القرآن الکریم هو الکتاب المقدس الرئیسی فی الإسلام، والذی یؤمن المسلمون أنه کلام الله(1) المنزل على النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم للبیان والإعجاز،(2) المنقول عنه بالتواتر والذی یتعبد المسلمون بتلاوته وهو آخر الکتب السماویة، بعد التوراة والإنجیل. کما یعد أکثر الکتب العربیة بلاغة(3). ویحتوی القرآن على 114 سورة تصنف إلى مکیة ومدنیة وفقاً لمکان وزمان نزول الوحی بها. ویؤمن المسلمون أن القرآن أنزله الله على لسان الملاک جبریل إلى النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم على مدى 23 سنة تقریباً، بعد أن بلغ النبی سن الأربعین، وحتى وفاته عام 11 هـ/632م. کما یؤمن المسلمون بأن القرآن حُفظ بدقة، على ید الصحابة، بعد أن أملاه الوحی على النبی ، وأن آیاته محکمات مفصلات وأنه یخاطب کافة الأجیال کافة فی کل القرون، ویتضمن کل المناسبات ویحیط بکل الأحوال.(4)
بعد وفاة النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم، جُمع القرآن فی مصحف واحد بعد أن کان متفرقاً.
جزء من الآیة 60 إلى 61 وجزء من الآیة 61 من سورة المائدة بالخط الکوفی الشرقی؛ إحدى مخطوطات صنعاء.
أصل الکلمة ومعناها
تُشتق کلمة "قرآن" من المصدر "قرأ"، وأصله من "القرء" بمعنى الجمع والضم، یُقال: «قرأت الماء فی الحوض»، بمعنى جمعته فیه، یُقال: «ما قرأت الناقة جنینًا»، أی لم یضمَّ رحمها ولد. وسمى القرآن قرآنًا لأنه یجمع الآیات والسور ویضم بعضها إلى بعض.(6) وروی عن الشافعی أنه کان یقول: «القرآن اسم ولیس بمهموز ولم یؤخذ من قرأت، ولکنه اسم لکتاب الله».(7) وقال الفرّاء: «هو مشتق من القرائن لإن الآیات منه یصدق بعضها بعضا، ویشابه بعضها بعضا وهی قرائن».(8) و"القرآن" على وزن فعلان کغفران وشکران، وهو مهموز کما فی قراءة جمهور القراء، ویُقرأ بالتخفیف "قران" کما فی قراءة ابن کثیر.(9)ویعادل مصدر الکلمة فی السریانیة کلمة "قریانا" والتی تعنی "قراءة الکتاب المقدس" أو "الدرس". ورغم أن معظم الباحثین الغربیین یُرجعون أصل الکلمة إلى الکلمة السریانیة، إلا أن غالبیة علماء المسلمین یرجعون الکلمة إلى المصدر العربی "قرأ". وعلى کل حال، فقد أصبحت الکلمة مصطلح عربی فی زمن النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم. ومن معانی الکلمة المهمة فعل القراءة نفسه.(10) قال العلاّمة الطبرسی: «القرآن: معناه القراءة فی الأصل، وهو مصدرُ قرأتُ، أی تَلَوْتُ، وهو المَرْوِی عن ابن عباس، وقیل هو مصدرُ قرأتُ الشیء، أی جَمَعْتُ بعضهُ إلى بعض».(11) للقرآن أسماء أخرى کثیرة، تمت الإشارة إلیها فی القرآن نفسه مثل "الفرقان" و"الهدى" و"الذِکر" و"الحکمة" و"کلام الله" و"الکتاب"، وقد أفرد المؤلفون فی علوم القرآن فصولاً لذکر أسماء القرآن ومعانیها. وأفرد بعضهم کتبًا مستقلة فی بیان أسماء القرآن وصفاته.(12) أما مصطلح "المصحف" فیُستخدم عادةً للإشارة إلى النسخ المکتوبة منه، إذ لم یکن لفظ المصحف بمعنى الکتاب الذی یجمع بین دفتیه القرآن فی بادئ الأمر، إنما أطلق هذا الاسم على القرآن بعد أن جمعه أبو بکر الصدیق فأصبح اسمًا له.(13) یُقال للقرآن فرقان، باعتبار أنه کلام فارق بین الحق والباطل،(14) وقیل لفصله بحجّته وأدلته وحدوده وفرائضه وسائر معانی حکمه بین المحق والمبطل، وفرقانه بینهما تبصرة المحق وتخذیله المبطل حکمًا وقضاءً،(15) کما ورد فی سورة الفرقان تَبَارَکَ الَّذِی نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِیَکُونَ لِلْعَالَمِینَ نَذِیرًا ، ویُقال له الکتاب إشارة إلى جمعه وکتابته فی السطور، وذُکر على أنه "الذِکر" فی سورة الحجر: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّکْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ ، والمقصود به أن هذا القرآن الذی أُنزل على النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم ذکر لمن تذکر به، وموعظة لمن اتعظ به، ویقول بعض المفسرین أیضًا فی معنى الذِّکر أنه یحتمل أمرین، أحدهما أن یرید به أنه ذکر من الله لعباده بالفرائض والأحکام، والآخر أنه شرفٌ لمن آمن به وصَدَّقَ بما فیه. یقول علماء القرآن والتفسیر أن الأسماء والألقاب العدیدة للقرآن یمکن تصنیفها إلى ثلاث مجموعات: (16)•المجموعة الأولى؛ وهی طائفة من الأسماء التی تشیر إلى ذات الکتاب وحقیقته، وهی الأسماء التالیة: الکتاب تِلْکَ آَیَاتُ الْکِتَابِ الْمُبِینِ ، القرآن إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ وَیُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا کَبِیرًا ، کلام الله وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِکِینَ اسْتَجَارَکَ فَأَجِرْهُ حَتَّى یَسْمَعَ کَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذَلِکَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا یَعْلَمُونَ ، الروح وَکَذَلِکَ أَوْحَیْنَا إِلَیْکَ رُوحًا مِنْ أَمْرِنَا مَا کُنْتَ تَدْرِی مَا الْکِتَابُ وَلَا الْإِیمَانُ وَلَکِنْ جَعَلْنَاهُ نُورًا نَهْدِی بِهِ مَنْ نَشَاءُ مِنْ عِبَادِنَا وَإِنَّکَ لَتَهْدِی إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِیمٍ ،(17) التنزیل وَإِنَّهُ لَتَنْزِیلُ رَبِّ الْعَالَمِینَ ، الأمر ذَلِکَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَیْکُمْ وَمَنْ یَتَّقِ اللَّهَ یُکَفِّرْ عَنْهُ سَیِّئَاتِهِ وَیُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا ، القول وَلَقَدْ وَصَّلْنَا لَهُمُ الْقَوْلَ لَعَلَّهُمْ یَتَذَکَّرُونَ ، الوحی قُلْ إِنَّمَا أُنْذِرُکُمْ بِالْوَحْیِ وَلَا یَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا یُنْذَرُونَ .(18)
•المجموعة الثانیة؛ وهی الطائفة التی تشیر إلى صفات القرآن الذاتیة، وذلک کالأسماء التالیة: الکریم إِنَّهُ لَقُرْآَنٌ کَرِیمٌ ، المجید بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِیدٌ ، العزیز إِنَّ الَّذِینَ کَفَرُوا بِالذِّکْرِ لَمَّا جَاءَهُمْ وَإِنَّهُ لَکِتَابٌ عَزِیزٌ ، الحکیم والعلیّ وَإِنَّهُ فِی أُمِّ الْکِتَابِ لَدَیْنَا لَعَلِیٌّ حَکِیمٌ ، الصدق وَالَّذِی جَاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُولَئِکَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ، الحق إِنَّ هَـذَا لَهُوَ الْقَصَصُ الْحَقُّ وَمَا مِنْ إِلَـهٍ إِلاَّ اللّهُ وَإِنَّ اللّهَ لَهُوَ الْعَزِیزُ الْحَکِیمُ ، المُبارک کِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَیْکَ مُبَارَکٌ لِیَدَّبَّرُوا آَیَاتِهِ وَلِیَتَذَکَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ ، العَجَبُ قُلْ أُوحِیَ إِلَیَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا ، الْعِلْمِ وَلَن تَرْضَى عَنکَ الْیَهُودُ وَلاَ النَّصَارَى حَتَّى تَتَّبِعَ مِلَّتَهُمْ قُلْ إِنَّ هُدَى اللّهِ هُوَ الْهُدَى وَلَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْوَاءهُم بَعْدَ الَّذِی جَاءکَ مِنَ الْعِلْمِ مَا لَکَ مِنَ اللّهِ مِن وَلِیٍّ وَلاَ نَصِیرٍ .
•المجموعة الثالثة؛ وهی الطائفة التی تشیر إلى صفات القرآن التأثیریة، التی تشیر إلى علاقة القرآن بالناس، وهی الأسماء التالیة: الهدى ذَلِکَ الْکِتَابُ لاَ رَیْبَ فِیهِ هُدًى لِّلْمُتَّقِینَ ، الرحمة هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِینَ ، الذِکر وَهَذَا ذِکْرٌ مُبَارَکٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْکِرُونَ ، الموعظة والبیان هَـذَا بَیَانٌ لِّلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ لِّلْمُتَّقِینَ ، الشفاء وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآَنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِینَ وَلَا یَزِیدُ الظَّالِمِینَ إِلَّا خَسَارًا ، التذکرة کَلَّا إِنَّهَا تَذْکِرَةٌ ، الْمُبِینِ تِلْکَ آَیَاتُ الْکِتَابِ الْمُبِینِ ، البلاغ إِنَّ فِی هَذَا لَبَلَاغًا لِقَوْمٍ عَابِدِینَ ، البشیر والنذیر بَشِیرًا وَنَذِیرًا فَأَعْرَضَ أَکْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا یَسْمَعُونَ ، البصائر هَذَا بَصَائِرُ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِقَوْمٍ یُوقِنُونَ ، النور یَا أَیُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءکُم بُرْهَانٌ مِّن رَّبِّکُمْ وَأَنزَلْنَا إِلَیْکُمْ نُورًا مُّبِینًا ، الفرقان تَبَارَکَ الَّذِی نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِیَکُونَ لِلْعَالَمِینَ نَذِیرًا .
وقد تباین العلماء فی عدد أسماء القرآن، فذکر الزمخشری فی تفسیره للقرآن اثنین وثلاثین اسمًا، وعدّها بعضهم سبعة وأربعین اسمًا، وقال القاضی أبو المعالی عزیزی بن عبد الملک: "أن الله سمى القرآن بخمسة وخمسین اسمًا"، وصنف الحرالیجزءًا وأنهى أسامیه إلى نیف وتسعین.(19)
هذا فی اللغة، وأما تعریف القرآن اصطلاحًا فقد تعددت آراء العلماء فیه وذلک بسبب تعدد الزوایا التی ینظر العلماء منها إلى القرآن، فقیل: «القرآن هو کلام الله العزیز والنص الإلهی المنَّزل بواسطة الوحی على رسول الإسلام وخاتم النبیین النبی محمد بن عبد الله صلی الله علیه وآله وسلم بلغة العرب ولهجة قریش، المکتوب فی المصاحف المنقول بالتواتر المتعبد بتلاوته المعجز ولو بسورة منه، وهو المعجزة الإلهیة الخالدة التی زوَّد الله تعالى بها رسوله المصطفى وهو المیراث الإلهی العظیم والمصدر الأول للعقیدة والشریعة الإسلامیتین». وبعضهم یزید على هذا التعریف قیودًا أخرى مثل: «المعجز أو المتحدی بأقصر سورة منه أو المتعبد بتلاوته أو الاسم لمجموع ما هو موجود بین دفتی المصحف أو المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس». والواقع أن التعریف الأول تعریف جامع مانع لا یحتاج إلى زیادة قید آخر، وکل من زاد علیه قیدًا أو قیودًا لا یقصد بذلک إلا زیادة الإیضاح بذکر بعض خصائص القرآن التی یتمیز بها عما عداه.(20)
أهمیة القرآن فی الإسلام وعند المسلمین
یؤمن المسلمون أن القرآن الکریم هو آخر کتاب من کتب الله سبحانه وتعالی، الذی أنزله على رسوله النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم. ولهذا یعتبرون أن تلاوة القرآن والاستماع له والعمل به کلها عبادات یتقرب بها المسلم إلى الله لیطمئن بهِ قلبهُ. یعتقد أکثرهم أنه أساس حضارتهم وثقافتهم، وبه بدأت نهضتهم فی کل مجالات الحیاة، الدینیة والدنیویة، یقول الدکتور وصفی عاشور أبو زید:فالقرآن الکریم هو الکتاب الخالد لهذه الأمة، ودستورها الشامل، وحادیها الهادی، وقائدها الأمین، کما أنه الکتاب الخالد للدعوة الإسلامیة، ودلیلها فی الحرکة فی کل حین، وله أهمیة کبیرة فی حیاة الفرد والأسرة والمجتمع والأمة؛ فهو یعالج بناء هذا الإنسان نفسه، بناء شخصیته وضمیره وعقله وتفکیره، ویشرع من التشریعات ما یحفظ کیان الأسرة تظللها السکینة وتحفها المودة والرحمة، کما یعالج بناء المجتمع الإنسانی الذی یسمح لهذا الإنسان بأن یحسن استخدام الطاقات الکامنة فی المجتمع، وینشد الأمة القویة المتماسکة الشاهدة على العالمین.
یرى المسلمون أن الإنسان المسلم لا یستغنی عن القرآن؛ فبه حیاة قلبه ونور بصره وهدایة طریقه. وکل شیء فی حیاة المسلم مرتبط بهذا الکتاب، فمنه یستمد عقیدته، وبه یعرف عبادته وما یرضی ربه، وفیه ما یحتاج إلیه من التوجیهات والإرشادات فی الأخلاق والمعاملات، وإن الذی لا یهتدی بهذا الکتاب یضیع عمره ومستقبله ومصیره، ویسیر فی ظلمات الجهل والضلالة والضیاع،وذلک بناءً على ما جاء فی عدد من السور والأحادیث النبویة، کما فی سورة الإسراء: إِنَّ هَذَا الْقُرْآَنَ یَهْدِی لِلَّتِی هِیَ أَقْوَمُ وَیُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِینَ الَّذِینَ یَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا کَبِیرًا ؛ وسورة طه وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِکْرِی فَإِنَّ لَهُ مَعِیشَةً ضَنْکًا وَنَحْشُرُهُ یَوْمَ الْقِیَامَةِ أَعْمَى ، وکما ورد فی أحد الأحادیث النبویة عن الدارمی عن علی بن أبی طالب قال: «سمعت رسول الله یقول: "ستکون فتن". قلت: "وما المخرج منها؟" قال: "کتاب الله، فیه نبأ ما قبلکم وخبر ما بعدکم وحکم ما بینکم، هو الفصل لیس بالهزل، هو الذی من ترکه من جبار قصمه الله، ومن ابتغى الهدى فی غیره أضله الله. فهو حبل الله المتین، وهو الذکر الحکیم، وهو الصراط المستقیم، وهو الذی لا تزیغ به الأهواء، ولا تلتبس به الألسنة، ولا یشبع منه العلماء، ولا یخلق عن کثرة الرد، ولا تنقضی عجائبه، وهو الذی لم ینته الجن إذ سمعته أن قالوا "إنا سمعنا قرآنا عجبا". هو الذی من قال به صدَق، ومن حکم به عدل، ومن عمِل به أجِر، ومن دعا إلیه هُدیَ إلى صراط مستقیم"».
فالقرآن ینص على أحکام العقائد، وفیه أحکام العبادات مثل الصوم والزکاة والحج، وفیه أحکام المعاملات من بیع وشراء وزواج وطلاق ومیراث، کما أن فیه أحکام الأخلاق والآداب. وقد قام عدد من العلماء الکبار بتألیف کتب کثیرة عبر الزمن تُسمى "أحکام القرآن" جمعوا فیها الآیات القرآنیة المتعلقة بالأحکام الفقهیة وما استنبطه منها أهل العلم من أحکام العبادات والمعاملات، وذلک تسیهلاً على الناس فی الرجوع إلیها. ویؤمن المسلمون أن القرآن تضمن کل ما جاء فی الکتب السماویة السابقة مما یحتاج إلیه الناس لهدایتم وتنظیم أمور معاشهم، ومن الآیات التی یستدلون بها على ذلک، ما ورد فی سورة المائدة: وَأَنزَلْنَا إِلَیْکَ الْکِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقًا لِّمَا بَیْنَ یَدَیْهِ مِنَ الْکِتَابِ وَمُهَیْمِنًا عَلَیْهِ فَاحْکُم بَیْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ عَمَّا جَاءکَ مِنَ الْحَقِّ لِکُلٍّ جَعَلْنَا مِنکُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا وَلَوْ شَاء اللّهُ لَجَعَلَکُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلَـکِن لِّیَبْلُوَکُمْ فِی مَآ آتَاکُم فَاسْتَبِقُوا الخَیْرَاتِ إِلَى الله مَرْجِعُکُمْ جَمِیعًا فَیُنَبِّئُکُم بِمَا کُنتُمْ فِیهِ تَخْتَلِفُونَ ، ویقول أهل التفسیر أن القرآن یشتمل على ما اشتملت علیه الکتب السابقة، الزبور والتوراة والإنجیل، ویزید علیها فی المطالب الإلهیة والأخلاق النفسیة،فهو الکتاب الذی تتبع کل حق جاءت به الکتب فأمر به، وحث علیه، وأکثر من الطرق الموصلة إلیه وهو الکتاب الذی فیه نبأ السابقین من الأمم والأنبیاء والرسل، واللاحقین، وهو الکتاب الذی فیه الحکم والحکمة والأحکام الذی عرضت علیه الکتب السابقة، ولیس معنى هذا أنه تتبع الجزئیات والأحکام الفرعیة، ولکنه تضمن ما جاء فیها فی کلیات اتفقت علیها الشرائع السماویة، وهی: حفظ الدین، والنفس، والعقل، والنسب، والمال، والعرض.
بالإضافة إلى ذلک یؤمن المسلمون أن لبعض آیات القرآن فضل کبیر، وأن بعضها یحمی من الحسد أو وسوسة الشیطان، وذلک بالاستناد إلى عدد من الأحادیث النبویة. ومن أهم آیات القرآن ذات الفضل العظیم عند المسلمین: آیة الکرسی، وهی الآیة رقم 255 من سورة البقرة، وعند الکثیر من المراجع الشیعیة فهی الآیات 255 و 256 و 257، ویُستحب قراءتها کلها مع بعضها. ویقول علماء الدین أن تلک الآیة أعظم آیات القرآن لما اشتملت علیه من الأسماء الحسنى وصفات الله، وأن قراءتها تحفظ البیت والنفس من الشیطان وتسلطه. کذلک هناک سورة الفلق، التی یلجأ إلیها المسلم متضرعًا إلى الله لیحمیه من الشر غیر الملموس الذی لا یقدر على درئه بنفسه، مثل "النفاثات فی العقد" التی یقول بعض المفسرین أنها تشیر إلى النساء اللاتی کن یوسوسن فی أذن الرجال وخاصة الأزواج لیثنوهم عن عزمهم المعقود ولیوهنوا عزائمهم فی أداء المهام الصالحة، والحسد الذی یلقاه المرء لأسباب مختلفة خلال حیاته الیومیة. وأیضًا سورة الناس التی یلجأ إلیها المسلم محتمیًا بالله من شرِّ الشیطان الذی یوحی للإنسان ویأمره فی خفاء وتکرار؛ لیجعلهُ یعصی ربّه، وینفث فیه الوساوس التی هی أصلُ الشر.(21)
تنزیلات القرآن
فسیفساء فارسیة لآیة قرآنیة علی مدخل بیت قدیم فی نیسابور.
1. نزل القرآن أولاً من الله إلى اللوح المحفوظ : ویقصد بهذا النزول لیس نزول علوٍّ وسفل بل یقصد به إثباته فی اللوح المحفوظ واعتماده غیر قابل للتغییر وحکمة هذا النزول ترجع إلى الحکمة من وجود اللوح نفسه، فإنه السجل الجامع لما کان وما سیکون إلى یوم القیامة. ذکر العلماء الدلیل على هذا النزول من القرآن بَلْ هُوَ قُرْآَنٌ مَجِیدٌ فِی لَوْحٍ مَحْفُوظٍ (22)
2. نزل من اللوح المحفوظ إلى مکان یسمى بیت العزة فی السماء الدنیا جملة واحدة فی لیلة القدر: ودلیله من القرآن إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةٍ مُبَارَکَةٍ إِنَّا کُنَّا مُنْذِرِینَ وفی سورة القدر إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِی لَیْلَةِ الْقَدْرِ ومن الأحادیث عن ابن عباس أنه قال: "فُصِّلَ القرآن من الذکر"-یعنی اللوح المحفوظ- فوضع فی بیت العزة من السماء الدنیا، فجعل جبریل ینزل به على النبی ".وقد نقل أبو شامة المقدسی فی کتابة المرشد والوجیز عن هذا النزول فقال:«وقال جماعة من العلماء: نزل القرآن جملة واحدة فی لیلة من اللوح المحفوظ إلى بیت یقال له بیت العزة، فحفظه جبریل وغشی على أهل السموات من هیبة کلام الله، فمر بهم جبریل وقد أفاقوا فقالوا: ﴿وَلَا تَنْفَعُ الشَّفَاعَةُ عِنْدَهُ إِلَّا لِمَنْ أَذِنَ لَهُ حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا مَاذَا قَالَ رَبُّکُمْ قَالُوا الْحَقَّ وَهُوَ الْعَلِیُّ الْکَبِیرُ﴾. الحق یعنی القرآن فأتى به جبریل إلى بیت العزة فأملاه جبریل على السفرة الکتبة، یعنی الملائکة وهو قوله سبحانه وتعالى: بِأَیْدِی سَفَرَةٍ "نقلته من کتاب "شفاء القلوب" وهو تفسیر علی بن سهل النیسابوری"».(23)
3. ومن بیت العزة نزل به جبریل على قلب الرسول الاکرم صلی الله علیه وآله وسلم منجَّمًا أی "مُفرَّقًا" فی نحو ثلاث وعشرین سنة على حسب الوقائع والأحداث، ومقتضیات الأحوال: ودلیل ذلک من القرآن قَالَ کَلَّا فَاذْهَبَا بِآَیَاتِنَا إِنَّا مَعَکُمْ مُسْتَمِعُونَ وهو الکتاب الوحید من الکتب السماویة الذی نزل منجماً بدلیل وَقَالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَیْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً کَذَلِکَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَکَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِیلًا وقد أستنبط العلماء الحکمة من نزول القرآن بشکل متفرّق خلاف بقیة الکتب السماویة وذکروا له عدة حکم منها:
1. تثبیت قلب النبی لمواجهة ما یلاقیه من قومه، کما ورد فی سورة الفرقان: وَقَالَ الَّذِینَ کَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَیْهِ الْقُرْآَنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً کَذَلِکَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَکَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِیلًا، ففی قول "ورتلناه ترتیلاً" إشارة إلى أن تنزیله شیءًا فشیئًا لیتیسر الحفظ والفهم والعمل بمقتضاه.
2. الرد على الشبهات التی یختلقها المشرکون ودحض حججهم أولاً بأول: وَلَا یَأْتُونَکَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاکَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِیرًا .
3. تیسیر حفظه وفهمه على النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم وعلى أصحابه.
4. التدرج بالصحابة والأمة آنذاک فی تطبیق أحکام القرآن، فلیس من السهل على الإنسان التخلی عما اعتاده من عادات وتقالید مخالفة للقیم والعادات الإسلامیة مثل شرب الخمر.
5. کان ینزل حسب الحاجة أی ینزل لیرد على أسئلة السائلین.
أما المقدار الذی کان ینزل من القرآن على النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم فیظهر من الأحادیث النبویة أنه کان ینزل على حسب الحاجة. ویمکن تقسیم تاریخ القرآن إلى فترتین زمنیتین رئیسیتین: العهد النبوی، وهی فترة نزول الوحی عند المسلمین، وعهد الخلفاء الراشدین، وهی فترة حفظ القرآن وجمعه فی مصحف واحد.
أول مانزل من القرآن وآخره
غار حراء، حیث یؤمن المسلمون أن وحیًا من الله نزل على النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم هناک.
وبعد تلک الحادثة، فَتَر الوحی عن النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم مدة، قیل أنها ثلاث سنوات وقیل أقلّ من ذلک، ورجّح البوطی ما رواه البیهقی من أن المدة کانت ستةَ أشهر، حتى انتهت بنزول أوائل سورة المدثر. ثم بدأ الوحی ینزل ویتتابع مدة ثلاثة وعشرین عامًا حتى وفاته. فکان أول ما نزل من القرآن بعد أول سورة العلق، أوّل سورة القلم، والمدثر والمزمل والضحى واللیل. وقد اختلف العلماء فی تحدید أوّل ما نزل من القرآن کون سورة المدثر نزلت بکمالها قبل نزول تمام سورة العلق، التی نزل منها صدرها أولاً، على أن الرأی الأغلب والأرجح هو القائل بأن سورة الفلق هی أوّل السور. وعبّر بعض العلماء للتوفیق بین الرأیین بقولهم أن أوّل ما نزل للنبّوة کان صدر سورة القلم، وأوّل ما نزل للرسالة کان سورة المدثر. استمر الوحی ینزل على النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم فی مکة طیلة ثلاث عشرة سنة، وبلغ عدد السور التی نزلت هناک ثلاث وثمانون سورة، وقیل خمس وثمانون، کانت أولها سورة العلق وآخرها سورة المؤمنون، ویُقال العنکبوت. ولمّا اشتد أذى قریش للنبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم وأتباعه من المسلمین، هاجروا شمالاً إلى مدینة یثرب، التی دُعیت منذ ذلک الحین بالمدینة المنورة، وهناک استمر الوحی ینزل علیه بصورة متتالیة. وقد بلغ عدد السور التی نزلت بالمدینة إحدى وثلاثون سورة، وقیل تسع وعشرون، کان أولها سورة المطففین وآخرها سورة التوبة، وفی شرح البخاری لابن حجر اتفقوا على أن سورة البقرة أول سورة نزلت بالمدینة، وفی تفسیر النسفی عن الواقدی أن أول سورة نزلت بالمدینة هی سورة القدر.(25)
بعد أن استقر المسلمون فی المدینة المنورة، واعتنق أهلها الإسلام دینًا، طلب النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم من بعض صحابته حفظ ما ینزل علیه من القرآن ونشره بین الناس وتعلیمهم ما جاء فیه من الشرائع والحکم والفضائل. وکان کثیر من الصحابة أمیًا، بینما کان فی الأوس والخزرج من أهل المدینة عدّة یکتبون بالعربیة، والقلیل ممن یکتب بالعبرانیة التی تعلموها من الیهود. کذلک کان من أسرى الحرب من یکتب، ولا یملک المال لیفدی نفسه، فجعل الرسول فدیة من یعرف الکتابة من سبعین أسیرًا فی غزوة بدر تعلیم کل واحد منهم عشرة من صبیان المدینة الکتابة،وبهذا تعلّم عدد کبیر من المهاجرین والأنصار القراءة والکتابة، وقاموا بتدوین ما ینزل على النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم من الوحی، وقد وصف العلماء هؤلاء الأشخاص بکتّاب الوحی. وفقًا لمسند أحمد بن حنبل بسنده عن ابن عباس، أنه عندما کانت السور ذوات العدد تنزل على الرسول، کان یدعو بعض من یکتب عنده، یقول: "ضعوا هذا فی السورة الّتی یُذکر فیها کذا وکذا"، وعندما تنزل علیه الآیات یقول: "ضعوا هذه الآیات فی السورة الّتی یُذکر فیها کذا وکذا"، فکان الوحی، وفقًا للمصادر الإسلامیة، یعین مکان الآیات فی السور، ومن الأحادیث التی یُستند إلیها فی ذلک ما ورد فی تفسیر الدر المنثور: «أخرج أحمد، عن عثمان بن أبی العاص قال: "کُنْتُ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ جَالِسًا إِذْ شَخَصَ بِبَصَرِهِ ثُمَّ صَوَّبَهُ حَتَّى کَادَ أَنْ یُلْزِقَهُ بِالأَرْضِ قَالَ ثُمَّ شَخَصَ بِبَصَرِهِ فَقَالَ أَتَانِی جِبْرِیلُ فَأَمَرَنِی أَنْ أَضَعَ هَذِهِ الآیَةَ بِهَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ هَذِهِ السُّورَةِ إِنَّ اللَّهَ یَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِیتَاءِ ذِی الْقُرْبَى وَیَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْکَرِ وَالْبَغْیِ یَعِظُکُمْ لَعَلَّکُمْ تَذَکَّرُونَ ». کان الکتبة یدونون الوحی على ألواح من الخشب أو الطین المشوی، بالإضافة إلى العظام وسعف النخل العریضة، ولم یُدوّن الوحی على الورق ویُجمع فی کتاب واحد إلا بعد وفاة الرسول سنة 632م.(26)
اختلف العلماء حول آخر ما نزل من القرآن على النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم ، فقال فریق أن آخر آیة نزلت هی آیة الربا، وهی: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ وَذَرُواْ مَا بَقِیَ مِنَ الرِّبَا إِن کُنتُم مُّؤْمِنِینَ ، وقال آخر أنها الآیة التالیة: وَاتَّقُواْ یَوْمًا تُرْجَعُونَ فِیهِ إِلَى اللّهِ ثُمَّ تُوَفَّى کُلُّ نَفْسٍ مَّا کَسَبَتْ وَهُمْ لاَ یُظْلَمُونَ ، وقال آخرون أنها آیة الدین، أی الآیة رقم 282 من سورة البقرة، وقد جمع بین هذه الروایات الثلاث بأن هذه الآیات نزلت دفعة واحدة کترتیبها فی المصحف، فروى کل واحد بعض ما نزل بأنه آخر ما نزل. أما أکثر الأقوال حول آخر ما نزل من القرآن شیوعًا بین الناس، فهو أنها الآیة التالیة: ﴿الْیَوْمَ أَکْمَلْتُ لَکُمْ دِینَکُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَیْکُمْ نِعْمَتِی وَرَضِیتُ لَکُمُ الإِسْلامَ دِیناً﴾، وهنالک أقوال أخرى منها القائلة بآیة الکلالة، وقد أفاد بعض العلماء أن هذه الأقوال لیس فیها شیء مرفوع إلى النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم ، ویجوز أن یکون قاله قائله بضرب من الاجتهاد وغلبة الظن، ویحتمل أن کلاً منهم أخبر عن آخر ما سمعه من النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم فی الیوم الذی مات فیه أو قبل مرضه بقلیل، ویحتمل أیضًا أن تنزل هذه الآیة التی هی آخر أیة تلاها الرسول مع آیات نزلت معها، فیؤمر برسم ما نزل معها بعد رسم تلک، فیظن أنه آخر ما نزل فی الترتیب.
عهد الجمع
مخطوطة قرآنیة من الورق الرقّی تعود للقرن السابع المیلادی، مکتوبة بالخط الحجازی.
أقدم المصاحف الباقیة.
نسخة أندلسیة من القرآن تعود للقرن الثانی عشر المیلادی.
النص القرآنی
یتمیز النص القرآنی عن النصوص النثریة والشعریة، بأنه لا یتکوّن من مقدمة ولا صلب موضوع ولا خاتمة، عوضًا عن ذلک فإن بنیته اللاخطیة هی أقرب ما یکون إلى شبکة متفرعة من المواضیع. فلم تأتی السور والقصص الواردة فی القرآن بشکل متتابع أو متمم لما سبقها. اجتهد الصحابة والتابعین ومن روى عنهم من العلماء فی تقسیم القرآن إلى 30 وردًا یومیًّا، ومرجع ذلک أن یختم أحدهم القرآن فی رمضان مرة واحدة على الأقل، وهذا التقسیم اجتهادی وغیر توقیفی والعمل به مستحب ومنتدب عند المسلمین، ومن ثم قسم الجزء إلى حزبین والحزب إلى أثمان وأرباع وفی التفصیل فیها اختلافات سببها الاجتهاد ولا تتجاوز الآیة والآیتین والثلاث فی الغالب.سورة الفاتحة، أوّل السور المُدرجة فی المصحف، على الرغم من أنها الخامسة تنزیلاً.
الآیات الأربعة الأولى من سورة العلق، أو السورة رقم 96 من المصحف، على الرغم من أنها أوّل ما أُنزل من القرآن.
تُقسم کل سورة من سور القرآن إلى عدّة آیات یختلف عددها باختلاف السور، کما یختلف طولها أیضًا، حیث أن بعضها عبارة عن بضعة حروف وبعضها الآخر عبارة عن عدد من السطور. وقد نزلت الآیات القرآنیة متمیزة عن بیوت الشعر العربی الجاهلی فی القافیة والوزن، وجاءت شبیهة جدًا بالعبارات المنسوبة إلى أنبیاء العهد القدیم المذکورة فی الکتاب المقدس، وفی هذا قال العلماء المسلمون أنها نزلت على هذا الشکل لتؤکد نبوّة النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم ولتجابه العرب الوثنیین فی أکثر ما تمیزو به وأتقنوه، ألا وهو الشعر، وذلک بأن ترغمهم على التفکّر فی کیفیة إمکان شخص أمیّ لا یقرأ الشعر أو یتقنه، أن یأتی بما یفوقه فصاحة. أما عدد آیات القرآن فقد جاء باجتهاد من کبار الصحابة والتابعین ومن روى عنهم، فالنص القرآنی محفوظ عندهم ولکن الرسول النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم لم یحدد لهم عدد آیات سورة بعینها إلا سورة الملک فی حدیثه عن سورة ثلاثون آیة تنجی من عذاب القبر، وسورة الفاتحة، عدا ذلک فقد اجتهد علماء المسلمین منذ القرن الأول الهجری فی تحدید أی المواضع التی أثر عن النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم هی رؤوس الآیات فنتج عن ذلک سور اختلف العادون مواضع رؤوس الآیات فیها وبالتالی فی عدد آیاتها، وسور اتفق العادون فی عدد آیاتها واختلفوا فی مواضع رؤوس الآیات، وسور اتفق العادون فی عدد آیاتها ومواضع رؤوس الآیات فیها. على الرغم من ذلک فإن العلماء اتفقوا على أن الآیات لا تقل عن ستة آلاف، أما ما یزید عن ذلک فمنهم من قال: مئتا آیة وأربع آیات، وقیل: أربع عشر آیة، وقیل مئتان وتسع عشرة آیة وقیل مئتان وخمس وعشرون آیة أو ست وعشرون، وقیل مائتان وست وثلاثون آیة. وتجدر الإشارة إلى أن الاختلاف فی عدد الآیات لا یعنى وجود نصوص مختلفة، وإنما سببه الاختلاف فی تحدید مواضع بدایة ونهایة بعض الآیات.
کلمات القرآن وحروفه وأعداده
قال السیوطی فی الإتقان أن کلمات القرآن تبلغ سبعة وسبعون ألف کلمة وأربعمائة وتسع وثلاثون کلمة (77,439)، بینما قال أبو حامد الغزالی أن القرآن یحتوی على 77200 کلمة. أما بالنسبة لعدد حروف القرآن فقد ذکر ابن کثیر فی تفسیره عن مجاهد أنه قال: «هذا ما أحصیناه من القرآن وهو ثلاثمائة ألف حرف وعشرون ألفاً وخمسة عشر حرفًا»، بینما قال أبو خامد الغزالی فی کتاب إحیاء علوم الدین أن عدد حروف القرآن هو 321,250 حرفًا. ونقل القرطبی عن سلام أبی محمد الحمانی: أن الحجاج بن یوسف جمع القراء والحفاظ والکتاب فقال: «أخبرونی عن القرآن کله کم من حرف هو؟». قال: «وکنت فیهم فحسبنا فأجمعنا على أن القرآن 340,740 حرفًا»، قال: «فأخبرونی إلى أی حرف ینتهی نصف القرآن»، فإذا هو فی الکهف فی الفاء. قال: «فأخبرونی بأثلاثه»، فإذا الثلث الأول رأس مائة من براءة والثلث الثانی رأس مائة وإحدى من الشعراء والثلث الثالث ما بقی من القرآن.إدّعى عالم مصری مختص بالکیمیاء الحیویة ویُدعى رشاد خلیفة، فی عام 1974، أنه اکتشف صیغة ریاضیة مبنیة على رقم 19 المذکور صراحةً فی الآیة الثلاثین من سورة المدثر: عَلَیْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ ، غیر أنه عندما قام علماء الأزهر وغیرهم من العلماء المسلمین بالتدقیق فی ما قاله خلیفة، تبیّن أن تلک الصیغة تتجلى فی نسخة من المصحف قام خلیفة بطبعها ونشرها بنفسه، جازمًا فیها بمواضیع خلافیة کثیرة، کما ظهر أنه لم یلتزم بقاعدة معینة فی الإحصاء، وإنه تعمّد التحریف والتلفیق لیخلص إلى نتیجة أنّ تکرار أحرف أ، ل، م، ص، ر، المذکورة فی بعض السور مثل البقرة وآل عمران ومریم وإبراهیم وغیرها، هو من مضاعفات العدد 19.
الأحکام والإعجاز والقصص
ورد فی سیاق النص القرآنی عدد من الأحکام المهمة المتعلقة بأداء العبادات وتنظیم الحیاة الیومیة والمعاملات بین الناس، فقد ورد فیه على سبیل المثال کیفیة الوضوء سواء أکان الإنسان صحیحًا أم سقیمًا، وسواء وُجد الماء أم لم یوجد: یَا أَیُّهَا الَّذِینَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَکُمْ وَأَیْدِیَکُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِکُمْ وَأَرْجُلَکُمْ إِلَى الْکَعْبَینِ وَإِن کُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن کُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء أَحَدٌ مَّنکُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَیَمَّمُواْ صَعِیدًا طَیِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِکُمْ وَأَیْدِیکُم مِّنْهُ مَا یُرِیدُ اللّهُ لِیَجْعَلَ عَلَیْکُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَـکِن یُرِیدُ لِیُطَهَّرَکُمْ وَلِیُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَیْکُمْ لَعَلَّکُمْ تَشْکُرُونَ ، وورد فیه تحریم شرب الخمر وأکل لحم الخنزیر والزنا والربا، وغیر ذلک من الأمور. بالإضافة إلى ذلک وردت فی القرآن عدّة سور تتحدث عن العدل والأخلاق وتعلّم الفضائل وتأمر بها، فقد ورد فی سورة الجمعة أنّ إحدى الأهداف المهمّة، لبعثة النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم ، هو تزکیة النّفوس وتربیّة الإنسان، وبلورة الأخلاق الحسنة، فی واقعه الوجدانی، بحیث یمکن أن یُقال إنّ تلاوة الآیات وتعلیم الکتاب والحکمة التی أشارت إلیها تلک السورة، یعُد مقدمة لمسألة تزکیة النّفوس وتربیة الإنسان، والذی بدوره یشکّل الغایة الأساسیّة لعلم الأخلاق. کما عظَّم القرآن شأن الأمانة وأوضح أهمیتها: إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَیْنَ أَنْ یَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنْسَانُ إِنَّهُ کَانَ ظَلُومًا جَهُولًا وقد ورد الأمر فیه بوجوب ردها وافیة غیر منقوصة. وتعرّض القرآن إلى کیفیة معاملة الیتیم وکیفیة معاملة الوالدین والزوجة والجار والأبناء. أما الیتیم فقد تعرضت له اثنین وعشرین آیة مقسمة إلى أقسام ثلاثة: تعرّض القسم الأول منها إلى بیان شمول اللطف الإلهی له فی الشرائع السابقة، من مسیحیة ویهودیة: وَإِذْ أَخَذْنَا مِیثَاقَ بَنِی إِسْرائیلَ لا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَیْنِ إِحْسَاناً وَذِی الْقُرْبَى وَالْیَتَامَى وَالْمَسَاکِینِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْناً وَأَقِیمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّکَاةَ ثُمَّ تَوَلَّیْتُمْ إِلَّا قَلِیلاً مِنْکُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ ، والایصاء به، وتعرّض القسم الثانی إلى بیان حقوقه الاجتماعیة، وترکز القسم الثالث على بیان حقوقه المالیة. کما طفحت سورة النساء بالآیات التی تتحدث عن حقوق المرأة الاجتماعیة والزوجیة والمالیة، التی قررت لزوم الإنفاق علیها من قبل الزوج ما دامت فی حبالته، ومرتبطة معه برباط الزواج المقدس، وحریتها فی اختیار الزوج الذی ترید إذا کانت ثیبًا، وغیر ذلک من الأمور. ورفع القرآن من شأن الوالدین بدرجة کبیرة، وحث الإنسان على العنایة بهما خاصة وقت الکبر لغلبة العجز على حالهم والدعاء لهما بالرحمة والمغفرة، ونهى أشد النهی عن الإساءة إلیهما حتى بقول "أف": وَقَضَى رَبُّکَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِیَّاهُ وَبِالْوَالِدَیْنِ إِحْسَانًا إِمَّا یَبْلُغَنَّ عِنْدَکَ الْکِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ کِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا کَرِیمًا وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا کَمَا رَبَّیَانِی صَغِیرًا .یقول بعض الباحثین وعدد من علماء الشریعة المختصین أیضًا بمجالات علمیة متنوعة، أن القرآن یشیر إلى معلومات علمیّة کثیرة فی عدد من الآیات، وأن هذا یُشکل الدلیل القاطع على أن مصدره الله العلیم والعارف بکل شیء. وقد انتشر الاعتقاد بأن القرآن بیّن عدّة نظریات علمیة معروفة، قبل اکتشافها بمئات السنین، فی مختلف أنحاء العالم الإسلامی، وبرز عدد من العلماء لیؤکدوا ذلک، من أشهرهم الدکتور زغلول النجار، الذی ربط فی عدّة محاضرات جامعیة وتلفازیة بین ما جاء فی بعض الآیات وما أقرّته نظریات علمیة فی القرن العشرین وما سبقه. ومن أبرز ما قیل فی هذا المجال على سبیل المثال، أن الآیة السابعة والستین من سورة الأنعام: لِّکُلِّ نَبَإٍ مُّسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ، تشیر إلى أن ما ورد فی القرآن من معلومات علمیّة سوف یُکتشف مع مرور الزمن، وأن الکون خُلق فعلاً من انفجار عظیم، وأن أدنى نقطة على سطح الأرض هی البحر المیت، وأن الجنین یُخلق فی أطوار، وغیر ذلک من الأمور. کذلک یقول علماء التفسیر أن القرآن تنبأ ببعض الحوادث التی ستقع مستقبلاً، من أشهرها هزیمة الفرس على ید الروم البیزنطیین خلال عقد العشرینیات من القرن السابع،بعد أن کان الفرس قد هزموا الروم قبلاً وفتحوا قسمًا من إمبراطوریتهم: الم غُلِبَتِ الرُّومُ فِی أَدْنَى الْأَرْضِ وَهُمْ مِنْ بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَیَغْلِبُونَ فِی بِضْعِ سِنِینَ لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ وَیَوْمَئِذٍ یَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ یَنْصُرُ مَنْ یَشَاءُ وَهُوَ الْعَزِیزُ الرَّحِیمُ ، فقد نزلت هذه الآیة فی سنة 615، أی قبل 6 أو 7 سنوات من انقلاب میزان القوى لصالح البیزنطیین. بالمقابل، هناک عدد من العلماء الذین یُعارضون فکرة وجود إعجاز علمیّ فی القرآن، قائلین أنه لیس بکتاب علوم، ومن أبرز الذین قالوا بذلک أبو الریحان البیرونی، الذی وضع القرآن فی تصنیف خاص به وحده، وقال أنه "لا یتدخل فی شأن العلم ولا یُخالطه"، ومن الأسباب التی جعلت البیرونی وغیره من علماء عصره، ومن تلاهم، یقولون بعدم وجود إعجاز علمی فی القرآن، وجود عدّة تفسیرات علمیة لظاهرة طبیعیة وحیدة، فالعلم دائمًا ما یتغیر والنظریات دائمًا ما تتبدل وتُدحض، فلا یمکن القول بصحة إحداها طیلة الزمن.
بالإضافة إلى الأحکام والدلائل العلمیة وفق بعض العلماء، وردت فی القرآن أغلب قصص الأنبیاء والصالحین الذین سبقوا النبی محمدا صلی الله علیه وآله وسلم ، والذین ذکروا فی الکتاب المقدس، وبخاصة فی التوراة منه، ویُلاحظ أن هذه القصص یتطابق أغلبها مع ما جاء فی الکتاب المقدس، ومن أبرزها: خلق آدم وحواء، قابیل وهابیل، إبراهیم، یوسف، موسى وفرعون وخروج بنی إسرائیل من مصر، داود وسلیمان ومملکة سبأ، أهل الکهف، ولادة المسیح المنتظر من مریم العذراء بأمر من الله، وغیر ذلک من القصص.(30)
الهیکلیة الأدبیة
یقول المختصون من اللغویین وعلماء التفسیر، أن القرآن یوصل رسالته إلى القارئ والسامع باستخدام أنماط ووسائل أدبیة مختلفة. فعلى سبیل المثال تتم قراءة القرآن باستخدام أنماط صوتیة تختلف عن تلک المُستخدمة عند قراءة الشعر أو النثر، الأمر الذی یُساعد على حفظها فی ذهن السامع وسهولة تذکره لها، والجدیر بالذکر هنا أن هذا یصدق على قراءة القرآن بالعربیة، أما قراءة الترجمات فی اللغات الأخرى فمثلها مثل قراءة النثر، إذ یجمع العلماء والمسلمون أجمعین على أن أسلوب النص القرآنی الأصلی المُنزّل بالعربیة لا یمکن مضاهاته بأی لغة ثانیة أو حتى بالعربیة نفسها.یقول ریتشارد گوثیل وسیگموند فرانکل من الموسوعة الیهودیة، أن أقدم أجزاء القرآن تعکس ما یُمکن وصفه بالإثارة أو الانفعال الواضح فی أسلوبها، وذلک عبر جمل قصیرة غیر مترابطة وانتقالات مفاجئة من موضوع لآخر، غیر أن القرآن یبقى محافظًا على تماسکه وقافیته فی کل منها. وأن بعض الأجزاء المتأخرة تُحافظ على هذا النمط، ولکن یظهر فیها أیضًا نمط أکثر سکونًا وأسلوب أکثر إیضاحًا.
ینقل مایکل سلز، أستاذ التاریخ والأدب الإسلامی فی کلیة الدراسات اللاهوتیة فی جامعة شیکاغو، عن الفیلسوف نورمان براون، أن التعابیر الأدبیة "غیر المنظمة" فی النص القرآنی، وأسلوب ترکیبه "المبعثر والمجزء"، هو فی واقع الأمر وسیلة أدبیة تهدف إلى إحداث "آثار عمیقة فی النفوس، وکأن قوّة الرسالة النبویة کانت تهشّم اللغة الإنسانیة التی تخاطب البشر بها". کما ویؤکد سلز أن "التکرار" الکثیر فی عدّة مواضع من القرآن، هو أیضًا أداة أدبیة.
العلوم القرآنیّة
منذ بدایة نزول القرآن وانشغال المسلمین البالغ به وبتعلمه، تفرَّعت حوله عدة علوم ومعارف، منها ما کان هدفه تفسیر القرآن والوقوف على معانیه، ومنها ما اختص بالطریقة الصحیحة لتلاوته وغیرها من العلوم التی قامت حول القرآن وفی خدمته. وعلوم القرآن کثیرة ومتنوعة. وکان قراء الصحابة هم الأوائل فی معرفة علوم القرآن، والعِلْم بالناسخ والمنسوخ، وبأسباب النزول، ومعرفة الفواصل والوقف، وکل ما هو توقیفی من علوم القرآن. وخلال فترات التاریخ الإسلامی برز فی کل عصر علماء اختصوا فی مجال من مجالات علوم القرآن، فألفوا فی مختلف فنون هذا العلم.علم نزول القرآن
یهتم هذا العلم بمکان نزول آیات القرآن وحالة نزولها وترتیبها وجهاتها قال أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبیب النیسابوری: «من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته وترتیب ما نزل».(31) وینقسم إلى خمسة وعشرون قسمًا هی:•ما نزل بمکة ابتداءً ووسطًا وانتهاءً
•ما نزل بالمدینة ابتداءً ووسطًا وانتهاءً
•ما نزل بمکة وحکمه مدنی
•ما نزل بالمدینة وحکمه مکی
•ما نزل بمکة فی أهل المدینة
•ما نزل بالمدینة فی أهل مکة
•ما یشبه نزول المکی فی المدنی
•ما یشبه نزول المدنی فی المکی
•ما نزل بالجحفة
•ما نزل ببیت المقدس
•ما نزل بالطائف
•ما نزل بالحدیبیة
•ما نزل لیلاً
•ما نزل نهارًا
•ما نزل مشیعًا
•ما نزل مفردًا
•الآیات المدنیات فی السور المکیة
•الآیات المکیة فی السور المدنیة
•ما حمل من مکة إلى المدینة
•ما حمل من المدینة إلى مکة
•ما حمل من المدینة إلى أرض الحبشة
•ما نزل مجملاً
•ما نزل مفسرًا
•ما نزل مرموزًا
•ما اختلفوا فیه فقال بعضهم مدنی وبعضهم مکی
ذکرها تفصیلاً صاحب کتاب "البرهان فی علوم القرآن" وجاء فیه: «هذه خمسة وعشرون وجهًا من لم یعرفها ویمیز بینها لم یحل له أن یتکلم فی کتاب الله».(32)
علم التفسیر
التفسیر فی اللغة هو البیان والتوضیح، وکشف المغطى، وفی الاصطلاح عرّفه العلماء بأنه «علم یفهم به کتاب الله المنزل على نبیه النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم وذلک ببیان معانیه، واستخراج أحکامه وحکمه»، أی هو العلم الذی یقوم المختصون بواسطته بتفسیر القرآن واستخراج الأحکام الواردة فیه. والتفسیر هو أحد أقدم العلوم الإسلامیة، ووفقًا للمعتقد الإسلامی فإن النبی محمدا صلی الله علیه وآله وسلم هو أوّل المفسرین، إذ کشف الله إلیه معانی الآیات المنزلات، وبالتالی فالمسلمین لا یجزموا بمعنى أی آیة ما لم یکن قد ورد عن الرسول أو عن بعض أصحابه الذین شهدوا نزول الوحی وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع، وخالطوا النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم ورجعوا إلیه فیما أشکل علیهم من معانی القرآن. فمنذ عهد النبی کان الصحابة یستفسرون منه عما أُشکل علیهم من معانی القرآن، واستمروا یتناقلون هذه المعانی بینهم لتفاوت قدرتهم على الفهم وتفاوت ملازمتهم للنبی، وبذلک بدأ علم تفسیر القرآن. وبعد أن مضى عصر الصحابة، جاء عهد التابعین الذین أخذوا علم الکتاب والسنة عنهم وکل طبقة من هؤلاء التابعین تلقت العلم على ید من کان عندها من الصحابة فجمعوا منهم ما رُوی عن الرسول من الحدیث، وما تلقوه عنهم من تفسیر للآیات وما یتعلق بها، فکان علماء کل بلد یقومون بجمع ما عُرف لأئمة بلدهم، کما فعل ذلک أهل مکة فی تفسیر ابن عباس وأهل الکوفة فیما روی عن ابن مسعود. وکان لهؤلاء التابعین الفضل فی تفسیر القرآن للکثیر من أهل البلاد المفتوحة الداخلین حدیثًا فی الإسلام، والذین لم یکونوا آنذاک قد أتقنوا اللغة العربیة بعد، فعلّموهم أی الآیات کُشف معناها فی عهد الرسول، وأی الآیات کُشف معناها لاحقًا بفضل الصحابة، فنسخوا النصوص الأقدم، فکان ذلک بدایة علم النسخ، على أن قسمًا من العلماء یقول بأن لا نسخ للقرآن قد حصل.یُقسم علم التفسیر إلى قسمین: التفسیر بالمأثور والتفسیر بالرأی، أما التفسیر بالمأثور فهو ما جاء فی القرآن نفسه من البیان والتفصیل لبعض آیاته وما نقل بالروایة الصحیحة عن النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم وعن الصحابة وعن التابعین، من کل ما هو بیان وتوضیح لنصوص القرآن، وأما التفسیر بالرأی فهو تفسیر القرآن بالاجتهاد بعد معرفة المفسر لکلام العرب ومناحیهم فی القول، ومعرفته للأَلفاظ العربیة ووجوه دلالتها، واستعانته فی ذلک بالشعر الجاهلی ووقوفه على أسباب النزول، ومعرفته بالناسخ والمنسوخ من آیات القرآن، وغیر ذلک من الأدوات التی یحتاج إلیها المفسر، وهذا النوع الأخیر یُقسم بدوره إلى تفسیر بالرأی المحمود وتفسیر بالرأی المذموم. کتب العدید من المفسرین مصنفات فی تفسیر القرآن منهم: الطبری والترمذی وابن کثیر، والزمخشری، و محمد حسین الطباطبائی.(33)
علم التأویل
التأویل فی اللغة مأخوذ من أول الشیء أی رجعه، وأول الکلام وتأوله یعنی: قدّره، وفسّره. أما فی الاصطلاح فقد اختلفت الفرق الإسلامیة على تعریفه، فمنهم من قال أنه یراد به التفسیر، کما یراد به الحقیقة التی یؤول إلیها الأمر أو الخبر. وهناک من قال بأن التفسیر غیر التأویل مثل قول الثعلبی: «التفسیر بیان وضع اللفظ إما حقیقة أو مجازًا، والتأویل تفسیر باطن اللفظ»، وبتعبیر آخر تحدید المعنى المبطن للآیات. فالتأویل عند هؤلاء هو ما کان راجعًا إلى الدرایة وهو التفسیر بالرأی، إذ أن تفسیر القرآن عندهم لا یُجزم به إلا إذا ورد عن النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم أو عن بعض أصحابه الذین شهدوا نزول الوحی وعلموا ما أحاط به من حوادث ووقائع، وخالطوا الرسول ورجعوا إلیه فیما أشکل علیهم من معانی القرآن، وبهذه الحالة فمعنى الآیة المستهدفة أو السورة المعینة لا جدال فیه. وأما التأویل فملحوظ فیه ترجیح أحد محتملات اللفظ بالدلیل والترجیح یعتمد على الاجتهاد، ویتوصل إلیه بمعرفة مفردات الألفاظ ومدلولاتها فی لغة العرب، واستعمالها بحسب السیاق، ومعرفة الأسالیب العربیة واستنباط المعانی من کل ذلک. یعتبر الشیعة والصوفیة أن التأویل عملیة عقلیة أو ذوقیة إلهامیة تسمو إلى إدراک المقاصد الخفیة والعمیقة مما لا یدرکه سائر الناس،أی أنه لیس بمقدور أی کان البحث فی هذا العلم وإدراکه، بل یجب أن یکون التأویل صادرًا عن أحد الأئمة المعصومین عند الشیعة، أو عند أحد العلماء والمشایخ الزاهدین الذین کُشف عنهم الغطاء عند الصوفیة.(34)المحکم والمتشابه
المحکم فی اللغة یُقصد به إحکام الکلام، أی إتقانه وتمییز الصدق فیه من الکذب، وفی الاصطلاح قال بعض العلماء: أنه ما عُرِفَ المراد منه؛ وقال آخرون: هو ما لا یحتمل إلا وجهًا واحدًا؛ وعرَّفه قوم بأنه: ما استقلَّ بنفسه، ولم یحتج إلى بیان. ویمکن إرجاع هذه التعریفات إلى معنى واحد، هو معنى البیان والوضوح. والمتشابه یُقصد به لغةً تشابه الکلام تماثله وتناسبه، بحیث یصدِّق بعضه بعضًا، أما اصطلاحًا فعرّفه بعضهم بأنه: ما استأثر الله بعلمه، وعرفه آخرون بأنه: ما احتمل أکثر من وجه، وقال قوم: ما احتاج إلى بیان، بردِّه إلى غیره. وبناءً على ذلک یتبین أنه لا تنافی بین المحکم والمتشابه من جهة المعنى اللغوی؛ فالقرآن کله محکم، بمعنى أنه متقن غایة الإتقان، وهو کذلک متماثل ومتشابه، بمعنى أنه یصدِّق بعضه بعضًا، أما من جهة الاصطلاح، فالمحکم ما عُرف المقصود منه، والمتشابه ما غَمُض المقصود منه. فالمتشابهة عند أهل السنة هی الآیات التی لا یُقصد ظواهرها، ومعناها الحقیقی لا یعلمها إلا الله، وعند الشیعة فإن من یعلم تأویلها الحقیقی هو النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم وأهل بیته أیضًا. ویُقسم المتشابه إلى أنواع، فهناک متشابه من جهة اللفظ، وهناک متشابه من جهة المعنى، وهناک متشابه من جهة اللفظ والمعنى معًا. أما المتشابه من جهة اللفظ فهو الذی أصابه الغموض بسبب اللفظ، ویمکن إرجاع ذلک إلى الألفاظ المفردة ذات الغرابة، وإلى جملة الکلام وترکیبه، من بسط واختصار ونظم. والمتشابه من جهة المعنى هو ما یُمثَّل له بأوصاف لأحداث وأشیاء ما رأتها عین أو سمعتها أذن أو أدرکها بشر، مثل أحوال وأهوال القیامة.والسبب فی وقوع التشابه فی القرآن هو الحاجة إلى بیان معانٍ، راقیة تتضمن فی ما تتضمن حدیثًا عن الذات الإلهیة صفاتًا وأفعالاً وعن أمور غائبة عن أفق العقل عبر عنها فی القرآن بالغیب، ولما کان القرآن معتمدًا فی بیانه لغة یتداولها الناس فی محاوراتهم وإیصال مقاصدهم وهی اللغة العربیة التی کانت موضوعة لمعانٍ محسوسة أو ما یقرب منها، فهی لا شک قاصرة عن تبیان تلک المضامین العالیة إلا بضروب من المجاز وأنواع الاستعارات والکنایات وأمثال الآیات المتشابهة الأمر الذی یقرب المفاهیم القرآنیة فی أذهان العامة نتیجة استخدام ألفاظ متداولة بینهم، ولکن یبعدها عن أوهامهم التی لا تلبث أن تذهب بعیدًا عن المقصود (إلى مضامین حسیة) المراد بیانه. فعلى سبیل المثال، ما ورد فی سورة آل عمران: ﴿وَمَکَرُوا وَمَکَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَیْرُ الْمَاکِرِینَ﴾، إنما یُقصد به المعاملة بالمثل بما ینقض أهداف المنافقین المذکورین، وهم بهذه الحالة من وشى بالمسیح، ویهدم أساس بنیانهم المنهار، فالتعبیر بالمکر تعبیر مجازی لا یُقصد منه ذلک المعنى الذی ینم عن قبح وسوء، وتسمیة فعل الله بالمکر من باب المشاکلة اللفظیة التی هی من فنون البدیع فهم یدبّرون ویدبّر الله، ولکن مکرهم مکشوف لدیهم وأما تدابیره فهی علیهم وسوف تفاجئهم وهم لا یشعرون. ویُقاس على ذلک سائر الآیات التی جاء فیها ذکر الخداع والاستهزاء والسخریة والکید.
الحرفیة والأصولیة
یمکن تقسیم الفرق الإسلامیة من حیث تفسیرها وفهمها للقرآن إلى فرق حرفیة وفرق أصولیة. والفرق الحرفیة هی تلک التی تفسّر القرآن تفسیرًا حرفیًا، فتقول أن للنص القرآنی معنى واحد مباشر واضح ودقیق، بوسع المفسر أن یصل إلیه ببساطة دون اجتهاد ولا إعمال عقل، وکأن النص یحمل رسالة واضحة مباشرة صریحة مثل القاعدة العلمیة أو اللغة الجبریة. ویذهب الحرفیون إلى أن المؤمن الحق علیه أن یفهم معنى الآیات بلفظها مباشرة دون محاولة للتفسیر والاجتهاد. فحینما یقول القرآن "ید الله فوق أیدیهم" أو "ثم استوى على العرش"، کل هذه الآیات لا بد أن تؤخذ حرفیًا، وأن یؤمن المرء بأن الله له ید وأنه جلس على کرسی ضخم یقال له العرش. ومن الفرق القائلة بالحرفیة: السلفیة والظاهریة. والمفسرون الحرفیون یتصورون أنهم فی حرفیتهم یمنعون الانحراف والتلاعب بالنص القرآنی المقدّس، ولکن علماء آخرین ردوا علیهم بأن التفسیر الحرفی یؤدی إلى عکس ما یرمون إلیه، إذ إن التفسیرات الحرفیة تؤدی إلى التجسد وإلى التشبیه أی أنسنة الإله، ومن ثم تألیه الإنسان،وهذا ما یرفضه العقل وترفضه رسالة الإسلام.أما الأصولیة فهی نقیض الحرفیة، ویمکن تعریفها بأنها رفض لبعض الممارسات والتفسیرات التی یرى الأصولیون أنها تتنافى مع تعالیم الدین، وهی دعوة إلى إعمال الفکر وممارسة الاجتهاد لتجدید الثوابت والأصول الفکریة والمعرفیة للدین، فالأصولیة دعوة للعودة إلى أصول الدین الأولى وممارسات واجتهادات الأولین والصالحین والحکماء، ومحاولة تفسیرها تفسیرًا جدیدًا، وتولید معان جدیدة منها تتلاءم والزمان والمکان الذین یوجد فیهما المفسر "الأصولی".فالمفسّر الأصولی لا یلجأ إلى التفسیر الحرفی، إلا إذا تطلب النص القرآنی ذلک، وهو لا یجتزئ من النص مقطعًا ینتزعه من سیاقه ثم یفرض علیه المعنى الذی یراه صحیحًًا، بل یُعمل الاجتهاد فی تفسیر القرآن، والمعنى الذی یصل إلیه لا یکون هو نفسه النص القرآنی دائمًا، وإنما یتراوح فی قربه وبعده عنه. ومن الفرق الإسلامیة القائلة بالأصولیة: الشیعة والصوفیة وأهل السنة غیر التابعین للمدرسة السلفیة. یُلاحظ أن الآخذین بالتفسیر الأصولی للقرآن لا یعتبرون أن المعنى المبطن للآیة یُبطل أو یستأصل معناها الظاهر، بل یرون أنه بمثابة "الروح التی تبعث فیها الحیاة".(35)
ترجمة القرآن
"قرآن النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم"، أوّل ترجمة للقرآن من اللغة اللاتینیة إلى لغة أوروبیة عامیّة، وهی بهذه الحالة: الفرنسیة.
صفحة المقدمة من النسخة الألمانیة الأولى للقرآن، والتی تعود لسنة 1772.
صفحة من المصحف علیها ترجمة فارسیة للنص العربی، تعود لعهد الإلخانات.
الآیات 33 و 34 من سورة یس مترجمة إلى الصینیة.
بعد هذه المرحلة دخل المسلمون میدان الترجمة إلى اللغات الأوروبیة، بعد أن کثر عدد الذین هاجروا منهم إلى الغرب بحثًا عن مورد رزق أو طلبًا للعلم، وانخرطوا مع أهل تلک البلاد وعایشوهم، واتصفت بعض ترجمات المسلمین بالعلمیة، وشیء من الموضوعیة، وقد بلغت ما یزید عن 45 ترجمة کاملة سوى ما کان من الترجمات الجزئیة. استخدم مترجموا القرآن من مسلمین وغیر مسلمین ألفاظًا لغویة قدیمةً عفا علیها الزمن لکتابة النص القرآنی باللغة الأجنبیة المستهدفة، فعلى سبیل المثال، استخدم کل من "أ. یوسف علی" و"م. مرمدوک پیکثال"، وهما من المترجمین المشهورین، صیغة الجمع "ye" والمفرد "thou" بدلاً من الصیغة المعاصرة المألوفة المستخدمة فی الإفراد والجمع "you"، وذلک عند النقل من العربیة إلى الإنگلیزیة.
أُفید فی عام 1936 أن القرآن قد تُرجم إلى 102 من اللغات العالمیة. وفی سنة 2010 أفادت صحیفة الحریة للأخبار السیاسیة والاقتصادیة (بالإنگلیزیة: Hürriyet Daily News and Economic Review) أن نسخ القرآن التی عُرضت فی معرض طهران للقرآن فی دورته الثامنة عشر، کانت بمائة واثنا عشرة لغة مختلفة.
التلاوة
یؤمن المسلمون أن لتلاوة القرآن فضل عظیم، وسندهم فی ذلک الأحادیث النبویة المؤکدة، ومنها ما رُوی عن أبی أمامة الباهلی: «سمعت رسول الله یقول: "اقرؤوا القرآن فإنه یأتی یوم القیامة شفیعاً لأصحابه"»، وعن أبی موسى الأشعری: «قال رسول الله : "مثل المؤمن الذی یقرأ القرآن مثل الأترجة ریحها طیب وطعمها طیب، ومثل المؤمن الذی لا یقرأ القرآن کمثل التمرة لا ریح لها وطعمها حلو، ومثل المنافق الذی یقرأ القرآن کمثل الریحانة ریحها طیب وطعمها مر، ومثل المنافق الذی لا یقرأ القرآن کمثل الحنظلة لیس لها ریح وطعمها مر"»کذلک یؤمن المسلمون أن قارئ القرآن له أجر کبیر، فمن یقرأ منه حرفًا له به حسنة والحسنة بعشر أمثالها. وتلاوة القرآن تختلف عن تلاوة الکتب الأخرى، فهی تتم وفق أسلوب معین فی النطق تختلف فیه مخارج الحروف عن تلک الخاصة بالنصوص غیر القرآنیة. ویُعرف أسلوب تلاوة القرآن، أو علم تلاوة القرآن، بعلم التجوید، والتجوید فی اللغة هو التحسین، یُقال "جوّدت الشیء" أی حسنته، وأیضًا، تجوید الشیء فی لغة العرب إحکامه وإتقانه. أما تعریف التجوید فی الاصطلاح فیمکن تقسیمه إلى قسمان: معرفة القواعد والضوابط التی وضعها علماء التجوید، وهذا القسم یسمى بالتجوید العلمی أو النظری، وإخراج کل حرف من مخرجه دون تحریف أو تغییر، وهذا یُعرف بالتجوید العملی أو التطبیقی. وقد وضع الخلیل بن أحمد الفراهیدی وغیره من أئمة القراء والتابعین وأتباعهم قواعد علم التجوید، وفائدة هذا العلم أنه یُحسّن الأداء عند التلاوة، ویصون اللسان عن الخطأ.کرسی مخصص لوضع المصحف وقراءته جلوسًا.
ویقول العلماء باتباع قواعد معینة مُستحبة قبل الشروع فی التلاوة، ومنها التوضؤ کی یمس الإنسان القرآن وهو على طهارة، هذا وقد ورد أن النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم کان یتلو القرآن على کل حال إلا أن یکون محدثًا وذلک دلیل على جواز التلاوة على غیر وضوء، ولکن التلاوة مع الوضوء تبقى أفضل. کما أن تطهیر الفم بالسواک مستحب، وترک تناول ما یعطی رائحة خبیثة للفم أمر مستحب أیضًا، ویُستحب استقبال القبلة وإطراق الرأس وعدم التربع أو الاتکاء أو الجلوس على هیئة من هیئات التکبر.
مدارس التلاوة
صفحة أندلسیة أو مغربیة من القرآن، تعود للقرن الثالث عشر، وتظهر علیها الآیة الثالثة والسبعین من سورة الأحزاب.
عدّة أشخاص فی جلسة ختم للقرآن، فی الأهواز، إیران.
القرآن عند علماء الشریعة هو کلام الله المنزل على النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم للإعجاز وللتعبد بألفاظه، فهو من الله لفظًا ومعنى. والحدیث القدسی هو ما یرویه النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم عن ربه بألفاظه هو، ولکن دون التعبد بهذه الألفاظ، ولیس للتحدی والإعجاز، فمعناه من الله، ولفظه من الرسول. والقرآن نزل به جبریل على النبی محمد صلی الله علیه وآله وسلم ، أما الحدیث القدسی فلا یُشترط فیه أن یکون الواسطة فیه جبریل، فقد یکون جبریل هو الواسطة فیه، أو یکون بالإلهام، أو بغیر ذلک. والقرآن قطعی الثبوت ویُقسم إلى سور وآیات، أما الحدیث القدسی منه الصحیح والضعیف والموضوع ولیس له ذاک التقسیم. کذلک فإن جاحد القرآن یُکفّر، أما الحدیث القدسی فإن من جحد حدیثًا أو استنکره نظرًا لحال بعض روایته فلا یُکفّر. والقرآن لا تجوز روایته أو تلاوته بالمعنى، بینما الحدیث القدسی تجوز روایته بالمعنى.
العلاقة مع الکتب الیهودیة والمسیحیة
کثیرة هی نقاط التلاقی والتطابق بین القرآن والتوراة والتناخ أو العهد القدیم والعهد الجدید من أناجیل ورؤیا یوحنا على وجه الخصوص وکذلک أبوکریفا، سواءً أکان من ناحیة التشریع أم من ناحیة روایة الأحداث أو فی الأمثلة العامة.. ویرى الباحث فراس السواح، أن "التشابک والتشابه بین الروایة الإنجیلیة والروایة القرآنیّة هو شدید، حتى مع اختلاف التعابیر والمصطلحات فهی غالبًا ما تخفی اتفاقًا فی المضمون".(37)
المصادر :
1- الإتقان فی علوم القرآن، عبد الرحمن بن أبی بکر، جلال الدین السیوطی، ج1/ص8
2- أورده بدر الدین الزرکشی فی کتابه البرهان: (ص318)، والقسطلانی فی کتابه لطائف الإشارات ج1/ص171) والبنا الدمیاطی فی کتابه "إتحاف فضلاء البشر"(ج1/ص68).
3- منجد المقرئین ومرشد الطالبین، لشمس الدین ابن الجزری، دار الکتب العلمیة، الطبعة الأولى 1420 هـ -1999 م، کشف الأسرار للنسفی مع نور الأنوار للملاجیون:ج1/ص17، إرشاد الفحول، ص:29
4- الإحکام فی أصول الأحکام للآمدی:ج1/ص228. البرهان فی علوم القرآن، بدر الدین الزرکشی:ج1/ص389، تیسیر التحریر لأمیر بادشاه: ج3/ص3، / سورة هود، آیة 1 : الر کِتَابٌ أُحْکِمَتْ آَیَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَکِیمٍ خَبِیرٍ
5- مناهل العرفان فی علوم القرآن، محمد عبد العظیم الزرقانی، مطبعة عیسى الحلبی، الطبعة الثالثة، (ج2/ص334)
6- کتاب لسان العرب لإبن منظور (قرأ):1/128، کتاب مجاز القرآن لمعمر بن المثنى :1/1-3، کتاب مناهل القرآن للزرقانی:1/14-15./ جمع القرآن الکریم حفظا وکتابةً - علی سلیمان العبید - ج1 ص7
7- الإتقان فی علوم القرآن - جلال الدین السیوطی - ج1 ص169
8- معانی القرآن - أبو زکریا الفراء - ج2 ص32
9- إبراز المعانی من حرز الأمانی، الإمام عبد الرحمن بن إسماعیل بن إبراهیم، دار الکتب العلمیة، ص502
10- علوم القرآن، لابن عطیة، ص 284
11- مرکز الإشعاع الإسلامی للدراسات والبحوث الإسلامیة: ما هی أسماء القرآن الکریم وما هی معانیها؟ بقلم الشیخ صالح الکرباسی. تاریخ النشر: 17 نوفمبر 2003
12- ومنها اسماء القرآن فی القرآن - د. خمساوی الخمساوی والهدى والبیان فی اسماء القرآن - صالح البلیهی وأسماء القرآن وصفاته - عطیة محمد الفرحانی
13- الشبکة الإسلامیة - جمع القرآن فی عهد أبی بکر رضی الله عنه
14- مناهل العرفان فی علوم القرآن - محمد عبد العظیم الزرقانی ج1 ص15
15- التبیان فی علوم القرآن - محمد علی الصابونی ج1 ص122
16- المنار فی علوم القرآن - محمد علی حسن - ج1 ص16
17- الإتقان فی علوم القرآن - جلال الدین السیوطی - ج1 ص171
18- مشکل القرآن وغریبه لابن قتیبة - ج2 ص112، المفردات للراغب الأصفهانی (وحی) 515/^ مناهل العرفان فی علوم القرآن - محمد عبد العظیم الزرقانی ج1 ص63
19- جمال القراء وکمال الإقراء - علم الدین السخاوی - ج1 ص161/ معجم علوم القرآن - إبراهیم محمد الجرمی - ج1 ص67 / الإتقان فی علوم القرآن - جلال الدین السیوطی - ج1 ص58
20- مفاتیح للتعامل مع القرآن - صلاح عبد الفتاح الخالدی - ج1 ص21
21- بحار الأنوار. المجلسی، محمد باقر. ج90، صفحة 348.
22- دراسات فی علوم القرآن، محمد بکر إسماعیل، دار المنار
23- المرشد الوجیز: أبو شامة المقدسی ص23./ أخرجه الحاکم بسنده، عن سعید بن جبیر
24- البدایة والنهایة، ابن کثیر، ج3، ص5-33./ صحیح البخاری، ص3.
25- ^ فتح الباری، ابن حجر العسقلانی، ج1، ص31./ ^ تاریخ الأمم والملوک، الطبری، ج1، ص526-535، دار الکتب العلمیة، ط1987.
26- المقریزی، أحمد بن علی، أمتاع الأسماع، صفحة 101/ مسند أحمد بن حنبل، الجزء السادس، صفحة: 272، ح 17940.
27- جمع القرآن بین المصادر السُّنیة والمراجع الشیعیة، بقلم: د. محمد عابد الجابری/ المجلسی, محمد باقر (1414 هـ). بحار الأنوار الجامعة لدرر أخبار الأئمة الأطهار: 28/264، 35/391 ، 89/48. بیروت - لبنان:
28- شبکة الشیعة العالمیة: "إعلام الخَلف بمن قال بتحریف القرآن من أعلام السّلف - ص 224". الشیعة الإمامیة وجمع القرآن
29- القرآن الکریم کتاب الله الحکیم: عدد آیات القرآن الکریم
30- قصص القرآن الکریم
31- کتاب التنبیه على فضل علوم القرآن، أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبیب النیسابوری
32- البرهان فی علوم القرآن: أبو عبد الله بدر الدین محمد بن عبد الله بن بهادر الزرکشی، دار المعرفة، بیروت، لبنان، ج1. ص192
33- مقدمة إلى تفسیر المیزان، العلامة السید محمد حسین الطباطبائی
34- الطباطبائی، تفسیر المیزان، أساسیات تفسیر القرآن / التأویل الصوفی للنص. تألیف: د.عبد الإله نبهان، صفحة 49
35- الطباطبائی، تفسیر المیزان
36- أصلان، رضا (20 نوفمبر 2008). کیف تقرأ القرآن. مجلة سلایت. 21 نوفمبر 2008.
37- الإنجیل بروایة القرآن، فراس السواح، دار علاء الدین للنشر، دمشق 2011، ص.7
/ج