بقرة بنی إسرائیل

إنّ رجلاً من بنی إسرائیل قتل قرابة له ثمّ أخذه وطرحه على طریق أفضل سبط من أسباط بنی إسرائیل ثمّ جاء یطلب بدمه فقالوا لموسى إنّ سبط آل فلان قتلوا فلاناً فأخبرنا من قتله قال: إیتونی ببقرة ﴿قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَکُونَ مِنَ
Tuesday, April 8, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
بقرة بنی إسرائیل
بقرة بنی إسرائیل

 



 
 

 

إنّ رجلاً من بنی إسرائیل قتل قرابة له ثمّ أخذه وطرحه على طریق أفضل سبط من أسباط بنی إسرائیل ثمّ جاء یطلب بدمه فقالوا لموسى إنّ سبط آل فلان قتلوا فلاناً فأخبرنا من قتله قال: إیتونی ببقرة ﴿قَالُواْ أَتَتَّخِذُنَا هُزُواً قَالَ أَعُوذُ بِاللّهِ أَنْ أَکُونَ مِنَ الْجَاهِلِینَ﴾(1) ولو أنّهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم، ولکن شدّدوا فشدّد الله علیهم ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّکَ یُبَیِّن لّنَا مَا هِیَ قَالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ فَارِضٌ وَلاَ بِکْرٌ عَوَانٌ بَیْنَ ذَلِکَ فَافْعَلُواْ مَا تُؤْمَرونَ﴾(2) یعنی لا صغیرة ولا کبیرة، ولو أنّهم عمدوا إلى أیّ بقرة أجزأتهم ولکن شدّدوا فشدّد الله علیهم ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّکَ یُبَیِّن لَّنَا مَا لَوْنُهَا قَالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنّهَا بَقَرَةٌ صَفْرَاء فَاقِعٌ لَّوْنُهَا تَسُرُّ النَّاظِرِینَ﴾(3)ولو أنّهم عمدوا إلى بقرة أجزأتهم ولکن شدّدوا فشدّد الله علیهم ﴿قَالُواْ ادْعُ لَنَا رَبَّکَ یُبَیِّن لَّنَا مَا هِیَ إِنَّ البَقَرَ تَشَابَهَ عَلَیْنَا وَإِنَّآ إِن شَاء اللَّهُ لَمُهْتَدُونَ* قَالَ إِنَّهُ یَقُولُ إِنَّهَا بَقَرَةٌ لاَّ ذَلُولٌ تُثِیرُ الأَرْضَ وَلاَ تَسْقِی الْحَرْثَ مُسَلَّمَةٌ لاَّ شِیَةَ فِیهَا قَالُواْ الآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ﴾(4)
فطلبوها فوجدوها عند فتى من بنی إسرائیل، فقال: لا أبیع إلا بملء مسک(5) ذهباً فجاؤوا إلى موسى علیه السلام ، وقالوا له ذلک، فقال اشتروها فاشتروها، وجاؤوا بها فأمر بذبحها ثمّ أمر أن یضربوا المیت بذنبها وقیل بلسانها، فلمّا فعلوا ذلک حیی المقتول، وقال: یا رسول الله إنّ ابن عمّی قتلنی دون من یدّعی علیه قتلی، فعلموا بذلک قاتله فقال لرسول الله موسى بعض أصحابه: إنّ هذه البقرة لها نبأ، فقال موسى: ما هو؟
قالوا إنّ فتى من بنی إسرائیل کان بارّاً بأبیه، وإنّه اشترى بیعا، فجاؤوا إلى أبیه والأقالید (مقالید) تحت رأسه فکره أن یوقظه فترک ذلک البیع، فاستیقظ أبوه، فأخبره، فقال له: أحسنت هذه البقرة هی لک عوض لما فاتک، قال: فقال له رسول الله موسى: "انظر إلى البرّ ما بلغ بأهله"(6).
قال ابن عباس: کان رجل فی بنی إسرائیل کثیر المال ، وکان شیخا کبیرا وله بنو أخ ، وکانوا یتمنون موته; لیرثوه ، فعمد أحدهم فقتله فی اللیل ، وطرحه فی مجمع الطرق ، ویقال : على باب رجل منهم . فلما أصبح الناس اختصموا فیه ، وجاء ابن أخیه ، فجعل یصرخ ویتظلم ، فقالوا : ما لکم تختصمون ولا تأتون نبی الله ، فجاء ابن أخیه فشکى أمر عمه إلى رسول الله موسى ، علیه السلام ، فقال موسى ، علیه السلام : أنشد الله رجلا عنده علم من أمر هذا القتیل إلا أعلمنا به . فلم یکن عند أحد منهم علم ، وسألوه أن یسأل فی هذه القضیة ربه ، عز وجل ، فسأل ربه ، عز وجل ، فی ذلک فأمره الله أن یأمرهم بذبح بقرة ، فقال : إن الله یأمرکم أن تذبحوا بقرة قالوا أتتخذنا هزوا یعنون; نحن نسألک عن أمر هذا القتیل ، وأنت تقول هذا . قال أعوذ بالله أن أکون من الجاهلین أی; أعوذ بالله أن أقول عنه غیر ما أوحى إلی . وهذا هو الذی أجابنی حین سألته عما سألتمونی عنه أن أسأله فیه . قال ابن عباس ، وعبیدة ، ومجاهد ، وعکرمة ، والسدی ، وأبو العالیة ، وغیر واحد : فلو أنهم عمدوا إلى أی بقرة فذبحوها لحصل المقصود منها ، ولکنهم شددوا فشدد الله علیهم . وقد ورد فیه حدیث مرفوع ، وفی إسناده ضعف ، فسألوا عن صفتها ، ثم عن لونها ثم عن سنها فأجیبوا بما عز وجوده علیهم ، وقد ذکرنا فی تفسیر ذلک کله فی " التفسیر " .(7)
إن الأمر هنا أمر معجزة، لا علاقة لها بالمألوف فی الحیاة، أو المعتاد بین الناس. لیست هناک علاقة بین ذبح البقرة ومعرفة القاتل فی الجریمة الغامضة التی وقعت، لکن متى کانت الأسباب المنطقیة هی التی تحکم حیاة بنی إسرائیل؟ إن المعجزات الخارقة هی القانون السائد فی حیاتهم، ولیس استمرارها فی حادث البقرة أمرا یوحی بالعجب أو یثیر الدهشة.
لکن بنی إسرائیل هم بنو إسرائیل. مجرد التعامل معهم عنت. تستوی فی ذلک الأمور الدنیویة المعتادة، وشؤون العقیدة المهمة. لا بد أن یعانی من یتصدى لأمر من أمور بنی إسرائیل. وهکذا یعانی موسى من إیذائهم له واتهامه بالسخریة منهم، ثم ینبئهم أنه جاد فیما یحدثهم به، ویعاود أمره أن یذبحوا بقرة، وتعود الطبیعة المراوغة لبنی إسرائیل إلى الظهور، تعود اللجاجة والالتواء، فیتساءلون: أهی بقرة عادیة کما عهدنا من هذا الجنس من الحیوان؟ أم أنها خلق تفرد بمزیة، فلیدع موسى ربه لیبین ما هی. ویدعو موسى ربه فیزداد التشدید علیهم، وتحدد البقرة أکثر من ذی قبل، بأنها بقرة وسط. لیست بقرة مسنة، ولیست بقرة فتیة. بقرة متوسطة.
إلى هنا کان ینبغی أن ینتهی الأمر، غیر أن المفاوضات لم تزل مستمرة، ومراوغة بنی إسرائیل لم تزل هی التی تحکم مائدة المفاوضات. ما هو لون البقرة؟ لماذا یدعو موسى ربه لیسأله عن لون هذا البقرة؟ لا یراعون مقتضیات الأدب والوقار اللازمین فی حق الله تعالى وحق نبیه الکریم، وکیف أنهم ینبغی أن یخجلوا من تکلیف موسى بهذا الاتصال المتکرر حول موضوع بسیط لا یستحق کل هذه اللجاجة والمراوغة. ویسأل موسى ربه ثم یحدثهم عن لون البقرة المطلوبة. فیقول أنها بقرة صفراء، فاقع لونها تسر الناظرین.
وهکذا حددت البقرة بأنها صفراء، ورغم وضوح الأمر، فقد عادوا إلى اللجاجة والمراوغة. فشدد الله علیهم کما شددوا على نبیه وآذوه. عادوا یسألون موسى أن یدعو الله لیبین ما هی، فإن البقر تشابه علیهم، وحدثهم موسى عن بقرة لیست معدة لحرث ولا لسقی، سلمت من العیوب، صفراء لا شیة فیها، بمعنى خالصة الصفرة. انتهت بهم اللجاجة إلى التشدید. وبدءوا بحثهم عن بقرة بهذه الصفات الخاصة. أخیرا وجدوها عند یتیم فاشتروها وذبحوها، وما کادوا یفعلون .
المصادر :
1- سورة البقرة، الآیة: 67
2- سورة البقرة، الآیة: 68.
3- سورة البقرة، الآیة: 69.
4- سورة البقرة، الآیتان: 70 71.
5- المسک: یعنی الجلد، ومسک البقرة یعنی جلدها.
6- تفسیر المیزان، ج1، ص204
7- البدایة والنهایة /ص166



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.