أمامة المفضول مع وجود الفاضل

الأدلة على عدم جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل كثيرة مذكورة في الكتب المفصّلة ، لا حاجة إلى إيرادها هاهنا بعد أن قال الشارح في توجيه جعل الشورى بين الستة :
Monday, April 24, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
أمامة المفضول مع وجود الفاضل
 أمامة المفضول مع وجود الفاضل




 

الأدلة على عدم جواز إمامة المفضول مع وجود الفاضل كثيرة مذكورة في الكتب المفصّلة ، لا حاجة إلى إيرادها هاهنا بعد أن قال الشارح في توجيه جعل الشورى بين الستة :
« وانما جعلها شورى بينهم لأنّه رآهم أفضل ممّن عداهم وأنه لا يصلح للإمامة غيرهم » .
وقال ابن تيمية :
« تولية المفضول مع وجود الأفضل ظلم عظيم ... » (1) .
وقال محبّ الدّين الطبري : « قولنا : لا ينعقد ولاية المفضول عند وجود الأفضل » (2) .
وكذا قال غيرهم .
فظهر أن القول بمنع إمامة المفضول متفق عليه بين الإمامية وغيرهم ، فيكون إمامته باطلةً بالكتاب والسنة والعقل والإجماع .
وحيث أن ظاهر الماتن والشارح هنا هو التوقف عن تجويز إمامة المفضول ، وقد كانا غير جازمين بأفضلية أبي بكر ، كان اللازم عليهما عدم الجزم بحقية خلافة أبي بكر .
أما أصحابنا فقد أثبتوا من الكتاب والسنة المتفق عليها أفضلية أمير المؤمنين ن وقد ثبت عدم جواز إمامة المفضول مع وجود الافضل ، فتكون النتيجة إمامة أمير المؤمنين عليه السلام .
في الكلام حول الصحابة
( يجب تعظيم الصحابة كلهم والكف عن القدح فيهم ، لأن الله عظّمهم وأثنى عليهم في غير موضع من كتابه ، والرسول قد أحبهم وأثنى عليهم في أحاديث كثيرة ) .
لابدّ أولاً من تعريف الصّحابي ، فقد اختلفت كلماتهم في تعريفه ، والذي يهمّنا الآن رأي الماتن والشارح ، لنبني البحوث اللاحقة :
قال ابن الحاجب : « الصّحابي من رأى النبي عليه الصلاة والسلام وإن لم يرو ولم تطل » .
فقال الماتن في شرحه : « قد اختلف في الصحابي ، فقيل من رأى الرسول عليه الصلاة والسلام وإن لم يرو عنه حديثاً ولم تطل صحبته له ، وقيل : إن طالت الصحبة ، وقيل : إن اجتمعا أي طول الصحبة والرواية .
والحق : أن المسألة لفظية وإن ابتني عليها ما تقدم من عدالة الصحابة . لنا : إنّ الصحبة فعل يقبل التقييد بالقليل والكثير ... » .
فهو إذن موافق لابن الحاجب في أنه « من رأى النبي » فقط .
ووافقهما الشارح التفتازاني مع إضافة قوله : وإن كان أعمى ، وهذه عبارته : « قوله : الصحابي من رآه صلّى الله عليه وآله وسلّم أي : مسلم رأي النبي يعني صحبه ولو أعمى ، وفي بعض الشروح : أي رآه النبي عليه الصلاة والسلام » (3) .
فالصحابي : « من رأى النبي أو رآه النبي » .
هذا هو الموضوع الذّي اختاره هناك .
والحكم الذي اختاره هنا هو : « يجب تعظيم الصحابة كلهم والكف عن القدح فيهم » .
فيكون الحاصل : يجب تعظيم كل من رأى النبي أو رآه النبي والكف عن القدح فيه ...
وهل يرضى بهذا أحد ؟ وما الدليل عليه ؟
ثم ما معنى « تعظيم الصّحابة كلهم والكف عن القدح فيهم » ؟
أما « الكف عن القدح فيهم » فلا يختص بالصحابة ، لأنّه ان أريد من الكف عن القدح عدم الإتهام والرمي بالقوادح ، فالسلم لا يجوز رميه والإفتراء عليه مطلقاً ، وإن أريد منه عدم ذكر المساوي والقوادح الموجودة فيهم ، فكلذ مسلم يجب الكف عن إشاعة معايبه والسّتر على نقائصه ، إلاّ إذا اقتضت الضرورة ، كما في أبواب الإخبارات والشهادات ، ومن هنا كان وضع علم الرجال والجرح والتعديل لهم .
وأما « تعظيمهم » فإن أريد منه حفظ حرمتهم ، فهذا لا يختص بهم بل يعمّ المسلمين جميعاً ، وإن أريد القول بعدالتهم كلّهم فهذا مختلف فيه ، ولاأولى أن نذكر عبارة الماتن في شرح المختصر :
قال ابن الحاجب : « مسألة : الأكثر على عدالة الصحابة ، وقبل كغيرهم ، وقيل : إلى حين الفتن فلا يقبل الداخلون لأن الفاسق غير معيّن . وقالت المعتزلة عدول إلاّ من قاتل علياً . لنا : والذين معه . أصحابي كالنجوم ، وما تحقق بالتواتر تعنهم من الجد في الامتثال ، وأمّا الفتن فتحمل على اجتهادهم ،ولا إشكال بعد ذلك على قول المصوبة وغيرهم » .
قال الماتن بشرحه : « أقول : أكثر الناس على أن الصحابة كلهم عدول وقيل : هم كغيرهم فيهم العدل وغير العدل فيحتاج إلى التعديل ، وقيل : هم كغيرهم إلى ظهور الفتن أعني بين علي ومعاوية ، وأمّا بعدها فلا يقبل الداخلون فيها مطلقاً ، أي من الطرفين ، وذلك لأن الفاسق من الفريقين غير معيّن فكلاهما مجهول العدالة فلا يقبل . وأما الخارجون عنها فكغيرهم . وقالت المعتزلة : هم عدول إلاذ من علم أنه قاتل علياً فإنه مردود .
لنا ما يدلّ على عدالتهم من الآيات نحو قوله ( وكذلك جعلناكم أمة وسطاً ) أي عدولاً ، وقوله : ( كنتم خير أمة أخرجت للناس ) وقوله : ( والذين معه أشدّاء على الكفار رحماء بينهم ) .
ومن الحديث نحو قوله : أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم . وقوله : خير القرون قرني ثم من بعدهم الأقرب فالأقرب . وقوله في حقهم : لو أنفق أحد مثل الأرض ذهباً لما نال مدّ أحدهم . ولنا أيضاً ما تحقق عنهم بالتواتر من الجلد في أمتثالهم الأوامر والنواهي وبذلهم الأموال الأنفس ، وذلك ينافي عدم العدالة ، وأما ما ذكروه من الفتن فيحمل علىالإجتهاد (4) » .
فالماتن يقول هناك بعدالة الصحابة كلّهم ، ويستدل لهذا القول بنفس الأدلة التي يستدل بها أو نحوها في هذا الكتاب على « وجوب تعظيم الصحابة كلّهم والكف عن القدح فيهم » فلماذا غيّر العبارة من العدالة إلى هذا القول ؟
لا يبعد عدوله عن ذلك الرأي ، ولأنّ غاية ما تدل عليه تلك الأدلة ـ إن تمت سنداً ودلالة ـ هو وجوب إكرامهم وإحترامهم وعدم إشاعة قوادحهم ومطاعنهم ، فيكون حالهم كحال غيرهم من المسلمين ، « فيهم العدل وغيرالعدل ، فيحتاج إلى التعديل » .
كما أنه يجوز ـ بل قد يجب ـ ذكر ما صدر منهم مما يوجب الفسق إذا احتيج إلى ذلك ... فضلاً عن حمل ذلك على الإجتهاد أو غيره من المحامل ... وهذا هوالقول الثاني من الأقوال المذكورة ، وهو الحق .
فظهر أن غاية مدلول ما استدل به في الكتاب كتاباً وسنةً ، هو المدح فلو فرض تمامية تلك الأدلة سنداً ودلالةً فإنها تكون مخصّصةً بالأدلة الدالة على جواز ـ وأحياناً وجوب ـ الذم والطعن والقدح والجرح ، لئلا يقتدي أحد بهكذا أناس في عقائده وأفعاله ، ولا يرتّب الأثر على رواياتهم وأقوالهم وشهاداتهم .
نعم حديث « أصحابي كالنجوم فبأيهم اقتديتم اهتديتم » الذي استدل به الماتن تبعاً لابن الحاجب يدل على عدالة الصحابة جميعاً وجواز الاقتداء بكل واحد منهم في أقواله وأفعاله ... لكنه حديث « باطل » ، « منكر » ، « موضوع » كما نص على ذلك كبار الأئمة والحفاظ أمثال : أحمد بن حنبل ، البزار ، ابن عدي ، الدار قطني ، ابن حزم ، البيهقي ، ابن عبدالبر ، ابن عساكر ، ابن الجوزي ، ابن دحية ، الذهبي ، الزين العراقي ، ابن حجر العسقلاني ، السخاوي ، السيوطي ، المتقي ، القاري ،
فالعجب من الماتن كيف استدل به هناك ، ولقد أحسن إذ لم يستدل به هنا ؟!
وكيف يكون كلّهم عدوالاً ؟ وفي القرآن المجيد آيات بنفاق بعضهم ، وفي السنّة الصحيحة تصريح بأن أكثرهم يذادون عن الحوض يوم القيام ؟ ومن تأمل في سيرتهم ووقف على أحوالهم في الكتب الموثوق بها وجد كثيراً منهم ( لما يدخل الايمان في قلوبهم ) .
فكما أن فيهم أناساً ثبت « جدّهم في الدين وبذلهم أموالهم وأنفسهم في نصرة الله ورسوله » كذلك فيهم أناس ثبت ارتكابهم الكبائر الموبقة الموجبة للقصاص والحدود ... كما لا يخفى على من راجع السير المعتبرة والتواريخ المتقنة ، « نحن لا نلوّث كتابنا بأمثال ذلك ، وهي مذكورة هي المطولات ، وقد ذكرنا بعضها تبعاً للكتاب » .
فمن يليق بالتعظيم وبالإقتداء منهم القسم الأول ، وهم الذين بقوا بعد الرسول صلّى الله عليه وآله وسلّم على هدية وسنته ، حافظين لشريعته ووصيته وهي :
« إني يوشك أن أدعى فأجيب وإني تارك فيكم الثلين ، كتاب الله وعترتي أهل بيتي ، ما إن تمسّكتم بهما لن تضلوا بعدي ، وإنهم لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض » .
أللهم اجعلنا من الثابتين على التوحيد وشريعة خاتم النبيّين ، ومن المتمسكين بالكتاب والعترة الطاهرين ، والحمد الله رب العالمين ، والصلاة والسلام على محمد وآله المعصومين .
المصادر:
1- منهاج السنّة 3 / 277 .
2- الرياض النضرة ـ باب خلافة أبي بكر .
3- شرح مختضر الأصول 2/ 67 .
4- شرح المختصر في الأصول 2 / 67 .
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.