سنة ١٣٩٩ب.م: اغتنم هنري دوق أوف لنكستر فرصة غياب رتشرد في أيرلندا، فعقد اجتماعًا من محازبيهِ وخلعوا رتشرد عن الملك وقُتل (رتشرد) بعد ذلك بقليل.
وجلس دوق أوف لنكستر على سرير الملك، وسمي هنري الرابع، ٣ فعين توماس فتز أَلِن أرل أوف سوري أستاذًا أعظم للماسون سنة ١٣٩٩، وبعد ظفرهِ العظيم في الحرب على شروبري أقام الكنائس وبنى غلدهول في لندن، وتوفي سنة ١٤١٣ فخلفه في الملك ابنه البكر هنري الخامس ٤ سنة ١٤١٣، وفي تلك السنة عُيِّن هنري تشيتشلي أسقف كنتربري أستاذًا أعظم للماسون، وكان البنَّاءُون يجتمعون بنشاط تحت رئاستهِ وروح المحبة والاتحاد سائدان عليهم.
جمس الأول ملك اسكوتلندا
سنة ١٤٢٤ب.م: جمس الأول ابن روبرت الثالث هو ثالث ملك من عائلة ستورت، وُلد في انفرملين سنة ١٣٩٤، وقتل في برث في ٢١ فبراير سنة ١٤٣٧.
تربى على أيادي أسقف ماراندراوس، وبينما هو ذاهب إلى فرنسا سنة ١٤٠٥ قبضت بارجة إنكليزية على السفينة التي كان فيها، وأُسر عند الإنكليز، وبقي ١٩ سنة في الأسر، فأحسن هنري الرابع وهنري الخامس ملكا إنكلترا معاملته وتربيته، وسنة ١٤٢٤ أُعيد من أسرهِ إلى بلادهِ فجلس على عرش الملك، وكان حاميًا للماسونية ومثالًا لشعبهِ في الصبر والفضيلة.
وقد أثرت في أخلاقهِ حُسن المعاملة التي عامله بها ملكا الإنكليز مدة أسرهِ واقتبس كثيرًا من عوائدهم الحسنة، ورأى فضائل الماسونيَّة في بلادهم فشجع قومه على اتباعها، وكان يحضر بنفسهِ الاجتماعات الماسونيَّة واقتدى به رجال بلاطهِ الملوكي وأعيان البلاد، فضاهت اسكوتلندا إنكلترا في محافلها واجتماعاتها. وسنَّ هذا الملك الفاضل للماسونية لوائح وقوانين وأحكامًا زادتها كمالًا، وفرض على من يطلب الانتظام في سلكها أن يدفع مبلغًا من المال، وأن يجمع من كل أستاذٍ فيها مبلغًا معينًا سنويًّا يسلَّم للأستاذ الأعظم الذي ينتخبه المحفل الأكبر ويوافق على انتخابهِ أحد أعضاء العائلة المالكة، أو أحد كبار الإكليروس من الماسون.
وكان مركز هذا الملك يخوِّله أن يرتِّب بين الماسون ما كان خارجًا عن شرائع بلاطهِ الملوكي من القوانين، فكان الأمراءُ والعظماءُ والبنَّاءُون من الماسون يأتون إليهِ فيفصل الاختلافات بينهم، وفي غيابهِ ينوب عنه بمثل هذه الأمور أحد كبار بلاطهِ أو ياوره الذي كان ساكنًا بالقرب منه.
هنري السادس ملك إنكلترا: والحوادث الماسونيَّة في بلاده ومدة ملكهِ
سنة ١٤٢٥ب.م: ولد هنري السادس ابن هنري الخامس في ٦ ديسمبر سنة ١٤٢١، وتوفي والده وهو ابن تسعة أشهر، فتولى عمه دوق بدفورد نيابة الملك، وذهب إلى فرنسا؛ لأنه كان في ذلك الوقت قسم كبير منها تابعًا لإنكلترا، وعمه همفري دوق أوف كلوسستر الوصاية عليهِ، ٥ وتدبير أمور الحكومة في إنكلترا، وتولى هنري بيوفورت أسقف ونشستر تربيته وهو عم دوقي كلوسستر وبدفورد، وكان مقتدرًا في قواه العقلية، ومختبرًا أحوال المملكة حق الاختبار.
لكنه كان رديء الطبع، ذميم الخُلق، خبيث الطوية، وصفه التاريخ الماسوني الإنكليزي بأقبح الصفحات، وذمَّ غدره ومكره وخداعه والوسائل التي استحلها لقهر خصمهِ، وأحبَّ هذا الأسقف المداخلة في شئون المملكة لما رأى الملك قاصرًا فمنعه ابن أخيهِ دوق كلوسستر عن قصدهِ فزادت النفرة بينهما حتى اضطر البرلمان للمداخلة في الأمر.
ويقول التاريخ الماسوني الإنكليزي: إن الكردينال هنري بيوفرت وجماعته الذين لم تقبلهم الماسونيَّة لسوء خلقهم كانوا يقولون: إن لهم الحق في الاطلاع على كل ما يفعله الماسون، وأن الواجب عليهم أن يعترفوا لهم بما يفعلونه، ولكن الماسون كانوا ينفرون منهم ويحتقرونهم؛ ولذلك كانوا يشيعون أن وجودهم في المملكة خطر على الملك والشعب، فأثَّر هذا الكلام في البرلمان فعقد اجتماعًا بوسائط هذا الكردينال ٦ ومداخلتهِ سنة ١٤٢٥، وقرر منع الاجتماعات والاحتفالات الماسونيَّة زعمًا منه أنها تلقي العراقيل بين العمَّال وتشوش نظام المملكة، وأصدروا أمرًا بإلغاء الماسونيَّة من المملكة بمصادقة الملك، وإذا عقد اجتماع أو احتفال يعاقب المجتمعون بالسجن والغرامة، وسنُّوا شرائع وقوانين بهذا الشأن فاحتجَّ الماسون على هذا العمل المنافي للعدل والصدق.
ولم يجد احتجاجهم نفعًا، فداوموا اجتماعاتهم سرًّا غير مبالين بتلك الأوامر، وكانت المحافل تجتمع بنظام أكثر من العادة، وسادت المحبة بين الإخوان، واتحدوا برابطة الإخاء، وأنشئت محافل شتى في سائر أنحاء المملكة، فأنتجت المضادة خيرًا لها ودامت الحال على هذا المنوال زمنًا طويلًا والمحافل الماسونيَّة لا تزال تجتمع برئاسة هنري تشيتشلي أسقف كنتربري الذي قيل عنه في السجل اللاتيني لوليم مُلَر رئيس كنتربري: إنه الرجل الحر الصادق الأمين.
ولم تخفَ كل هذه الاجتماعات عن الحكومة وعن هنري بيوفورت، ولكنهم لم يستطيعوا أن يؤذوا أصحابها بشيءٍ، وكان بيوفورت يظن أنه بواسطة قرار البرلمان وكلام الإكليروس يحقِّر الماسونيَّة، فجاءت النتيجة بالعكس، وزادت الشحناءُ بينه وبين دوق كلوسستر وزيَّنت له نفسه الخبيثة الاستيلاء على لندن ومضايقة الدوق المذكور وقهر الماسونيَّة فدرى بأمرهِ دوق كلوسستر فبعث رسولًا بالسرعة إلى محافظ لندن، وكان يتغدى صباح عيد مار سمعان بعدما رجع من المحافظة في وستمنستر، وطلب منه أن يحضر إليهِ حالًا فأتاه اللورد المحافظ على الفور فأخبره أن المدينة في خطر وأنه ينبغي ملاحظتها كل الليل المقبل؛ لأنه علم أن عمه هنري بيوفورت مزمع أن يدخلها ويمتلكها بالقوة، فبقي المحافظ كل الليل سهران، وثاني يوم الساعة التاسعة صباحًا جاء الكردينال بيوفورت ومعه خدامه وأتباعه وحاولوا دخول المدينة من باب الجسر فردَّهم الأهالي بالقوة، فاغتاظ الكردينال العاتي، وعاد فجمع قوة أعظم وأتى برجالها مسلحين وهجم على باب الجسر، ولما علم الأهالي بعملهم أقفلوا محلات أشغالهم وتجمهروا على الجسر لصدهم، وكادت تحدث مذبحة هائلة لولا وصول محافظ لندن في تلك الدقيقة وتفريقه تلك الجماهير بالقوة. ووجد في ذلك الوقت الكردينال كنتربري وبطرس دوق أوف كويمبرا الابن الأكبر لملك البورتغال فتداخلوا في الأمر، وسكنوا الهياج وحجبوا سفك الدماء بعد الجهد الجهيد.
وعاد الكاردينال إلى بيتهِ وقلبه ملآن حقدًا ومكرًا وفكَّر ماذا يفعل حتى يغيظ دوق أوف كلوسستر فكتب إلى دوق بدفورد نائب الملك بفرنسا يقول:
أيها الأمير السامي القدير ومولاي الشريف الأرضي
إني أسلم نفسي لسموكم بكل قلبي، وبما أنك تريد خبر ملكنا وملكتيهِ إنكلترا وفرنسا، فمصلحتك ومصلحة من لك تدفعانك إلى ذلك بسرعة وبالحق أقول لك: إنك إذا تأخرت كثيرًا (عن الحضور إلينا) جعلنا هذه البلاد في خطر الحرب، وما هذا الأخ الذي لك أصلح الله حاله، وأنت تعلم أن خير فرنسا موافق لخير إنكلترا … إلخ - ليحفظك الثالوث الأقدس.
كتب بسرعة في لندن في ٣١ أكتوبر سنة ١٤٢٥
عبدك إلى الممات
هنري ونشستر
سنة ١٤٢٦ب.م: ولما وصل الكتاب إلى بدفورد أسرع وجاء إلى لندن في ١٠ يناير سنة ١٤٢٦ وعقد عدة اجتماعات للتسوية بين عمهِ الكردينال وأخيهِ، وآخر مرَّة اجتمع البرلمان ٩ للبحث في كتاب الكردينال الذي بعثه لبدفورد بفرنسا، وسبب قولهِ: «وبالحق أقول لك: إذا تأخرت كثيرًا جعلنا هذه البلاد في خطر الحرب.»
وسألوا الكردينال بماذا يجيب عما كتب؟ فأجاب: إنه كان خائفًا من الماسونيَّة وأمثالها لئلا تسبب خراب المملكة لحنقها من قرار البرلمان السابق ذكره بإلغائها وتعطيل اجتماعاتها؛ ولذلك كتب ما كتب.
ولما كانت السلطة بيد أوف كلوسستر كان قادرًا على تنفيذ قرار البرلمان بإلغاء الماسونيَّة، ولكنه كان عالمًا ببراءَتها وحُسن نيتها وطويتها، وأن ما أصابها كان بدسائس الكردينال وانقياد البرلمان لآرائهِ السافلة فأخذ الجمعية بحمايتهِ وبرَّأها مما اتهمها بهِ أعداؤُها، وألقى التهمة على الكردينال وأتباعهِ.
سنة ١٤٣٧ب.م: وعلم الكردينال أنُه مخطئٌ لدى الشريعة فتداخل مع كثيرين حتى جعل البرلمان يستعطف الملك فعفا عن أعمالهِ السيئة واعتداءاتهِ المضادة لشريعة البلاد، وبعد خمس سنين نال من الملك عفوًا عن كل ذنوبهِ من يوم خلق إلى ٢٦ يوليو سنة ١٤٣٧.
ومع كل الاحتياطات التي عملها الكردينال وجد «دوق كلوسستر» منه أمورًا توجب العقاب فشكاه إلى الملك بنفسهِ والملك حوَّل الشكاوى إلى محلات اختصاصها فعيَّن مجلسًا لمحاكمة الكردينال، وكان أكثر أعضائِه من حزبهِ فبعد المحاولة والمطاولة حكموا ببراءَة ساحتهِ، فاتخذ الحكم ببراءتهِ وسيلةً للإضرار بدوق كلوسستر.
وصمم هذا الكردينال على الوقيعة برجل اشتهر علمه وفضله. وبدهائهِ وخراب ذمتهِ استحضر جماعة من أمثالهِ يشهدون له بما يضر بدوق كلوسستر واتهمه بخيانةٍ فاجتمع البرلمان في أدموندسبري سنة ١٤٤٧، ولما حضر الدوق سجنوه، وثاني يوم وجدوه ميتًا في السجن فأشاعوا أنه مات موتًا طبيعيًّا لعدم وجود آثار في جسمهِ فحزن عليهِ الشعب حزنًا عظيمًا واعتقدوا أنه مات ظلمًا وذهب فريسة غدر الكردينال الخائن، وبعد ذلك اتهموا خمسة من الخدم أنهم شركاؤُه بالخيانة، فحكموا عليهم بالموت، وذلك بأن يقطَّعوا إربًا وهم أحياءُ فعلقوهم وعرَّوهم ورسموا على أجسامهم محلات التقطيع، ثم عفي عنهم فنجوا من الموت.
وسبَّب موت الدوق كلوسستر حزنًا عامًّا في المملكة ورثاه الشعب زمنًا طويلًا ولقبوه بالرجل «الصالح»؛ لأنه كان محبًّا لبلادهِ حاميًا للماسونية وللفضيلة مثالًا للعلم منشطًا للصناعة. أما الكردينال الخائن فمن كثرة توبيخ ضميرهِ له ومراجعة سيرتهِ الفاسدة توفي بعد شهرين من قتل دوق كلوسستر وسمعوه يقول قبل وفاتهِ بدقائق: لماذا أموت أنا الرجل الواسع الثروة إذا كانت المملكة تنقذني من الموت أحفظها بسياستي وأشتريها بمالي؟! ألا يُفدَى الموت بالمال الذي يقولون إنه يفعل كل شيء؟ وقد وصف شكسبير الشاعر الإنكليزي الشهير موت هذا الكردينال وصفًا مدققًا.
واستمر الماسون على اجتماعهم بلا خوف ولا ممانعة ودخل الملك الماسونيَّة سنة ١٤٤٢ ودرس قوانينها وشرائعها القديمة والحديثة ووهبها هبات عظيمة ومنحها امتيازات خصوصية فتهذبت المدارس وزادت البنايات وارتقت الصناعة وثبَّت المحافل بأوامر عالية وشجع الأشراف للانتظام في سلكها فأقبلوا إليها أفواجًا، ١٠ ثم إن الملك نفسه رأس المحافل وحماها وعيَّن وليم وانفليت أسقف ونشستر أستاذًا أعظم فبنى على نفقتهِ الخصوصيَّة المدرسة المجدلية الكلية في أُكسفورد ومعابد كثيرة، وبنى وانفليت في مدة حكم هذا الملك كلية أتون بقرب وندسور وكلية الملك في كمبردج، وبنى هنري كلية المسيح في كمبردج، وبنت الملكة كليَّة الملكة في نفس المدرسة الجامعة. وبالإجمال إن الماسونيَّة زهت في مدة هذا الملك، ولكنَّ الحروب التي حدثت في المملكة والظروف المحيطة بالملك جعلت حكم إنكلترا على فرنسا يزول شيئًا فشيئًا من ذلك الوقت، وتوفي هنري السادس في ٢٢ مايو سنة ١٤٧١.
سنة ١٤١٥ب.م: احترقت مكتبة الزاوية والبركار في براك، وهي المكتبة الشهيرة التي وقفها المعلم المشهور في الماسونيَّة «يوحنا هيس» لمحفل الزاوية والبركار.
سنة ١٤٢١ب.م: اشتهر «ماتياس هنتز دي ستراسبورغ» نقاش كاتدرائية برن في تلك السنة.
سنة ١٤٤٢ب.م: اشتهر جان دي كولونيا وابنه نقاشا كاتدرائية برغوسه.
المصادر: راسخون 2017