الحرية والزواج

من نافلة القول ، ان نذكر استقلال الانثى البالغة . الرشيدة والذكر البالغ الرشيدة في اختيار الشريك المناسب في الزواج . فلا يضع الاسلام عليهما سلطاناً او ولياً يحدد من حريتهما في اختيار الفرد الائق في حياتهما الزوجية اللاحقة .
Tuesday, April 26, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
الحرية والزواج
 الحرية والزواج

 






 

من نافلة القول ، ان نذكر استقلال الانثى البالغة . الرشيدة والذكر البالغ الرشيدة في اختيار الشريك المناسب في الزواج . فلا يضع الاسلام عليهما سلطاناً او ولياً يحدد من حريتهما في اختيار الفرد الائق في حياتهما الزوجية اللاحقة .
ولكن حفظاً لمصلحتهما ، شجع الاسلام ايثار اذن الولي واختياره على اختيارهما . فالولاية سلطة شرعية جعلية للفرد الكامل على المولى عليه الناقص ؛ حفاظاً على مصلحة الناقص . ومن امثلة هؤلاء الصغير والسفيه والمجنون من الذكور والاناث ، فجعل الشارع عليهم الولاية في الزواج . فقد اتفق الفقهاء على ان الولي ينفرد بزواج الصغير والمجنون والسفيه ذكراً كان ام انثى . والبالغ الراشد يستقل في زواجه ولا ولاية لأحد عليه . وكذلك البالغة الراشدة فلا سلطان لاحد عليها ، وانها تتزوج بمن تشاء دون قيد او شرط ، حيث ان « المشهور في محل البحث نقلاً وتحصيلاً بين الفقهاء القدماء والمتأخرين سقوط الولاية عنها ، بل عن الشريف المرتضى في كتاب الانتصار والناصريات الاجماع عليه » (1) .
لان الولاية والاستقلال في التصرف حق لكل انسان بالغ راشد ذكراً كان او انثى . وقوله تعالى : ( فَانكِحُوا ما طابَ لَكُم مِنَ النِّساءِ مَثنى وَثُلاث وَرُباع ) (2) ، يدل على عموم اباحة الزواج و صحته دون الرجوع الى اذن الولي الاّ ما خرج بدليل . و « المرأة اذا كانت ثيِّباً ، مالكة لامرها ، نافذاً أمرها في البيع والشراء والعتق والهبة في مالها ، غير مولّى عليها لفساد عقلها ؛ جاز لها العقد على نفسها لمن شاءت من الاكفاء ، سواء كان ابوها حياً او ميتاً ، الاّ ان الافضل لها مع وجود الأب ألاّ تعقد على نفسها الاّ برضاه » (3) .
ويؤكد ذلك العديد من الروايات الواردة عن اهل البيت (عليه السلام)، منها : ( البكر التي لها الاب لا تتزوج الاّ باذن ابيها ، واذا كانت مالكة امرها تزوجت متى شاءت ) (4) ، وجوابه (عليه السلام)عندما سئل عن البكر اذا بلغت مبلغ النساء ألها مع أبيها امر ؟ فقال : ( ليس لها مع ابيها أمر ما لم تثيب ) (5) ، وفي رواية اخرى : ( اذا كانت المرأة مالكة امرها تبيع وتشتري وتعتق وتشهد ، وتعطي مالها ما شاءت ، فان امرها جائز تزوج ان شاءت بغير اذن وليّها ، وان لم تكن كذلك فلا يجوز تزويجها الاّ بأمر وليها ) (6) .
وقوله : تعطي مالها من تشاء يعني نفي السفه عنها . و « الروايات الدالة على استقلال البكر معتضدة او منجبرة بفتوى الاكثر ودعوى الاجماع » (7) .
ولكن نفي الولاية في زواج البنت لا يستدعي الخروج عن العرف . فـ « يستحب لها ايثار اختيار وليها على اختيارها ، بل يكره لها الاستبداد ، كما انه يكره لمن يريد نكاحها ، ان لا يستأذن وليها ... بل ينبغي مراعاة الوالدة ايضاً ، بل يستحب ان تلقي أمرها الى أخيها مع عدم الوالد والوالدة ، لانه بمنزلتهما في الشفقة » . ولكن اذا عضلها الولي « وهو ان لا يزوجها من كفء مع رغبتها ، فانه يجوز لها ان تزوج نفسها ولو كرهاً ، اجماعاً » (8)
واتفق الفقهاء على للاب والجد من طرف الاب تزويج الصغير ، ذكراً كان ام انثى ، ولكن ليس لهما الطلاق عن الزوج الصغير ، كما يستفاد من قوله (عليه السلام)عندما سئل عن الصبي يتزوج الصبية ، هل يتوارثان ؟ فقال : ( اذا كان ابواهما اللذان زوجاهما فنعم . قال السائل : فهل يجوز طلاق الاب ؟ قال الامام : لا )
ولا ولاية للحاكم الشرعي في زواج الصغير ذكراً كان ام انثى . اما في حالة الجنون فان « ولاية الحاكم تثبت على من بلغ غير رشيد بجنون ، ولم يكن له ولي من حيث القرابة ، و تجدد فساد عقله اذا كان النكاح صلاحاً له بلا خلاف اجده فيه ، بل الظاهر كونه مجمعاً عليه »

الوصية الشرعية

ومن أجل انتقال الثروة النقدية والعينية من الجيل السابق الى الجيل اللاحق بشكل منتظم وشرعي ، لابد من انشاء الوصية الشرعية ، تمليكية كانت او عهدية . ومقدارها الثلث فقط مع وجود الوارث ، لان الثلثين الباقيين يوزعان على الورثة حفظاً لحقوقهم المالية من الضياع . ومع عدم وجود الوارث يجوز انشاء الوصية بجميع الثروة المالية . فالوصية هي تفويض فرد بتصرف معين بعد موت الولي . وصاغها الفقهاء بانها تمليك عين او منفعة مضاف الى ما بعد الموت . وشرعيتها ثابتة بضرورة الدين ، لقوله تعالى : ( كُتِبَ عَلَيكُم اِذا حَضَرَ اَحَدَكُم المَوتُ اِن تَرَكَ خَيراً الوَصِيّةُ لِلوالِدَينِ وَالاَقرَبينَ بِالمَعرُوفِ ) (9) ، وقوله (صلی الله عليه وآله وسلم): ( من لم يحسن عند الموت وصيته كان نقصاً في مروءته وعقله ) (10) .
واجمع الفقهاء على استحباب الوصية ، وعليه يحمل قوله تعالى ( كتب عليكم ) في الآية السابقة . وتثبت الوصية بشهادة عدلين . ومن الطبيعي ان الوصية الشرعية تقسم الى قسمين : عهدية وتمليكية . فالوصية العهدية ، ايقاع يتم بمجرد الايجاب ولا يحتاج الى قبول ، كمن اوصى لآخر برعاية اطفاله ووفاء ديونه او استيفائها : فيجب ـ عندئذ ـ تنفيذها دون الرجوع الى الحاكم الشرعي . والوصية التمليكية كالعقد ، حيث تحتاج الى ايجاب وقبول ، كمن اوصى بمال لشخص معين .
وتتحقق الوصية بشكليها ، بوجود الارادة المعبر عنها بالقول او الفعل ، حي « يجوز ان يكون القبول فعلاً دالاً على الوضا بالايجاب بلا خلاف »
ولما كان للوصية آثار مالية ومعنوية على الافراد في النظام الاجتماعي ، فقد حرم الاسلام لمن سمع محتوى تلك الوصية تبديلها او تغييرها بأي شكل من الاشكال ، للنص الحكيم : ( فَمَن بَدَّلَهُ بَعدَ ما سَمعَهُ فَاِنَّما اِثمُهُ عَلى الّذينَ يُبَدِّلُونَهُ اِنَّ اللهَ سَميعٌ عَليمٌ ) (11) . ولكن يجوز للوصي الرجوع عن وصيته ما دام حياً حتى لو كانت تمليكاً لشخص معين ، للروايات المروية عن اهل البيت (عليه السلام)، ومنها : ( لصاحب الوصية ان يرجع فيها ، ويحدث في وصيته ما دام حياً ) ، ( للرجل ان يغير وصيته ، فيعتق من كان أمر بملكه ، ويملكمن كان أمر بعتقه ، ويعطي من كان حرمه ، ويحرم من كان اعطاه ما لم يمت ) (12)
ويشترط في الموصي ان يكون اهلاً للتصرفات المالية ، ولا تصح من غيره ، كالصغير غير المميز والمجنون اذ لا ادراك لهما ، والمكره لعدم وجود الارادة ، والسفيه لحرمانه شرعاً من التصرفات المالية . وذهب المشهور الى ان الصبي المميز اذا أتم العشرة من عمره جازت وصيته بالخير والمعروف ، كما ذكرنا ذلك آنفاً .
ويشترط في الموصى له الوجود حين انشاء الوصية فلا تصح الوصية لمعدوم ، لان الوصية تمليك منفعة لفرد موجود واقعاً . وتصح الوصية للحمل في بطنها على شرط وجوده حين الانشاء ، او الكتابة . واذا تبين ان الحمل كان توأماً ، ذكراً وأنثى ، قسّم الموصى به بينهما بالسوية لان حكم الوصية يختلف عن حكم الميراث .
وتصح الوصية لاهل الذمة ، وهم افراد اهل الكتاب ممن يدفعون الجزية للمسلمين ، لقوله تعالى : ( لا يَنهاكُمُ اللهُ عَن الّذينَ لَم يُقاتِلُوكُم في الدَينِ وَلَم يُخرِجُوكُم مِن دِيارِكُم اَن تَبَرُّوهُم وَتقسطُوا اِلَيهِم اِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُقسِطينَ ) (13) . وذهب جماعة من الفقهاء على جواز الوصية للحربي ، لقوله (عليه السلام): ( اعط [ الوصية ] لمن اوصي له ، وان كان يهودياً او نصرانياً ، ان الله يقول : فمن بدله بعد ما سمعه فانما اثمه على الذين يبدلونه ) . و « دعوى عدم قابلية الحربي للملك واضحة العدم . فالاقوى الجواز مطلقاً من غير فرق بين الحربي وغيره »
ولاشك ان الوصية تخرج من اصل التركة اذا كانت واجباً مالياً ، كالوصية بديون الناس ، او ديون الله كالزكاة ، والخمس ، ورد المظالم ، والكفارات . وقد اتفق الفقهاء على انها تخرج من الاصل اذا لم يعين اخراجها من الثلث ، لقوله تعالى : ( مِن بَعدِ وَصِيَّة تُوصُونَ بِها اَو دَين ) (14) . وللرواية الواردة عن الامام جعفر بن محمد (عليه السلام)عندما سئل عن رجل فرط في اخراج زكاته في حياته ، فلما حضرته الوفاة حسب جميع ما فرط فيه مما لزمه من الزكاة ، ثم اوصى ان يخرج ذلك فيدفع الى من يجب له ؟ فقال (عليه السلام):
( جائز ، يخرج ذلك من جميع المال ، انما هو بمنزلة الديون لو كان عليه ، ليس للورثة شيء ، حتى يؤدى ما اوصى به من الزكاة ). وتخرج الوصية من اصل التركة ايضاً اذا كان واجباً مالياً وبدنيا كالحج ، ودليله رواية عن الامام الصادق (عليه السلام). فقد سئل عن رجل توفي ، وأوصى ان يحج عنه ؟ قال : ( ان كان صرورة فمن جميع المال ، وان كان تطوعاً فمن ثلثه ) . اما اذا كانت الوصية في الواجب البدني كالصوم والصلاة ، فالمشهور انها تخرج من الثلث ان اوصى بها، ولا يجب اخراجها ان لم يوص بها ، لان قضاء ما فاته من الصوم والصلاة واجبة على الولد الأكبر .
واذا كان الموصى به على وجه التبرع فحسب ، اي ليس واجباً ، فالوصية تنفذ بمقدار الثلث فقط ، مع وجود الوارث ، للرواية المروية عن رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)عندما سأله احدهم : ( انا ذو مال ، ولا يرثني الا ابنة لي ، أفاتصدق بثلثي مالي ؟ قال الرسول : لا . قال الرجل : فالشطر ؟ قال الرسول : لا . قال الرجل : فالثلث ؟ قال الرسول : الثلث ، والثلث كثير . انك ان تذر ورثتك اغنياء خير من ان تدعهم عالة ، يتكففون الناس ) . ومع عدم وجود الوارث فانه يستطيع ان « يوصي بماله حيث شاء في المسلمين والمساكين وابن السبيل »

احكام الارث

وبطبيعة الحال ، فان للافراد المنضوين تحت سقف واحد والمنضمين لعائلة واحدة حقاً مالياً في النفقة والارث . والارث يمثل شكلاً من اشكال الثروة المالية المتداولة بين الاجيال المتعاقبة بحدود العلاقة النسبية والسببية . وقد حددها الاسلام بصورة دقيقة من اجل الحفاظ على حقوق الافراد في النظام الاجتماعي ، مشعراً بان المال مجرد وسيلة عملية لتسهيل اشباع حاجات الافراد على اختلاف اعمارهم واجناسهم في المجتمع الانساني .
فاذا مات الفرد وانتفت حاجاته الاجتماعية تعين توزيع المال الذي تركه على الافراد الذين خلفهم في العائلة المنتسب اليها . فالارث ماهو الا عملية انتقال تركة الميت الحقوقية الى ورثته المقررين شرعاً . والتركة ، اسم للاشياء التي يتركها الميت كالعين ، او الدين ، او الحق المالي ، او حق الرهن ، او حق الشفعة او غير ذلك . والملاحظ ان الشريعة اوجبت تقسيم الحقوق المتعلقة بالتركة على النحو التالي : « اخراج الكفن اولاً ، والدين ثانياً ، والوصية ثالثاً ، والسهام رابعاً » . فالتجهيز الواجب للميت من كفن وغسل ودفن مقدم على الديون ، وبعد التجهيز يبدأ بوفاء الديون ، للناس كانت ام لله ، كالخمس والزكاة والكفارات ورد المظالم وحجة الاسلام . وبعد ذلك يقسم الباقي اثلاثاً حيث تخرج الوصايا بغير الواجب المالي من الثلث ، ويقسم الثلثان بين الورثة على كتاب الله وسنة نبيه ، لقوله (عليه السلام): ( اول شيء يبدأ به من المال الكفن ، ثم الدين ، ثم الوصية ، ثم الميراث ). ولاشك ان الموجب للأرث امران : النسب ، والسبب ، ويترتب السبب اما على الزوجية او على الولاء (15) .
اما النسب او القرابة فتثبت بعلاقة الولادة الشرعية بين فردين ، وذلك بانتهاء احدهما الى الآخر ، كانتهاء الابناء والاحفاد الى الاب او الجد ، او بانتهاء الاثنين الى فرد ثالث كالأخوة والاعمام والاخوال . وللفرابة في الميراث ثلاثة مراتب غير متداخلة ، حيث لا يرث فرد من المرتبة الثانية مع وجود وارث من من المرتبة الاولى ، ولا من المرتبة الثالثة مع وجود فرد من المرتبة الثانية . وهذه المراتب :
1 ـ الابوان فقط من غير ارتفاع ، والاولاد وان نزلوا .
2 ـ الاجداد وان ارتفعوا ، والاخوة واولادهم وان نزلوا .
3 ـ الاعمام والاخوال واولادهم وان نزلوا شرط صدق اسم القرابة عليهم عرفاً .
وفي السبب ، فان الزوجية تجتمع في الميراث مع جميع المراتب ، فيرث احد الزوجين من الآخر الفرض المقدر له شرعاً من النصف والربع والثمن . وسنبعرض لذلك لاحقاً .
ويتحقق الولاء الموجب للارث اما عن طريق العتق ، فيرث السيد عبده بشرط ان يعتقه تبرعاً . واما عن طريق ضمان الجريرة ، وهو اتفاق اثنين لا وارث قريب لهما ، على ان يضمن كل منهما جناية الآخر كأن يقول احدهما : عاقدتك على ان تنصرني وانصرك ، وتعقل عني واعقل عنك ، وترثني وأرثك ، فيقول الآخر : قبلت . او يكون الضمان من جانب واحد فيقول المضمون للضامن : عاقدتك على ان تنصرني ، وتدفع عني ، وتعقل عني وترثني ، فيقول الآخر : قبلت . واما عن طريق ولاء الامام ، فاذا مات الفرد وترك مالاً ، ولا وارث له كان ميراثه للامام ، الا اذا كان الميت زوجاً اخذت الزوجة الربع وسلم الباقي للامام ، لان الامام وارث من لاوارث له . قال الشيخ الصدوق : ( متى كان الامام ظاهراً فماله للامام ومتى كان الامام غائباً فماله لاهل بلده متى لم يكن له وارث ولا قرابة اقرب اليه منهم بالبلد به ) .
ويثبت الارث اذا وجد المقتضي ، وانتفى المانع ؛ بمعنى انه لابد من وجود الوارث الشرعي الذي يحق له استلام المال المخصص في الارث . ولابد من انعدام العوائق التي تعيق ذلك الانتقال المالي من المورث الى الوارث . فمن الموانع اختلاف الدين ، والقتل ، والرق . فالمسلم يرث غير المسلم ولا يصح العكس ، للروايات المتضافرة عن ائمة اهل البيت (عليه السلام)ومنها : ( لا يرث الكافر المسلم ) ، و( لا يتوارث اهل ملتين نحن نرثهم ، ولا يرثونا ان الله عز وجل ام يزدنا بالاسلام الا عزاً ) . و ( لا يرث اليهودي والنصراني المسلمين ، ويرث المسلمون اليهود والنصارى ) (16) .
و « الاجماع على ذلك ، ولما جاء عن اهل البيت (عليه السلام): لو ان رجلاً ذمياً اسلم وأبوه ، ولابيه ولد غيره ، ثم مات الاب ورث المسلم جميع ماله ، ولا يرث ولده ، ولا امرأته من المسلم شيئاً » . اما غير المسلمين فانهم يتوارثون فيما بينهم ، فالنصراني يرث اليهودي وبالعكس « بلا خلاف معتد به » ، لقوله تعالى : ( لَكُم دينُكُم وَلِي دينِ ) وقوله ايضاً : ( فَماذا بَعدَ الحَقِّ اِلاَ الضَّلال ) ، مشعراً بان الكفر مجتمعاً ملة واحدة .
والقتل يمنع الارث ، فاذا قتل مورثه عمداً بغير حق منع القاتل من الارث للرواية المروية عن رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم): ( لا ميراث للقاتل ) ، لانه تعجل الميراث فعوقب بخلاف قصده .
ومن الورثة من يرث بالفرض وهو السهم المقدر في كتاب الله كالزوج والزوجة ، ومنهم من يرث بالقرابة كالابن ، ومنهم من يرث بالفرض مرة وبالقرابة مرة اخرى كالبنت ترث الفرض اذا لم يكن لها ابن ، وبالقرابة اذا كان لها ابن .
والفروض المقدرة في كتاب الله ستة ، وهي : النصف ، والربع ، والثمن ، والثلثان ، والثلث ، والسدس . ففي النصف : فريضة البنت الواحدة ( وَاِن كانَت واحِدَة فَلَها النِّصف ) .
وفريضة الاخت الواحدة لابوين او لاب ( قُلِ اللهُ يُفتيكُم في الكَلالَةِ اِن امرؤٌ هَلَكَ لَيسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُختٌ فَلَها نِصفُ ما تَرَكَ ) ، وفريضة الزوج عند عدم الولد ( وَلَكُم نِصفُ ما تَرَكَ اَزواجُكُم اِن لَم يَكُن لَهُنَّ وَلُد )
وفي الربع : فريضة الزوج مع الولد ( فَاِن كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ فَلَكُم الرُّبعَ مِمّا تَركنَ مِن بَعدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها اَو دَينٍ ) ، وفريضة الزوجة مع عدم الولد ( وَلَهُنَّ الرُّبعَ مِمّا تَرَكتُم اِن لَم يَكُن لَكُم وَلَدٌ )
وفي الثمن : فريضة الزوجة مع الولد ( فَاِن كانَ لَكُم وَلَد فَلَهُنَّ الثَمُن مِمّا تَرَكتُم مِن بَعدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها اَو دَينٍ )
وفي الثلثين : فريضة الاختين لابوين او لاب ( فَاِن كانَتا اثنَتَينِ فَلَهُما الثُلُثانِ مِمّا تَرك ) ، وفريضة البنتين فاكثر ( فَاِن كُنَّ نِساءً فَوقَ اثنَتَينِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ماتَرَك )
وفي الثلث : فريضة الام عند عدم وجود الابن للميت ، وعدم وجود الاخوة له يحجبونها عما زاد عن السدس ( فَاِن لَم يَكُن لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ اَبَواه فَلأمِّهِ الثُلُث ) ، وفريضة الاخوات من الام فقط ( فَاِن كانُوا اَكثَرَ مِن ذلِكَ فَهُم شُرَكاءُ في الثُلُث )
وفي السدس : فريضة الابوين مع الولد ( وَلاَبَوَيهِ لِكُلِّ واحِدٍ منُهما السُّدُس مِمّا تَرَكَ اِن كانَ لَهُ وَلَدٌ ) ، وفريضة الام مع الاخوة ( فَاِن كانَ لَهُ اِخوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُس ) ، وفريضة الاخ الواحد او الاخت الواحدة من الام ( وَاِن كانَ رَجُلٌ يُورث كَلالَة اَو امرأةّ وَلَهُ اَخٌ اَو اختٌ فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنهُما السُّدُس )
ويمكن ان تجتمع الفروض بعضها مع بعض ، فالنصف يجتمع مثلاً مع الربع كالزوج والبنت حيث ان للبنت النصف وللزوج الربع ، وهناك موارد متعددة تجتمع فيها الفروض .
ويمكن ان يمنع شخص من الارث كلا او بعضا بسبب وجود فرد آخر ، فيكون الثاني حاجباً والاول محجوباً . والحجب على نوعين : حجب الحرمان ، حيث يكون الحاجب سبباً لمنع المحجوب عن اصل الميراث كحرمان الجد كلية بسبب وجود الاب ، والضابط لحجب الحرمان مراعاة الاقرب ، لقوله تعالى : ( وَاُولُوا الاَرحامِ بَعضُهُم اَولى بِبَعضٍ في كِتابِ اللهِ ) (17) .
وحجب النقصان ، وهو ان يكون الحاجب سبباً للمنع من النصيب لا من اصل الارث كحرمان الزوج مما زاد على الربع بسبب وجود الولد . ويصطلح الفقهاء على نقصان الفروض عن التركة بـ التعصيب .
ومثال ذلك ، ان فرض البنت الواحدة النصف ، فاذا مات الاب وله بنت واحدة فقط وليس له ولد ذكر ، فان بعض المذاهب الاسلامية قد جعلت اخ الميت شريكاً مع البنت ، فيأخذ مع البنت النصف . ولكن فقهاء الامامية قالوا بان التعصيب باطل ، وان ما بقن من الفرض يجب رده على صاحب الفرض القريب ، فالتركة اذن ترجع بكاملها الى البنت ، وليس لاخ الميت شيء، لقوله تعالى : ( لِلرِجالِ نِصيبٌ مِمّا تَرَكَ الوالِدانِ وَالاَقرَبُونَ وَلِلنِّساءِ نَصيبٌ مِمّا تَرَكَ الواِلدانِ وَالاَقرَبُونَ مِمّا قَلَّ مِنهُ اَو كَثُرَ نَصيباً مَفرُوضاً ) .
اما « العول » فهو اصطلاح يطلقه الفقهاء على زيادة السهام على التركة بوجود الزوج او الزوجة . كما لو ترك الميت زوجة وابوين وبنتين ، ففرض الزوجة الثمن ، وفرض الابوين الثلث ، وفرض البنتين الثلثان . ولا تحتمل الفريضة ثمناً وثلثاً وثلثين . ولكن علماء الامامية قالوا بعدم العول وبفاء الفريضة ، وان النقص يدخل دائماً على البنات والاخوات دون الزوج والزوجة والام والاب ، وعليه فان للزوجة الثمن وللابوين الثلث والباقي للبنتين .
والمرتبة الاولى من مراتب الارث تشمل الابوين والاولاد واولادهم . والولد اصطلاح يطلق على الذكر والانثى لانه مشتق من الولادة كما قال تعالى : ( يُوصِيكُمُ اللهُ في اَولادكُم لِلذَّكَرِ مِثل حَظِّ الاُنثَيَينِ ) . واستدل بميراث المرتبة الاولى بقول الامام محمد الباقر (عليه السلام): ( لا يرث مع الام ، ولا مع الاب ، ولامع الابن ، ولا مع الابنة ، الا الزوج والزوجة ، وان الزوج لا ينقص من النصف شيئاً اذا لم يكن [ له ] ولد ، وان الزوجة لاتنقص مع الربع شيئاً اذا لم يكن [ لها ] ولد ، فان كان معهما ولد فللزوج الربع ، وللمرأة الثمن ) . واحكام مواريث الاب ، والام ، والاولاد ، واولاد الاولاد ، والحبوة مفصلة ي كتب الفقه ، وعرضها هنا بشكل استدلالي يخرج عن نطاق هذا الكتاب .
والمرتبة الثانية تشمل الاجداد والجدات ، والاخوة والاخوات واولادهم . وقد اطلق على الاخوة اسم الكلالة وهي من الاكليل لاحاطتهم بالفرد كما يحيط الاكليل بالرأس . فاذا كان للميت مثلاً اخوة ذكور من ابيه وامه قُسِّم المال بينهم بالسوية ، وان كان معهم اناث فللذكر مثل حظ الانثيين كما ورد نصاً واجماعاً . ويعتبر في تقسيم الارث في هذه المرتبة ان الجد كالاخ ، والجدة كالاخت ، للروايات المتضافرة ، ومنها : ( يورث الاخ من الاب مع الجد ينزله بمنزلته ) ، و ( ان الجدة مع الاخوة من الاب مثل واحد من الخوة ). و ( ان الجد مع الاخوة يرث حيث ترث الاخوة ، ويسقط حيث تسقط ، وكذلك الجدة اخت مع الاخوات ترث حيث يرثن ، وتسقط حيث يسقطن ) . وقد « انعقد الاجماع على ان اولاد الاخوة يقومون مقام آبائهم ، ويرثن نصيبهم مع عدمهم ، وعدم من هو في درجتهم »
والمرتبة الثالثة تشمل الاعمام والاخوال واولادهم . وقد « اجمع الفقهاء على ان جميع افراد هذه المرتبة انما يرثون مع فقد الاجداد وآبائهم ، والاخوة وابنائهم ». واذا انفرد الاعمام واتحدوا في النسبة الى الميت اقتسموا التركة بالسوية ، وكذلك الاخوال . ولكن اذا اجتمع الاعمام والاخوال ، فللاخوال الثلث ذكوراً كانوا ام اناثاً ، وللاعمام الثلثان ذكوراً كانوا ام اناثاً . و « هو المشهور بين الفقهاء شهرة عظيمة ، لاستفاضة النصوص او تواترها . قال الامام الصادق (عليه السلام): جاء في كتب علي (عليه السلام): ان العمة بمنزلة الاب ، والخالة بمنزلة الام ، وبنت الاخ بمنزلة الاخ ، وكل ذي رحم بمنزلة الرحم الذي يجر به الا أن يكون هناك وارث اقرب الى الميت فيحجبه » .
وفي ميراث الزوجين ، يشارك الزوج الورثة في جميع المراتب المذكورة سابقاً ، وله النصف من تركة الزوجة اذا لم يكن لها ولد منه او من زوج غيره والربع ان كان لها ولد ، ولا فرق ان كان منه او من غيره ، لقوله تعالى : ( وَلَكُم نِصفُ ما تَرَكَ اَزواجُكُم اِن لَم يَكُن لَهُنَّ وَلَدٌ فَاِن كانَ لَهُنَّ وَلَد فَلَكُم الرَبعُ مِمّا تَرَكن ) وتعد الشريعة ولد الولد بمنزلة الولد ، لقوله (عليه السلام): ( ولد البنين بمنزلة البنين ، ويحجبون الابوين والزوجين عن سهامهم الاكثر ، وان سفلوا ببطن او بطنين او ثلاثة او اكثر ، ويرثون ما يرث الولد للصلب ، ويحجبون ما يحجب الولدل لصلب .
وتشارك الزوجة الورثة في جميع المراتب ، ولها الربع ان لم يكن له ولد منها او من غيرها ، والثُمن اذا كان له ولد منها او من غيرها ، لقوله تعالى :
(وَلَهُنَّ الرَبعَ مَمّا تَركتُم اِن لَم يَكُن لَكُم وَلَد فَاِن كانَ لَكُم وَلَد فَلَهُنَّ الثُّمنَ مِمّا تَركتُم ) . واذا تعددت الزوجات فهن شركاء في الربع او الثمن بعد اقتسامه بالسوية .
المصادر :
1- الجواهر ـ كتاب النكاح .
2- النساء : 3 .
3- النهاية في مجرد الفقه والفتاوى للشيخ الطوسي : ص 467 .
4- الكافي : ج 2 ص 25 .
5- الوسائل : ج 14 ص 203 .
6- التهذيب : ج 2 ص 221 .
7- المكاسب للشيخ الانصاري .
8- شرائع الاسلام : ج 2 ص 277 .
9- البقرة : 180 .
10- من لا يحضره الفقيه : ج 2 ص 267 .
11- البقرة : 181 .
12- الكافي : ج 2 ص 237 .
13- الممتحنة : 8 .
14- النساء : 11 .
15- مجمع البيان : ج 3 ص 18 .
16- الاستبصار : ج 4 ص 190 .
17- الانفال : 75 .


نظرات کاربران
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.