لماذا خلقنا الله تعالی

عندما يستدلّ القرآن على المعاد فإنّه يعتمد طرقاً ثلاثة: الأول: آيات قرآنيّة تردّ استبعاد المنكرين للقيامة فحسب، من دون أن تقيم دليلاً برهانيّاً قائماً بذاته على ثبوت المعاد.
Sunday, April 10, 2016
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
لماذا خلقنا الله تعالی
 لماذا خلقنا الله تعالی

 






 

عندما يستدلّ القرآن على المعاد فإنّه يعتمد طرقاً ثلاثة:
الأول: آيات قرآنيّة تردّ استبعاد المنكرين للقيامة فحسب، من دون أن تقيم دليلاً برهانيّاً قائماً بذاته على ثبوت المعاد.
والآيات في هذا المجال هي تلك المستندة إلى القدرة الإلهيّة، حيث تردّ على المستبعدين أنّ الذي قدِر على النشأة الأولى قادر على الأخرى، كما في قوله تعالى حكاية عن الكفَّار: ﴿قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ﴾(1)، حيث يجيبهم: ﴿قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ﴾(2).
فهذه الآيات لا تنطوي على أكثر من رفع هذا الإستبعاد، بعد الاستناد إلى القدرة الإلهيّة المطلقة، حيث لا يكون معنى للتعجّب من المعاد بعد أن تبيّنت القدرة الإلهية الكاملة في النشأة الأولى.
الثاني: تذهب آيات أخرى إلى أبعد من نفي الإستبعاد، فتقيم دليلاً على قاعدة: (إنّ خير دليل على إمكان الشيء وقوعه)، وهي مجموعة الآيات التي تشير إلى نظام الحياة والموت في هذه الدنيا، من حياة الأرض بعد موتها، ونشأة الإنسان وتطوّرات حياته. وهذه الأمور حقائق مشهودة لا سبيل إلى إنكارها وذلك كقوله تعالى: ﴿وَالله الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَاباً فَسُقْنَاهُ إِلَى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا كَذَلِكَ النُّشُورُ﴾ (3).
ثمّ تشير الآيات إلى أنّ الذي يحصل في الآخرة هو استمرار لنظام الحياة والموت الذي نشهد جزءاً منه في هذه الدنيا. فلهذا النظام مسيرة لا بدّ أن تستمرّ، وليس المعاد أمراً جديداً.
- الثالث: ينطلق القرآن في مجموعة ثالثة من الآيات ليقيم الدليل الذي يأخذ شكل الأدلّة الكلاميّة والفلسفيّة التامّة، وذلك حين تشير الآيات إلى عدم عبثيّة الخلق، وهذا الدليل هو دليل منبثق عن التوحيد، فإنّ الإيمان بالتوحيد يمنع من عبثيّة الخلق، وذلك لا يكون إلا بوجود القيامة.
أمّا كيف يكون ذلك؟ فذلك هو محلّ بحثنا في ما يلي.

أ- كيف بيّن القرآن هذا الدليل:

عدم عبثيّة خلق البشر

يقول تعالى في سورة (المؤمنون): ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ؟! فَتَعَالَى الله الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيم﴾(4). ونمط الاستدلال في ما ورد يظهر من خلال الإستفهام الإستنكاريّ المذكور في الآية، وتوضيحه:
أولاً: إن لم تكن هناك رجعة إلى الله كان خلق البشر عبثاً.
ثانياً: العبث إنّما يصدر عن العاجز أو عمن كانت قدرته ناقصة.
ثالثاً: إنّ الله حكيم صاحب القدرة المطلقة والسلطان، فهو الحقّ المطلق الذي لا سبيل في ذاته لأيّ باطل ونقص وعدم، فلا يصدر عنه العبث، إذ لا يصدر عن الحق إلا الحقّ.
كما تشير الآية إلى أنّه لا يوجد مانع يمنع من إعمال قدرته الحقّة، من إله آخر للشرّ مثلاً، إذ ﴿لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ﴾، فهو الإله الخالق وحده، وهو الربّ المعبود ولا ربّ سواه، فلا مانع من أن يكون خلقه حقاً ولا موجب لأن يكون فعله عبثاً.
وفي هاتين الآيتين يتبيّن أنّ خلق بني آدم (البشر) من دون وجود القيامة يكون عبثيّاً، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.
عدم عبثيّة خلق السماوات والأرض (الكون)
تشير مجموعة أخرى من الآيات- في سياق الاستدلال على المعاد- إلى عدم عبثيّة خلق السماوات والأرض- بغضّ النظر عن البشر-، يقول تعالى: ﴿وَمَا خَلَقْنَا السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لاعِبِينَ مَا خَلَقْنَاهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ إِنَّ يَوْمَ الْفَصْلِ مِيقَاتُهُمْ أَجْمَعِينَ﴾(5).
تنفي الآيات أن يكون خلق السماوات والأرض لعباً، بأن لا يترتّب على خلق الله لهما أثرٌ وغاية، فليس خلقهما كعمل الأطفال الذي لا أثر له سوى اللعب واللهو. وفي المقابل لو لم تكن قيامة لكان خلقهما بلا غاية أو أثر(6).
إذاً، يستدلّ القرآن على المعاد بأنّ الخلق والكون قائمان على أساس الحق لا الباطل، ولو لم تكن قيامة لكان الخلق عبثاً، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.
والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو أنّه: ما معنى ما يذكره القرآن من أنّ تفسير الخلق يكون بالقيامة فقط وإلا فهو مخلوق عبثاً؟ فما هو سر الربط بين عدم عبثية الخلق و وجود القيامة؟
ألا يمكن الإيمان بالتوحيد وبأنّ الله هو الخالق، دون القول برجوع الأشياء إلى الله، بل هي تفنى وتنعدم؟!
ثمّ إنّ الجميع قائل بأنّ الجمادات توجد وتفنى، كذلك بدن الإنسان وصورته، من دون أن يلزم من ذلك العبث، فليكن الأمر كذلك في الإنسان وغيره.
وللجواب على ذلك هناك نظريّتان نتعرّض لهما مع ما يمكن أن يرد على البعض من إشكال.
ب- سرّ العلاقة بين عدم العبثيّة ووجود المعاد:

نظريّة المتكلّمين:

ونبيّن هذه النظريّة عبر مقدمتين ونتيجة:
مقدمة أولى: إنّ الله قد جعل للإنسان اختياراً وإرادة وحريّة في فعل الأعمال الحسنة والأعمال السيّئة معاً، وبهذا يفترق الإنسان عن سائر المخلوقات من حيوانات ونباتات....
مقدمة ثانية: يختار بعض الناس القيام بالأعمال الصالحة في هذه الدنيا، وهي أعمال حسنة ممدوحة، ويقترف فريق آخر السيّئات، التي هي قبيحة ومذمومة.
النتيجة: فلو لم يكن يوم القيامة لذهبت الصالحات والسيّئات هدراً، حيث يُهدر حق الصالحين ولا يبلغ المسيئون الجزاء، وحينها يكون خلق الإنسان- الذي تنطوي أبعاده على استعداد فعل الصالح أو السيّئ- عبثاً، ومن هنا لا بد لرفع هذه العبثية من يوم للحساب.

مناقشة النظريّة:

يرد على هذه النظريّة:
أوّلاً: إنّ هذه النظريّة لا تعلّل خلق بقيّة موجودات الكون، بما فيه من السماوات والأرض، إذ غاية ما تثبته هو تعليل عدم عبثيّة خلق الإنسان بوجود القيامة.
وقد تبيّن معنا أنّ الآيات تتعرّض لعدم عبثيّة خلق الإنسان والكون كليهما، فلا بدّ من تعليل يفي بهما معاً.
ثانياً: يلزم من هذه النظريّة القول بأنّ الآخرة ليست سوى أمرٍ وجزءٍ وجِد لتلافي النقص الحاصل في الدنيا. فهناك نقص في هذه الدنيا يحصل نتيجة عدم وجود جزاء لاختيار الإنسان الحسنة أو السيّئة. وهذا النقص لا يمكن تلافيه إلا بذلك العالم الأخرويّ، فتكون القيامة مجرّد عالم تابع لهذه الدنيا.
وهذا القول لا ينسجم لا مع منطق القرآن ولا مع قانون الخلق، حيث إنّ عالماً آخر فيه: ﴿...جَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ﴾(7)، ويخلد فيه الناس إلى الأبد، هكذا عالم يزيد على عالم الدنيا بأضعاف لا تحصى، كيف يمكن أن يكون قد وُجد لمجرّد سدّ النقص الحاصل في عالم الدنيا، ويكون تابعاً له طفيليّاً؟!

النظرية الأخرى: معنى هدفيّة الخلق:

ويمكن أن توضّح هذه الفكرة بأحد بيانين:
أ- البيان الأول: أن يقال: إن معنى العبثيّة أن يكون مآل الشيء إلى الفناء المطلق، فكلّ موجود ينعدم نهائيّاً لا تكون له غاية، ويكون عبثاً، فيما يكون الخلق هادفاً إذا بقي الشيء إلى الأبد، بحيث يدوم تلقيه للفيض الإلهي، أو يفنى لكن يوجد مخلوق ثانٍ بينه وبين الأول صلة، كأن يكون الأول مخلوقاً كمقدمة لبقاء الثاني وإستمراره الأبدي، فإن هذا لا يكون عبثاً أصلاً.
وبالتالي فالموجودات على نحوين:
1- ما يوجد للبقاء، فهو باقٍ ويتلقى الفيض من الله دائماً، ولو بعد رجوعه إلى الله.
2- ما يوجد ويفنى، لكنه يكون مخلوقاً لبقاء ثانٍ وديمومته، فالعدم الذي نتخيّله فيه ليس عدماً واقعيّاً بل هو تبدّلٌ من حقيقة إلى حقيقة أخرى.
ونتيجة هذا القول أنّ كل الأشياء الموجودة باقية، ولو على نحو المقدمة لغيرها، فلا شيء يسير نحو الإنعدام والفناء، وعليه فكلّ ما في الكون هادف لأنه يسير نحو الأبديّة والبقاء.
نعم هناك فريق يذهب إلى عدم ضرورة بقاء المخلوقات جميعاً دون أن يفنى منها شيء مطلقاً، بل ربما لا يساعدنا القرآن على هذا الفهم. ويكفينا لنفي العبث أن يكون قسم من الموجودات يبقى ولا يفنى، هي زبدة الموجودات التي ترجع إلى الله، فتتحقق الهدفيّة بها، وهي تعلّل الغرض من وجود بقية الموجودات في هذا الكون، فيكفي لهدفيّة خلق ما في الكون جميعاً أن تكون قد وُجدت لأجل بقاء الإنسان وديمومته، فهي بمنزلة المهد لهذا الموجود الذي ينبغي أن يتصل بالأبديّة.
ب- البيان الثاني: وهو تفسير أعم وأشمل وأسهل من سابقه، ويستند إلى الوضع الموجود والمشهود، وتوضيحه:

القاعدة الأساسية للعبث

إذا كان لشيء ثمّة غاية وهدف، فلا بدّ أنّه يسير نحوها، وتكون هذه الغاية هي المتمِّمة له بحيث ينتهي إليها.
والقاعدة الأساسيّة للعبث هي أن يقوم أيُّ عاقل عالم بتمهيد مقدمات لها غاية وهدف ما، ثمَّ يعمد إلى نقض المقدّمات قبل أن تبلغ هدفها وغايتها، وقبل أن تثمر، فمثل هذا العمل يعدّ عبثاً.
على سبيل المثال: نحن نعرف أنّ الجنين وهو في الرحم مزوّد بأعضاء وجوارح من قبيل العين والأذن وجهاز التنفس و... مع أنّه يعيش في الرحم حياة نباتيّة حيث لا حاجة إلى مثل هذه الأعضاء. وهذه الآلات إنّما تناسب حياة أخرى في عالم خارج الرحم. ووجودها يشكّل مقدّمة ليعيش في العالم الخارجيّ. فلو كانت حياة الأجنة تقتصر على خصوص الأشهر التسعة الأولى فقط لكان خلق الجوارح المذكورة عبثاً وباطلاً، ولكان تزويد الجنين بهذه الاستعدادات(المقدمات) لغواً و بلا معنى.
وإذا أردنا أن نطبّق ذلك على الإنسان لنرى كيف يكون خلقه عبثيّاً وكيف يكون هادفاً، فلا بدّ أن ننظر في هدفه وفي الإستعدادات التي جهّز بها لتحقيق هذا الهدف.

التكامل هدف الإنسان

إذا تأمّلنا في الإنسان وجدنا أنّه يسعى إلى التكامل، فهو هدفه وغايته، وهو يسير نحو تحقيق هدفه وغايته، فإنّ تحقيق التكامل لا يكون اتفاقيّاً.
وقد يتوهّم البعض أنّ تحقيق التكامل يتمّ تلقائيّاً وفقاً لما طُرح في الميادين العلميّة من (التكيّف مع البيئة)، كما طرحها داروين.
لكن التكيّف مع البيئة لا يعني التخلّي عن الغاية والهدف (التكامل) تماماً، بل بمعنى أنّ الإنسان يوجّه الأوضاع البيئيّة والطبيعيّة التي يواجهها بحيث تتلاءم مع غايته وهدفه، ودون أن يَضرَّ بها.
هذا يشبه عمل السياسيّ الذي يحاول التكيّف مع الظروف الطارئة والأوضاع الموجودة، ويتفاعل معها لكن ليس لإقرارها بل لتكييفها بحيث تعينه على بلوغ هدفه.

استعدادات الإنسان

إذا نظرنا إلى استعدادات الإنسان وجدنا أنّه كما هو مجهّز بقدرات تتناسب مع الحياة الدنيا، فإنّ لديه استعدادات وإمكانيات وأجهزة ووسائل أبديّة تتناسب مع حياة أخرى بعد الموت،برزخيّة وأخرويّة.
فللإنسان وراء هذا البدن حقيقة بسيطة (الروح) لا تجري عليها أحكام المادّة ولا تقبل الإنعدام، لأنها موجود بسيط لا تركيب فيه، والبسيط لا يقبل التجزئة ولا التغيّر، أي لا يقبل ما يسبب الإنعدام. وفي الواقع فإنّ هذه الإستعدادات والجواهر الإستثنائية هي حقيقة الإنسان وبها إنسانيّته. فهي التي تمنحه العواطف السامية الرفيعة للتوجه إلى الله، واستعداد للإتصال بالحق سبحانه، وبالتالي للوصول إلى هدفه وغايته، الكمال.
نعم الإنسان لا يلتفت غالباً إلا إلى الجانب الدنيويّ الماديّ منه، ولو تعمّق في نفسه لالتفت إلى الجوانب والإستعدادات الأخرى، التي بها يكون حفظ شخصيّته ومعاده.

الإنسان في مرحلة الجنينية

إن الإنسان الذي جُهّز بكل هذه الإستعدادات التي ليست من سنخ العالم الذي يعيشه في الدنيا، لو انتهت حياته في هذه الدنيا التي لا يستفيد فيها من هذه الإستعدادات والإمكانات، ولم تكن قيامة وحياة ما بعد الموت، لكانت كلّ هذه الإستعدادات عبثيّة ولا معنى لها، تماماً كالجنين إذا كانت نهاية حياته بانتهاء فترة الحمل دون أن يكون هناك حساب للأجهزة والإستعدادات التي زوّد بها.
والقرآن يصرّح بأنّ الأمر على العكس تماماً: ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾(8).
فهذه الآيات تريد أن تنبّهنا إلى وجودنا بكامل جوانبه، وإلى أنّنا كما انحدرنا من عند الله فسنعود ونرجع ونصعد إليه، لأنّ كلا القوّتين- النزول والصعود- موجود فينا.
قد يعترض البعض بأنّ القرآن عندما يمثّل للقيامة يطرح مسألة الإحياء والإماتة في الطبيعة ثم يقول: ﴿كذلك تخرجون﴾، أو ﴿كذلك النشور﴾، ليقول إنّ البعث ماديّ محض من باب تجديد المثل ولا عودة فيه للشخص ذاته. لكن الصحيح أنّ التشبيه في اللغة يكون من جهة ولا يكون من كلّ الجهات، وهنا الأمر كذلك فالتشبيه يراد منه هنا الإشارة إلى أصل مسألة الإحياء التي هي بيد الله، وليس الأمر أنّه يوم القيامة هو بنفس هذه الطريقة من الإحياء بكلّ تفاصيلها. أمّا النموذج الحقيقيّ التامّ للقيامة فهو ما أتى به الأنبياء من معجزة إحياء الموتى، وهذا الإحياء لا نعثر على نموذج واحد مشابه له في المسارات الطبيعيّة.
نعم، إن مثل النباتات والجمادات التي جهّزت باستعدادات تتناسب مع هذه الدنيا ليس أكثر، فإنّ مصيرها ينتهي في هذه الدنيا دون أن يكون ذلك عبثاً وباطلاً.

النتيجة:

بهذا البيان يتبيّن سر العلاقة بين ضرورة وجود القيامة وعدم العبثية في الخلق، ويتّضح أنّ الدنيا هي مقدّمة لحياة أوسع وأشمل يستفيد الإنسان فيها من كامل استعداداته الهائلة التي لا يليق بها أن تكون مقصورة على الدنيا فحسب، وأنَّ هذه الدنيا هي بمثابة المزرعة لذلك العالم، ومرحلة من المراحل التي يجتازها الإنسان في سيره الطويل، ولا تكون الآخرة مجرّد تابع طفيليّ وتتمّة للنقص الحاصل في هذه الدنيا، كما تبيّن من تحليل بيان المتكلمين.

الاستدلال من المعاد على النبوة

هذا الطريق في استدلال القرآن على المعاد، والمنبثق عن التوحيد، يُشكّل منطلقاً لإثبات النبوّة، فبما أنّ المعاد والرجعة إلى الله حتميّة وواقعيّة، لا بدّ إذاً من نبوّة تضطلع بهداية البشر وإرشادهم إلى هذه الحقيقة.
وهذا الاستدلال يتشكّل على خلاف المألوف عندنا، والذي اعتدنا عليه في حياتنا الإجتماعيّة، إذ الطريقة المألوفة أنّ هناك قانوناً تشريعيّاً ما (يشبه دور النبوّة) ولضمان تنفيذ هذا القانون نجعل ثواباً وعقاباً (المعاد).
المصادر :
1- يـس: 78.
2- يـس:79.
3- فاطر ـ 9
4- المؤمنون:115-116.
5- الدخان:38-39.
6- هناك مجموعة آيات أخرى أشارت أيضاً إلى عدم عبثيّة خلق السماوات والأرض، كما في: ص(26-28)، الأنبياء(16-18)، والجاثية: (21ـ 22).
7- آل عمران: 133.
8- المؤمنون:115.


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.