التكبر والرياء

التكبّر هو أن يُعجب الإنسان بنفسه لصفة فيه أو لعمل قام به، ويتعالى على الآخرين بسبب ذلك.
Monday, May 7, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
التكبر والرياء
التكبر والرياء

التكبّر هو أن يُعجب الإنسان بنفسه لصفة فيه أو لعمل قام به، ويتعالى على الآخرين بسبب ذلك.
ففي وصيّة لقمان الحكيم لابنه، والتي تعرّض لها القرآن الكريم نقرأ:﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً إِنَّ الله لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾1.
وكما أنّ للخير وللطاعة مفاتيح، فكذلك المعاصي والكفر، فإنّ مفتاحهما التكبّر، ويكفي أنّ نتذكّر أنّ المعصية الأولى التي وقعت كانت بسبب التكبّر. وتتمثّل برفض إبليس أمر الله عزّ وجلّ بالسجود لآدم، قال تعالى:﴿فَسَجَدَ الْمَلآئِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ﴾2.
التكبـّر هو التعالي على الآخرين بسبب ما يراه لنفسه من فضل، وهو السبب في أوّل معصية صدرت برفض إبليس السجود لآدم.
آثار التكبــّر
من الشواهد على آثار التكبّر قصّة فرعون، وتمثلّت بارتكاب أعظم الذنوب، ومنها:
1ـ ادّعاء الربوبيـّة:﴿وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحاً لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَى إِلَهِ مُوسَى وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينََ﴾3.
2ـ ظلم الناس واضطهادهم:﴿إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِّنْهُمْ يُذَبِّحُ أَبْنَاءهُمْ وَيَسْتَحْيِي نِسَاءهُمْ إِنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ﴾4.
عقاب الكبر
1 ـ الحرمان من الجنّة: فقد جاء عن النبيّ صلى الله عليه واله وسلم أنّه قال:"لن يدخل الجنّة من كان في قلبه مثقال حبّة من خردل من كبر"5.
2 ـ العذاب في سقر: عن الإمام الصادق عليه السلام أنّه قال:"إنّ في جهنّم لوادياً للمتكبّرين يقال له سقر شكى إلى الله عزّ وجلّ شدّة حرّه، وسأله أن يأذن له أن يتنفّس فتنفسّ فأحرق جهنّم"6.
علاج التكبــّر
إنّ معالجة هذا المرض الأخلاقيّ تتحقّق بمراجعة الإنسان لنفسه لكي يتذكّر
1ـ أنـّه مخلوق ضعيف وعاجز: لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضرّاً، فإذا أراد الله أن يصيبه ببلاء أو بآفة أو يسلب منه ما هو فيه من صفات أدّت به إلى العجب، فلن يتمكّن من منع ذلك.
2ـ أن يتذكّر عظمة الله ـ عزّ وجلّ: ويُصَغِّرَ نفسه أمامه سبحانه، ورد عن الإمام عليّ(عليه السلام):"لا ينبغي لِمَنْ عَرَفَ الله أَنْ يَتَعاظَمَ"7.
3ـ التواضع للناس، وهو العلاج العمليّ للشخص: الذي يعيش التكبّر في نفسه، فيعيش معهم كما يعيشون، لا يرى لنفسه فضلاً عليهم. فيخالط الفقراء، ويبدأهم بالسلام، ويجلس معهم على موائد.
4ـ اللجوء للصلاة والدعاء والتذّلل إلى الله عزّ وجلّ: فإنّ ذلك يساعد على تحطيم حالة العظمة التي يعيشها الإنسان المتكبّر، ورد في الرواية عن الإمام عليّ(عليه السلام):"فَرَضَ الله الإيمانَ تطهيراً من الشّركِ، والصّلاةَ تنزيهاً عن الكِبّر"8.
استنتاج
علاج التكبّر يكون بالاعتراف بالعجز والضعف، وبتذكّر عظمة الله وبالتواضع للناس، وبالصلاة والتذلّل إلى الله عزّ وجلّ. وبمعرفة الله حقّ معرفته، ومعرفة أنّه المنعم الحقيقيّ الّذي بيده الأمور كلّها.
الرياء
قد يأتي الإنسان بأعمال الخير من العبادات أو الإحسان إلى الناس، أو يتحلّى ببعض الصفات الحسنة، ولكنّه يُظهر ذلك أمام الناس طلباً للمكانة والشهرة لديهم.
إنّ البلاء الذي يقع فيه المرائي، هو أنّه يأتي بالعمل مظهراً أنّه لله، وهو ينتظر الثواب من الله، ولكنّه في باطنه يأتي بالعمل للناس لا لله، فلا يستحقّ جزاءً ولا ثواباً من الله عزّ وجلّ. ولذا، ورد في الرواية عن رسول الله:"إِنّ المَلَكَ ليَصْعَدُ بِعَمَلِ الْعَبْدِ مُبْتَهِجاً بِهِ فإذا صَعَدَ بِحَسَناتِهِ يقولُ الله عزّ وجلّ اجعلوها في سجينٍ إِنّهُ ليسَ إِيّايَ أَرادَ بَها"9.
قد تؤدّي خدمة لأحد من الناس وتتمكّن من إخفاء هدفك الحقيقيّ من خدمته، ولا يعرف منك إلّا أنّك قد قصدت الإحسان له، ولكنّك لا تستطيع أن تخفي على الله ـ عزّ وجلّ ـ قصدك الحقيقيّ من أيّ عمل تقوم به، لأنّ الله عزّ وجلّ:﴿يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ﴾10.
علامات المرائي
ورد في الرواية عن الإمام عليّ(عليه السلام) تحديد علامات المرائي قال: للمرائي أربعُ علاماتٍ:
ـ يكسلُ إِذا كانَ وَحْدَهُ.
ـ وَيَنْشَطُ إذا كانَ في الناسِ.
ـ ويزيدُ في العملِ إذا أُثْنِيَ عليه.
ـ وَيُنْقِصُ مِنْه إذا لم يُثْنَ عليه.
الرياء هو عندما يأتي الإنسان بالعمل طلباً للمكانة والشهرة بين الناس.
علاج الرياء
إنّ للرياء طرقاً للعلاج، كما هو الحال في أيّ مرض أخلاقيٍّ، وطرق علاجه:
1ـ المعرفة الحقيقيـّة بالله عزّ وجلّ: إذا عرف الإنسان الله حقّ معرفته، عرف أنّ الأمور كّلها بيد الله، وأنّ ما يقوم به من فعل ويريد ثوابه من غير الله، فإنّه إنّما يفتّش عن السراب، ويترك المسبِّب الحقيقيّ الّذي بيده الأمور كلّها. ونحن نُقرُّ في كلِّ يوم، ونقرأ أكثر من مرّة، قوله تعالى:﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾، ولكنّنا عندما نأتي بالعمل رياءً، فإنّنا نخالف ما نُقِرُّ به في سورة الفاتحة.
2ـ النظر إلى الثواب والجزاء الحقيقيّ:فالمرائي الّذي يأتي بالعمل رياءً لوجه الناس، وينتظر الثواب منهم، ينسى أنّ الثواب الحقيقيّ،والجزاء هو من الله، وأنّه بعمله هذا يمنع من وصول الثواب الإلهيّ إليه. وقد ورد عن الإمام الصادق عليه السلام:"كلُّ رياء شرك، إنّه مَنْ عَمِلَ لِلناسِ كانَ ثوابُهُ على الناسِ وَمَنْ عَمِلَ للهِ كانَ ثوابُهُ على الله"11.

يا هارون

لمّا وصل هارون الرّشيد الكوفة قاصداً الحجّ، خرج أهل الكوفة للنظر إليه وهو في هودج عالٍ، فنادى البهلول: يا هارون!
فقال: من المجترئ علينا؟
فقيل: هو البهلول يا أمير المؤمنين، فرفع السجف.
فقال البهلول: يا أمير المؤمنين روينا بالإسناد عن قدامة عن عبد الله العامري قال: رأيت رسول الله يرمي جمرة العقبة، لا ضَرَبَ، ولا طَرَدَ، ولا قال إليك إليك، وتواضُعُكَ يا أميرَ المؤمنينِ في سفرِكَ هذا خيرٌ من تكبُّرِكَ.
فبكى هارون وقال: أحسنت يا بُهلول زدنا.
فقال: أيُّما رجل آتاه الله مالاً وجمالاً وسلطاناً، وأنفق ماله، وعفَّ جماله، وعدل في سلطانه كتب في ديوان الله من الأبرار.
فقال هارون: أحسنت وأمر له بجائزة.
فقال: لا حاجة لي فيها، رُدَّها إلى من أخذتها منه.
قال: فنُجري عليك رزقاً يقوم بك؟
قال: فرفع البهلول طرفه إلى السماء، وقال: يا أمير المؤمنين أنا وأنت عيالُ الله، فمحالٌ أن يذكرَك وينساني12.
المصادر :
1- لقمان: 18.
2- ص: 73 و74.
3- القصص::38.
4- القصص: 4.
5- ميزان الحكمة، ج3، ص 2653.
6- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 309.
7- عيون الحكم والمواعظ، الواسطي، ص 539.
8- نهج البلاغة، ج4، ص55.
9- جواهر الكلام، الجواهري، ج2، ص98.
10- غافر: 19.
11- الكافي، الشيخ الكليني، ج2، ص 294.
12- كشكول البهائي.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.