة والاختیار، وبعبارة أخرى فإن کون الطفل ابن زنا لیس علة تامة لشقائه وانحرافه، فإن ظروف المحیط والعوامل التربویة یمکن أن تعطل العوامل الوراثیة وتبدلها بالصفات الحسنة وتهدی صاحبها إلى طریق الخیر والصلاح.
المراقبة التربویة
والإسلام ینظر إلى أولاد الزنا من جهة القابلیة التربویة بنفس هذه النظرة ویخضعهم للمراقبة التربویة والإیمانیة شأنهم فی ذلک شأن الأولاد القانونیین ولذلک فهو یدعوهم کغیرهم إلى التعالیم الخلقیة والملکات الطاهرة والإیمان وعبادة الله، ویقیدهم بالتکالیف الشرعیة فیجازی ولد الزنا على أعماله کما یجازی غیره ویعاقب کما یعاقب، سواء بسواء. یقول الامام الصادق علیه السلام: (إن ولد الزنا یستعمل، إن عمل خیراً جزی به وإن عمل شراً جزی به)(11)یرى البعض أن أولاد الزنا محرومون عن الفیض الالهی والرحمة الربانیة بسبب کونهم ناشئین من زنا، وأن علیهم أن یحیوا بشقاء ومصیرهم إلى جهنم بلا ریب... لکن هذا ینافی العدل الالهی، فالله تعالى لا یعذب شخصاً بما هو خارج عن اختیاره. فإذا أسلم من ولد من الزنا بإخلاص وعمل بوظائفه الشرعیة فانه یمارس الحقوق التی یحق لکل مسلم أن یتمتع بها فی الدنیا، ویشمله الفیض الالهی العظیم فی الآخرة.
إن ولد الزنا یمکن أن یصل إلى درجات الکمال کغیره من أفراد المسلمین مع فارق واحد، هو أنه علیه أن یخضع لمراقبة أشد، کی یتمکن بذلک من مواجهة آثار الانحراف الوراثی ویؤمن نفسه من أخطاره الجسیمة.
ونظراً لأن الأسالیب التربویة والظروف البیئیة تختلف، وأن القوى الوراثیة متفاوتة فی الأفراد، فانه یبقى فی حیطة من أمره ومن مزاجه القائم على الانحراف. ولذلک فلا یرضى بأن یسلم زمام الحکم ومقدرات الأمة بیده.
إن ولد الزنا لو کان أعلم علماء عصره فانه لا یحق له أن یتقلد منصب مرجعیة التقلید العام للمسلمین، وقیادة الأمة الاسلامیة، ومهما کان صاحب ذوق رفیع ونبوغ کامل فی العلم، فالاسلام لا یرضى له أن یتقلد منصب القضاء بین المسلمین، لأن من الممکن أن تظهر صفته الوراثیة الرذیلة فجأة، وتلتهب نار الفساد الکامنة تحت الرماد، وتقطع بذلک القیود الدینیة والتربویة، وتجر بذلک الویل والثبور للذین یتقلد زمامهم.
وملخص ما مر أن بعض الصفات الوراثیة تتصف بصفة الحتمیة وهی من مصادیق القضاء والقدر الذی لا یقبل التغییر. والبعض منها یسلک کعامل مساعد فقط فی سلوک الطفل فهو لیس قضاء حتمیاً وقدراً لازماً...
وإن الأسالیب التربویة وعوامل المحیط إن اتفقت مع تلک الصفات الوراثیة ظهرت بسرعة. وإن خالفتها فإن التربیة تتغلب على الوراثة، والمحیط یکون أقوى من الصفات الموروثة.
ولهذا فإن الاسلام یهتم بتربیة الأفراد الذین یملکون تربة مساعدة للفساد والانحراف ویأمل وطیداً باحتمال إصلاحهم وسلوکهم سبل السعادة.
وحجر الأم هو المحیط الأول لتربیة الطفل. فطوبى للأطفال الذین یولدون من آباء وأمهات طاهرین إهتموا بتربیتهم وتنشئتهم نشأه دینیة صالحة.
والاسلام یحترم هذا النوع من الآباء والأمهات. ویوصی الأطفال بأن یخضعوا لهم یقوموا بواجب الاطاعة والاحترام تجاههم، جزاء على جهودهم، ویأمرهم بن یدعوا لهم بدعاء الخیر.
المصادر :
		1- سفینة البحار / ص:560.
		2- سفینة البحار للشیخ عباس القمی. - ص:560.
		3- مستدرک الوسائل للنوری ج 2-567
		4- المصدر السابق 2-567.
		5- وسائل الشیعة للحر العاملی ج 5-37.
		6- بحار الأنوار ج 14-379.
		7- مکارم الأخلاق للطبرسی ص:104.
		8- لئالی الأخبار ص 496.
		9- یراجع عن تفاصیل القصة: الکامل لابن الأثیر 1-344، وشرح إبن أبی الحدید ج 2-100 ط دار الکتب، وعیون الأخبار ج 4-24.
		10- بحار الانوار ج 23-79.
		11- سفینة البحار مادة زنى ص:560.
/ م
تازه های المقالات 
    ارسال نظر 
    
         در ارسال نظر شما خطایی رخ داده است
            
        کاربر گرامی، ضمن تشکر از شما نظر شما با موفقیت ثبت گردید. و پس از تائید در فهرست نظرات نمایش  داده می شود
            
        
            نام :
            
            
            
        
        
            ایمیل :
            
            
            
        
        
        
        
        
        
        
        نظرات کاربران 
    
{{Fullname}} {{Creationdate}}
{{Body}}