وهي ثلاث ليال، أوّلها ليلة التاسع عشر، ثمّ ليلة الحادي والعشرين، وآخرها ليلة الثالث وعشرين، وفي هذه الليالي تقدّر أمور الكون وتهبط الملائكة إلي الأرض لتلتقي ببقية الله الأعظم الإمام الحجّة المهدي المنتظر (عجّل الله تعالي فرجه الشريف).
وقد ورد في هذه الليالي أعمال كثيرة وأدعية وصلوات … مذكورة في كتب الأدعية والزيارات، وذكرنا جملة منها في كتاب (الدعاء والزيارة)
عن أبي عبد الله عليه السلام قال: في ليلة تسع عشرة من شهر رمضان التقدير، وفي ليلة إحدي وعشرين القضاء، وفي ليلة ثلاث وعشرين إبرام ما يكون في السنة إلي مثلها، لله جل ثناؤه يفعل ما يشاء في خلقه
غسل ليالي القدر
عن سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد الله عليه السلام كم أغتسل في شهر رمضان ليلة؟ قال: ليلة تسع عشرة وليلة إحدي وعشرين وثلاث وعشرين قال: قلت: فإن شق علي؟ قال: في إحدي وعشرين وثلاث وعشرين قلت: فإن شق علي؟ قال:
حسبك الآن(1).
فقد أدرك ليلة القدر
روي زرارة عن أبي جعفر عليه السلام: أن النبي صلي الله عليه و اله لما انصرف من عرفات وسار إلي مني دخل المسجد فاجتمع إليه الناس يسألونه عن ليلة القدر، فقام خطيبا فقال بعد الثناء علي الله:
أما بعد فإنكم سألتموني عن ليلة القدر ولم أطوها عنكم … اعلموا أيها الناس أنه من ورد عليه شهر رمضان وهو صحيح سوي فصام نهاره وقام وردا من ليله وواظب علي صلاته وهجر إلي جمعته وغدا إلي عيده فقد أدرك ليلة القدر وفاز بجائزة الرب(2).
هي ليلة القدر
سأل حمران أبا جعفر عليه السلام عن قول الله عزوجل: إنا أنزلناه في ليلة مباركة(3) قال: نعم، هي ليلة القدر، وهي في كل سنة في شهر رمضان في العشر الأواخر، فلم ينزل القرآن إلا في ليلة القدر، قال الله عزوجل: فيها يفرق كل أمر حكيم(4) قال: يقدر في ليلة القدر كل شيء يكون في تلك السنة إلي مثلها من قابل، من خير أو شر، أو طاعة أو معصية، أو مولود أو أجل أو رزق، فما قدر في تلك الليلة وقضي فهو المحتوم، ولله فيه المشيئة.
قال: قلت له: ليلة القدر خير من ألف شهر(5) أي شيء عني بها؟ فقال: العمل الصالح فيها من الصلاة والزكاة وأنواع الخير خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر، ولولا ما يضاعف الله للمؤمنين ما بلغوا ولكن الله عزوجل يضاعف لهم الحسنات.
ما أيسر الليلتين
عن علي بن أبي حمزة قال: كنت عند أبي عبد الله عليه السلام فقال له أبو بصير: جعلت فداك الليلة التي يرجي فيها ما يرجي أي ليلة هي؟ فقال: في ليلة إحدي وعشرين أو ثلاث وعشرين.
قال: فإن لم أقو علي كلتيهما؟
فقال: ما أيسر ليلتين فيما تطلب.
قال: فقلت: ربما رأينا الهلال عندنا وجاءنا من يخبرنا بخلاف ذلك في أرض أخري؟
فقال: ما أيسر أربع ليال فيما تطلب فيها.
قلت: جعلت فداك ليلة ثلاث وعشرين ليلة الجهني؟(6)
قال: إن ذلك ليقال.
قلت: جعلت فداك إن سليمان بن خالد روي أن في تسع عشرة يكتب وفد الحاج؟
فقال: يا أبا محمد وفد الحاج يكتب في ليلة القدر، والمنايا والبلايا والأرزاق وما يكون إلي مثلها في قابل، فاطلبها في إحدي وعشرين وثلاث وعشرين، وصل في كل واحدة منهما مائة ركعة وأحيهما إن استطعت إلي النور واغتسل فيهما.
قال: قلت: فإن لم أقدر علي ذلك وأنا قائم؟
قال: فصل وأنت جالس.
قلت: فإن لم أستطع؟
قال: فعلي فراشك.
قلت: فإن لم أستطع؟
فقال: لا عليك أن تكتحل أول الليل بشيء من النوم، إن أبواب السماء تفتح في شهر رمضان وتصفد الشياطين وتقبل الأعمال أعمال المؤمنين، نعم الشهر شهر رمضان كان يسمي علي عهد رسول الله صلي الله عليه و اله المرزوق.
ليلة 23
عن سفيان بن السمط قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: الليالي التي يرجي فيها من شهر رمضان؟
فقال: تسع عشرة وإحدي وعشرين وثلاث وعشرين.
قلت: فإن أخذت إنسانا الفترة أو علة ما المعتمد عليه من ذلك؟
فقال: ثلاث وعشرين(7).
وعن أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه السلام قال: من أحيا ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان، وصلي فيه مائة ركعة، وسع الله عليه معيشته في الدنيا، وكفاه أمر من يعاديه، وأعاذه من الغرق والهدم والسرق، ومن شر السباع، ودفع عنه هول منكر ونكير، وخرج من قبره نور يتلألأ لأهل الجمع، ويعطي كتابه بيمينه، ويكتب له براءة من النار، وجواز علي الصراط، وأمان من العذاب، ويدخل الجنة بغير حساب، ويجعل فيها من رفقاء النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا(8).
المصادر :
1- الدعاء والزيارة، للإمام الشيرازي : ص445-463-2 ط1 عام 1414ه 1994م مؤسسة البلاغ، بيروت.
2- الكافي: ج4 ص160 باب في ليلة القدر ح12.
3- وسائل الشيعة: ج3 ص303 ب1 ح3709.
4- بحار الأنوار: ج94 ص18 ب53 ح40.
5-سورة القدر: 1.
6- الجهني هو عبد الله بن أنيس الأنصاري وحديثه أنه قال لرسول الله : إن منزلي ناء عن المدينة، فمرني بليلة أدخل فيها، فأمره بليلة ثلاث وعشرين. انظر (من لا يحضره الفقيه): ج2 ص160-160 باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان ح2031.
7- من لا يحضره الفقيه: ج2 ص159-160 باب الغسل في الليالي المخصوصة في شهر رمضان ح2029.
8-وسائل الشيعة: ج10 ص357-358 ب32 ح13597.