سبب هزيمة المسلمين في احد

قالوا : ماظفّر الله نبيه في موطن قط ، مثل ما ظفّره وأصحابه يوم أُحد ، حتى عصوا الرسول وتنازعوا في الأمر ! لقد قتل أصحاب اللواء وانكشف المشركون منهزمين لا يلوون ونساؤهم يدعون بالويل ..
Sunday, November 26, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
سبب هزيمة المسلمين في احد
 سبب هزيمة المسلمين في احد



 

قالوا : ماظفّر الله نبيه في موطن قط ، مثل ما ظفّره وأصحابه يوم أُحد ، حتى عصوا الرسول وتنازعوا في الأمر ! لقد قتل أصحاب اللواء وانكشف المشركون منهزمين لا يلوون ونساؤهم يدعون بالويل ..
قال الواقدي : وقد روى كثير من الصحابة ممن شهد أحداً ، قال كل واحد منهم : والله إني لأنظر إلى هند وصواحبها منهزمات ، ما دون أخذهن شيء لمن أراد ذلك ، وكلما أتى خالدٌ من قِبل ميسرة النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)ليجوز حتى يأتي من قبل السفح فيرده الرماة ، حتى فعلوا ذلك مراراً ، ولكن المسلمين أوتوا من قبل الرماة ، إن رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)أوعز إليهم فقال : قوموا على مصافكم هذا ، فاحموا ظهورنا ، فإن رأيتمونا قد غنمنا فلا تشركونا ، وأن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا ، ! فلما انهزم المشركون وتبعهم المسلمون يضعون السلاح فيهم حيث شاؤا حتى أجهضوهم عن العسكر ، ووقعوا ينتهبون العسكر ؛ قال بعض الرماة لبعض : لِمَ تُقيمون ههنا في غير شيء ؟ قد هزم الله العدو وهؤلاء إخوانكم ينتهبون عسكرهم ، فادخلوا عسكر المشركين فاغنموا مع إخوانكم.
فقال بعض الرماة لبعض : ألم تعلموا أن رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)قال لكم : إحموا ظهورنا فلا تبرحوا مكانكم ، وإن رأيتمونا نقتل فلا تنصرونا ، وان رأيتمونا غَنِمنا فلا تشركونا ، أحموا ظهورنا » ؟ فقال الآخرون : لم يرد رسول الله هذا ، وقد أذل الله المشركين وهزمهم ، فادخلوا العسكر فانتهبوا مع إخوانكم. فلما إختلفوا خطبهم أميرهم عبدالله بن جبير ، وكان يومئذٍ مُعلماً بثياب بيض ، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم أمر بطاعة الله وطاعة رسوله (صلی الله عليه وآله وسلم)وألاّ يُخَالَفَ لرسول الله أمر.
فعصوا ، وانطلقوا ، فلم يبق من الرماة مع أميرهم عبدالله إلا نفرٌ ما يبلغون العشرة ، فيهم الحارث بن أنس بن رافع ، يقول : يا قوم ، إذكروا عهد نبيكم إليكم ، وأطيعوا أميركم.
قال : فأبوا ، وذهبوا الى عسكر المشركين ينتهبون. (١)
وكان خالد بن الوليد قد فرّ فيمن فر ، فولى بخيله هارباً ، لكنه نظر إلى الجبل ـ الذي كان حريصاً على أن يجد منه منفذاً لمهاجمته المسلمين من ورائهم ـ فوجده خالياً ، إلا من أولئك النفر القلائل الذين ظلوا متمسكين بأمر الرسول فحانت الفرصة له ، فما كان منه إلا أن رجع واصطدم بهم يقاتلهم ، فرموه بالنبل حتى لم يبق معهم من النبال شيء ، فسلّوا سيوفهم وأقبلوا على تلك الخيل يضربون وجوهها ودافعوا حتى النفس الأخير ، بقيادة عبدالله بن جبير.
عند ذلك نظر المنهزمون من المشركين إلى خيلهم ، فوجدوها قد رجعت لتهاجم المسلمين من الوراء ، فانكفؤا عائدين ، وكان خالد بن الوليد ومن معه قد عاد من ناحية الجبل بعد أن أباد تلك الفئة القليلة من المسلمين ، ولم يشعر المسلمون إلا والعدو قد تغلغل في أوساطهم وأصبحوا كالمدهوشين ، يتعرضون لضرب السيوف وطعن الرماح أينما اتجهوا ، واشتد الأمر عليهم حتى ضرب بعضهم بعضاً وهم يحسبون أنهم يضربون أعدائهم.

قصة قزمان

ومن طريف ما يروى :
أن قزمان ـ وهو من منافقي المدينة ـ قد تخلف عن أُحد ، فلما أصبح عيّره ـ نساء بني ظفر وقلن له : يا قزمان ، لقد خرج النساء وبقيت ! أما تستحي بما صنعت ؟! ما أنت إلا إمرأة. وما زلن به حتى دخل بيته ولبس لأمته وخرج يعدو حتى إنتهى إلى رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)وهو يسوي صفوف المسلمين ، فحين بدأت المعركة كان أول من رمى بسهم من المسلمين وجعل يرسل النبال كأنها الرماح ، ثم أخذ السيف وأمعن في القوم يقاتلهم أشد قتال.
فلما غلب المسلمون ؛ كسر جفن سيفه وجعل يقول : الموت أحسن من الفرار ! يا للأوس ؛ قاتلوا عن الأحساب واصنعوا مثل ما أصنع. فكان يدخل بالسيف في وسط المشركين حتى يقال لقد قُتل ! ثم يخرج من بينهم ويقول : أنا الغلام الظفري ، حتى قتل منهم سبعة رجال ، وأصابته جراحات كثيرة فضعف عن القتال وهوى الى الأرض ، فمر به قتادة بن النعمان ، فقال له : يا أبا الغيداق ، قال قزمان : لبيك !
قال : هنيئاً لك الشهادة.
قال قزمان : والله ما قاتلت ـ يا أبا عمرو ـ إلا على الحفاظ حتى لا تسير قريش فتطأ سعفنا !
ثم إشتد عليه جرحه ، فأخذ سهماً فقطع به رواهشه ، فنزف الدم فمات.
وكان رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)يقول فيه : إنه من أهل النار ! (2)
مقتل اليمان وثابت بن قيس
وفي هذه الفوضى الحادة قتل اليمان ـ والد حذيفة ـ وثابت بن قيس ، وكانا قد تخلفا في المدينة بأمر من الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله لأنهما شيخان كبيران ، فقال أحدهما للآخر : آلا نأخذ أسيافنا ونلحق برسول الله ؟ فاتفقا على هذا الرأي ، وأقبلا مسرعين نحو المعركة وقد اشتبه عليهما موقع أصحابهما فدخلا من جهة المشركين ، فإلتفّت جماعة بثابت بن قيس فقتلوه ، واستطاع أبو حذيفة أن ينفذ حتى صار بين المسلمين ـ وهم لا يعرفون المسلم من غيره ـ فإتجه إليه بعض المسلمين وضربه بالسيف ، وابنه حذيفة يصيح :
إنه أبي يا قوم ! لكن شدة الزحام وقعقعة الحديد حالا دون وصول صوته إلى سمع القاتل ، فخر قتيلاً ، فدفع النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)بعد ذلك ديته ، فتصدق بها ولده حذيفة على المسلمين.
هذا ، وعلي عليه‌السلام مع جماعةٍ من المسلمين قد أحاطوا برسول الله يدرأون عنه السهام والنبال والسيوف ، ويجالدون بين يديه ، حتى قتل حامل اللواء مصعب بن عمير ، فدفع النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله اللواء إلى علي عليه‌السلام ، وتفرق عنه اكثر أصحابه ، وحمل عليه المشركون وكان كل همهم أن يقتل النبي ، لكن علياً والحمزة وأبا دُجانة وسهل بن حنيف ونفراً غيرهم جالدوا وكافحوا كفاحاً لم يشهد له التاريخ مثيلاً.
قتال الرسول (صلی الله عليه وآله وسلم)ودفاع علي
هذا ، ورسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)ثابت في مكانه ، يرميهم بقوسه ، ويطعن كل من دنا منه حتى نفد نبله وانقطع وتر قوسه ، وأصابته بعض الجراحات ، وأغمي عليه.
ولما أفاق الرسول من غشيته وفتح عينيه ، قال لعليّ : ما فعل الناس ؟
فقال علي : لقد نقضوا العهد وولوا الدُبُر ! وفيما هو يخاطبه ويقص عليه أخبار المنهزمين ، وإذا بكتيبةٍ من المشركين أتجهت صوب النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)فقال : يا علي ؛ إكفني هؤلاء ، فانقض عليهم كالصقر فانهزموا بين يديه ، ... يطاردهم وإذا بكتيبةٍ اخرى قد اتجهت نحو النبي وكادت ان تبلغ منه غايتها لولا أن عليّاً سمع النبي ثانيةً يقول : يا علي ، إكفني هؤلاء ، فانقض عليهم وفرقهم.
« وكانت الكتيبة تقارب خمسين فارساً ، وهو عليه‌السلام راجل ، فما زال يضربها بالسيف حتى تتفرق عنه ثم تجتمع عليه ، هكذا مراراً حتى قتل تمام الأربعة عشر ـ كما في شرح النهج ـ فقال جبرئيل عليه‌السلام لرسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم): يا محمد ، إن هذه المواساة ! لقد عجبت الملائكة من مؤاساة هذا الفتى.
فقال رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم): وما يمنعه ، وهو مني وأنا منه ! فقال جبرئيل : وأنا منكما. وسُمِعَ ذلك اليوم صوت من قِبل السماء لا يُرى شخص الصارخ به ، ينادي مراراً :
لا سيف إلا ذو الفقار ولا فتى إلا علي
فسئل رسول الله عنه ، فقال : هذا جبرئيل. (3)
وكان الرماة من أصحاب النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)المذكور منهم : سعد بن أبي وقاص ، والسائب بن عثمان ابن مضعون ، والمقداد بن عمرو ، وزيد بن حارثة الخ .. (4).
جراح الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله
وكسرت رباعية النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)السفلى ، وشقت شفته ، وكُلِمَ في وجنته وجبهته في أصول شعره ، وعلاه بن قمئة بالسيف ـ وكان هو الذي أصابه وكان قد تعاقد هو وجماعة من المشركين على قتل رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)، وقد حال الله بينهم وبين ذلك ـ ولما جرح رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)جعل الدم يسيل على وجهه ، وهو يمسحه ويقول : كيف يفلح قوم خضبوا وجه نبيهم بالدم وهو يدعوهم إلى الله !؟ (5) وجعل علي ينقل له الماء في درقته من المهراس ( ماء بجبل أحد ) ويغسله ، فلم ينقطع الدم ، فأتت فاطمة وجعلت تعانقه وتبكي ، وأحرقت حصيراً وجعلت على الجرح من رماده ، فانقطع الدم (6).
وفي رواية الطبري : أنه قد تفرق عن رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)أصحابه من المهاجرين والأنصار ، وفرّ عثمان بن عفان حتى إنتهى إلى مكان بعيد عن المعركة (7) وكان ممن تفرق عنه عمر بن الخطاب وأن أنس بن النضر قال لعمر بن الخطاب وطلحة بن عبيد الله في رجال من المهاجرين والأنصار ، وقد ألقوا بأيديهم في ناحية : ما يجلسكم هنا ؟ ـ وكان قد شاع بين الناس أن رسول الله قد قتل ـ
فقالوا : لقد قتل محمد رسول الله.
فقال : وما تصنعون بالحياة من بعده ؟ قوموا فموتوا على ما مات عليه رسول الله ، ثم تركهم واستقبل القوم ، فقاتل حتى قتل. (8)
ومضى الطبري يقول : انه قد فشا في الناس أن محمداً قد قتل ، فقال بعض أصحاب الصخرة ـ ممن فروا عن النبي والتجأوا اليها ـ ليت لنا رسولاً إلى عبدالله بن أبي ليأخذ لنا أماناً من أبي سفيان ، يا قوم إن محمداً قد قتل فارجعوا إلى قومكم قبل أن يأتوكم فيقتلوكم .. ألخ. النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)يدعو المسلمين
وجعل النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)يدعو الناس ويقول : إلي عباد الله ـ يكررها ثلاثاً ـ فلم يستجب له إلا نفر قليل من المسلمين ، حتى إذا انتهى إلى أصحاب الصخرة ، فلما كان قريباً منهم وضع رجل سهماً في قوسه وأراد أن يرمي النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)وهو يظنه أحد المشركين ـ على زعم الراوي ـ فصاح النبي به : أنا رسول الله ! ففرحوا بذلك وكانوا يظنون أن الرسول قد قتل.
وأقبل أبو سفيان ومعه جماعة ، حتى أشرف عليهم ، فلما نظروا إليه نسوا الذي كانوا عليه من الفرح بسلامة النبي ، وخافوا منه ومن جماعته. فقال رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)ليس لهم أن يعلونا. اللهم إن تقتل هذه العصابة لا تعبد أبداً. ثم ندب أصحابه فرموهم بالحجارة حتى أنزلوهم.
فنادى أبو سفيان : اعل هبل.
فأمر رسول الله (صلی الله عليه وآله وسلم)أن يرد عليه : الله أعلى وأجل.
فقال أبو سفيان : إن لنا العُزى ولا عُزى لكم.
فقال النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)قولوا له : الله مولانا ، ولا مولىً لكم.
وانتهت الهزيمة بجماعة من المسلمين فيهم عثمان بن عفان وغيره إلى الأعوص ( مكان ) فأقاموا به ثلاثاً ثم أتوا النبي (صلی الله عليه وآله وسلم)فقال لهم حين رآهم : لقد ذهبتم فيها عريضةً. (9)
المصادر :
1- المغازي للواقدي / ٢٢٩ ـ ٢٣٠.
2- شرح النهج ١٤ / ٢٦٠ ـ ٢٦١ وغيره.
3- شرح النهج ١٤ / ٢٥٠ ـ ٢٥١ وفي الكامل ٢ / ١٥٤ ذكر الأبيات وأن المنادي جبرئيل قال العلامة السيد هاشم معروف حفظه الله وعافاه : وقد روى هذا الخبر جماعة من المحدثين ، ورواه الطبري في تاريخه م ٢ / ١٧ ورواه المحب الطبري في الرياض النضرة ٢ / ١٧٢ وعلي بن سلطان في ( مرماته ) ٥ / ٥٦٨ وأخرجه أحمد في ( المناقب ) والهيثمي في ( مجمع الزوائد ) والطبراني وغيرهم.
4- المغازي : ١ / ٢٤٣.
5- الكامل ٢ / ١٥٥.
6- الكامل ١٥٧ / ١٥٨.
7- راجع الطبري ٢ / ٢١.
8- راجع الطبري ٢ / ٢٠.
9- الطبري : ٢ / ٢١.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.