الشبهات التی ینقلها الذکر الحکیم عن منکری المعاد تعد بالاصابع، غیر أنّ معضمها واهی، لیس له دلیل ، ومع ذلک لم یترکها القرآن بلا جواب، ، وفیما یلی نذکر رؤوس الشبهات الواهیة، ثم نتبعها بذکر الشبهات القابلة للبحث، فنطرحها ونناقشها.
1- لا دلیل على المعاد
یقول سبحانه: ﴿وَإِذَا قِیلَ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ وَالسَّاعَةُ لاَ رَیْبَ فِیهَا قُلْتُمْ مَا نَدْری مَا السَّاعَةُ إِنْ نَظُنُّ إِلاَّ ظَنّاً وَمَا نَحْنُ بِمُسْتَیْقِنِینَ﴾ (1).وقائل الشبهة یتظاهر بأنّه لا دلیل على النّشأة الأُخرى وإحیاء الموتى فیها، ولو کان لاتّبعه. ولم یترکه القرآن بلا جواب، فقد أقام براهین دامغة على إمکانه وضرورته.ولأجل کون المعاد مقروناً بالبراهین، یتعجّب القرآن من إنکارهم ویقول: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا کُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِی خَلْق جَدِید﴾ (2).
إنّ تخیل استحالة المعاد، الناشىء من توهّم أنّ إحیاء الموتى خارج عن إطار القدرة، جهل بالله سبحانه، وجهل بصفاته القدسیة، فإنّ قدرته عامة تتعلق بکل أمر ممکن بالذات، ومن هنا نجد القرآن الکریم یندد بقصور المشرکین وجهلهم فی مجال المعرفة، ویقول: ﴿وَمَا قَدَرُوا اللهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَالأَرْضُ جَمِیعًا قَبْضَتُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ وَالسَّمَوَاتُ مَطْوِیَّاتٌ بِیَمِینِهِ﴾ (3).و معنى عدم التقدیر هنا، عدم تعرفهم على الله سبحانه حقّ التعرف، ولذلک یعقبه بقوله: (وَنُفِخَ فِی الصُّورِ)، معرباً عن أنّ إنکار المعاد ینشأ من هذا الباب.
وفی آیات أُخرى تصریحات بعموم قدرته، کقوله: ﴿أَین ما تَکُونُوا یَأْتِ بِکُمُ اللهُ جَمِیعًا إِنَّ اللهَ عَلَى کُلِّ شَىْء قَدِیرٌ﴾ (4).
وقوله تعالى: ﴿إِلَى اللهِ مَرْجِعُکُمْ وَهُوَ عَلَى کُلِّ شَىْء قَدِیرٌ﴾ (5). والآیات الواردة فی هذا المجال کثیرة(6).
ثم إنّ القرآن یسلک طریقاً ثانیاً فی تقریر إمکان المعاد، وذلک عبر الإتیان بأُمور محسوسة أقرب إلى الإذعان والإیمان:
أ ـ القادر على خلق السموات، قادر على إحیاء الموتى
یقول سبحانه: ﴿أَوَ لَمْ یَرَوْا أَنَّ اللهَ الذِی خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَلَمْ یَعْیَ بِخَلْقِهِنَّ بِقَادِر عَلَى أَنْ یُحْیِىَ الْمَوْتَى﴾ (7).
وکیفیة الاستدلال بها واضحة، فإنّ القادر على إبداع هذا النظم البدیع، أقدر على إحیاء الإنسان.
ب ـ القادر على المبتدأ قادر على المعاد
إنّ من الضوابط العقلیة المحکمة أنّ أدلّ دلیل على إمکان الشیء وقوعه، وأنّ حکم الأمثال فیما یجوز ولا یجوز واحد، فلو کانت الإعادة أمراً محالاً، لکان ابتداء الخلقة مثله، لأنّهما یشترکان فی کونهما إیجاداً للإنسان، وعلى ذلک قوله سبحانه: ﴿وَقَالُوا أَئِذَا کُنَّا عِظَاماً وَرُفَاتًا أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ خَلْقًا جَدِیدًا * قُلْ کُونُوا حِجَارَةً أَوْ حَدِیدًا * أَوْ خَلْقًا مِمَّا یَکْبُرُ فِی صُدُورِکُمْ فَسَیَقُولُونَ مَنْ یُعِیدُنَا قُلِ الذِی فَطَرَکُمْ أَوَّلَ مَرَّة﴾ (8).
وقوله سبحانه: ﴿أَیَحْسَبُ الإِنْسَانُ أَنْ یُتْرَکَ سُدًى * أَلَمْ یَکُ نُطْفَةً مِنْ مَنی یُمْنى * ثُمَّ کَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى * فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَیْنِ الذَّکَرَ وَالأُنْثَى * أَلَیْسَ ذَلِکَ بِقَادِر عَلَى أَنْ یُحْیِیَ الْمَوْتَى﴾ (9).
ج ـ القادر على إحیاء الأرض بعد موتها قادر على إحیاء الإنسان بعد موته ، ویری الذکر الحکیم فی آیاته إعادة الحیاة إلى التراب بشکل ملموس، وذلک بصورتین:
أولاهما: أنّه إذا امتنع عود الحیاة إلى التراب، فکیف صار التراب إنساناً فی بدء الخلقة، وفی ذلک یقول سبحانه: ﴿یَا أَیُّهَا النَّاسُ إِنْ کُنْتُمْ فِی رَیْب مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْنَاکُمْ مِنْ تُرَاب﴾ (10). ویقول: ﴿مِنْهَا خَلَقْنَاکُمْ وَفِیهَا نُعِیدُکُمْ وَمِنْهَا نُخْرِجُکُمْ تَارَةً أُخْرى﴾ (11).
وثانیتهما: إنّ الأرض المیتة تحیا کلّ سنة بنزول الماء علیها فتهتز وتربو بعد جفافها، وتنبت من کل زوج بهیج، یقول سبحانه: ﴿وَ تَرى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنْزَلْنَا عَلَیْهَا الْمَاءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ کُلِّ زَوْج بَهِیج * ذَلِکَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ یُحْیِی الْمَوْتَى وَأَنَّهُ عَلَى کُلِّ شَیْء قَدِیرٌ * وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِیَةٌ لاَ رَیْبَ فِیهَا وَأَنَّ اللهَ یَبْعَثُ مَنْ فِی الْقُبُورِ﴾ (12).
ویقول سبحانه: ﴿وَهُوَ الَّذِی یُرْسِلُ الرِّیَاحَ بُشْراً بَیْنَ یَدَیْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَاباً ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَد مَیِّت فَأَنْزَلْنَا بِهِ الْمَاءَ فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِنْ کُلِّ الَّثمَرَاتِ کَذَلِکَ نُخْرِجُ الْمَوْتَى لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ﴾ (13).
فلیس إحیاء الإنسان من التراب إلاّ کإحیاء التراب المیت، باخضرار نباته، وازهرار أشجاره. وبهذه النماذج المحسوسة یثبت القرآن عموم قدرته تعالى، مضافاً إلى البراهین العقلیة على عموم قدرته تعالى شأنه.
2- المعاد من أساطیر الأوّلین
یقول سبحانه: ﴿قَالُوا أَئِذَا مِتْنَا وَکُنَّا تُرَابًا وَعِظَاماً أَئِنَّا لَمَبْعُوثُونَ * لَقَدْ وُعِدْنَا نَحْنُ وَآبَاؤُنَا هَذَا مِنْ قَبْلُ إِنْ هَذَا إِلاَّ أَسَاطِیرُ الأَوَّلِینَ﴾ (14).وبما أن الشرائع السماویة، متّحدة فی الأُصول، وإنّما اختلافها فی الشرع والمنهاج إشارة إلى قوله سبحانه: ﴿لِکُلّ جَعَلْنَا مِنْکُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً﴾ (15)، کانت الدعوة إلى المعاد موجودة فی الشرائع السالفة، فحسبها المشرکون أسطورة من أساطیر الأوّلین.
مع أنّ الدعوة إلى عقیدة قدیمة لا یکون دلیلاً على بطلانها، کما أنّ استحداث عقیدة لا یکون دلیلاً على صحتها، وإنّما الضابط هو الدلیل.
إنّ هذه الشبهة وسابقتها، لهما منشأ واحد هو عدم التعرف على الله سبحانه، صفاته وأفعاله، وهنا یقولون إنّ الأجزاء المتلاشیة المبعثرة فی أکناف الأرض لا یمکن التعرف علیها لیعاد جمع أجزاء کل إنسان.
والجواب عنه واضح بعد التعرف على علمه الوسیع، سبحانه، وأنّ الممکنات بعامة أجزائها حاضرة لدیه غیر غائبة عنه.
یقول سبحانه: بعد نقل شبهتهم ﴿أَئِذَا مِتْنَا وَکُنَّا تُرَابًا ذَلِکَ رَجْعٌ بَعِیدٌ﴾ (16).
3- المعاد افتراء على الله أو جنون من القول
یقول سبحانه: ﴿وَقَالَ الَّذِینَ کَفَرُوا هَلْ نَدُلُّکُمْ عَلَى رَجُل یُنَبِّئُکُمْ إِذَا مُزِّقْتُمْ کُلَّ مُمَزَّق إِنَّکُمْ لَفِی خَلْق جَدِید * أَفْتَرى عَلَى اللهِ کَذِبًا أَمْ بِهِ جِنَّةٌ﴾ (17).والمنکرون لأجل التظاهر بالحریة فی القضاء، وابتعادهم عن العصبیة، فسّروا الدعوة إلى المعاد بأنّ الداعی إمّا رجلٌ غیر صالح، افترى على الله کذباً، أو أنّه معذور فی هذا القول وقاصر، لأنّ به جنة، وهذا نوع من الخداع، إذ کیف صار "أمینهم" مفتریاً على الله الکذب، ومتى کان الإنسان العاقل الذی أثبت الزمان عقله وذکاءه ودرایته وأمانته حتى قمع أُصول الشرک عن أدیم الجزیرة، متى کان مجنوناً؟
إنّ القائل بأنّ الموت إبطال للشخصیة، حسب أنّ الإنسان موجود مادی محض، ولیس هو إلاّ مجموعة خلایا وعروق وأعصاب وعظام وجلود، تعمل بانتظام، فإذا مات الإنسان صار تراباً، ولا یبقى من شخصیته شیء، فکیف یمکن أن یکون المعاد نفس الأوّل؟ ولعلّه إلى ذلک یشیر قولهم: "أئذا ضللنا فی الأرض أئنا لفی خلق جدید؟". بأن یکون المراد من الضلال فی الأرض بطلان الهویة بطلاناً کاملاً لا یمکن أن تتسم معه بالإعادة، ویجیب القرآن عن هذه الشبهة بجوابین:
أوّلهما: قوله: ﴿بَلْ هُمْ بِلِقَاءِ رَبِّهِمْ کَافِرُونَ﴾ (18).
وثانیهما: قوله: ﴿قُلْ یَتَوَفَّاکُمْ مَلَکُ الْمَوْتِ الذِی وُکِّلَ بِکُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّکُمْ تُرْجَعُونَ﴾ (19).
والجواب الأوّل راجع إلى بیان باعث الإنکار، وهو أنّ السبب الواقعی لإنکار المعاد، لیس ما یتقوّلونه بألسنتهم من الضلالة فی الأرض، وإنّما هو ناشئ من تبنیّهم موقفاً سلبیاً فی مجال لقاء الله، فصار ذلک مبدأً لطرح هذه الشبهات.
والجواب الثانی جواب عقلی عن هذا السؤال، وتعلم حقیقته بالإمعان فی معنى لفظ التوفی، فهو وإن کان یفسّر بالموت، ولکنّه تفسیر باللازم، والمعنى الحقیقی له هو الأخذ تماماً، وقد نصّ على ذلک أئمة أهل اللغة، قال ابن منظور فی اللسان: "توفّی فلان وتوفاه الله، إذا قبض نفسه، وتَوفَّیْت المال منه، واستوفیته، إذا أَخَذته کلّه. وتوفیت عدد القوم، إذا عددتهم کلهم.
وآیات القرآن الکریم بنفسها کافیة فی ذلک، یقول سبحانه: ﴿اللهُ یَتَوَفَّى الأَنْفُسَ حِینَ مَوْتِهَا وَالتی لَمْ تَمُتْ فِی مَنَامِهَا﴾ (20). فإنّ لفظة "التی"، معطوفة على الأنفس، وتقدیر الآیة: یتوفى التی لم تمت فی منامها. ولو کان التوفی بمعنى الإماتة، لما استقام معنى الآیة، إذ یکون معناها حینئذ: الله یمیت التی لم تَمُتْ فی منامِها. وهل هذا إلاّ تناقض؟ فلا مناص من تفسیر التوفّی بالأخذ، وله مصادیق تنطبق على الموت تارة، کما فی الفقرة الأُولى،على الإنامة أُخرى، کما فی الفقرة الثانیة.
إذا عرفت ذلک فلنرجع إلى قوله سبحانه: (قُلْ یَتَوَفَّاکُمْ مَلَکُ الْمَوْتِ)، فمعناه: یأخذکم ملک الموت الذی وکّل بکم ثم إنّکم إلى الله ترجعون. وهذا مآله إلى أنّ شخصیتکم الحقیقیة لا تضل أبداً فی الأرض، وما یرجع إلیها یأخذه ویقبضه ملک الموت، وهو عندنا محفوظ لا یتغیر ولا یتبدّل ولا یضلّ، وأمّا الضال، فهو البدن الذی هو بمنزلة اللباس لهذه الشخصیة.
فینتج أنّ الضال لا یشکل شخصیة الإنسان، وما یشکّلها ویقوّمها فهو محفوظ عند الله، الذی لا یضلّ عنده شیء.
والآیة تعرب عن بقاء الروح بعد الموت وتجرّدها عن المادة وآثارها، وهذا الجواب هو الأساس لدفع أکثر الشبهات التی تطرأ على المعاد الجسمانی العنصری.
4- إعادة الأموات سحر
یقول سبحانه: ﴿وَلَئِنْ قُلْتَ إِنَّکُمْ مَبْعُوثُونَ مِنْ بَعْدِ الْمَوْتِ لَیَقُولَنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِینٌ﴾ (21).فقد بلغ عنادهم فی إنکار الحقیقة مبلغاً لو قام النبی معه بإحیاء الموتى أمامهم، ورأوه بأُمّ أعینهم، لقالوا إنّه سحر مبین، وإنّک سحرت أعیننا، ولا حقیقة لما فعلت.
عرفت أنّهم قالوا: إذا کانت الغایة من المعاد، تحقیق العدل الإلهی، وإثابة المطیع، وعقاب العاصی، فیجب أن یکون المعاد نفس المبتدأ حتى لا یؤخذ البریء بجرم المتعدی، وهو یتوقف على وجود الصلة بین الشخصیتین، ولیس هناک صلة بینهما.
وهذه الشبهة ناشئة من نفس ما نشأت الشبهة السابقة منه، وهو تخیّل أنّ شخصیة الإنسان منحصرة فی الإطار المادی، لا غیر. ولعلّ قولهم: "أئذا ضللنا فی الأرض"، یشیر إلى هذه الشبهة.
والجواب نفس الجواب السابق، وهو أنّ ما یرجع إلى حقیقة الإنسان محفوظ عند الله سبحانه، وهو الصّلة الوثیقة بین المبتدأ والمعاد، وهو الذی یجعل البدن الثانی، إعادة للشخص الأول، لأنّ شخصیته هی روحه ونفسه وهی محفوظة فی کلتا الحالتین، وإنّما البدن أداة ولباس لها، ولیس هذا بمعنى أنّ الروح تعاد ولا یعاد البدن، ولا أنّه لا یعاد نفس البدن الأول ، بل بمعنى أنّ المناط للشخصیة الإنسانیة، هو روحه ونفسه، والبدن غیر مُهْتَم به، والغرض من حشره ببدنه، عدم إمکان تعذیب الروح أو تنعیمها إلاّ عن طریق البدن، فإذا کانت الشخصیة محفوظة، فلا تنقطع الصلة بین المبتدأ والمعاد، خصوصاً أنّ أجزاء البدن المبعثرة، معلومة لله سبحانه. فهو یرکّب تلک الأجزاء المبعثرة، وتتعلق بها الروح، قال سبحانه: ﴿قَدْ عَلِمْنَا مَا تَنْقُصُ الأَرْضُ مِنْهُمْ وَعِنْدَنَا کِتَابٌ حَفِیظٌ﴾ (22). وقال سبحانه: ﴿قُلْ یُحْیِیهَا الذِی أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّة وَهُوَ بِکُلِّ خَلْق عَلِیمٌ﴾ (23). فالتعبیر بـ(خَلْق عَلِیمٌ) مکان "خلق قدیر"، إشارة إلى علمه تعالى بأجزاء بدن کل إنسان.
5- إذا کان المعاد حقّاً فأحیوا آباءنا
یقول سبحانه: ﴿وَإِذَا تُتْلَى عَلَیْهِمْ آیَاتُنَا بَیِّنَات مَا کَانَ حُجَّتَهُمْ إِلاَّ أَنْ قَالُوا ائْتُوا بِآبَائِنَا إِنْ کُنْتُمْ صَادِقِینَ﴾ (24).غیر أنّ طلبهم إحیاء آبائهم لم یکن إلاّ تعلّلاً أمام دعوة النبی، فلو قام النبی بهذا العمل، لطلبت کل قبیلة، بل کلّ إنسان نفس ذلک العمل من النبی، حتى یؤمن به، فتنقلب الدعوة لعبة فی أیدیهم. ولأجل ذلک یضرب القرآن عن الجواب صفحاً، ویکتفی بقوله: ﴿قُلِ اللهُ یُحْیِیکُمْ ثُمَّ یُمِیتُکُمْ ثُمَّ یَجْمَعُکُمْ إِلَى یَوْمِ الْقِیَامَةِ لاَ رَیْبَ فِیهِ وَلَکِنَّ أَکْثَرَ النَّاسِ لاَ یَعْلَمُونَ﴾ (25).
6ـ حشر الإنسان عسیر
إنّ هذا الاعتراض وإن لم ینقل عنهم صریحاً ولکن یعلم من الآیات الواردة حول المعاد، أنّه کان أحد شبهاتهم.یقول سبحانه فی أمر المعاد: ﴿ذَلِکَ حَشْرٌ عَلَیْنَا یَسِیرٌ﴾ (26) ویقول: ﴿ذَلِکَ عَلَى اللهِ یَسِیراً﴾ (27) ویقول: ﴿وَمَا أَمْرُ السَّاعَةِ إِلاَّ کَلَمْحِ الْبَصَرِ أَوْ هُوَ أَقْرَبُ﴾ (28) ویقول: ﴿وَهُوَ الذِی یَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ یُعِیدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَیْهِ﴾ (29).
وهذه الشبهة صورة خفیفة للشبهة السابعة الآتیة التی سیوافیک الجواب عنها تفصیلاً. والإجابة عن تلک یغنی عن الإجابة عن هذه. قال أمیر المؤمنین علیه السَّلام: "و ما الجلیل واللّطیف، والثّقیل والخفیف، والقویّ والضّعیف فی خلقه إلاّ سواء".
المصدر :
بتصرف -الإلهیات،آیة الله جعفر السبحانی،مؤسسة الامام الصادق علیه السلام.ج4،
1- الجاثیة:32
2- الرعد:5
3- الزمر،67
4- البقرة:148
5- هود:4
6- لاحظ النحل:77، العنکبوت:20، الروم:50، فصلت:39، الشورى: 9 و 29، الأحقاف:23، الحدید:2.
7- الأحقاف:33. ومثلها یس:81
8- الإسراء:49-50-51
9- القیامة:36-40
10- الحج:5
11- طه:55
12- الحج:5 ـ 7
13- الأعراف:57 ولاحظ الزخرف:11، الروم: 19، فاطر: 9، ق:9ـ11.
14- المؤمنون:82ـ83
15- المائدة:48
16- ق:3
17- سبأ:7ـ8
18- السجدة:10
19- السجدة:11
20- الزمر:42
21- هود:7
22- ق:4
23- یس:79
24- الجاثیة:25
25- الجاثیة:26
26- ق:44
27- التغابن:7
28- النحل:77
29- الروم:27
/ج