وجاؤا على قميصه بدم كذب

إن سأل سائل عن تأويل قول الله عز وجل :(وجاؤا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون) فقال :
Tuesday, October 25, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
وجاؤا على قميصه بدم كذب
 وجاؤا على قميصه بدم كذب

 






 

إن سأل سائل عن تأويل قول الله عز وجل :(وجاؤا على قميصه بدم كذب قال بل سولت لكم أنفسكم أمراً فصبر جميل والله المستعان على ماتصفون)(1) فقال :
كيف وصف الدم بأنه كذب، والكذب من صفات الأقوال، لامن صفات الأجسام؟ وما معنى قول يعقوب عليه السلام: «فصبر جميل»، وكيف وصفه بذلك؟ ونحن نعلم أن صبره لا يكون إلاّ جميلاً؟
الجواب : قيل له : أما «كذب» فمعناه في هذا الموضع مكذوب فيه وعليه ، مثل قولهم: هذا ماء سكب ، وشراب صب ، يريدون مسكوباً ومصبوباً. وقولهم : رجل صوم ، وامرأة نوح، والمعنى : صائم ونائحة.
قال الشاعر:
تظل جيادهم نوحاً عليهم * مقلدة أعنتها صفوفاً
أراد نائحة عليهم.
ويقولون : مال فلان معقول، يريدون عقلاً.
وقد قال الفراء وغيره : يجوز في النحو : بدم كذباً - بالنصب على المصدر -وتقدير الكلام كذبوا كذباً.
(وأما وصف الصبر بأنه جميل، لأنه قصد به وجه الله . وقيل : انه أراد صبراً لاشكوى فيه ولا جزاء معه، وقال أهل العربية: إن ارتفاع الصبر هاهنا، فشأني صبرجميلاً)
(ورد في كنز الفوائد بدل مابين القوسين ما لفظه:« وأما وصف الصبر بأنه جميل فلأن الصبرقد يكون جميلاً وغير جميل ، وإنما يكون جميلاً إذا قصد به وجه الله تعالى، فلما كان في هذا الموضع واقعاًعلى الوجه المحمود صح وصفه بالجميل، وقد قيل: أنه أراد صبراً لا شكوى فيه ولا جزع معه، ولو لم يصفه بذلك لظن مصاحبة الشكوى والجزع له، وقد قال أهل العربية:إن ارتفاع الصبر هاهنا إنما هو لأن المعنى فشأن يصبر جميل والذي اعتقده صبر جميل) وإنما ذكرنا تفسير هذه الآية لأنه ورد في سياقة الكلام (2).
فصل من الأدب
روي عن بعض الأدباء أنه قال لابنه : يابني ، اقتن من مكارم الأخلاق خمساً،وارفض ستاً، واطلب العز بسبع، واحرص على ثمان فإن فزت بتسع بلغت المدى،وان أحرزت عشراً أدركت الاخرة والدنيا .
فأما الخمس المقتناة : فخفض الجانب، وبذل المعروف، وإعطاء النصف من نفسك، وتجنب الأذى، وتوقي الذم .
وأما الستة المرفوضة: فطاعة الهوى، وارتكاب البغي، وسلوك التطاول،وقساوة القلب، وفظاظة القول، وكثرة التهاون.
وأما السبعة التي ينال بها العز: فأداء الأمانة، وكتمان السر وتأليف المُجانب، وحفظ الأخاء، وإقالة العترة، والسعي في حوائج الناس، والصفح عن الأعتذار.
وأما الثمان التي يحرص عليها: فتعظيم أهل الفضل، وسلوك طرق الكرم،والمواساة بملك اليد، وحفظ النعم بالشكر، واكتساب الأجر بالصبر، والاغضاء عن زلل الصديق، واحتمال النوائب، وترك الإمتنان بالاحسان.
واما التسع التي تبلغ بها المدى: فالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وحرزاللسان من سقوط الكلام، وغض الطرف، وصدق النية، والرحمة لأهل البلاء،والموالاة على الدين ، والمسامحة في الاُمور، والرضا بالمقسوم.(3)
وأما العشرة الكاملة، التي تنال بها الدنيا والاخرة: فالزهد فيما بقي،والإستعداد لما يأتي، وكثرة الندم على مافات، وإدمان الإستغفار، واستشعار التقوى،وخشوع ألقلب، وكثرة الذكرلله تعالى، والرضا بأفعال الله سبحانه ، وملازمة الصدق ،والعمل بما ينجي .
الغنى والفقر
قال رسول الله صلى الله عليه واله : « ليس الغنى كثرة الحرص، وإنما الغنى غنى النفس ».
وقال عليه واله السلام : «ثلاث خصال من صفة أولياء الله تعالى : الثقة بالله في كل شيء ، والغنى به عن كل شيء ، والإفتقارإليه في كل شيء ».
وقال صلى الله عليه وآله : «ألا اُخبركم بأشقى الأشقياء؟» قالوا: بلى يارسول الله ، قال : «من اجتمع عليه فقر الدنيا وعذاب الآخرة» نعوذ بالله من ذلك.
وقال أميرالمؤمنين عليه السلام : «الفقريخرس الفطن عن حجته ، والمقلّ غريب في بلدته ، ومن فتح على نفسه باباً من المسألة فتح الله عليه باباً من الفقر».
وقال : «العفاف زينة الفقر، والشكر زينة الغنى» .
وقال : «من كساه الغنى ثوبه ، خفي عن الناس عيبه ».
وقال: «من أبدى إلى الناس ضره فقد فضح نفسه، وخير الغنى ترك السؤال،وشر الفقر لزوم الخضوع».
وقال : «استغن عن من شئت تكون نظيره ، واحتج إلى من شئت تكون أسيره، وأفضل على من شئت تكن أميره»
[وقال عليه السلام:] «لاملك أذهب للفاقة من الرضا بالقنوع».
وروي أن الماء نضب عن صخرة فوجد عليها مكتوباً : إنما يتبين الغني والفقير بعد العرض على الله عز وجل .(4)
وقال رجل للصادق عليه السلام : عظني ، فقال : «لاتحدث نفسك بفقر، ولابطول عمر».
وقيل: ما استغنى أحد بالله ، إلا افتقر الناس إليه .
وقيل : الفقير من طمع والغني من قنع.
وانشد أمير المؤمنين صلوات الله عليه :
ادفع الدنيا بما اندفعت *** وأقطع الدنيا بما انقطعت
يطلب المرء الغنى عبثاً *** والغنى في النفس لو قنعت
ومن قطعة أبي ذؤيب :والنفس راغبة إذا رغبتها *** وإذا تردّ إلى قليل تقنع لمحمود الوراق :
أراك يزيدك الاثراء حرصاً *** على الدنيا كأنك لا تموت
فهل لك غاية إن صرت يوماً *** إليها، قلت: حسبي قد غنيت
تظل على الغنى أبداً فقيراً *** تخاف فوات شيء لا يفوت
وله أيضاً:
يا عائب الفقرألا تزدجر *** عيب الغنى أكبر لو تعتبر
من شرف الفقر ومن فضله *** على الغنى إن صح منك النظر
أنك تعصي لتنال الغنى *** ولست تعصي الله كي تفتقر
لغيره :
أرى اُناسا بأدنى الدين قد قنعوا *** ولا أراهم رضوا في العيش بالدون
فاستغن بالله عن دنيا الملوك كما *** استغنى الملوك بدنياهم عن الدين
‎وقال آخر:
دليلك ان الفقر خير من الغنى *** وأن قليل المال خير من المثري
لقاؤك إنساناً عصى الله في الغنى *** ولم تر إنساناً عصى الله في الفقر
المصادر :
1- يوسف 12: 18 .
2- كنز الفوائد : 272 ، 273 .
3- كنز الفوائد : 288، وفيه تمام الفضل.
4- كنز الفوائد : 288 ـ 289، وفيه تمام الفصل.

 



نظرات کاربران
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.