کثر الحدیث عن الجبر والتفویض والامر بین الامرین وهل ان الانسان مفوضا ام انه مجبورا فی اعماله الدنیویة طبعا والحدیث معقد ولیس بهذه البساطة التی نتوقعها والخوض بها قد یجرنا الی طریق بعید عن جادة الصواب او مواز له ، ولکی نتبع افضل الطرق المؤدیة الی ما نروم نلقي نظرة الی بعض الاحادیث ونبرئ ذمتنا :
1- أبي رحمه الله، قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن يعقوب بن يزيد، عن حماد بن عيسى، عن إبراهيم بن عمر اليماني، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: إن الله عزوجل خلق الخلق فعلم ما هم صائرون إليه، وأمرهم ونهاهم، فما أمرهم به من شئ فقد جعل لهم السبيل إلى الاخذ به، وما نهاهم عنه من شئ فقد جعل لهم السبيل إلى تركه، ولا يكونوا آخذين ولا تاركين إلا بإذن الله(1)
2- أبي رحمه الله، قال: حدثنا علي بن إبراهيم، عن محمد بن عيسى، عن يونس بن عبدالرحمن، عن حفص بن قرط، عن أبي عبدالله عليه السلام قال: قال رسول الله صلى الله عليه واله وسلم: من زعم أن الله تبارك وتعالى يأمر بالسوء والفحشاء فقد كذب على الله، و من زعم أن الخير والشر بغير مشية الله فقد أخرج الله من سلطانه، ومن زعم أن المعاصي بغير قوة الله فقد كذب على الله، ومن كذب على الله أدخله الله النار.يعني بالخير والشر: الصحة والمرض، وذلك قوله عز وجل: (ونبلوكم بالشر والخير فتنة)(2)
3- حدثنا محمد بن موسى بن المتوكل رحمه الله، قال: حدثنا علي بن الحسين السعد آبادي، عن أحمد بن أبي عبدالله البرقي، عن أبيه، عن يونس بن عبدالرحمن عن غير واحد، عن أبي جعفر، وأبي عبدالله عليهما السلام، قالا: إن الله عزوجل أرحم بخلقه من أن يجبر خلقه على الذنوب ثم يعذبهم عليها، والله أعز من أن يريد أمرا فلا يكون، قال: فسئلا عليهما السلام، هل بين الجبر والقدر منزلة ثالثة؟ قالا: نعم، أوسع مما بين السماء والارض(سعته باعتبار مشيئة الله العامة لكل شئ في الوجود، فان الجبرية ضيقوا مشيئته تعالى لانهم يقولون لاتتعلق بمشيئة العبد لفعله اذ لامشيئة له، والقدرية ضيقوها لانهم يقولون لاتتعلق بها اذا لعبد مستقل في مشيئته، ويرد قول الفريقين الحديث القدسي المشهور المروي عن النبي والائمة عليهم السلام: يا ابن آدم بمشيئتي كنت أنت الذي تشاء لنفسك ماتشاء وقد مضى في الباب الخامس والخمسين.)
4- حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد رحمه الله، قال: حدثنا الحسن ابن متيل عن أحمد بن أبي عبدالله، عن علي بن الحكم، عن هشام بن سالم، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: الله تبارك وتعالى أكرم من أن يكلف الناس ما لا يطيقونه والله أعز من أن يكون في سلطانه مالايريد
5- حدثنا علي بن عبدالله الوراق رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن جعفر ابن بطة، قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار، ومحمد بن علي بن محبوب، ومحمد بن الحسين بن عبدالعزيز، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسين بن سعيد، عن حماد ابن عيسى الجهني، عن حريز بن عبدالله، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: إن الناس في القدر على ثلاثة أوجه: رجل يزعم أن الله عزوجل أجبر الناس على المعاصي فهذا قد ظلم الله في حكمه فهو كافر، ورجل يزعم أن الامر مفوض إليهم فهذا قد أوهن الله في سلطانه فهوكافر، ورجل يزعم أن الله كلف العباد ما يطيقون ولم يكلفهم مالا يطيقون وإذا أحسن حمد الله، وإذا أساء استغفر الله، فهذا مسلم بالغ.
6- حدثنا علي بن عبدالله الوراق رحمه الله قال: حدثنا سعد بن عبدالله، عن إسماعيل بن سهل، عن عثمان بن عيسى، عن محمد بن عجلان، قال: قلت لابي - عبدالله عليه السلام: فوض الله الامر إلى العباد؟ فقال: الله أكرم من أن يفوض إليهم، قلت: فأجبر الله العباد على أفعالهم؟ فقال: الله أعدل من أن يجبر عبدا على فعل ثم يعذبه عليه.
7- أبي رحمه الله، قال: حدثنا: سعد بن عبدالله، قال: حدثنا أحمد بن محمد بن خالد، عن أبيه، عن سليمان بن جعفر الجعفري، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: ذكر عنده الجبر والتفويض، فقال: ألا اعطيكم في هذا أصلا لا تختلفون فيه ولا تخاصمون عليه أحدا إلا كسرتموه، قلنا: إن رأيت ذلك، فقال: إن الله عزوجل لم يطع بإكراه، ولم يعص بغلبة قوله: (لم يطع باكراه) رد على الجبرية، وقوله: (لم يعص بغلبه) رد على القدريه ولم يهمل العباد في ملكه، هو المالك لما ملكهم، والقادر على ما أقدرهم عليه، فإن ائتمر العباد بطاعته لم يكن الله عنها صادا ولا منها مانعا وإن ائتمروا بمعصيته فشاء أن يحول بينهم وبين ذلك فعل وإن لم يحل وفعلوه فليس هو الذي أدخلهم فيه، ثم قال عليه السلام: من يضبط حدود هذا الكلام فقد خصم من خالفه(حاصل كلامه عليه السلام: أنه تعالى قادر على كل شئ ومالك كل شئ حتى ارادات ذويها فانها بيده يمنع ويعطي فلا معنى لقول القدرية المفوضة، لكنه تعالى يخلى بين العبد و بين ارادته في مقام الطاعة فيفعل فيستحق، ويخلى بينه وبينها في مقام المعصية تارة ويحول اخرى بسلب مقدمة من المقدمات الخارجية او الداخلية، فان حال فهو لطف من الله لعبده، وان لم يحل وفعل العبد فانما فعل بارادته التي جعلها الله تعالى من حيث الفعل والترك بيده، لا أنه تعالى أكرهه على ذلك، فليس على الله شئ، اذ ليس من حق العبد على الله عزوجل أن يحول بينه وبين معصيته، فلا معنى لقول الجبرية.)
8- حدثنا علي بن أحمد بن محمد بن عمران الدقاق رحمه الله، قال: حدثنا محمد بن أبي عبد الله الكوفي، عن خنيس بن محمد، عن محمد بن يحيى الخزاز، عن المفضل بن عمر، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: لا جبر ولا تفويض ولكن أمر بين أمرين، قال: قلت: وما أمر بين أمرين؟ قال: مثل ذلك مثل رجل رأيته على معصية فنهيته فلم ينته فتركته ففعل تلك المعصية، فليس حيث لم يقبل منك فتركته أنت الذي أمرته بالمعصية.( بيانه أنك حيث نهيته فلم ينته فتركته على عمله لست أنت الذي أمرته بالمعصية، كذلك الله تعالى حيث نهى العبد عن المعصية فلم ينته فتركه وخلى بينه وبين عمله ليس هو الذي أدخله فيها وأجبره عليها، فالله خلاه فلا جبر، وقادر على منعه ان شاء فلا تفويض.)
9- حدثنا محمد بن إبراهيم بن إسحاق المؤدب رحمه الله، قال: حدثنا أحمد ابن علي الانصاري، عن عبدالسلام بن صالح الهروي، قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسى بن جعفر عليهم السلام يقول: من قال بالجبر فلا تعطوه من الزكاة ولا تقبلوا له شهادة، إن الله تبارك وتعالى لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يحملها فوق طاقتها(3) ولا تكسب كل نفس إلا عليها، ولا تزر وازرة وزر اخرى. في نسخه (حدثنا أحمد بن زياد بن جعفر الهمداني رضي الله عنه، قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن هاشم، عن أبيه، عن محمد بن أبي عمير عن هشام بن الحكم، عن أبي عبدالله عليه السلام، قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وآله، فقال: يا رسول الله أرسل ناقتي وأتوكل أو أعقلها وأتوكل؟ فقال: لا، بل اعقلها وتوكل)
10- حدثنا جعفر بن محمد بن مسرور رحمه الله قال: حدثنا الحسين بن محمد ابن عامر، عن معلى بن محمد البصري، عن الحسن بن علي الوشاء، عن أبي الحسن الرضا عليه السلام، قال: سألته فقلت له: الله فوض الامر إلى العباد؟ قال: الله أعزمن ذلك، قلت: فاجبرهم على المعاصي؟ قال: الله أعدل وأحكم من ذلك، ثم قال: قال الله عزوجل: يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك، وأنت أولى بسيئاتك مني، عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك.
11- أبي رحمه الله، قال: حدثنا أحمد بن إدريس، عن محمد بن أحمد، قال: حدثنا أبوعبدالله الرازي، عن الحسن بن الحسين اللؤلؤي، عن ابن سنان، عن مهزم، قال: قال أبوعبدالله عليه السلام: أخبرني عما اختلف فيه من خلفت من موالينا، قال: قلت: في الجبر والتفويض، قال: فسلني، قلت: أجبر الله العباد على المعاصي؟ قال: الله أقهر لهم من ذلك قال: قلت: ففوض إليهم؟ قال: الله أقدر عليهم من ذلك، قال: قلت: فأي شئ هذا أصلحك الله؟ قال: فقلب يده مرتين أو ثلاثا، ثم قال: لو أجبتك فيه لكفرت. كأن القائل بالجبر يقول: ان الله تعالى لو جعل عباده مختارين لفات عنه انفاذ مشيئته فيهم كما ذهب اليه المفوضة، فقال عليه السلام: أنه تعالى أقهر لهم من ذلك، وليست الملازمة ثابتة، بل هو قاهر عليهم مع اختيارهم، وفي نسخة (و) (الله أرحم لهم من ذلك) والعجب أن كلا من الفريقين على حسب سلوكهم لو جازوا عن مقامهم وقعوا فيمهوى الاخرين، و ذلك لانهم لم يطلبوا العلم عن باب مدينته حتى يستقيموا على الطريقة الوسطى.
12- حدثنا أحمد بن هارون الفامي رضي الله عنه، قال: حدثنا محمد بن عبدالله ابن جعفر الحميري، عن أبيه، قال: حدثنا إبراهيم بن هاشم، عن علي بن معبد، عن الحسين بن خالد، عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليهما السلام، قال: قلت له: يا ابن رسول الله إن الناس ينسبوننا إلى القول بالتشبيه والجبر لما روي من الاخبار في ذلك عن آبائك الائمة عليهم السلام، فقال: يا ابن خالد أخبرني عن الاخبار التي رويت عن آبائي الائمة عليهم السلام في التشبيه والجبر أكثر أم الاخبار التي رويت عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في ذلك؟ ! فقلت: بل ما روي عن النبي صلى الله عليه واله وسلم في ذلك أكثر، قال: فليقولوا: إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم كان يقول بالتشبيه والجبر إذا، فقلت له: إنهم يقولون: إن رسول الله صلى الله عليه واله وسلم لم يقل من ذلك شيئا وإنما روي عليه، قال: فليقولوا في آبائي عليهم السلام: إنهم لم يقولوا من ذلك شيئا وإنما روي عليهم، ثم قال عليه السلام: من قال بالتشبيه والجبر فهو كافر مشرك ونحن منه براء في الدنيا والآخرة يا ابن خالد إنما وضع الاخبار عنا في التشبيه والجبر الغلاة الذين صغروا عظمة الله، فمن أحبهم فقد أبغضنا، ومن أبغضهم فقد أحبنا، ومن والاهم فقد عادانا، ومن عاداهم فقد والانا، ومن وصلهم فقد قطعنا، ومن قطعهم فقد وصلنا، ومن جفاهم فقد برنا، ومن برهم فقد جفانا، ومن أكرمهم فقد أهاننا، ومن أهانهم فقد أكرمنا، ومن قبلهم فقد ردنا، ومن ردهم فقد قبلنا، ومن أحسن إليهم فقد أساء إلينا، ومن أساء إليهم فقد أحسن إلينا، ومن صدقهم فقد كذبنا، ومن كذبهم فقد صدقنا، ومن أعطاهم فقد حرمنا، ومن حرمهم فقد أعطانا، يا ابن خالد من كان من شيعتنا فلا يتخذن منهم وليا ولا نصيرا.
بتصرف من کتاب التوحيد للشيخ الجليل الاقدم الصدوق المتوفي سنة 381
1- هذا هو الحديث الثامن من الباب السادس والخمسين بسند آخر، وفي نسخة (و) هنا: يعني بعلمه كما هناك.
2-الانبياء: 35، والظاهر أن قوله: (يعني بالخير - الخ) من الصدوق فان الحديث مروي بعبن السند في باب الجبر والقدر من الكافي إلى قوله: (أدخله النار) ثم ان مفاد الكلام أعم من هذا التفسير، بل هو رد على المفوضة القائلين بأن مشيئة الله غير متعلقة بافعال العباد.
3- اشارة إلى قوله تعالى: (ولا تحملنا ما لاطاقة لنا به)، والفقرات الثلاث الاخر مذكورة في الكتاب.
/ج