لقد بيّن القرآن الکريم من خلال آياته النازلة في صدد ما يتعلق بمسألة المعاد والحشر والنشر والحساب في اليوم الآخر ، أن جميع الخلق سيعود إليه في ذلک اليوم من دون أن يستثنى أحدا منهم ، لقوله تعالى : ( وَمَا مِن دَابَّةٍ فِي الأَرْضِ وَلا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاَّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُم مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ )
إذ لم يجعل الحشر والمعاد مختصا بالإنسان فقط ، بل شمل کل الموجودات بما فيها من ملائکة وشياطين وحيوانات وأناس وغير ذلک ، ولکن ما دام الکلام في بحثنا يختص بمعاد الإنسان ، فإننا سوف نختصر على بيان صدرالمتألهين في خصوص هذا الأمر ، وذلک من خلال مطالعة ما کتبه في هذا الموضوع نجد أنه يصنف الإنسان في يوم الحشر إلى عدة طوائف بلحاظ العاقبة الأخروية ، معتمداً في ذلک على الأدلة النقلية والبراهين العقلية ، فقد قال في ذلک :
( و اعلم أن حشر الخلائق على أنحاء مختلفة على حسب أعمالهم وملکاتهم ، فلقوم على سبيل الوفد ( يَوْمَ نَحْشُرُ المُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَٰنِ وَفْدًا ) ) ، ولقوم على سبيل التعذيب ( وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ ) ، ولقوم ( وَنَحْشُرُ المُجْرِمِينَ يَوْمَئِذٍ زُرْقًا ) ، ولقوم : ( وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَىٰ ) ، وقوم : ( فِي الحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ ) ، وبالجملة يحشر کل واحد إلى غاية سعيه وعمله ، وما يحبه ويشتاق إليه المرء يحشر مع من أحب ( احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ ) ، ( فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ وَالشَّيَاطِينَ ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ جِثِيًّا ) ، حتى أنه لو أحب أحدکم حجرا يحشر معه ، ولما کان تکرار الأفاعيل يوجب حدوث الأخلاق والملکات ، ولکل صفة وملکة تغلب على الإنسان يتصور في الآخرة بصورة تناسبها ...
ثم استشهد على ذلک بقوله تعالى : ( وَإِذَا الْوُحُوشُ حُشِرَتْ ) ، يحشر بعض الناس على صورة يحسن عندها القردة والخنازير ، وهکذا يتمثلون بصورهم الحقيقية الأخروية لأهل الکشف والشهود في هذه النشأة ، لظهور سلطان الآخرة على باطنهم ، (إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَعْقِلُونَ ) ، والحشر أيضاً بمعنى الجمع ، ( وَيَوْمَ نُسَيِّرُ الجِبَالَ وَتَرَى الأَرْضَ بَارِزَةً وَحَشَرْنَاهُمْ فَلَمْ نُغَادِرْمِنْهُمْ أَحَدًا ) ، ( هَٰذَا يَوْمُ الْفَصْلِ جَمَعْنَاكُمْ وَالأَوَّلِينَ ) ، وغيرها من الآيات الدالة على هذا المعنى.
وبعد ذلک شرع في بيان أصناف الخلائق يوم القيامة ، قائلاً : ( الناس بالقياس إلى سلوک الآخرة على درجات ومقامات کثيرة ، جميعها منحصرة في ثلاثة أقسام ، ( وَكُنتُمْ أَزْوَاجًا ثَلاثَةً * فَأَصْحَابُ المَيْمَنَةِ مَا أَصْحَابُ المَيْمَنَةِ ) ، إلى قوله : ( أُولَٰئِكَ المُقَرَّبُونَ ) ، وکذلک قوله : ( فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِّنَفْسِهِ وَمِنْهُم مُّقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللهِ ذَٰلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ ) ، فالسابقون هم أهل التوحيد والعلماء بالله واليوم الآخر ، وهم الأحرار ، المنزهون عن الطريق والسلوک ، لوصولهم إلى المقصود ، بل هم مقصد السالکين ، ( وَلا تَعْدُ عَيْنَاكَ عَنْهُمْ ) ، وهم الذين قيل في وصفهم : « إن حضروا لم يعرفوا ، وإن غابوا لم يفقدوا ». وأما أهل اليمين : فهم أهل السلوک وأصحاب العمل ، وهم الأبرار ، ولهم مراتب على حسب أعمالهم ، ولهم درجات في مثوباتهم على حسب درجات الجنان ، ( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ).
وأما أهل الشمال : فهم الأشرار ، المقيدون بالسلاسل والأغلال ، ولهم أيضا درکات بحسب درکات الجحيم ، وکلهم في العذاب مشترکون ( قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَٰكِن لاَّ تَعْلَمُونَ ) ، ( فَإِنَّهُمْ يَوْمَئِذٍ فِي الْعَذَابِ مُشْتَرِكُونَ ).
وفي موضع آخر في رسالة يجيب بها عن مسائل سماها المسائل الکاشانية ، بين أحوال هذه النفوس بحسب اختلاف أقسامها ، أوردها في خمسة مباحث وهي :
1. في النفوس الساذجة.
2. في النفوس العامية السليمة.
3. في النفوس الشقية بحسب الجزء النظري.
4. في نفوس الفسقة المعتادة بالشهوات بحسب جزئها العملي.
5. في النفوس المتوسطة ومراتبها.
المبحث الأول
في النفوس التي لم تتصور بالصور العقلية التي بها تقوم بالفعل جوهراً وروحانياً مستقلاً. التي عبر عنها بالنفوس الساذجة ، فقد نقل فيه اختلاف الحکماء في قوامها بدون البدن ، فهناک من ذهب إلى عدمه وهناک من ذهب إلى حصوله ، بمعنى أن بعضهم حکم بفسادها بفساد البدن ، وبعضهم لم يحکم بهذا الحکم ، بل قال ببقائها بعد فساد البدن ، ثم بين رأي الشيخ الرئيس ومن يحذو حذوه ، الذي ذهب فيه إلى بقاء هذه النفوس ، باعتبار : ( أن هذه القوة بذاتها مستعدة لقبول المعقولات الأولية من الفيض الإلهي من غير حاجة إلى البدن وقواه وغيرها ، فهي تسعد بسعادة ما ، وإن کانت قليلة بحسب النيل ، فهذه الحالة لا عرية عن اللذة بالإطلاق ، ولا نائلة لها بالإطلاق ، وحالة عرية عن الألم لأجل عدم المعاني المؤلمة ، ولکن ملا صدرا لم يقبل منهم هذا النزر القليل ، فقال : بل السعادة إن کانت عقلية ففي إدراک الوجودات العقلية وهوياتها ونيل ذواتها لا إدراک مفهوماتها الکلية وماهياتها الذهنية ... إلى أن قال : فسعادة النفوس الساذجة بحسب ما تلائم جواهرها ونفوسها وتناسب وجودها ، والوجود العيني سيصحب للخير العيني ). (1)المبحث الثاني
في نفوس العوام وغيرها ، قال : ( إن النفوس العامية الضعيفة لم تکن تکتسب شوقاً إلى الکمال العلمي ) ، ولا متدنسةً بالأخلاق الذميمة وملکة الحيوانية ... فلهم سعادة کسعادة الأطفال أو أقوى منها ، فالقول في نفوس الأطفال من أن لهم سعادة تليق بقواها الموجودة فيهم ، ولذلک قيل : أکثر أهل الجنّة البله ... ). (2)المبحث الثالث
في نفوس الجاحدين للحق ، الذي عبر عنه بالنفوس الشقية بحسب الجزء النظري ، فقال فيها : ( وأما النفوس التي کانت عارفة بشأن العقائد مشتاقة إلى نيل الکمالات التي تکون للعلماء منها معتقدة منها عقائد وهمية فاسدة وظنون غير صحيحة أو صحيحة لكن حصولها على جهة التخمين والجزاف غير مستفيدة إياها على طريقة البرهان ، ولا سالکة فيها مسلک العرفان ، فإذا فارقت البدن وتطلب الأوهام والظنون وبقيت مجردة عن الکمال مکتسبة شوقاً إليه وقد زالت العوائق الملهية والشواغل المنسية ، عادت إلى الشوق الطبيعي لکمالها ؛ لأنها کانت عرفت أنّيته ، وأنى لها به وقد انفسخت العقائد الوهمية ، ولا سبيل إلى طلب الکمال واضمحلال الآلات والقوى الفکرية ؟ فهي أبداً متشوقة إلى الکمال وغير نائلة ـ له [ منه ] في حال ، فهي مريضة القلب سقيمة الذات ، مأوفة في جوهرها صما عميا في سمعها وبصرها ، لا قرار لها ولا راحة أبد الآبدين ودهر الداهرين إلا ما شاء الله ... کما حکى الله عنهم بقوله : ( لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلاًّ إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِن وَرَائِهِم بَرْزَخٌ إِلَىٰ يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) ، (نعوذ بالله من هذه الحالة ). (3)المبحث الرابع
في نفوس الفسقة الفجرة ، فقد قال في توصيف حالهم : ( وأما النفوس الطائعة للقوى البدنية في أفعالها الخبيثة وقد صارت کثيرة الشوق إلى الدنيا وشهواتها ، عاشقةللجاه أو الترفع فيها والرياسة على الأقران ، فإنها إذا فارقت البدن نزعت إليها وإلى استعمال القوى التي بها کانت تنال الشهوة الرياسة والإخلاد إلى الأرض ، وأني يکون لها ، وقد بطلت القوى والآلات وحيل بينها وبين الشهوات ؟ کقوله تعالى : ( وَحِيلَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَشْتَهُونَ كَمَا فُعِلَ بِأَشْيَاعِهِم مِّن قَبْلُ إِنَّهُمْ كَانُوا فِي شَكٍّ مُّرِيبٍ ) ، فهي بذلک حليفة غصة وعذاب أليم ، ورفيقة فجيعة ومحنة وغم ، إلا أن هذا الخطب أهون من عذاب الجهل المضاد للعلم ؛ لأن العادات قابلة للزوال بخلاف العقائد الراسخة ، ( وَمَن كَانَ فِي هَٰذِهِ أَعْمَىٰ فَهُوَ فِي الآخِرَةِ أَعْمَىٰ وَأَضَلُّ سَبِيلاً ) ).
المبحث الخامس :
في نفوس المتوسطين ، فقد وصفهم بکمال العمل دون العلم ، أو المتوسطين فيهما ، فقال : ( وأما الکاملون بالعمل کالزهاد والعباد فهم أصحاب اليمين ، وسعادتهم دون سعادة العلماء البالغين ، ذوى ملکات شريفة ، وهم ( وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ * أُولَٰئِكَ المُقَرَّبُونَ ) ، وقد يخالط لذات المتوسطين شوب من لذات المقربين بقدر تفطنهم بالعلوم الحقيقية ، کما أشير إليه حيث قال الله تعالى في شرب الأبرار : ( يُسْقَوْنَ مِن رَّحِيقٍ مَّخْتُومٍ * خِتَامُهُ مِسْكٌ وَفِي ذَٰلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ المُتَنَافِسُونَ * وَمِزَاجُهُ مِن تَسْنِيمٍ * عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا المُقَرَّبُونَ ) ، وأولئک من أهل العروج إلى مشاهدة الحق الأول ، وأما الأبرار فيتلذذون ).
ثم قال : ( وأما أهل التوسط في العلم والعمل جميعاً ، فيستفاد أحوالهم من أحوال ذوى الأطراف ، فلهم مقامات بحسب العلم والعمل ، ولهم بحسب زلتهم توقف في المواقف وانتظار في الحساب والسؤال حتى يلحقوا إلى السعادة أحد الفريقين ). (4)
وبعدما بين هذا الأمر ذکر أن الحکماء عجزوا عن تبيين کيفية سعادة أهل اليمين وکذلک الأشقياء فقد جاء في جملة ما ذکر ، قوله : (وأما کيفية سعادة أهل اليمين ، فالحکماء عن آخرهم لم يتيسر لهم الإطلاع على أحوال السعداء الذين لم ينقطع لهم التعلق بجرم من الأجرام ، وکذا الأشقياء الذين کانوا بازائهم ، فطائفة منهم اضطروا إلى القول بأن نفوس البله والصلحاء والزهاد تتعلق في الهواء ، بجرم مرکب من بخار ودخان يکون موضوعاً لتخيلاتهم لتحصل لهم سعادة وهمية ، وکذلک لبعض الأشقياء تکون فيه شقاوة وهمية ، وطائفة أخرى زيفوا هذا القول بأن ما هو منه الهواء لا يبقى فيه اعتدال يقبل به نفساً ، لتحرک الهواء السحابي بأدنى سبب وما هو منه قريباً من کرة الأثير فتحيله بسرعة إلى جوهرها ، وإن کانوا دونه في الهواء ، فأما أن يتخلخل [ يتحلل ] بحرٍّ أو يتکاثف ببرد ، فينزل [ فنزل ] وليس فيه جرم محيط يغلب عليه اليبس ليحفظ عن التبدد ويصدّ غيره من الامتزاج معه ، ويتعين فيه ما هو محل التخيل متشکلاً کجوهر الدماغ ؛ إذ لابد من جوهر ذي يبوسة للحفظ ، ورطوبة للقبول ، وصبوبوا القول بکون جرم من الأجرام السماوية موضوعاً لتخيلات طوائف من السعداء والأشقياء ؛ لأنهم لم يتصور لهم العالم العقلي ، ولم ينقطع علاقتهم عن الأجرام ، وهم بعد بالقوة التي احتاجت النفس بها إلى علاقة البدن ). (5)
ثم بعد ذلک حاول تبيين صاحب هذا القول ، قائلاً : ( والشيخ الرئيس نقل هذا القول من بعض العلماء ، والظاهر أنه أبو نصر الفارابي ، ووصفه بأنه قول من لا يجازف في الکلام ، واستحسنه ، وکذا صاحب التلويحات صوب هذا الرأي في غير الأشقياء ، وأما الأشقياء فليس لهم عنده قوة الارتقاء إلى عالم السماء ذوات نفوس نورانية وأجسام شريفة ، والقوة تحوجهم إلى التخيل الجرمي ، فذکر أنه ليس بممتنع أن يکون تحت فلک القمر وفوق کرة النار جزم کروي غير منخرق ، وهو نوع بنفسه ،ويکون برزخاً بين العالم الأثيري والعنصري موضوعاً لتخيلاتهم فيتخيلون من أعمالهم السيئة مثلاً خيالية من نيران ، وحيات تلسع وعقارب تلدغ ، وغير ذلک ، وقال تأکيداً لهذا الرأي : إني لست أشک لما اشتغلت به من الرياضات أن الجهال والفجرة لو تجردوا عن القوة الجرمية مذکرة لأحوالهم ، مستتبعة لملکاتهم وجهالاتهم مخصة لتصوراتهم نجوا إلى الروح الأکبر ).
ثم أردف قائلاً : ( وإني لأتعجب من هؤلاء الأفاضل المشهورين بالحکمة والمعرفة کيف تحيروا واضطربوا في أمر المعاد حتى رضيت أنفسهم هذا القول السخيف ، إذ لا يخفى على الرجل المتدرب في الصنايع الحکيمة أن کون الجسم سماوياً أو عنصرياً موضوعاً لتخيل نفس إنسانية أو مرآة لمشاهدتها صور الأشياء ، لا يستتم إلا بأن تکون لها معه علاقة ذاتية أو وضعية بتوسط ما هو لها معه تلک العلاقة الذاتية ، والعلاقة الذاتية التي تتصور لجوهر نفساني صوري مع جرم تام الصورة الکمالية غير عنصري لا يمکن أن يتصرف فيه متصرف بالتحريک والتصوير إلا صورته الحاصلة له بالإبداع لا من جهة الهيئة والاستعداد ، وأي جسم يکون موضوعاً لتخيل نفس من النفوس فلابد أن يکون بسببه يخرج من کمالات تلک النفس من القوة إلى الفعل في الحرکات المناسبة للتخيلات ، والفلک لا يتحرک إلا حرکة واحدة متشابهة وضعية حسب حرکاته النفسانية من جهة مدبر نفساني متسببه في تحريکاته بجوهر عقلي کامل بالفعل ، وإلاّ لم يکن لتعلقها به فائدة ، وذلک بأن تتصرف النفس في مادته ويحرکها ويخرجها من القوة إلى الفعل ).
أقول : وهذا التصوير والاعتراض عليهم مبنى على التسليم بوجود نفس لهذه الأجرام السماوية ، کما هو عليه مشهور الفلاسفة وليس محل بحثه هنا من حيث الإثبات والنفي ، ولکن الذي أوقع هؤلاء القائلين بهذا النحو من الرأي يرجع إلى نفيهم لتجرد القوة الخيالية والصور الخيالية ، وابتعادهم عن فهم الشريعة السماوية فيما يتعلق ببرزخ النفوس بعد الموت ، حتى أن صدرالمتألهين قال : ( ومع التسليم أن تکون هذه الأجرام مرآة لهذه النفوس ، فإن ما ينعکس ويرتسم فيها فهو صور وتخيلات الأفلاک لا صور وتخيلات النفوس المفارقة للأبدان ، لأن تخيلاتها غير تخيلات هذه ، فکيف يحکمون بأن تلک الصور مما يتلذذ به السعداء أو يعذب به الأشقياء ) ، على أساس ما ذهبوا إليه من عدم قابليتها للتأثيرات الغريبة القسرية ، والحال ليس لهذه النفوس المفارقة أبدان غير أبدان أخرى على زعمهم حتى تکون لأبدانها بالنسبة إلى تلک العلويات علاقة وضعية ، لتکون هي لها المرآة الخارجية حتى تشاهد ما فيها من الأشباح الخيالية.
وقال صدرالدين في بيان أحوال هؤلاء المتوسطين ومن السعداء والأشقياء : ( فالحق أن الصور التي يستلذها السعداء ، والتي يشقى بها الأشقياء ، ليست هي تصورات الأفلاک وما في حکمها ، بل هي مما أعدت لهما في دار أخرى وصقع آخر ، کما وعدها الشريعة الإلهية ، ولهم أبدان أخروية متناسبة لنفوسهم بهيئاتها وأخلاقها ، وإنما تضاهي تلک الأبدان والصور نفوس هاتين الطائفتين بضرب من الفعل والتأثير ... إلى أن قال : وهکذا يکون حالها في الآخرة بحسب سابقة فعل الطاعات والحسنات أو اقتراف المعاصي والسيئات المؤديتين إلى الصور الحسنة والقبيحة عند تجسم الأعمال وتصور الأعمال ، فيتنعم بها أو يتعذب منها ، وهاتان الجهتان لم تزالا موجودتين في النفس ما لم نصر عقلاً بسيطاً صرفاً يکون علاماً وفعالاً بجهة واحدة لما ثبت أن « عنه » و « فيه » في البسيط المحض شيء واحد ). (6)
وأخيراً نقول : إن هذه التقسيمات التي ذکرها صدرالمتألهين في هذه المسألة لا تعني أنها جميع المقامات الدرکات التي سوف تدخلها نفوس الناس بعد الحشر ،وإنما تمثل هذه الأقسام الخطوط العريضة لمنازل الناس في الآخرة ، وکل واحد من هذه المنازل ينقسم إلى مجموعة من الدرجات والدرکات الجزئية بعدد النفوس التي تدخل تحت هذه المنازل الکلية ، باعتبار أن الحشر والحساب والثواب على أساس ما قدمت النفس الإنسانية من أعمال صالحة أو طالحة ، وتفاوت النفوس في کمالها وعدمه يؤدي إلى تفاوت منازلهم ودرجاتهم ودرکاتهم في الآخرة ، فدرجات الجنّة بعدد ما للناس من مراتب وجودية ، لقوله تعالى : ( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ ) ، وکذلک عدد درکات جهنّم فإنها کثيرة بعدد ما لهذه النفوس من حظ فيها ، لقوله تعالى : ( فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ).
لقد تبيّن لنا مما تقدم من الأبحاث التي تناولها فيها دراسة کيفية المعاد في اليوم الآخر ، من وجهة نظر الأقوام والمجتمعات الإنسانية القديمة ، ومن جهة نظر الديانات القديمة المعروفة ، التي اخترنا منها ديانة البراهمة ، والبوذية في الهند ، والزرادشتية في إيران ، واليهودية لبني إسرائيل من خلال قراءة مختصرة لبعض نصوص کتاب التوراة ، والتلمود « کتاب الأحکام والآداب والتعاليم للديانة اليهودية » ، وکذلک دراسة بعض النصوص الواردة في الأناجيل الأربعة بالنسبة للديانة المسيحية.
وأخيراً دراسة وبحث المسألة من وجهة نظر القرآن الکريم ، المصدر الأساسي والمنبع الأول لمعارف الدين الإسلامي الحنيف ، من خلال دراسة المسألة فيه دراسة تحقيقية مفصلة ، تناولها البحث فيها عن طرح القرآن الکريم لضرورة هذه المسألة ، وإثباته لها بالدليل القطعي الذي قمنا بصياغته على أساس الصياغة العقلية ، والأقيسة المنطقية.
ثم بعد ذلک تناولها بحث القرآن الکريم في إثبات إمکان المعاد الجسماني ، وقد قمنا بمحاولة الأولى من نوعها ، وذلک بتشقيق البحث إلى قسمين ، قسم يتناول الإمکان الذاتي لأصل المسألة ، والآخر يتناول الإمکان الوقوعي لها ؛ إذ ليس کل ممکن ذاتاً يجب أن يثبت له الإمکان الوقوعي ، ولکننا أثبتنا بالدليل القرآني الصريح ، والقطعي إمکانية المعاد الجسماني على هذا الأساس.
وقد تناولنا البحث عن إمکان المعاد وکيفيته من وجهة نظر متکلمَين من متکلمي الإسلام ، وهم : أبو حامد الغزالي والخواجة نصير الدين الطوسي ، وکذا من وجهة نظر فيلسوفين من فلاسفة الإسلام الذي يعد کل واحد منهم عَلَمَاً بارزاً لمدرسة فلسفية مستقلة في حد ذاتها ، فالشيخ الرئيس ابن سينا من أعلام المدرسة المشائية ، وصدرالمتألهين مؤسس مدرسة الحکمة المتعالية ، وبعد هذه الجولة من التحقيق والبحث الدؤوب في مسائل هذه الأبحاث خرجنا بالنتيجة التالية :
1. إن کلمة المعاد في الأصل اللغوي تعنى العود والرجوع ، وهي مصدر ميمي مأخوذ من عاد ، يعود ، عوداً ، معاداً ، عاد إليه ، وعاد له ، وعاد فيه ، وإذا جاء بالفتح معَاد فإنّه يطلق على مکان العود ، وعلى زمان العود ، وإذا جاء بالضم مُعاد فيطلق على نفس الشيء الذي يقع متعلقاً للعود والرجوع ، ومحل بحثنا هو المعنى الأخير ، هذا بالنسبة للتعريف اللغوي ، وأما بالنسبة للتعريف الاصطلاحي ، فإن تعريف الخواجة والغزالي وصدرالدين مبني على أساس الاعتقاد بکونه معاداً للروح والجسم ، بينما ذهب الشيخ الرئيس في تعريفه له بالشکل الذي ينتهي بکون المعاد روحانياً فقط ، وهو المبنى العقلي للشيخ کما سيأتي بيانه في الأسطر اللاحقة ، حيث قال في تعريفة : ( إنّه الحال الذي کان عليه الشيء فيه ، فباينه ، فعاد إليه ، ثم نقل إلى الحالة الأولى أو إلى الوضع الأول الذي يصير إليه الإنسان بعد الموت ، وانفصل عنه قبل الحياة الأخرى ) ، (7)
فقوله : ( أو الوضع الأول الذي يصير إليه الإنسان بعد الموت ) صريح في الروحاني.
2. لقد تبيّن لنا من خلال الدراسة التاريخية لهذه المسألة عبر القرون الماضية ، أن الکيفية الغالبة عند الناس في مختلف المجتمعات بعد ثبوت الإيمان والاعتقاد بأصل المسألة ، أنها کيفية جسمانية للروح والبدن ، وقد استکشفنا ذلک من مجموعة القرائن التي هيئتها لنا مجموعة الآداب والرسوم التي يعدّونها للميت ، ومن جملتها کيفية دفنه ، ووضع المال والطعام والشراب إلى جانبه ، واهتمامهم الکبير بإجراء مراسيم خاصة له بعد الدفن ، وضع القبر وما يتعلق به ، وغيرها ، وأما بالنسبة لمجموعة الديانات القديمة کديانة البراهمة ، والبوذية ، والزرادشتية ، فإنها هي الأخرى تعتتقد بوجوب ووجود المعاد والحساب ، ولکن البعض منها يراه في الدنيا ما لم تتزکَ وتتهذب النفس وتنفک عن مجموعة التعلقات الدنيوية ، کما عليه الديانات الهندية ، بينما الزرادشتية تراه في عالم آخر ، ونشأة أخرى ، أما بالنسبة للديانة اليهودية والمسيحية ، فکانت هي الأخرى تؤمن بوجوب أصل المسألة عدا فرقة صغيرة من فرق اليهود التي تدعى بفرقة الصدوقيين ، فإنها وإن آمنت به ولکنها تراه معاداً دنيوياً اجتماعياً ، بمعنى إعادتهم للسلطة والسيطرة مرّة أخرى ، واختلفت اليهودية والمسيحية بينهما من حيث الکيفية ، فالذي جاء في المسيحية يتناسب مع القول بأن المعاد روحاني ، على عکس من يؤمن منهم بالجسماني ، وهم فرقة الفريسيين ، والحق أن هذا الاعتقاد على مافيه من اختلاف ناشيء من خلط الأفکار السماوية بالأفکار البشرية ، الذي أدى إلى هذا الحد من الاختلاف في کونه روحانياً ، أو جسمانياً ، أو کونه في الدنيا ، أو الآخرة ، فإنّه يکشف لنا عن وجود أمرين أساسيين :
أحداهما : إنّ أصل الاعتقاد بها أمر فطري.
ثانيهما : هو تدخل السماء عن طريق بعث الأنبياء والرسل والمبلغين إلى کافة الناس لعموم قوله تعالى : ( إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلا فِيهَا نَذِيرٌ ).
3. وأما ما يتعلق ببيان حقيقة الإنسان المقصود بالخطابات والتکاليف الإلهية ، فإن الموافق للدليل العقلي والنقلي ، هو ما ذهب إليه الفلاسفة وبعض المفسرين وبعض المتکلمين من أهل التحقيق ، من أنها حقيقة جوهرية مجردة لا تفسد بفساد البدن وخرابه بعد قطع علاقة الروح منه ، وأما ما ذهب إلية بعض المحدثين کصاحب بحار الأنوار ، وبعض المتکلمين من علماء الإسلام ، بکونها حقيقة مادية جسمانية کثيفة أو لطيفة ، فإنها لا يمکن لها الدوام والبقاء وعدم الفساد ، وإن قال صاحب البحار ببقائها عن طريق تعلقها ببدن مثلي نوراني في عالم البرزخ ، ولکن لا دليل عقلي ولا نقلي على ذلک ، في الوقت الذي يؤدي بعض هذه الأقوال إلى نفي وجود عالم البرزخ بين عالم الدنيا وعالم الآخرة ، کالقائلين بکون المعاد جسمانياً فقط.
4. وأما بالنسبة لمجموعة الأصول الموضوعية التي قدمنا البحث عنها في هذه الرسالة ، فإنها کانت نتيجة لبحث طويل حول إثباتها ، في الوقت الذي کانت تمثل حصيلة ما توصل إليه الفکر البشري في إثبات بعض المسائل ، ونحن باعتبار ذکرنا لها فإنا من جملة المؤمنين بها على أساس ما قدم من دليل عليها في محله ، لتشکل مبادئ أولية في بحثنا هذا.
5. وأما ما تقدم البحث فيه عن اختلاف خصائص عالم الدنيا عن عالم الآخرة ، باعتبار أنّ کل واحد منهما عالم مستقل بذاته له قوانينه وشرائطه الخاصة به ، فإن ما ذکره صدرالمتألهين في التفريق بينهما لا اشکال فيه ، أنّه ثابت بالأدلة النقلية والعقلية ، وإلاّ عدّ عالم الآخرة دنيا أخرى ، وليس هو کذلک.
ثانياً : فيما يتعلق بنتائج الفصل الثاني الذي تعلق البحث فيه عن إثبات ضرورة المعاد الجسماني ، وإمکانه في عالم الآخرة ، فإنّ الثابت لنا فيه أنّ ما طرحه القرآن الکريم من أدلة في خصوص ذلک ثابتة بلا شبهة ، وبلا إشکال ، خصوصاً ما جاء به من آيات شريفة في إثبات ضرورته ووجوبه ، من باب الوفاء بالوعد من طرفه تعالى ؛ لأن مقتضى حکمته وعدله يوجب ذلک ، وباعتبارنا باحثين ومحققين لهذه الرسالة في خصوص البحث عن کيفيته ، قمنا بتقرير ما جاء به من أدلة تتناسب مع صفاته الکمالية ، على أساس القياس المنطقي والبرهان العقلي ، وقد اخترنا من جملة الأدلة المطروحة في هذا الباب ثلاثة منها ؛ لإحکامها وثبوتها وقلّة الإشکال عليها .
وأما ما يتعلق بإمکان المعاد الجسماني ، فقد قمنا على أساس التأمل والتدبر بمجموعة الآيات الدالة على ذلک ، بتقسيم البحث إلى قسمين يتعلق أحدهما بدراسة أدلة الإمکان الذاتي ، والآخر يتعلق بدراسة أدلة الإمکان الوقوعي ، وقد ثبت لنا في الأمرين عدم وجود المانع من ذلک ، خصوصاً وأنّ أدلة إمکان الوقوعي ، وقد ثبت لنا في الأمرين عدم وجود المانع من ذلک ، خصوصاً وأنّ أدلة إمکان الوقوع في الوقت الذي تثبت هذا الأمر تحکي معها جهة أخرى ، وهي کون المعاد في اليوم الآخر يکون بکيفية جسمانية وروحانية معاً ، کما تقدم البحث عنه ، فلا يوجد إشکال في القرآن الکريم حول طرحه لمسألة المعاد وکونه بکيفية جسمانية ، نعم توجد مجموعة آيات ذکرها ملا صدرا تبيّن أن القرآن الکريم يحکي بکون مجموعة من الناس لهم درجة من القرب المعنوي وکون معادهم فيها روحانياً ؛ لکي يتناسب والهدف المنشود لهم.
ثالثاً : فيما يتعلق بنتائج الفصل الثالث الذي تناولنا البحث فيه عن وجهة نظر أبي حامد الغزالي في المعاد الجسماني ، ومن خلال دراسة لمجموعة المسائل في هذا الفصل کما مرّ ذکرها في الرسالة ، ثبت لنا أنّ الغزالي في الغالب کان متبعاً للمنهج والأسلوب الذوقي الصوفي ، في أبحاثه وتحقيقاته ، خصوصاً في الفترة الأخيرة من حياته ، ولکن في خصوص هذه المسألة المطروحة لم يبحثها کثيراً ، بل أشار إليها بعبارة قصيرة ومختصرة جداً لا تتناسب مع عظم وأهمية المسألة ، وقد وجه هذا الأمر الفخر الرازي في بعض کتاباته قائلاً فيه : (... إنّما لم يشرحه کثير شرح ، لما قال إنه ظاهر لا يحتاج إلى زيادة بيان ، نعم ربما يميل کلامه وکلام کثير من القائلين بالمعادين إلى معنى ذلک أن يخلق الله تعالى من الأجزاء المتفرقة لذلک البدن بدناً ، فيعيد إليه نفسه المجردة الباقية بعد خراب البدن ، ولا يضرنا کونه غير البدن الأول ، بحسب الشخص ، ولامتناع إعادة المعدوم بعينه ، وما شهد به من النصوص من کون أهل الجنّة جرداً مرداً ، وکون ضرس الکافر مثل جبل أحد ... ). (8)
وکان هذا الأمر واحداً من جملة المعرقلات والمعوقات التي واجهناها عند البحث عمّا جاء به الغزالي في مسألة المعاد الجسماني ، ولکن مع هذا القدر البسيط الذي ذکره الغزالي في المسألة ، أتضح لنا أنّه يقول بتجرد النفس الإنسانية ، وعدم فسادها بفساد البدن ، وأنّ البدن العنصري يلحقه العدم أو التفرق والضلالة في الأرض ، وبناءً على جواز الأمر الأول انعدام البدن فإنّه يخالف بعض المتکلمين القائلين بجواز إعادة المعدوم ، لأنه يذهب إلى القول باستحالة إعادة المعدوم ، وعندئذ اضطرب کلامه في إثبات عينية البدن الأخروي مع البدن الدنيوي ، في الوقت الذي يذهب إلى القول بالمعاد الجسماني وينقض على القائلين بالروحاني من الفلاسفة ، فاحتاج إلى مادة يخلق منها البدن الأخروي ، فقال : ( ... إنّ الروح تعاد إلى بدن آخر غير الأول ، ولا يشارک له في شيء من الأجزاء ... إلى أن قال : فإن قيل : هذا التناسخ ، قلنا : سلمنا ولا مشاحة في الأسماء ، والشرع جوّز هذا التناسخ ومنع غيره ... ) ، (9)
فقد جوّز التناسخ الملکي في عالم الآخرة ، ولم يجوّزه في عالم الدنيا ، کما جاء في ذيل هذه العبارة من قوله : « ومنع غيره » ، إشارة إلى ما ذکرنا ، ولکن أبطلنا کلا القسمين من دون فرق کونه في الدنيا أو في عالم الآخرة ، وقلنا بجواز التناسخ الملکوتي القائم على أساس کشف الباطن وإظهار الملکات ، کما دلت عليه النصوص الشرعية ، کمضمون الروايتين التي ذکرهما الفخر الرازي وغيرها.
فالنتيجة النهائية التي انتهى إليها الغزالي في بحث المعاد الجسماني لم تکن مقبولة لدينا ؛ لأنّ اللازم لها القول بجواز التناسخ الملکي في عالم الآخرة ، وهو خلاف الدليل العقلي القائم على أساس إثبات مطلقاً ، سواء کان في عالم الآخرة ، أو عالم الدنيا ، إلا للزم القول باجتماع نفسين على بدن واحد.
والظريف أن الغزالي في الوقت الذي يلتزم فيه بتعلق النفس عندما تصل المادة إلى مرتبة استعدادها لقبول الصورة ، فهل المادة الأخروية خارج عن هذه القاعدة أم لا ؟ ولا يمکنه أن يقول بخروجها عن ذلک ؛ لانا بضابط نستطيع على أساسه أن نفرق بين التعلق في عالم الآخرة في ساعة قيام الناس لربّ العالمين عند نفخ الصور والتعلق في غيره من الأوقات ، وأما إذا قال بلا ، فعندئذ ما هو الضابط لحصر التعلق بصورة قد عاشت فترة مع بدن ما ثم فارقته ، ثم يراد لها أن تعاد مرة أخرى ، من دون أن يفيض الجوهر المجرد مفيض الصور على المادة المستعدة لتعلق نفس ما بها ، وهل هو لعجز في الفاعل بعد ثبوت إمکان القابل لذلک ، أو عدم إرادة منه لذلک ؟ مع ما في المعاد بالبدن المثلي من محاذير أخرى ، کمخالفته لصريح القرآن الکريم القائل بثبوت العينية بين البدنين ، هذا ما لم نجد له جواب عند الغزالي ، غير أنّه قال کما مرّ قبل قليل : إنّ الشرع جوّز ذلک ، ونحن لا نرى أنّ الشرع يجوّز ما أقام العقل والدليل على بطلانه ، بناء على نظرية التطابق بين الشرع والعقل في حدوده ودائرته.
رابعاً : فيما يتعلق بنتائج البحث في الفصل الرابع الذي تناولنا فيه البحث عن مسألة المعاد الجسماني من وجهة نظر الخواجة نصير الدين الطوسي ، وهو أول شخصية دينية شيعية حاولت الجمع بين الکلام والفلسفة ، ولکنه في بحثه لمسألة إثبات ضرورته ، وإمکانه التي اعتمد فيها على أساس المنهج والأسلوب الکلامي ، في الوقت الذي يذهب فيه إلى القول بتجرد النفس الإنسانية وعدم فسادها بفساد البدن والقول بعدم جواز إعادة المعدوم بعينه ، فأنّه جعل ماهية الإنسان المقصودة بالخطابات الإلهية والتي لها المعاد في اليوم الآخر ، هي النفس مع الأجزاء الأصلية في جسم الإنسان ، فإنّها مهما انتقلت هنا وهناک تبقى محافظة على أصليتها من دون أن تکون أجزاء فضلية ، أو أجزاء أصلية لموجود آخر ، وباعتبار أنّ الله صاحب القدرة المطلقة والعلم المطلق الذي لا يعزب عنه مثقال ذرة في السماء ولا في الأرض ، فإنه يجمع ذلک المتفرق ويعيده مرة أخرى من تلک الأجزاء الأصلية بدناً تتعلق النفس الباقية به ، فيکون زيد الأول عين زيد المعاد بلا تفاوت ولا اختلاف.
ولکنا في المقام قمنا بمناقشة أدلته التي قدمها لإثبات هذا الأمر ، إذ أن الأمر المادي مع التسليم ببقاء وجوده وعدم جواز انعدامه بشکل مطلق ومحض ؛ لأن ما يخرج إلى عالم الوجود ويصبح واجب الوجود بالغير ، فإنه يبقي کذلک ما دامت علته التامة الموجدة له باقية ، وإلاّ لجاز اجتماع الوجود والعدم ، وهو باطل ، ولکنا لا نسلم بثبات صورته النوعية ، فمثلا قطعة الخشب الموجودة لها صورة نوعية ، وهي الصورة الخشبية ولها وجود ، ولکن بعد تعرضها لشعلة نار قوية تؤدى إلى إحراقها وتحولها إلى رماد أسود ، فإن أصل الوجود لا يتغير ، ولکن الصورة النوعية للخشب قد تغيرت حتى أصبحت بعد ذلک صورة رمادية جديدة ، وهکذا تأخذ دورها في الطبيعية بتبدل الصور النوعية عليها من دون أن ينعدم أصل وجودها ، وعندئذ ما هو الضابط في کون أن بعض الأجزاء أصلية لا يطرأ عليها التبدل والتغير دون بعض ؟
وهل هناک دليل على إثبات هذا الأمر غير الرواية المروية عن النبي والامام الصادق ( صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين ) الواردة في بقاء العجب أو العجز بعد بلاء جميع أجزاء بدنه ، کما مرّ الکلام عنها ، والحال أنّ الثابت بالدليل الحسي والتجربي أنّ جميع أجزاء بدن الإنسان من دون استثناء ، بکونها أصلية أو غير أصلية ، خلايا في الدماغ أولم تکن خلايا لدماغ ، خلايا لفقرة العجز أو خلايا لغيرها ، فالتغير شامل وبصورة عامة لجميع أجزاء بدن الإنسان ، ثم أن التوفي لم يکن للأبدان بل للنفوس ، وهو بمعنى الأخذ الکامل والتام ، فلو کان شاملاً للأبدان لما قيده الحق تعالى بالنفوس حيث قال تعالى فيه : ( اللهُ يَتَوَفَّى الأَنفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ).
وکيفما کان فإن المعاد الجسماني الذي قال فيه الخواجة لم يکن دليل ثبوته ما ذکره الخواجة في بحثه عنه ، من کونه مقيداً بوجوب الاعتقاد بوجود أجزاء أصلية وأخرى فضلية في جسم الإنسان ، وأما ما ذکره بخصوص إثبات أصل المسألة فلا إشکال فيه ، وإنّما الإشکال بتفسير الکيفية التي يعاد بها الإنسان في اليوم الآخر.
خامساً : فيما يتعلق بنتائج البحث في الفصل الخامس الذي تعلق البحث فيه عن تبيين وجهة نظر الشيخ الرئيس ابن سينا ، فقد تبيّن لنا فيه أنّ الشيخ الرئيس في الوقت الذي يسلک في أبحاثه المسلک المشائي الذي يعتمد فيه على السير العقلي ، فإنّه في بحث هذه المسألة قد استعان بالمسلک النقلي في إثباتها ووجوب الاعتقاد بها عند عجز الدليل العقلي عن إثبات ذلک ، وقد تحمل من الموافق والمخالف له في سلوکه هذا التهم والازدراء ، فالمخالف قال إنّما أخذ بالنقل خوفاً من وصمة التکفير ، ولم يکن ذلک مبنياً على أساس الإيمان والاعتقاد الجازم بالمسألة ، وإن کان منشأه التعبد بالشرع المقدّس ، وإنّما کان ذلک فراراً وخوفاً من علماء الشريعة ، بينما تحمل الازدراء من الموافق لمسلکه العقلي ، من أنّه لا ينبغي لصاحب المبنى والمسلک أن يخالف ما تبناه من أصول ومبادئ في البحث ، فالتعبد من قبل الشيخ بهذه المسألة يراه نقصاً فضيعاً في الشيخ ، ولکنا ومن خلال جملة قرائن قد ذکرنا بعضها في البحث هناک ، لا نرى ما يراه الطرفان المذکوران ، بل نرى في ذلک ما يراه البعض ، من أنّه في الواقع يکشف عن مدى تواضع الشيخ الرئيس لقبول الحق ، وأنّ هذا الموقف يعد موقفاً لرجل شجاع قد استطاع أن يصرع نفسه الکبيرة وعقله الجبّار الذي أثبت بواسطته المعاد الروحاني دون الجسماني ، ولکن لا نوافقه الرأي في ما ذهب إليه من عدم تجرد القوة الخيالية والوهمية ، التي على أساسها اضطرب فيه الأمر عندما وصل البحث فيه إلى إثبات برزخ للنفوس الناقصة ، حتى قال بتعلقها بأبدان فلکية وأجرام سماوية ، لتصحيح ذلک .
سادساً : وأخيراً فيما يتعلق بنتائج البحث في الفصل السادس الذي کان محوره البحث عن المعاد الجسماني من وجهة نظر صدرالدين محمد بن إبراهيم الشيرازي ، الذي يعتبر أول شخصية إسلامية شيعية تجرأت على بحث مسألة المعاد الجسماني على أساس المنهج العقلي والقياس البرهاني ، بعدما تمهّدت له بحث مجموعة من الأصول والمقدمات الضرورية لهذا الدليل العقلي الذي قام بتقريره على اختلاف في عدد أصوله في أکثر من کتاب من کتبه الفلسفية والتفسيرية ، وبعد ثبوت تلک المجموعة التي من أهمها مسألة تجرد القوة الخيالية ، والقول بالحرکة الجوهرية ، وبکون التشخص بالوجود الخاص بالشيء دون العوارض المشخصة ، ومن کون حقيقة وهوية الإنسان تکمن في نفسه ، وأن البدن يحصّل تعينه وتشخصه بعد إبهامه يتعلق النفس فيه ، ومن کون التلازم بين النفس والبدن من النوع الذي لا ينفک مطلقاً عن البدن ، وإن انفکت عن البدن العنصري الترابي ، فإنّه انفکاک عن مرتبة منه لا مطلقاً ، فإن المعاد في اليوم الآخر يکون على أساس ما عندها من بدن محتفظة به في خيالها المجرد ، وعليه يکون البدن الأخروي عين البدن الأول من دون حاجة إلى وجود مادة جديدة أو بدن آخر مثل البدن الأول .
ولکن هذا الکلام منه ; لم يکن مورد قبول الکثير من علماء الأمة الإسلامية ، وخصوصاً الفقهاء والمتکلمين منهم ، بل لم يکن مورد قبول بعض أتباع الحکمة المتعالية فضلاً عن أتباع الفلسفة المشائية والإشراقية ، مع إصراره وتأکيده على أنه هو مراد القرآن الکريم ، وغيره لا يمکن قبوله. وإذا کان بإمکاننا أنّ نؤول ما جاء فيها من ذکر حکيم کما کان في آيات التوحيد وما يتعلق به من بحث ، على ما يراه الفيلسوف في المراد من الجسم الجسم بالمعنى الفلسفي هو ذلک الشيء الذي يعبر عن هويته وذاته الذي يعبر عنه بالنفس الناطقة وبناءً على النظر الصدرائي من عدم انفکاکها بشکل مطلق عن جميع مراتب البدن ، فإنه لا إشکال في کون ما قدمه ملا صدرا من دليل عقلي على إثبات المعاد الجسماني ، وأما في حالة عدم جواز التأويل لهذه النصوص الصريحة في الجسماني ، على ما يراه الفيلسوف من معنى للجسم ، وحمل الجسم على المعنى الذي يفهمه عامة الناس منه ، وهم کونه بالجسم المادي کما هو عليه في الدنيا ، فعندئذ لا تثبت العينية التي قال بها ملا صدرا من جميع الجهات ومنها هذه الجهة العنصرية ، وعليه يکون ما جاء به ملا صدرا حقاً في إثبات عقلانية المعاد الجسماني ، بمعنى إمکان تعقل هذه المسألة من قبل الإنسان العاقل بهذا النحو الذي توصل إليه صدرالمتألهين ، الذي يعد في الواقع أکبر إنجاز حقق في بحث هذه المسألة المعضلة التي ترکت العقول صرعى والأفکار حيارى.
هذا بالنسبة إلى الدليل الذي أقامه ملا صدرا على إثبات المسألة ، وأما بالنسبة إلى ما ذکره في جواب شبهات المعاد الجسماني ، فإنها کانت تمثل أقوى أجوبة بالنسبة للأجوبة التي طرحت من قبل علماء الإسلام ، فلاسفة ومتکلمين في ردّها ، وخصوصاً شبهة الآکل والمأکول ، وأما بالنسبة إلى ما ذکره في مسألة تقسيم الناس المحشورين في ذلک اليوم الحق إلى مجموعة أصناف تتفاوت فيما بينها في الدرجات والدرکات ، وکل بحسب مرتبة کماله الوجودي الذي وصل إليه عن طريق العمل والاعتقاد ، فإنّه لا إشکال عليه ، وإن کنا نراه اعتمد في تصنيفهم على أساس الخطوط العريضة ، وإلاّ فإن لکل فرد من هذه الأفراد حشراً خاصاً به يتناسب والمرتبة الکمالية التي بلغها في علمه وعمله ، ولقوله تعالى : ( وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِّمَّا عَمِلُوا ) ، ولقوله تعالى : ( فَالْيَوْمَ لا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئًا وَلا تُجْزَوْنَ إِلاَّ مَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ ) ، هذا بالإضافة إلى الحشر الجماعي ، وکلا القسمين أشار إليهما القرآن الکريم ، فبحثه في هذه المسألة أشبه أن يکون بحثاً تفسيرياً ، أو بحثاً نقلياً ، لاعتماده في إثباته على النصوص القرآنية کما مرّ بيانها في محله.
ولکن يبقى شيء يمکن أن يکون محل أخذ على صدر الحکماء ، وهو عدم ثباته على رأي واحد في بحث هذه المسألة ، فتارة نجده يقول بالمعاد الجسماني ولکن لا بعين هذا البدن ، بل ببدن مثل هذا البدن ، وهذا ما أفصح عنه في شرحه لکتاب الهداية الأثيرية للشيخ ابن سينا ، حيث جاء فيه ما إليک نصه : ( ... ثم إعلم أنّ إعادة النفس إلى بدن مثل بدنها الذي کان لها في الدنيا ) ، (10)
وقال أيضا في کتاب المبدأ والمعاد : ( إنّما الاعتقاد في حشر الأبدان يوم الجزاء ، هو أن يبعث أبدان من القبور ... ) ، (11)
فالقول الأول صريح بما قلنا ، والثاني لم يشترط فيه أن يکون عين البدن الأول ، بينما نرى کلامه في کتابه المظاهر الإلهية يؤکد مسألة العينية بين البدنين ، فقد جاء فيه قوله : ( وأنت إذا تأملت في هذه المقدمات يظهر لک أن المحشور يوم الآخرة عين البدن الموجود في دار الغرور روحاً وبدناً ، مع تغير خصوصيات البدن من الوضع والجهة وغيرهما ، وهذه التغيرات لا تقدح في تشخص البدن ؛ لأن المادة في کل شيء مأخوذه على نحو الإبهام وتعين کل شيء بصورته ، ولو جاز تحقق الصورة بدون المادة ، لکانت صورة وفعلية. ألاّ تري أن بدن الإنسان يعرض عليه حالات متبدلة من الصبابة والترعرع والبلوغ والشبهات والکهولة ، ومع هذه التغيرات لا يخرج عن کونه بدن إنسان ، والغفلة عن تجرد الخيال صارت سبب إنکار حشر الأجساد ). (12)
وهذا الکلام صريح جداً في القول بوجوب العينية بين البدنين ، بينما نجده يؤکد على العينية بين البدنين بعد تقرير مجموعة من الأصول والمقدمات لها ، کما جاء في کتاب الأسفار ، حيث جاء فيه : ( إن من تأمل وتدبر في هذه الأصول والقوانين العشرة التي أحکمنا بنيانها وشيدنا أرکانها ببراهين ساطعة وحجج قاطعة ... يعلم يقيناً ويحکم بأن هذا البدن بعينه سيحشر يوم القيامة بصورة الأجساد ، وينکشف له المعاد مجموع النفس والبدن بعينهما وشخصهما وأن المبعوث في القيامة هذا البدن بعينه لا بدن آخر مباين له عنصرياً کان کما ذهب إليه جمع من الإسلاميين ... ). (13)
فهذا قول بوجوب العينية بين البدنين ، إلا أن هذا البدن الأخروي کان محفوظاً في خزان الخيال المجرد ، ومنه يخرج إلى ساحة الحشر وأنه متشخص بنفسه ، وعندئذ لا يصدق على غير صاحب تلک النفس ، وهذا هو الذي کان محل کلام واعتراض بعض المحققين والباحثين في المسألة ، من أنّ هذا المعاد معاد خيالي لا جسماني کما يدعيه صدرالمتألهين ، وأن مجرد الاصطلاح لا يحل المشکلة ـ وهو کون الجسم بنظر الفيلسوف هو صورة الشيء وهويته ـ ما لم يکن جسماً عنصرياً بدنياً مادياً کما هو عليه في الدنيا ، وکيفما کان فإن صدرالمتألهين لم يکن له رأي واحد في المسألة ، إلاّ إذا قلنا إن مراده هو ما دوّنه في آخر حياته ، وعندئذ يکون مراده هو ما جاء في کتاب المظاهر الإلهية ، ولکن يبقى شيء وهو هل ما جاء به من الأصول والمقدمات يکون دليلاً عقلياً على المعاد الجسماني أم لا ؟
خلاصة الکلام
إن مسألة المعاد الجسماني بتلک الکيفية المطروحة في القرآن الکريم التي بلغت إلى درجة لا تقبل التأويل ، حتى من قبل صدرالمتألهين الذي انتهج نهجاً خاصاً في بحثها ، الذي کان الظاهر منه خلاف ما طرحه القرآن الکريم ، فقال في ذلک : ( فعلم مما ذکر أنّ وجود الجنّة والنار ، وسائر أحوال الآخرة ، على الوجه الذي يفهمه الجمهور والعوام ، ويصل إليه إفهام الأنام ، حق مطابق للواقع ، يجب الاعتقاد به يقيناً ... ) ، (14)
في حين أنّ ما جاء به لا يفهمه إلا الخاصة من الناس ، في حين أنّه کان يؤکد على مسألة عدم جواز التأويل لآيات الذکر الحکيم ، وعندئذ فلا يمکننا أن نلتزم بکل ما جاء به صدرالمتألهين في تفهيم فضلاء الناس في العلم فضلاً عن عوامهم الذين لا حظّ لهم من ذلک ، خصوصاً وأن القرآن لم يکن خاصاً بطائفة دون أخرى ، بل کان خطابه مفهوماً عند الجيمع ولدي الجميع ، وإلاّ لعدّ ذلک تغريراً للعوام ؛ في حال أنّهم يفهمون شيئاً ليس هو مراده ولم يمنعهم عن ذلک ، وهذا لا يصح في جهة الحق تعالى ؛ لأنّه مخالف لمقتضى حکمته وعدله ، وعليه فيجب الاعتقاد بما جاء به الشرع المقدّس في المواضع التي لا يمکن العقل من إقامة الدليل عليها ، خصوصاً فيما إذا کانت خارجة عن حدود دائرة عمله ، في الوقت الذي يمکن للإنسان التدبر والتعقل والتفکر فيما جاء به ، وإن لم يکن باستطاعته إقامة الدليل عليها ، ومسألة کيفية المعاد الجسماني تتمتع بأمرين لا يمکن للعقل إدراکهما من دون عامل خارج تکون دائرته أوسع من دائرته ، وهما اتصاف الکيفية التي يعاد بها الإنسان بوصف الاستقبال ، والغيبية ، هذا من جهة ومن جهة أخرى جزئية المسألة ، وليس للعقل مجال الخوض في الجزئيات ، فالنجاة بالأخذ بما جاء به الوحي السماوي ، ولا يجب على الإنسان أن يعتقد بأکثر من هذا الأمر ، جعلنا وإياکم من المعتقدين والعاملين به.وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين .
المصادر :
1- رسالة أجوبة المسائل الکاشانية ، ص 29 والرسالة الحشرية ، ص 15 ـ 21.
2- أحمد بن يعقوب ، تاربخ اليعقوبي ، ج 2 ، ص 103 ؛ ابن إدريس الشربيني ، مغنى المحتاج ، ج 2 ، ص 51 ؛ السيد البکري الدمياطي ، إعانة الطالبين السرائر ، ج 3 ، ص 566 ؛ ص 39 ؛ المتقي الهندي ، کنز العمال ، ج 14 ، ص 467 .
3- مجموعة رسائل فلسفي ، رسالة أجوبة المسائل الکاشانية ، ص 32.
4- مجموعة رسائل فلسفي ، رسالة أجوبة المسائل الکاشانية ، ص 32.. ، ص 33 ، 34.
5- رسالة أجوبة المسائل الکاشانية ، ص 34.
6- المصدر السابق ، ص 35 ، 36.. ص 37.. ص 34 ـ 37.
7- عاطف العراقي ، النزعة العقلية في فلسفة ابن رشد ، بهامش ص 293.
8- سعد الدين التفتازاني ، شرح مقاصد ، ص 91.
9- محمد أبو حامد الغزالي ، تهافت الفلاسفة ، ص 78.
10- صدرالدين الشيرازي ، شرح کتاب الهداية الأثيرية ، ص 381.
11- صدرالدين الشيرازي ، المبدأ والمعاد ، ص 395.
12- صدرالدين الشيرازي ، المظاهر الإلهية ، ص 182.
13- الأسفار ، ج 9 ، ص 197.
14- صدرالدين الشيرازي ، المبدأ والمعاد ، ص 413 ـ 414.