![عامر بن مسعود بن خلف عامر بن مسعود بن خلف](https://rasekhoon.net/_files/thumb_images700/article_ar/%D8%B9%D8%A7%D9%85%D8%B1%20%D8%A8%D9%86%20%D9%85%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%20%D8%A8%D9%86%20%D8%AE%D9%84%D9%81.jpg)
هو : عامر بن مسعود بن أميّة بن خلف بن وهب بن حذافة ، القرشيّ ، وأمّه بنت أبي بن خلف. (١)
ثار أهل الكوفة سنة (٦٤) للهجرة (بعد وفاة يزيد بن معاوية) فأطاحوا بعمرو بن حريث (خليفة عبيد الله بن زياد في الكوفة) وأمّروا عليهم عامر بن مسعود. (٢)
وبعد مرور شهر على ثورة أهل الكوفة ، بويع في العراق لعبد الله بن الزبير بالخلافة فأقرّ عامر على إمارة الكوفة. (٣) وكان عامر بن مسعود قصير القامة ويلقب ب (دحروجة الجعل) حيث قال فيه عبد الله بن همّام السلوليّ : (٤)
اشدد يديك بزيد إن ظفرت به / واشف الأرامل من دحروجة الجعل
وكان عامر بن مسعود من الّذين شهدوا على حجر بن عدي الكنديّ أمام زياد بن أبيه بأنّه خلع الطاعة ويدعو إلى نكث البيعة ... الخ ، وكانت تلك الشهادة مما تسببت في قتل حجر وجماعته. (٥)
ولمّا انتخب أهل الكوفة (عامر بن مسعود) ليصلّي بهم لحين استتباب الوضع في الكوفة ، وانتخاب أميرا عليها صعد عامر المنبر وخطب الناس قائلا : (إنّ لكلّ قوم أشربة ولذات ، فاطلبوها في مضانّها ، وعليكم بما يحلّ ويحمد واكسروا شرابكم بالماء ، وتواروا عنّي بهذه الجدران). فقال عبد الله السلوليّ :
إشرب شرابك وانعم غير محسود / واكسره بالماء لا تعصي ابن مسعود
إنّ الأمير له في الخمر مأدبة / فاشرب هنيئا مريئا غير مرصود
من ذا يحرّم ماء المزن خالطه / في قعر خابية ماء العناقيد
إنّي لأكره تشديد الرواة لنا / فيها ويعجبني قول ابن مسعود
وبقي عامر بن مسعود أميرا على الكوفة ثلاثة أشهر ، عزله بعدها عبد الله بن الزبير ، وأرسل عبد الله بن يزيد الخطميّ الأنصاريّ على الصلاة ، وإبراهيم بن محمّد بن طلحة على الخراج.
عبد الله بن يزيد الخطميّ
وهو عبد الله بن يزيد بن زيد بن حصن الخطميّ ، الأوسيّ ، الأنصاريّ ، المدنيّ ثمّ الكوفيّ ، وكنيته : أبو موسى. ولّاه عبد الله بن الزبير إمارة الكوفة سنة (٦٤) للهجرة ، وذلك بعد عزل عامر بن مسعود بن خلف. ثمّ عزله سنة (٦٥) للهجرة وعيّن مكانه عبد الله بن مطيع العدويّ. (وكان عزله في ٢٥ من شهر رمضان من تلك السنة). وعبد الله ابن يزيد الخطميّ هو أحد الّذين شهدوا بيعة الرضوان ، وكان عمره آنذاك (١٧) (سنة. وقيل : لما برك الفيل على أبي عبيد الله الثقفيّ في (معركة الجسر) هرب الناس وذهب عبد الله الخطميّ وقطع الجسر وقال : (قاتلوا عن أميركم). ثمّ ذهب إلى المدينة وأخبر الخليفة عمر بن الخطاب بذلك.
وشارك ابن مطيع في حربي (صفّين والنهروان) مع الإمام عليّ عليهالسلام.
وبعد هلاك يزيد بن معاوية بن أبي سفيان بستة أشهر ، ذهب المختار ابن عبيد الثقفيّ إلى الكوفة في النصف من شهر رمضان من سنة (٦٤) للهجرة ووصلها أيضا في الثاني والعشرين من الشهر نفسه عبد الله بن يزيد الخطميّ أميرا على الكوفة من قبل عبد الله بن الزبير. فأخذ المختار يدعو إلى الثأر من قتلة الحسين عليهالسلام ويقول : (جئتكم من عند المهديّ (محمّد بن الحنفية وزيرا وأمينا). فوصل الخبر إلى عبد الله بن يزيد بأن المختار يستعدّ للقيام بثورة ضدّ الوضع الحالي في الكوفة ، فقال عبد الله : (إن هم قاتلونا ، قاتلناهم ، وإن تركونا لم نطلبهم ، إنّ هؤلاء القوم يطالبون بدم الحسين بن عليّ فرحم الله هؤلاء القوم ، إنّهم آمنون فليخرجوا ثائرين وليسيروا إلى من قاتل الحسين ، فقد أقبل اليهم ابن زياد ، وأنا لهم ظهير ، هذا ابن زياد ، قاتل الحسين ، وقاتل أخياركم وأماثلكم قد توجّه اليكم ، وقد فارقوه على ليلة من (جسر منبج) فقتاله والاستعداد إليه أولى من أن تجعلوا بأسكم بينكم ، فيقتل بعضكم بعضا ، فيلقاكم عدوّكم وقد ضعفتم وتلك هي أمنيته ... الخ).
فلمّا فرغ عبد الله بن يزيد من قوله ، قال إبراهيم بن محمّد بن طلحة : (أيّها الناس لا يفرنّكم من السيف مقالة هذا المداهن ، والله لئن خرج علينا خارج لنقتلّنه ، ولئن استيقنّا أنّ قوما يريدون الخروج علينا ، لنأخذنّ الوالد بولده ، والمولود بوالده ، والحميم بالحميم ، والعريف بما في عرافته ، حتّى يدينوا للحقّ ويذللوا للطاعة). (6)
ثمّ قام المسيب بن نجيبة فقطع كلامه وقال : (يا ابن الناكثين أنت فاجتمع هؤلاء الزعماء الخمسة في دار سليمان بن صرد الخزاعي وتدارسوا الأمر فيما بينهم فاتفقوا على أن يكون رئيسهم هو سليمان بن صرد الخزاعي. عندها أخذ سليمان بن صرد يكاتب جماعته والموالين لآل البيت عليهمالسلام وكتب إلى سعد بن حذيفة بن اليمان في (المدائن) وكتب إلى المثنى بن مخرمة العبدي يدعوهم إلى طلب الثأر بدم الحسين عليهالسلام والتأهب والاستعداد للقتال ، فكان الناس يجيبوه : بأنهم مستعدون للقتال في أي وقت يشاء ، واستمر سليمان بن صرد بالاستعداد وحث الناس للأخذ بثأر الحسين عليهالسلام إلى أن مات يزيد بن معاوية سنة (٦٤) للهجرة وثار أهل الكوفة على عمرو بن حريث (خليفة عبيد الله بن زياد على الكوفة) وطردوه من قصر الإمارة ، وطردوا كافة الأمويين الّذين معه. ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ١٥٨.
أما المختار بن عبيد الثقفيّ فلم يكن في بادئ الأمر يدعو الناس إلى نفسه ذلك لأن الأنظار كانت متجهة نحو سليمان بن صرد (وانتخبوه رئيسا كما بيّنا آنفا). ولكن بعد أن قتل سليمان بن صرد قام المختار بن عبيد بثورته. (وسوف نتكلم عن ثورة المختار في حينها).
وخرج سليمان بن صرد الخزاعي وجماعته من الكوفة قاصدين عبيد الله بن زياد فذهبوا أولا إلى كربلاء (حيث مرقد الحسين عليهالسلام. فلمّا وصلوا إلى القبر الشريف أخذوا يبكون وينوحون وتابوا عنده إلى الله تعالى من خذلانه وعدم نصرته وترك القتال معه وأقاموا حول القبر يوما وليلة وكان من قولهم عند (المرقد الشريف) : اللهم ارحم حسينا ، الشهيد ابن الشهيد ، المهديّ بن المهديّ ، الصديق بن الصديق ، اللهم إنا نشهدك إنا على دينهم وسبيلهم ، وأعداء قاتليهم ، وأولياء محبيهم ، اللهم إنا خذلنا ابن بنت نبينا صلىاللهعليهوآلهوسلم تهددنا بسيفك وغشمك؟ أنت والله أذلّ من ذلك ، إنّا لا نلومك على بغضنا ، وقد قتلنا أباك وجدك). ثمّ وجه كلامه إلى عبد الله بن يزيد وقال له : (أيّها الأمير أما أنت فقد قلت قولا سديدا). ثمّ قام عبد الله بن وال وقال لإبراهيم بن طلحة : (ما اعتراضك فيما بيننا وبين أميرنا؟ ما أنت بأمير علينا إنّما أنت أمير هذه الجزية ، فاقبل على خراجك ولأن أفسدت أمر هذه الأمة ، فقد أفسده والداك وكانت عليهما دائرة السوء). ثمّ تصالح عبد الله بن يزيد وإبراهيم بن محمّد فيما بعد.
وكان عبد الله بن الأحمر يحرض الناس على الثورة والذهاب إلى قتال قتلة الحسين عليهالسلام فقال :
صحوت وودعت الصبا والغوانيا / وقلت لأصحابي : أجيبوا المناديا
وقولوا إذا ما قام يدعو إلى الهدى / وقبل الدعاء : لبيك لبيك داعيا
ويقول في هذه القصيدة أيضا :
ألا وانع خير الناس جدا ووالدا / حسينا لأهل الدين إن كنت ناعيا
فاغفر لنا ما مضى منا وتب علينا وارحم حسين الشهيد وأصحابه الشهداء والصديقين وإنا نشهدك إنا على دينهم وعلى ما قتلوا عليه وإن لم تغفر لنا وترحمنا لنكونن من الخاسرين). ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ١٧٨.
ثمّ سار سليمان بن صرد بجيشه حتّى وصل إلى (قرقيسياء) على شاطئ الفرات فالتقى بجيش عبيد الله بن زياد (القادم من الشام) وقد كان عدد جيشه ثلاثين ألف مقاتل فحصلت معركة عنيفة بين الطرفين استشهد فيها سليمان بن صرد الخزاعي ، رماه يزيد بن الحصين بسهم فقتله وقتل من أصحابه الكثير ، ولمّا شعر الباقون من جيش سليمان بن صرد بقلة عددهم وكثرة عدوّهم وأنهم لا طاقة لهم على حربهم تركوا ساحة المعركة ورجعوا إلى أماكنهم.
قتل سليمان بن صرد الخزاعي في شهر ربيع الأول من سنة (٦٥) للهجرة وكان عمره (٩٣) سنة. (تأريخ اليعقوبي ج ١ / ٢٠١ وابن الاثير ـ الكامل ج ٤ / ١٨٣.
لبيك حسينا مرقل ذو خصاصة / عديم وأيتام تشكي المواليا
فأضحى حسين للرماح دريئة / وغودر مسلوبا لدى الطفّ ثاويا
سقى الله قبرا ضمنّ المجد والتقى / بغربيّه الطفّ الغمام الغواديا
فيا أمّة تاهت وظلّت سفاهة / أنيبوا فارضوا الواحد المتعاليا
مات عبد الله بن يزيد الخطميّ في الكوفة سنة (٧٠) للهجرة وعمره (٨٠) سنة.
المصادر :
1- ابن حزم ـ جمهرة أنساب العرب. ص ١٦٠.
2- ابن أعثم الكوفي ـ الفتوح. ج ٦ / ٥٢. والبراقي ـ تاريخ الكوفة. ص ٢٤٢.
3- تاريخ الطبري. ج ٥ / ٥٢٩.
4- المصدر السابق ج ٥ / ٥٧٧.
5- وقد تكلّمنا عن حجر وجماعته في ص ١٩٢.
6- ابن الأثير ـ الكامل. ج ٤ / ١٦٤.