التشبيه بالأنبياء

قوله عليه السلام : (من أراد أن ينظر الى آدم ... وأجيب : بأنه تشبيه ولا يدل على المساواة والاجماع على أن الأنبياء أفضل من الأولياء) .
Saturday, April 22, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
التشبيه بالأنبياء
 التشبيه بالأنبياء



 
 

قوله عليه السلام : (من أراد أن ينظر الى آدم ... وأجيب : بأنه تشبيه ولا يدل على المساواة والاجماع على أن الأنبياء أفضل من الأولياء) .
لقد جاء في بعض ألفاظ هذا الحديث فهم أبي بكر المساواة وإقراره بذلك ، فقد روى جماعة منهم الحافظ الخطيب الخوارزمي المتوفى سنة 568 بسنده : « إنّ النبي صلّى الله عليه وآله كان في جمعٍ من أصحابه فقال : أريكم آدم في علمه ونوحاً في فهمه وإبراهيم في حكمته . فلم يكن بأسرع من أن طلع علي . فقال أبوبكر : يا رسول الله أقست رجلاً بثلاثة من الرسل!! بخ بخ لهذا الرجل ، من هو يا رسول الله ؟ قال النبي صلّى الله عليه وآله : ألا تعرفه يا أبابكر ؟ قال : الله ورسوله أعلم . قال أبو الحسن علي بن أبي طالب . قال أبوبكر : بخ بخ لك يا أبا الحسن ، وأين مثلك ؟ » ولذا ورد عن أبي بكر التصريح بأفضلية أمير المؤمنين عليه السلام منه مطلقاً في غير موضع .
منها : قوله في بدء الأمر : « أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم » .
ومنها : ما عن الشعبي قال : « بينما أبوبكر جالس اذ طلع علي فلما رآه قال : من سرّه أن ينظر إلى أعظم الناس منزلةً وأفضلهم حالةً وأعظمهم حقاً عند رسول الله فلينظر إلى هذا الطالع » (1) .
وأيضاً : فالإجماع قائم على أفضلية النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم عند الله من جميع الأنبياء ، وقد قال صلّى الله عليه وآله وسلّم ـ فيما رواه أبوبكر كذلك أيضا عنه ـ : « علي مني كمنزلتي من ربّي » (2) .
إلى غير ذلك من الأدلة كتاباً وسنةً على أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام من جميع الأنبياء ، ومنها حديث التشبيه الدال على المساواة بينه وبينهم ، لكونه جامعاً ما تفرق فيهم من الصفات ... وقد اعترف إبن روزبهان بدلالة الحديث على ذلك . فاضطرّ إلى الطّعن في سنده . لكن لا قدح فيه في الكتاب لا في المتن ولا في الشرح .
وبما ذكرنا من الحديث وإقرار أبي بكر بأفضلية علي ، وكذا ما رواه القوم عن الإمام الحسن السبط عليه السلام أنه خطب بعد وفاة علي فقال : « لقد فارقكم رجل بالأمس لم يسبقه الأولون بعلم ولا يدركه الآخرون » (3) يظهر أن أئمة أهل البيت عليهم السلام وأئمة السنة متفقون على أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام من جميع الانبياء ، فأين الإجماع الذي ادعي في الكتاب ولم يدّعه إبن روزبهان وغيره ؟
علي عليه السلام أعلم الأمّة
( فلا يعارضه نحو : أفرضكم زيد وأقرؤكم أبي ، فإنّهما يدلاّن على التفضيل في علم الفرائض وعلم القراءة فقط ) .
تفضيل زيد بن ثابت في علم الفرائض واُبي بن كعب في علم القراءة على مولانا أمير المؤمنين عليه السلام موقوف على ثبوت الكلامين عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، إلاّ إنّهما قطعة من حديثٍ طويل نصّ علماء الحديث منهم على ضعفه بل رجّح بعضهم وضعه ، ولو شئت لنظرت في رجاله ، وذكرت كلمات القوم ، وفصّلت الكلام عليه ، لكنّ ذلك يخرجنا عن وضع الكتاب ، ويكفيك أن تراجع ( الجامع الصغير وشرحه ) (4) .
( فقال عمر في كلّ واحدةٍ من القضيّتين : لو لا علي لهلك عمر ) .
بل في عشراتٍ من القضايا مثلهما ... فبالله عليك ! لو نصب لك شخص لترجع اليه في المسائل الشرعية التي تبتلي بها يوميّاً لتعمل على طبق قوله ، فسألته يوماً عن مسألة فقال لا أدري ، ثم سألته في اليوم الثاني عن أخرى فقال : لا أدري ، ثم سألته بعد ذلك عن ثالثة فقال : لا أدري ... ألا تعترض على من أدري ، ثم سالته بعد ذلك عن ثالثة فقال : لا أدري ... ألاتعترض على من نصبه وتقول : أيّ عالمٍ هذا ؟ وما الفرق بيني وبينه ، وما الّذي رجّحه على غيره ؟
لقد قال عمر ـ غير مرة ـ : « كلّ النّاس أفقه من عمر حتّى المخّدرات » !!
هذا ، والأعلمية من شرائط الامامة ، وبها تنحقق الأفضلية كما نصّ عليه كبار العلماء كالتفتازاني ، فالمتصّدي للخلافة والنيابة عن رسول الله صلّى الله عليه وآله يجب أن يكون أعلم الامة بجميع ما يحتاج إليه ، وعلى ذلك دلّ الكتاب والسنّة والعقل ، وأمير المؤمنين أعلم الامة بجميع ما يحتاج إليه ، وعلى ذلك دلّ الكتاب والسنّة والعقل ، وأمير المؤمنين أعلم الأمة في جميع العلوم ويكفي للدّلاة على ذلك مطلقاً حديث ( أنا مدينة العلم وعلي بابها فمن أراد المدينة فليأتها من بابها ) .
وقوله عليه السلام : « لو كسرت لي الوسادة ... » وإن على إحاطة علمه بما في الكتب ، لكنّ المقصود ليس هذا ، بل إثبات إمامته وخلافته بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم بلا فصل ، وأنّه لو أطاعته الأمة ومكّنته لاستفادت الأمم كلّها من علومه ، لا كالذي ولّوه فلم يعرف « الأب » و « الكلالة » ... !! وأين هذا المعنى من اعتراض أبي هاشم ودفاع الشّارح .
علي عليه السلام أزهد الأمّة
لا خلاف في أنّ امير المؤمنين عليه السلام أزهد الأمة بعد رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم في ذلك الزمان ... ومن كان أزهد الناس كان أفضل ، فتعبير الكتاب ناقص . علي عليه السلام أسخى الناس قوله :
لا ، بل كان أكرم الناس ، أي أسخاهم ، لفقد جاد بنفسه في سبيل الله فأنزل الله فيه الآيات ، وتصدّق بجميع ماله عدة مرّات وبخاتمه في الصلاة فأنزل الله فيه الآية : ( إنما وليّكم الله ... ) وجاد بقوته ثلاثة أيام فنزلت سورة هل أتى ...
وهذه الصفة تستلزم الأفضلية ...
علي عليه السلام أشجع الناس
(الشجاعة ... ) .
من فضائله البدنية جهاده في الحروب ، وهل تشدّت مباني الدّين وتثبتت قواعده وظهرت معالمه إلاّ بسيفه ؟ أليس كان بإمكانه أن ينهزم يوم أحد كما انهزم غيره ؟ أليس كان بإمكانه أن يجلس في الخندق كما جلس غيره ؟ ألم يكن الفتح يوم خيبر على يده بعد أن رجع غيره يجبّن قومه ويجبنّونه ؟
علي عليه السلام أحسن الناس خلقاً
(حسن الخلق ... وقد قال عليه السلام حسن الخلق من الإيمان ) .
نعم حسن الخلق من الإيمان ، فمن لن يسجد لصنم قط ، بل كان أول من أسلم ، بل هو الذي كسر الاصنام الما صعد على منكب النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم لابد أن يكون أحسن خلقاً ممن قضى شطراً من عمره في عبادة الاوثان فكان فظاً غليظ القلب ...
وكان عليه السلام أيضاً : أحلم الناس ... كما شهد له بذلك النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في قوله لفاطمة : « زوّجتك من أقدم الناس سلماً وأكثرهم علماً وأعظمهم حلماً » (5) .
عليه عليه السلام قالع باب خيبر
(مزيد قوّته حتى قلع باب خيبر بيده ... ) .
أي بعد أن عجز عنه المسلمون كما روى الخطيب (6) وغيره .
علي عليه السلام أقرب الناس إلى النبي
(نسبة وقربه ... ) .
هذا من فضائله الخارجية ، فإن أحداً لم يلحقه في شرف النسب ... والقرب الذي طالما تمنّاه عمر بن الخطاب ... فكان عليه السلام أقرب الناس إلى رسول الله صلّى الله عليه وآله وسلّم كما اعترف بذلك أبوبكر أيضاً كما في الحديث المتقدم ... وهي تستلزم الإمامة والخلافة كما تقدم سابقاً .
شرف زوجته وأولاده
(اختصاصه بصاحبة كفاطمة وولدين ... ) .
فضائل فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين وولديها الحسن والحسين عليهم السلام لا تعد ولا تحصى ، وهي ليست بفضائل تميّزوا بها في هذه الأمة فقط ، بل إنها أوجبت أفضليتهم حتى من الأنبياء ...
ثم إن الأئمة من ولد الحسين السّبط الشهيد عليه السلام كذلك ... مفضّلون على جميع الأنبياء بالأدلة العامة والخاصّة الواردة في كلّ واحد منهم ... بحيث لا يعدّ كون فلان سقاءً في داره وكون فلان بوّاباً لداره شيئاً في قبالها ...
خلاصة الكلام في هذا المقام :
أنه قد عرفت أن أمير المؤمنين عليه السلام لا يقاس به أحد من الأولين والآخرين عدا رسول رب العالمين صلّى الله عليه وآله وسلّم ... فإنّه كان معصوماً جامعاً لجميع صفات الكمال النفسانية والبدنية والخارجية ... وعلى رأسها العلم والتقوى ، إذ كان أعلم الأمة وأتقالها بلا خلاف بين المسلمين ... وأما كمالاته وصفاته البدنية فقد استخدمها في تثبت الدين والدعوة اليه والدفاع عنه وعن رسوله ، فما خذل النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم في يوم من الأيام ، وما ادّخر جهداً في حفظه وفي النكاية من عدوه وفي أعلاء كلمة الإسلام ...
وكل ذلك ـ بغض النظر عن النصوص ـ مستلزم لأن يكون الإمام بعد النبي عليه السلام ... ليستمر الأمر على يده كما كان في عهده .
وأما أبوبكر ... فما كان له شيء من تلك الصفات كما يعترف بذلك العلماء من أتباعه ، كما يعترفون بعدم النص عليه من الله ورسوله ... نعم هناك في بعض كتبهم : إن أبابكر لمّا أسلم إشتغل بالدعوة إلى الإسلام فأسلم علي يده فلان وفلان ... وهذا لو ثبت لم يدل على شيء له ، إذ كان هذا شأن كل واحد من الصحابة ... ثم إن جهود كلّهم لو وضعت في كفة ووضعت جهود علي في كفة لرجحت كفته ، بل إن « ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين » كما في الحديث الصحيح الثابت المعترف به في الكتاب أيضاً .
فظهر أن أفضلية أمير المؤمنين عليه السلام بعد النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم أمر ثابت ، وليس لغسره فضيلة ثابتة سنداً تامة دلالة كي يتوهم وقوع التعارض .
(إنّه يدلّ على الفضيلة وأمّا الأفضلية فلا ... ) .
( واعلم أن مسألة الأفضلية لا مطمح فيها في الجزم واليقين ... ) .
فإن الأفضلية ثابتة بالقطع واليقين ... ولا أثر بعد عين ... !
( وليست هذه المسألة يتعلق بها عمل فيكتفى فيها بالظن ، بل هي مسألة علمية يطلب فيها اليقين )
فإن اليقين حاصل .
( والنصوص المذكورة من الطرفين بعد التعارض لا تفيد القطع ... ) .
فإن التعارض فرع الحجية ، ولم يتم شيء من أدلة القول بأفضلية أبي بكر وإمامته « كما لا يخفى على المنصف » ، فدعوى التعارض ساقطة ، والتشكيك في إفادة أدلة إمامة أمير المؤمنين عليه السلام للقطع ... مردود ، فإنه حتى الآحاد منها تفيد القطع لأنها أحاديث متفق عليها بين الفريقين ... فأمير المؤمنين عليه السلام هو أفضل الأمة ، والأفضل هو المتعين للإمامة كما ستعرف .
( ولكنا وجدنا السلف قالوا ... ) .
أولاً : السلف لم يقولوا كذلك ، فإنهم اختلفوا ، منهم من فضّل أمير المؤمنين عليه السلام على أبي بكر وعمر وعثمان ، ومنهم من فضّله على عثمان ، ومنهم من توقف ... فلاحظ كتب تراجم الصحابة وفضائلهم ، ولو سّلمنا أن السلف قالوا كذلك فما الدليل على حجية قولهم ؟
نعم يبقى شيء واحد ، وهو قوله :
( وحسن ظنّنا بهم ... )
وفيه أولاً : لا دليل على حسن الظن هذا .
وثانياً : سلمنا ، لكن ترفع اليد عنه إذا قام الدليل على خلافه .
المصادر :
1- الصواعق المحرقة : 109 .
2- الصواعق المحرقة : 109 .
3- مسند أحمد بن حنبل 1 / 199 .
4- فيض القدير ـ شرح الجامع الصغير 1 / 460 .
5- مسند أحمد بن حنبل 5 / 26 .
6- تاريخ بغداد 11 / 324 .
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.