النظام السياسي

في الأنظمة السياسية التي تتشكل من فئات متعددة، تسوى النزاعات عادة بالتراضي وتشتدُّ الحاجة إلى إطار ينظم الاختلافات ويحفظها، ويضمحل تماماً مبدأ الأكثرية. ولبنان من تلك النظم السياسية ذات الانقسامات الدينية والمذهبية
Sunday, April 1, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
النظام السياسي
 النظام السياسي


في الأنظمة السياسية التي تتشكل من فئات متعددة، تسوى النزاعات عادة بالتراضي وتشتدُّ الحاجة إلى إطار ينظم الاختلافات ويحفظها، ويضمحل تماماً مبدأ الأكثرية. ولبنان من تلك النظم السياسية ذات الانقسامات الدينية والمذهبية العميقة والتي تعرف عدداً كبيراً من الفئات المتعارضة وفقاً لانشقاقات تتراكب كلها تقريباً، حتى ولو كانت مخروقةً من الطبقات الاجتماعية المعدومة التأثير داخل أو خارج الانشقاقات الأصلية ذات الأثر الفعلي...
وتاريخ الحروب الأهلية اللبنانية الطويل وما أكده من لا واقعية الصدام فضلاً عن عدم جدواه فرض الحاجة إلى إطار يسمح بالحفاظ على السلم الأهلي بين فئات ترى نفسها متميزة بقوة بعضها عن بعض، نظراً لكونها تعبر عن وجود عدة ثقافات وعقليات وعادات وتقاليد تتشابك وتتناقض في إطار اجتماعي مركب، كما ويؤمن تمثيلاً عادلاً ومتساوياً لمختلف الفئات. هذا النظر الدقيق هو الذي يسمح بالحفاظ على المجموعات المضطرة للتعايش بحكم الضرورة والحاجة السياسية، سواء منها الدولية أو الإقليمية، كما بحكم الضرورة الاقتصادية التي كانت أحد أسبب ولادة لبنان الكبير...
لهذه الأسباب جميعاً كان لا بد من الاستناد في تشكيل البنية الناظمة للكيان السياسي إلى مقولة "الحواجز الجيدة تحفظ الجيران". هذه الحواجز التي قد تكون حواجز داخلية تظهر في بنية الدستور وفي قلب النظام السياسي، وقد تكون خارجية تفرضها توازنات السياسات الدولية الإقليمية...
وفكرة وجود حواجز واضحة تستمر في فصل الفئات بعضها عن بعض بعد أن يبنى النظام السياسي تشير إلى أي مدى نحن أمام مجتمع متميز عن تلك المجتمعات التي عرفت معنى الدولة ومارست آليات الحكم من خلال الدولة كما في فرنسا، حيث لا يمكن أن نتصور - أياً كان حجم الاختلافات أو نوعها السماح - بوجود حواجز بين الفئات الاثنية أو الدينية أو اللغوية، ذلك أن فكرة الدولة تناقض وترفض بشكل قاطع فكرة التعددية المنظمة.
هذه التعددية المنظمة تؤكد ذاتها في الفقرة (ياء) من مقدمة الدستور اللبناني حيث النص على أن "لا شرعية لأي سلطة تناقض ميثاق العيش المشترك". وقد أشرنا سابقاً إلى ما في هذا النص من دلالات على طبيعة النظام السياسي اللبناني لجهة أن الدستور والكيان لم ينطلقا من فكرة بل من حاجة، ولم ينطلقا من إرادة أفراد يشكلون معاً شعباً بل من إرادة كيانات اضطرت بحكم الضرورة للعيش معاً. هذه الحاجة وتلك الضرورة تفترضان حفظ الكيانات المتعاهدة في إطار ميثاق العيش المتجاوز غير المندمج والمتشارك غير المتحد، وتفترضان أيضاً أن تكون كل سلطة تؤدي إلى خلل في التوازن بحيث تطغى إحدى الطوائف على الأخريات أو بعضها على بعضها الآخر سلطة غير شرعية، وقلنا إن هذا النص يفسر الفقرة (دال) من مقدمة الدستور التي اعتبرت: "الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية".
هذه الفقرة التي تعد نصاً كلاسيكياً في جميع الدساتير التي اعتمدت نظرية السيادة الشعبية في مقابل نظرية سيادة الأمة، هذه النظرية التي تعني أن تكون السيادة ملكاً للشعب أي جميع المواطنين الذين يتكون منهم الشعب(1)
كان يمكن لها أن تكون نصاً عادياً في أي بلد آخر، أما في لبنان الذي قدمنا العديد من الأدلة على غياب فكرة الشعب عن واقعه السياسي والتاريخي والدستوري فلا بد عند قراءة كلمة الشعب من التساؤل عن معناها، وهنا نعود للتذكير بالفقرة (ياء) من مقدمة الدستور والتي جعلت شرعية السلطة مشروطة بموافقة ميثاق العيش المشترك المتشكل بين الطوائف لا بين الأفراد كما أشرنا غير مرة، قبل أن نلفت إلى أن فهم الشعب بالمعنى المعروف تقليدياً يضعنا أمام حالة من التعارض المستقر بين الفقرة (دال) التي تعتبر الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة وبين "ميثاق العيش المشترك الذي يمنح الشرعية للسلطات". أما إذا فهم الشعب كمصطلح يدل على الارادة المتكونة من مجموع الطوائف اللبنانية وأن المفردة هي من نتائج الترجمة، حيث نعلم أن الدستور اللبناني مترجم لا مؤلف، ومن نتاج ضرورات الواقع السياسي الخارجي الذي كان يريد مسمى الدولة وبالتالي لابد له من مسمى الشعب ولو نصاً، عندها ينحل التعارض...
ويؤكد هذا التحليل لمفهوم الشعب ما نصت عليه المادة (24) من الدستور التي وزعت المقاعد النيابية وفقاً للقاعدتين الآتيتين:
أ- بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين.
ب- نسبياً بين طوائف كل من الفئتين.
ومن العودة إلى قوانين الانتخاب المرعية الإجراء لا سيما قانون العام 1960 نجد نصاً على توزيع المقاعد النيابية على الشكل التالي: 45 من المسلمين و55 من المسيحيين فيما نص القانون الحالي يوزعها 64 للمسلمين و64 للمسيحيين وبعدها توزع نسبياً بين المذاهب.
إذاً الشعب هو الطوائف، فالدستور لم يوزع المقاعد على المناطق ويترك للمجموع حق الاختيار بل وزع المقاعد على الطوائف وترك للمجموع أن يختار ممثلين لهذه الطوائف التي تختصر المعنى الحقيقي للشعب في إطار النظام السياسي اللبناني... هذا النظام الذي تكون بإرادات الطوائف وكرس كيانيتها، وهذا ما تثبته مراجعة نصوص المواد (9، 10، 19) من الدستور. فقد أكدت المادة التاسعة أن النظام السياسي اللبناني يلتزم تأدية فروض الإجلال لله تعالى ويحترم جميع الأديان والمذاهب ويكفل حرية إقامة الشعائر الدينية تحت حمايته، والفقرة ذات الدلالة على الكيانية المستقلة هي التالية: "وتضمن للأهلين على اختلاف مللهم احترام نظام الأحوال الشخصية والمصالح الدينية".
وعبر هذا النص يتضح ما أسسناه عن الحواجز القائمة في قلب النظام والكيانات المتباينة حيث يصرح الميثاق التشاركي بأنه ضامن لأنظمة الأحوال الشخصية مع ما يعنيه هذا الضمان من حفظٍ لجوهر التباين حيث من الواضح أن أنظمة الأحوال الشخصية هي جوهر بنية الطوائف وترتبط ارتباطاً عضوياً بمعنى الانتماء.
وينفي وجودها بهذا النحو فكرة "الدولة" التي تحتكر حق إصدار القوانين كما تذيب تماماً جميع الكيانات وكل الإرادات. في فرنسا مثلاً ليس بوسع أية جهة سواء أكانت مدينة أو بلدة أو قرية أو مستشفى أو مصنعاً أو ديراً أو معهداً أن تكون له إرادة مستقلة في شؤونه الخاصة ولا أن يدير أمواله الخاصة حسب مشيئته، فالدولة هي الوصي على جميع الفرنسيين. أما في لبنان فالطوائف لها كينونتها الخاصة وتشريعاتها الداخلية في أكثر المجالات حساسية وبالتالي فهي كيانات منفصلة. ويعضد تحليلنا هذا ذيل المادة التاسعة ومفاده ضمان "المصالح الدينية". هذه العبارة العامة المجملة، التي تحتمل مئات التفاسير، تكرس مفهوم المصالح الطوائفية المختلفة بل والمتعارضة وتجعل مصالح الطوائف مضمونة ومحمية دون تفسير أو تحديد لمعنى المصالح، ودون تحديد لموقع المصلحة العامة للدولة المفترضة من هذه المصالح المكرسة دستوريا، وهذا جوهر التشاركية المنافية لفكرة الدولة.
هذا المنهج في التعامل مع النص الدستوري والباحث عن إثبات التعددية الكيانية يعثر على دليل قيم في المادة (10) من الدستور التي تنص على أنه: "لا يمكن أن تمس حقوق الطوائف لجهة إنشاء مدارسها الخاصة"، كما تنص على أن التعليم حر ما لم "يتعرض لكرامة أحد الأديان أو المذاهب". وهنا يتأكد ما للطوائف من كيانية، فبعد أن احتفظت لنفسها بقوانين الأحوال الشخصية عادت وأكدت على استقلالية نظامها التعليمي المضبوط بحدود عدم المس بكرامة الأديان الأخرى، وهل هناك تفسير آخر غير التعددية الكيانية وغير انتفاء مفهوم الدولة يمكن أن يقدم في مقابل ما أفادته المواد التي تعرضنا لها والتي جعلت الطوائف عبر ميثاقها التشاركي مصدر مشروعية السلطات ولها حقوق تتمثل باحترام مصالحها الخاصة ونظام أحوالها الشخصية ومدارسها الخاصة؟ أليس هذا نحواً من أنحاء الاستقلال وممارسة السيادة الداخلية التي لا مناص منها في إطار مجتمعات تنقسم عمودياً بهذه الحدة، حيث في كل مرة يكون أحد المجتمعات منقسماً بعمق انقسامات تزداد حدة كلما حاولنا إلغاءها من أعلى؟ في هذا المجال تصبح القدرة على التوفيق وحفظ إطار تعايشي عبر أطر اتفاقية المجال الوحيد لدفع الانفجار... هذه الحقوق ضمنها الدستور اللبناني عبر المادة (19) التي أعطت "رؤساء الطوائف المعترف بها قانوناً في ما يتعلق حصراً بالأحوال الشخصية وحرية المعتقد وممارسة الشعائر الدينية وحرية التعليم الديني" حق مراجعة المجلس الدستوري المختص بمراقبة دستورية القوانين.
إنّ تأكيد الدستور على هذه الكيانات المستقلة بهذه الكيفية يجعل القول بوجود "دولة" لبنانية مثار سخرية من أي فرد يدرك تماماً مفهوم السيادة الذي سبق أن أوضحناه مفصلاً، أو يدرك معنى الانتماء الديني سواء اتخذ الطابع الإيماني أو حتى الطابع الطائفي، لجهة أنه "مؤسسة اجتماعية متميزة بوجود إيلاف من الأفراد المتحدين عبر أداء بعض العبادات المنتظمة وباعتماد بعض الصيغ وبالاعتقاد في قيمة مطلقة لا يمكن وضع شيء آخر في كفة ميزانها وهو اعتقاد تهدف الجماعة إلى حفظه، وبتنسيب الفرد إلى قوة روحية أرفع من الإنسان وهذه ينظر إليها إما كقوة منتشرة وإما كثيرة وإما وحيدة وهي الله"(2)
هذا الانتماء المحدد بهذه الطريقة يتضمن دائماً معنى "الأفضلية"، فأتباع الطوائف يدّعون لأنفسهم دائماً بأنهم أفضل من الآخرين ودائماً ما تدّعي أن أفكارها ومعتقداتها الدينية أقوم وأصحّ من الأفكار والمعتقدات الدينية للملل الأخرى...
وبهذا الفهم يصبح من غير الواقعي إدعاء الدولة، لأن الطوائف بهذا التعريف ما كانت في ظل الأجواء التي وصفها الاستفتاء لتقبل بدولة تلغيها أو تُحجّم مفاعيلها.
والدستور اللبناني أقر هذه الانقسامات الواقعية بما تنطوي عليه من معانٍ لذا صح عندنا أن ننفي عن لبنان صفة الدولة وأن نثبت له صفة النظام السياسي... الفاقد للدولة والمركز...

حول التشاركية الطوائفية في السلطة التشريعية ونفي الدولة

تتولى السلطة المشترعة هيئة واحدة هي مجلس النواب. هذا ما نصت عليه المادة (16) من الدستور اللبناني. وقد نصت المادة (24) على أن يتألف مجلس النواب من نواب منتخبين يكون عددهم وكيفية انتخابهم محدداً وفاقاً لقوانين الانتخاب المرعية الإجراء. وبعد أن يحدد النص الدستوري توزع المقاعد النيابية وفقاً للقواعد التي سبق وأشرنا إليها وهي المناصفة بين المسلمين والمسيحيين والنسبية بين طوائف كل من الفتئين، يدع أمر التمثيل الانتخابي بتمامه في يد القوانين الانتخابية التي نفذّت مضمون القاعدة الدستورية، فارتكزت على قاعدة التمثيل الطائفي وهي القاعدة التي رافقت الكيان كإرث يعود إلى نظام القائمقاميتين حيث أنشأ إلى جانب القائمقام مجلس إدارة القائمقامية على أساس التمثيل الطائفي. ومجلس النواب اللبناني هو الوريث الشرعي للمجلس التمثيلي الذي استُحدث لتمثيل الطوائف اللبنانية وليس المواطنين اللبنانيين، وجاءت القوانين الانتخابية لتخدم هذه الحقيقة وتكرس الامتيازات التمثيلية للطوائف. وصحيح أن القانون الانتخابي قد اعتمد في مادته الرابعة مبدأ الهيئة الانتخابية الواحدة حيث نص على أن "جميع الناخبين في الدائرة الانتخابية على اختلاف طوائفهم يقترعون للمرشحين عن تلك الدائرة" مع مراعاة التحديدات الطائفية في عدد النواب لكل طائفة في الدائرة التي يقترع فيها الناخب، إلا أن هذا المبدأ يذوي وينعدم تأثيره من خلال التقسيمات القانونية للدوائر الانتخابية (كما في قانون 1960) حيث تعود الفاعلية الكلية لقاعدة المجلس التمثيلي للطوائف. هذه التقسيمات التي تتيح للطوائف دائماً أن تضمن لنفسها ناخبين متجانسين طائفياً، لذا نجد لبنان ومنذ تشكيله لا يزال محكوماً من قبل فئات سياسية تعبر دائماً وبشكل محدد بدقة عن توجهات طوائفها.
إن قانون الانتخاب في لبنان أياً كان شكله وتاريخه يرتكز على قاعدة "الاعتراف بشرعية الانتماء الطائفي السياسي" أو بعبارة أدق على قاعدة "ضمان مشاركة الكيانات المكونة للكيان، مشاركة فاعلة وتمثيلها تمثيلاً صحيحاً وبذلك يكون المجلس النيابي مؤسسة تمثيلية تمكن الفئات المتشاركة من التعبير عن ذاتها ومصالحها، وتتم الإدارة السياسية من خلال المؤسسة التمثيلية عبر الاتفاقات والتسويات والمراضاة بين مختلف الطوائف فيستغني الجميع عن فكرة الدولة المهيمنة لصالح الاتحاد المنظم... إن مجلساً يتشكل بهذه الطريقة ولخدمة هذه الغاية يخضع في داخله لقواعد صارمة تحفظ له هذا الدور الكياني. ومن هنا كان اشتراط الأغلبية الموصوفة في كل الأمور الدقيقة ذات الحيثية الكيانية، كاتهام رئيس الجمهورية بالخيانة، أو نزع الثقة عن رئيس المجلس النيابي أو نائبه، أو حالة اتهام الوزراء بالخيانة العظمى، أو (وهذا هو الأهم) في حالة تعديل الدستور، وأخيراً انتخاب رئيس للجمهورية.
إن المجلس النيابي (التمثيلي) وفق هذا التحليل لا يعدو كونه مجلساً تمثيلياً تعبر بواسطته الطوائف عن ذاتها وهذا يناقض مفهوم الدولة حيث ينتخب المواطن المرشح وفق مبدأ المواطنية والتمثيل.
ولا يخفى أن لمجلس النواب دوراً إضافياً كونه يمثل المؤسسة التي يترأسها ممثل الطائفة الشيعية في الكيان وهي الطائفة التي شكلت قضية إشراكها في النظام السياسي الطائفي اللبناني بفاعلية توازي حجمها الكياني عنصر تفجير دائم للأزمات الكيانية بين الطوائف المتحدة... وقد انعكس حجم وجود هذه الطائفة عبر تقرير صلاحيات رئيس المجلس النيابي في الدستور وبالتالي موقعه، أي موقع طائفته وذلك عبر تمديد ولايته من سنة قابلة للتجديد (قبل تعديل 1990) إلى أربع سنوات وهي المدة القانونية لعمر المجالس النيابية اللبنانية هذا إلى جانب منحه حق التقدير المطلق في تحديد مدى ملاءمة عرض القوانين المعجلة على الهيئة العامة والأهم تفعيل دوره في تسمية الرئيس المكلف تشكيل الحكومة حيث نصت الفقرة (2) من المادة (53) على أن رئيس الجمهورية يسمي بالتشاور مع رئيس مجلس النواب واستناداً إلى استشارات نيابية ملزمة رئيس الحكومة المكلف.
هذه الحقوق إضافة إلى حقه المكرس في المادة (19) بمراجعة المجلس الدستوري يعزز موقعه الناتج من كونه ممثلاً لطائفة بعينها. ولسنا هنا بصدد التدليل على أكثر من فكرة بسيطة مفادها أن تكوين السلطة المشترعة، وتقنين أصول انتخابها، وموقع رئيسها، بهذا الشكل هو أمر لا يمكن فهمه في (الدول) بل لا يمكن تصوره، نعم يمكن فهمه كنتاج لمعاهدة تحالف وتعاون متبادل بين كيانات تحاول أن تحفظ مواقعها وحدودها وأدوارها.
حول علاقة التشاركية في السلطة التنفيذية ونفي الدولة
من العلاقات المميزة للأنظمة السياسية التي لا تشكل دولة ولا تكون مركزاً إناطة السلطة الإجرائية بهيئات جماعية (سويسرا مثلاً). وقد أخذ النص الميثاقي اللبناني بعد تعديل عام 1990 بهذه الطريقة الجماعية في إدارة البلاد حيث نصت المادة 17 المعدلة على أن تناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء الأمر الذي قررته حرفياً المادة 65. ودلالة هذا التعديل تبرز من ملاحظة الفقرة (ألف) من المادة 95 التي نصت على "أن تمثل الطوائف بصورة عادلة في تشكيل الوزارة". فالممثل في الحكومة أي مجلس الوزراء ليست الأحزاب أو الكتل البرلمانية إنما الطوائف التي تمثل كما أكدنا قاعدة الحكم وهي الكيانات التي لا يصح إدارة شؤونها عبر مجالس لا تتمثل فيها بصورة عادلة وصحيحة وكون الحكومة تتشكل عبر الاستشارات النيابية والثقة في مجلس النواب فهذا يضمن للطوائف مراعاتها بشكل دائم. والطبيعة التشاركية للحكومة والنافية ذاتاً لفكرة الدولة تتأكد من خلال الفقرة (5) من المادة (65) التي اشترطت لانعقاد جلسات المجلس نصاب (أكثرية ثلثي أعضائه) على أن يتخذ قراراته "توافقياً". ولا بد من التشديد هنا على عبارة توافقياً حيث جعلت هذه المادة قاعدة الحكم ومرتكز الحكومة "التوافقية". ويستخدم مفهوم التوافقية للإشارة إلى عدد من الأنظمة السياسية حيث تسوى النزاعات بالتراضي، إذا خففت الفئات المتعددة خلافاتها بروح من التنازل والتسامح وليس من خلال تطبيق مبدأ الأكثرية. إنها مجتمعات ذات انقسامات دينية أو إثنية عميقة وتعرف بالتالي عدداً كبيراً من الفئات المتعارضة... ودوراً لمجلس كمجلس حكم جماعي يبرز عبر اشتراط الفقرة (5) من المادة (65) موافقة أكثرية ثلثي عدد أعضاء الحكومة المحدد في مرسوم تشكيلها في المواضيع الأساسية التي ذكرت منها على سبيل المثال لا الحصر ما يأتي:
تعديل الدستور، إعلان حالة الطوارئ وإلغاؤها، الحرب والسلم، التعبئة العامة، الإتفاقات والمعاهدات الدولية، الموازنة العامة للدولة، الخطط الإنمائية الشاملة والطويلة المدى، تعيين موظفي الفئة الأولى وما يعادلها، إعادة النظر في التقسيم الإداري، حل مجلس النواب، قانون الانتخابات، قانون الجنسية، قوانين الأحوال الشخصية، إقالة الوزراء...
ومن ملاحظة هذه النماذج وبقرينة (قوانين الأحوال الشخصية) بل وطبيعة الموضوعات المثارة، نقطع القول بأن هذه القضايا تشترط في القرارات التي تتصل بها موافقة أكثرية ثلثي الأعضاء الذين يشكلون الحكومة حسب العدد المحدد في مرسوم تشكيلها لأنها قضايا تمس أسس الاتحاد وتتعلق بقضايا جوهرية في التعاقد القائم بين الطوائف لذا لا يصح قطع الرأي فيها بمعزل عن أكثرية موصوفة، هذا مع تعذر الإجماع الذي أشار النص إليه كأصل تحت عنوان التوافق.
إن هذه الكيفية في إدارة مجالس الحكم غير معروفة في نظم غير النظم السياسية التشاركية حيث النظام السياسي لا ينجم عن الهيمنة التي تمارسها دولة على أعضائها أو أفرادها إنما عن اتحاد بين كيانات لكل منها شخصيته وكيانيته واستقلاله.
وفي السلطة الإجرائية تبرز كيانية رئيس مجلس الوزراء التي كرسها تعديل العام 1990 في نص المادة (64) بعد أن كان وزيراً أولاً في دستور (1926) وإن كان في حينها مختصاً بأعراف دستورية تمنحه نفس الصلاحيات المكرسة في نص المادة (64) الحالية. وكما كرس النص ومعه الأعراف موقعاً متميزاً لرئيس مجلس النواب نظراً لكونه ممثلاً فعلياً لطائفة فاعلة في الاتحاد كذلك فعل مع رئيس مجلس الوزراء. ويمكن تأييد هذا الطرح بالفقرة (4) من المادة (53) التي نصت على أن رئيس الجمهورية "يصدر بالاتفاق مع رئيس مجلس الوزراء مرسوم تشكيل الحكومة ومراسيم قبول استقالة الوزراء أو إقالتهم".
كما الفقرة (12) من نفس المادة حيث النص على حق رئيس الجمهورية في الدعوة إلى جلسات استثنائية لمجلس الوزراء كلما رأى ذلك ضرورياً "بالاتفاق مع رئيس الحكومة". والقاعدة الكبرى للتشاركية الطائفية تبينها المادة (54) تعديل العام 1990 حيث نصت على أن: "مقررات رئيس الجمهورية يجب أن يشترك معه في التوقيع عليها رئيس الحكومة والوزير أو الوزراء المختصون..." "أما مرسوم إصدار القوانين فيشترك معه في التوقيع عليه رئيس الحكومة".
هذا النحو من التعقيد القانوني يجعل أمر الإدارة والحكم على المستوى الإجرائي التنفيذي موزعاً بين رئيس الجمهورية الذي يمثل الطائفة المارونية ورئيس الحكومة السني ومجلس الوزراء المشكل من مجموع الطوائف مع صلاحيات فاعلة ومؤثرة لرئيس المجلس النيابي الشيعي من أجل التوازن العام في الإتحاد الطوائفي. وهنا ينبغي التأكيد على أن حق التوقيع هو بمثابة حق النقض (الفيتو)الممنوح للطوائف التي يشترط توقيع ممثليها على جميع ما أشرنا إليه أعلاه ويمكن لأي طائفة ان ترفض التوقيع وبالتالي تنقض عمل الإدارة وسيرورة حركتها.
إن الدول كما حددناها سابقاً لا تعرف هذا النحو من الإدارة، فالسيادة الشعبية في الدول كمفهوم لا تقبل التنازل عنها أو إحالتها أو توزيعها بين عدد من السلطات أو الهيئات مخافة أن يؤدي ذلك إلى تجزئتها وعدم فعاليتها وحتى زوالها. أما في الاتحادات التشاركية فالطبيعة الذاتية تقتضي التوزع في السلطة مع حفظ الشراكة في كل منها وهذا يتضح من مراجعة الصلاحيات التي نص عليها الدستور لرئيس الجمهورية في المواد من (51) حتى (59) على التوالي. هذه الصلاحيات منها ما هو خاص به حصراً كإصدار مرسوم قبول استقالة الحكومة ومرسوم تعيين رئيس الحكومة ومنها ما يمارسه بالشراكة مع رئيس الحكومة أو الوزراء كما أشارت المادة (54) وبعض فقرات المادة (53). وهذه التداخلية والاشتراكية في الصلاحيات لا تفهم في الدول لكن تفهم تماماً في الأنظمة السياسية المشابهة للنظام السياسي اللبناني حيث لا دولة ولا مركز.
وقد ولَّدت هذه الطبيعة الخاصة للنظام السياسي اللبنانية مؤسسة قائمة عرفاً وغير مدونة ضمن النصوص وعلى درجة عالية من الفعالية أطلق عليها تسمية "ترويكا" حيث يشترك كل من رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء في تقرير أمور الدولة قبل عرضها على أي مؤسسة دستورية مدونة.
وهذا أمر مشروع تماماً بحسب النظام القائم الذي لا يهتم بالمؤسسات أو الأجهزة، ولا بتدوينها أو عدمه، فما دامت شروط المشاركة التوافقية متحققة لجميع الطوائف فإن الحكم يكون شرعياً والقرارات تكون كذلك من حيث مشروعيتها الواقعية...

حول التكوين التشاركي للإدارة ونفي المركز

لن نتوسع في هذه الفقرة بل سنكتفي بالإشارة إلى جوهر النقطة المبحوث فيها. إن المركز الذي يتولى مهمة التنسيق بين أجهزة النظام السياسي يفترض أن ينفصل ولو جزئياً عن مكونات المجتمع المكون للنظام السياسي بحيث يتحقق نوع من الحياد في الإدارة المدنية ما يؤدي إلى قيام بيروقراطية مركزية مستقلة ومحترفة يتم اختيارها على أساس الكفاءة والجدارة. إن نص المادة (95) من الدستور اللبناني للعام 1926 ناقض هذا المبدأ حيث تضمن ما يلي: "بصورة مؤقتة والتماساً للعدل والوفاق تمثل الطوائف بصورة عادلة في الوظائف العامة..." والفقرة (ب) من المادة (95) بتعديل (1990) رغم أنها جاهرت بالنص على "إلغاء قاعدة التمثيل الطائفي" وعلى اعتماد "الاختصاص والكفاءة في الوظائف العامة والقضاء والمؤسسات العسكرية والأمنية والمؤسسات العامة والمختلطة" إلا أنها استثنت "وظائف الفئة الأولى وما يعادل الفئة الأولى" حيث "تكون الوظائف مناصفة بين المسلمين والمسيحيين دون تخصيص أية وظيفة لأية طائفة". هذا النص الذي يعد محاولة ناقصة لتحرير الإدارة والشروع في تشكيل المركز لم تبرز له أية مفاعيل تطبيقية خلال الفترة الممتدة من عام 1990 إلى اليوم سوى في مداورة بعض وظائف الفئة الأولى مع استمرار تخصيص بعض الوظائف لفئات معينة كقيادة الجيش مثلاً. وعليه كان ولا يزال النص القديم للمادة (95) هو الواقع المعاش وذلك من أجل احترام التعددية ومراعاة للتوازن ومنعاً للانفجار وتحقيقاً للتمثيل المنصف.
ويبين هذا الواقع إلى أي مدى يحسب حساب الولاءات الطائفية ضمن البنية العامة للنظام السياسي. وهذا يدل وحده على استحالة وجود الدولة كما على استحالة وجود المركز بل أكثر من ذلك على استحالة قيامهما في أي وقت لاحق في المدى المنظور...

حول التشاركية في تعديل الميثاق التعاهدي

الدساتير لجهة تعديلها نوعان، مرنة وجامدة. والدساتير المرنة هي تلك التي تتبع في تعديلها نفس الأصول المتبعة في إقرار أو تعديل القوانين العادية كما تناط سلطة إقرار التعديلات بالسلطة التي يناط بها قانوناً وضع القوانين العادية وإقرارها. أما الدساتير الجامدة فهي التي تفترض لتعديلها شروطاً وإجراءات خاصة مغايرة لجهة شدة الصعوبة والتعقيد والاختلاف عن تلك المقررة لتعديل القانون العادي...
والدستور اللبناني هو من أكثر الدساتير جموداً فهو يفترض قيوداً مشددة كما يفترض التوافق بين السلطتين التشريعية والتنفيذية وضمناً رئيس الجمهورية.
هذا التشدد والتعقيد الظاهر من مواد الدستور (76، 77، 78، 79) يبرز الدور التعاهدي لميثاق الاتحاد الطوائفي ما يجعل المساس به أمراً يهدد الكينونة الكلية للكيان أي للنظام السياسي برمته، كما يحمل تهديداً مباشراً للكينونات المستقلة لكل طائفة بذاتها. هذا الحرص على أن تمارس كل طائفة حق النقض في أمر تعديل الدستور يثبت الطبيعة "اللادولتية" للكيان والطبيعة المتجاوزة للدستور وللنص الدستوري فاشتراط خطوات أو مراحل ثلاثاً لا بد من تخطيها تباعاً في تعديل الدستور هي:
1- اقتراح التعديل
2- وضع مشروع التعديل
3- إقرار التعديل
واشتراط صيغ خاصة لكل مرحلة مع اعتماد علاقة تكاملية اشتراطية بين المراحل الثلاث يثبت أن الطوائف تتشدد في الحفاظ على معاهدة التحالف والتعاون القائمة بينها بحيث لا يتمكن أحد الأطراف من تعديلها بمفرده مهما اختلت موازين القوة الواقعية.
فنجد أن اقتراح التعديل مثلاً ووفقاً للمادتين 76 و77 يمكن أن يعود إما إلى رئيس الجمهورية (م76) أو إلى عشرة من النواب (م77) على أن يوافق على اقتراحهم أكثرية الثلثين من مجموع الأعضاء الذين يتألف منهم المجلس قانوناً... بعد اقتراح التعديل سواء عبر الطريق الأول أو عبر الطريق الثاني يحال الاقتراح إلى الحكومة التي يجب أن توافق عليه بأكثرية الثلثين ثم تضع مشروع التعديل وتوافق عليه بنفس الأكثرية الموصوفة ثم تحيل المشروع المقترح كتعديل إلى الهيئة العامة لمجلس النواب لإقراره. ومهم أن نشير إلى أن للحكومة أن تعترض على اقتراح التعديل وأن تعيد الاقتراح إلى المجلس (م77) فإذا أصر المجلس بأكثرية ثلاثة أرباع مجموع الأعضاء الذي يتألف منه قانوناً كان لرئيس الجمهورية الخيار بين إجابة المجلس إلى رغبته أو الطلب من مجلس الوزراء حله وإجراء انتخابات جديدة... هذا التشابك والتعقيد وحقوق النقض المفتوحة والأكثرية الموصوفة المشترطة عند كل خطوة تظهر أننا لا نتعامل مع "دستور" بالمعنى العادي في "الدول" بالمعنى السائد والمعرف من قبلنا مسبقاً. صحيح أن جميع الدول تشترط أصولاً خاصة لتعديل دساتيرها وقد تكون أصولاً متشددة لكن الدلالة في الدول غيرها من الاتحادات التشاركية نظراً لاختلاف ماهية النص موضوع التعديل.

حول ما يمكن ان يكون نتيجة

ننتهي مما بحثناه الى أنه "لا دولة" في لبنان بالمعنى الاندماجي الذي يلغي الحواجز بين الفئات، هناك بل اتحاد تشاركي يعزز الحواجز ويكرسها منعاً للانفجار. وعليه تكون علاقة الحزب بولاية الفقيه علاقة مألوفة في إطار نظام سياسي تشاركي يؤكد الهوية الذاتية للكيانات ويعززها، لا أنها عائق يحول دون اندماج الحزب في الدولة كما زعم بعض الناقدين، فأي عائق يحول بين المتحقق والمعدوم عن أن يندمجا؟؟
وزيادة في التحديد فنحن ندعي أن ولاية الفقيه بالمعنى المقرر في البحوث الاجتهادية ليست إلا ولاء طرفياً أو شكلاً من أشكال ممارسة "السلطة" الداخلية في إطار كيان – طوائفي مشارك في تشكيل الاتحاد العام للطوائف وفاعل في إدارته وهو يأتلف مع أشكال ممارسة السلطة الداخلية لسائر الأطر الكيانية – الطوائفية المجاورة والمتشاركة معه.
وهذا أمر مشروع ومفهوم تماماً، ففي كل مرة لا يكون فيها "المجتمع متجانساً على غرار المجتمع البريطاني ولا مميّزاً ومذرراً كما في الحالة الفرنسية حيث من المفترض أن يمنح المواطن ولاءه للدولة(3)
وفي كل مرة لا يكون هناك دولة كاملة ولا مركز تكون الولاءات الطرفية معترفاً بها تماماً ومعتبرة كولاءات مشروعة، ففي هذه الحالة ليس المجتمع هو الذي يؤمن تماسكه الخاص، ولا الدولة هي التي تسير المجتمع، بل ترجع هذه المهمة بالعكس إلى الفئات المتعددة التي تنجم عن الانقسامات المتراكبة، هذا التوصيف يفترض أيضاً وجود إجماع داخل كل فئة من الفئات التي تتبادل الاعتراف بنخبها وتترك لها أمر التوافق فيما بينها(4).
وهكذا لا تتماثل الفاعليات لا بالمجتمع بأسره ولا بالدولة ولا بالطبقات الاجتماعية، بل بخصوصيتها الطائفية حصراً.
هذا الواقع المطبق في سويسرا مثلاً والممارس في لبنان ليس نموذجاً مصداقه الحصري علاقة حزب الله بولاية الفقيه، إنما هو نموذج معمم لدى جميع الطوائف. ويمكن التدليل على ما نقول بالعشرات من الأدلة التاريخية والسياسية. ولإثبات المدعى نشير إلى أن الكنيسة المارونية بما هي ولاية دينية مارست عبر تاريخها وما تزال تمارس نموذجاً مطابقاً لولاية الفقيه. فتاريخياً أكدت الكنيسة المارونية ذاتها كسلطة دينية لكيانيةٍ مستقلةٍ لها عليها الولاية العامة المطلقة عبر سلسلة من الإجراءات وصفها الباحثون على الشكل التالي: "يؤكد متّى موسى أن إدراك الموارنة لأنفسهم كجماعة منفصلة وفريدة ضمن (لبنان) تشكل خلال أوائل القرن التاسع عشر وأصبحت الكنيسة تعكس الخليقة المارونية، فيما يمثّل البطريرك السلطتين الدينية والدنيوية"(5)...
ويشير ألبرت حوراني في كتابه "أيديولوجيا الجبل" إلى أن الجانب الأصلي والدائم للوعي الذاتي الماروني كان "لطائفة مترابطة، والكنيسة المسيحية تعيش وحدها في ظل هيئتها الحاكمة الخاصة بها وتحمي نفسها..."(6)
هذه الأيديولوجيا التي يصفها "حوراني" ما لبثت أن تطورت وتدرجت نحو "مفهوم الأمة" أو "القومية المارونية" المرتبطة عضوياً بالحماية الغربية لا سيما بالحماية الفرنسية، فطوّر الموارنة وعياً تاريخياً لأنفسهم وإحساساً بالمصير المشترك، ناظرين إلى أنفسهم على أنهم شعب مستقل معتبرين أنفسهم "مجموعة قومية" إن لم يكن "أمة"(7).
وقد أدّى هذا الشعور الناشئ عبر الكنيسة وتحت مظلتها إلى أن رأى الموارنة في أنفسهم "جماعة مميزةً إتنياً ودينياً" ما أعطى عمقاً تاريخياً وفلسفياً للكيان السياسي الماروني الداخلي المنفصل والمستقل عملياً.
وهل يمكن أن تسمى هذه الممارسات باسم آخر غير السيادية الداخلية التي نرغب في إثباتها كنظيرٍ لولاية الفقيه التي يرى بعضهم أنها تعيق اندماج حزب الله ومن خلفه الشيعة في "الدولة المزعومة"؟
هذا النهج لا يزال نهج الطوائف والمذاهب التي تملك أشكالها السلطوية الداخلية الخاصة التي تميزها وتحفظ كيانيتها في مقابل الآخرين. إذاً علاقة الحزب بولاية الفقيه ليست علاقة غريبة أو جديدةً على الكيان السياسي اللبناني مع الإشارة إلى أن الحزب يؤكد دائماً أن ولاية الفقيه لا تتدخل في إدارة الشؤون التفصيلية أو ممارسة الأعمال السيادية لا بالأصالة ولا بالنيابة بل تقر المشروعية الدينية للأعمال فقط تبعاً لتشخيص أهل الخبرة.
يمكن أن نقدم المئات من الأدلة على ما أكدناه من هيمنة الولاءات الطرفية ومشروعيتها الواقعية لدى جميع الطوائف لو أردنا ذلك، إلا أننا نعتقد أن ما ذكرناه فيه الكفاية لإثبات ما عرضناه في مقدمة هذا البحث.
المصادر :
1- الغزال، إسماعيل، القانون الدستوري، ص126، م.س.
2- لالاند، أندريه، موسوعة لالاند الفلسفية، ج3، ص1204، مادة دين، م.س.
3- بادي برتران، بيار بيرنيوم، سوسيولوجيا الدولة، ص120، م.س.
4- Berry، Brain: "Political Accommodation and Compositional Democracy". British Journal of Political Science، October، 1975.
5- Maati Mossa، the maronites in History Syracuse: Syracuse university pre، 1986، p.284. نقلاً عن: أيزنبرغ، لورا، عدو عدوّي، الصلات الصهيونية اللبنانية، ترجمة، رضاي سلمان، ص56، شركة المطبوعات للتوزيع والنشر، ط2، 1997.
6- أيزنبرغ، لورا، عدو عدوي، ص56، م.س.
7- شولتزه، كريستين، دبلوماسية إسرائيل السرية في لبنان، ص30 وما بعدها، شركة المطبوعات للنشر، بيروت، بدون تاريخ.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.