صفاة المنتظر

"المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقاً، تكون به غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلاً وقسطًا كما ملئت جورًا وظلماً"
Wednesday, November 19, 2014
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
صفاة المنتظر
 صفاة المنتظر

 






 

"المهدي من ولدي، اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، أشبه الناس بي خلقا وخلقاً، تكون به غيبة وحيرة تضل فيها الأمم، ثم يقبل كالشهاب الثاقب يملأها عدلاً وقسطًا كما ملئت جورًا وظلماً"(1)
وبإسناده أيضاً عن هشام بن سالم، عن الصادق جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده عليهم السلام قال:
"قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): القائم من ولدي اسمه اسمي، وكنيته كنيتي، وشمائله شمائلي، وسنته سنتي، يقيم الناس على ملتي وشريعتي، ويدعوهم إلى كتاب ربي عز وجل، من أطاعه فقد أطاعني، ومن عصاه فقد عصاني، ومن أنكره في غيبته فقد أنكرني، ومن كذبه فقد كذبني، ومن صدقه فقد صدقني، إلى الله أشكو المكذبين لي في أمره، والجاحدين لقولي في شأنه، والمضلِّين لأمَّتي عن طريقته {وسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ}"(2)
وفي تفسير مجمع البيان: "... ويدلُّ على ذلك ما رواه الخاصّ والعامّ عن النبي (صلّى الله عليه وآله) أنّه قال: لو لم يبقَ من الدنيا إلا يوم واحد، لطوَّل الله ذلك اليوم حتَّى يبعث رجلاً صالحاً من أهل بيتي، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً، كما قد مُلئت ظلماً وجوراً"(3)
وفيه أيضاً: "... وروى العياشي بإسناده عن علي بن الحسين (عليهما السلام)أنه قرأ الآية، وقال: هم والله شيعتنا أهل البيت. يفعل الله ذلك بهم على يدي رجل منّا، وهو مهدي هذه الأمَّة، وهو الذي قال رسول الله (صلّى الله عليه وآله): لو لم يبق من الدنيا إلا يوم واحد لطوَّل الله ذلك اليوم، حتَّى يلي رجل من عترتي، اسمه اسمي، يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً"(4)
وقال العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان: "أخرج أحمد والبخاري ومسلم والبيهقي في الأسماء والصفات قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كيف أنتم إذا نزل فيكم ابن مريم وإمامكم منكم؟" وفيه: أخرج ابن مردويه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يوشك أن ينزل فيكم ابن مريم حكماً عدلاً يقتل الدجال، ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب، ويضع الجزية، ويقبض المال، وتكون السجدة واحدة لله رب العالمين، واقرؤوا إن شئتم: (وإن مِّنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلِ مَوْتِهِ)
موت عيسى بن مريم. ثمَّ يعيدها أبو هريرة ثلاث مرات". أقول: والروايات في نزول عيسى (عليه السلام) عند ظهور المهدي (عليه السلام) مستفيضة من طرق أهل السنة، وكذا من طرق الشيعة عن النبي والأئمة من أهل بيته عليهم الصلاة والسلام"(5)

بعض ما جاء عند الشيعة الزيدية

جاء في "مطمح الآمال في إيقاظ جهلة العمال" للقاضي العلَّامة شرف الدين الحسين بن ناصر المعروف بالمهلا: "وفي المهدي أحاديث بالغةٌ حدَّ التواتر، منها ما ذكره الأمير الحسين بن بدر الدين في ينابيع النصيحة: يخرج المهدي في أُمَّتي، يبعثه الله غياثاً تنعم الأمة، وتعيش الماشية، وتخرج الأرض نباتها، ويعطي المال صحاحاً؛ فقال رجل: وما صحاحاً؟ قال: التسوية بين الناس"(6)
وفيه أيضًا: "وقد اعتنى جمع كثير من علماء الأمة المحمدية بالتأليف في أخبار المنتظر كمحمد بن إبراهيم النعماني، والحافظ أبي نعيم فإنّه خرج فيه أربعين حديثاً، والشيخ أبو عبد الله محمد بن يوسف الكنجي الشافعي في كتابه البيان في أخبار صاحب الزمان، وفيه بإسناده: ولا تذهب الدنيا حتى يملك رجل من أهل بيتي، يواطئ اسمه اسمي، وحديث: لو لم يبق من الدهر إلَّا يوم لبعث الله رجلاً من أهل بيتي يملؤها عدلاً كما ملئت جوراً. عند أئمتنا وأبي داود في مسنده، وحديث: "المهدي منِّي، أجلى الجبهة، أقنى الأنف، يملأ الأرض قسطاً وعدلاً كما ملئت ظلماً وجوراً". عند أبي داود والترمذي من حديث أبي سعيد. زاد أبو داود: "يملك سبع سنين". وقال: هذا حديث ثابت حسن صحيح. وأخرج الديلمي في مسند الفردوس من حديث حذيفة مرفوعاً بلفظ: "المهدي من ولدي، وجهه كالقمر الدري واللون منه لون عربي والجسم جسم إسرائيلي يملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً، يرضى بخلافته أهل السماوات وأهل والأرض والطير في الجو، يملك عشر سنين". وحديث: "المهدي من عترتي من ولد فاطمة". أخرجه أبو داود. وأخرج الشيخان من حديث أبي هريرة مرفوعاً: "كيف أنتم إذا نزل ابن مريم فيكم وإمامكم منكم". وأخرج الدار قطني عن أبي هارون العبدي قال: أتيت أبا سعيد الخدري فقلت هل شهدت بدراً؟ فقال: نعم. قلت: ألا تحدثني ما سمعته من رسول الله (صلّى الله عليه وآله) في علي وفضله. فقال: بلى أخبرك أن رسول الله (صلّى الله عليه وآله) مرض مرضةً نقه منها، فدخلت عليه فاطمة وأنا عن يمين النبي (صلّى الله عليه وآله) فبدت دموعها على خدها، فقال النبي (صلّى الله عليه وآله): "ما يبكيك يا فاطمة؟ إن الله اطلع على الأرض اطلاعه على خلقه فاختار منهم أباك فبعثه نبياً، ثم اطلع ثانية فاختار منهم بعلك فأوحى إلى أن أنكحه فاطمة فأنكحته إياك واتخذته وصياً؛ أما علمت أنَّك بكرامة الله إياك زوَّجك أغزرهم علماً وأكثرهم حلماً وأقومهم سلماً فاستبشرت فقال لها: يا فاطمة ولعلي ثمانية أضراس ـ أي مناقب ـ إيمان بالله تعالى ورسوله، وحكمته، وزوجته، وسبطاه الحسن والحسين، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر، يا فاطمة: إنّا أهل بيت أعطينا ست خصال لم يعطها أحد من الأولين ولا يدركها أحد من الآخرين غيرنا، نبيُّنا خير الأنبياء، ووصيُّنا خير الأوصياء وهو بعلك، وشهيدنا خير الشهداء وهو حمزة عمُّ أبيك، ومنَّا سبطا هذه الأُمَّة، وهما ابناك ومنَّا مهدي الأُمَّة الذي يصلِّي خلفه عيسى، ثمَّ ضرب على منكب الحسين [(عليه السلام)] وقال: مِن هذا مهديُّ هذه الأمة". إلى غير ذلك من الأخبار، وقد ذكروا لقيامه علامات منها: خروج السفياني وقتل الحسيني وكسوف الشمس في نصف شعبان وخسوف القمر آخر الشهر وطلوع الشمس من مغربها وقتل نفس زكية في سبعين من الصالحين وذبح رجل هاشمي بين الركن والمقام وهدم حائط (مسجد الكوفة) وإقبال رايات سود من قبل (خراسان) وخروج اليماني وظهور المغربي بـ(مصر) وتملكه الشامات ونزول الترك الجزيرة ونزول الروم الرملة وطلوع نجم بالمشرق يضيء كالقمر، ثم ينعطف حتى يكاد أن يلتقي طرفاه، وحمرة تظهر في السماء ونار تظهر بالمشرق وتبقى في الجوِّ ثلاثة أيام أو سبعة أيام، وخلع العرب أعنتها وتملكها البلاد وقتل أهل (مصر) أميرهم وخراب (الشام) واختلاف ثلاث رايات فيه، ودخول رايات قيس والعرب إلى (مصر) ورايات (كندة) إلى (خراسان) وورود
خيل من الغرب حتى تربط بفناء (الحيرة)، وإقبال رايات سود من المشرق نحوها، وفتق في (الفرات) حتى يدخل الماء أزقة (الكوفة)، وخروج ستين كذاباً يدَّعون النبوَّة، وزلزلة حتى ينخسف كثير منها وخوف يشمل (العراق) وموت ذريع ونقص في الأنفس والأموال والثمرات وجراد يظهر في أوانه وغير أوانه حتى يأتي على الزرع والغلات، وقلة ريع ما يزرع الناس، واختلاف بين العجم وسفك دماء كثيرة بينهم وخروج العبيد عن طاعات ساداتهم وقتلهم مواليدهم، ويختم بعد ذلك بأربع وعشرين مطرة متَّصلة فتحيى الأرض بعد موتها وتظهر بركاتها وتزول بعد ذلك كلُّ عاهة عن أتباع المهدي، فيعرفون عند ذلك ظهوره بـ(مكة) فيتوجهون إليه قاصدين لنصرته، ومن جملة هذه العلامات ما هو محتوم ومنها ما هو مشترط. والله أعلم ما يكون. وعن أبي نصير عن أبي عبد الله قال: "لا يخرج القائم إلا في وتر من السنين، سنة إحدى أو ثلاث أو خمس أو سبع أو تسع". وعن أبي عبد الله: "ينادى باسم القائم في ليلة ثلاث وعشرين من شهر رمضان ويقوم في يوم عاشوراء ولكأني به في يوم السبت العاشر من المحرم قائماً بين الركن والمقام، وشخص قائم على يده ينادي البيعة من أطراف الأرض تطوى لهم طياً حتى يبايعوه فيملأ الله به الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ثم يسير من (مكة) إلى (نجف الكوفة) ثم يفرق الجنود منها إلى الأمصار". وعن أبي جعفر في حديث طويل قال: "إذا قدم القائم سار إلى (الكوفة) فوسع مساجدها وكسر كل جناح خارج في الطريق، فأبطل الكنف والميازيب الخارجة إلى الطرقات ولا يترك بدعة إلَّا أزالها ولا سنة إلَّا أقامها، ويفتح (القسطنطينية) و(جبال الديلم)، فيمكث على ذلك سبع سنين، كل سنة عشر سنين من سنينكم هذه، منصور بالرعب، مؤيَّد بالظفر، تطوى له الأرض، وتظهر الكنوز، ويبلغ سلطانه المشرق والمغرب، ويظهر الله دينه على الدين كلِّه ولو كره المشركون، فلا يبقى في الأرض خراب إلَّا عُمِّر، ولا تدع الأرض شيئاً من نباتها إلَّا أخرجته، ويتنعَّم الناس في زمانه نعمة لم يتنعموا مثلها قط". قيل له: يابن رسول الله ومتى يخرج؟ قال: "إذا تشبه الرجال بالنساء، والنساء بالرجال، وركبت ذوات الفروج السروج، وأمات الناس الصلوات، واتبعوا الشهوات، وأكلوا الربا، واستخفوا بالدماء، وتعاملوا بالرياء، وتظاهروا بالزنا، وشيدوا البناء، واستحلوا الكذب، وأخذوا الرشا، واتبعوا الهوى، وباعوا الدين بالدنيا، وقطعوا الأرحام، وظنوا بالطعام، وكان الحلم ضعفاً، والظلم فخراً، والأمراء فجرة، والوزراء كذبة، والأمناء خونة، والأعوان ظلمة، والقراء فسقة، وظهر الجور، وكثر الطلاق، وبدا الفجور، وقبلت شهادة الزور، وشربت الخمور، وركبت الذكور الذكور، واستقل النساء بالنساء، واتُّخذ الفيء مغنماً، والصدقة مغرماً، واتُّقى الأشرار مخافة ألسنتهم، وخرج السفياني من (الشام)، واليماني من (اليمن)، وخسف بالبيداء بين (مكة) و(المدينة)، وقتل غلام من آل محمد بين الركن والمقام، وصاح صائح من السماء بأنَّ الحقَّ معه ومع أتباعه، فعند ذلك خرج قائمنا، فإذا خرج أسند ظهره إلى الكعبة فاجتمع إليه ثلاثمائة وثلاثة عشر رجلاً من أتباعه، فأول ما ينطق بهذه الآية: {بَقِيَّةُ الله خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ} فيقول: أنا بقية الله وخليفته وحجته عليكم؛ فلا يسلِّم عليه مسلمٌ إلَّا قال: السلام عليك يا بقية الله في الأرض، فإذا اجتمع عنده عشرة آلاف رجل، فلا يبقى يهوديٌّ ولا نصرانيٌّ ولا أحد ممَّن يعبد غير الله إلَّا آمن به وصدَّقه، وتكون الملَّة واحدة (ملَّة الإسلام)، وكلما كان في الأرض من معبود سوى الله، فتنـزل عليه نار من السماء فتحرق"(7)

بعض ما جمعه أهل السنة

الروايات والأقوال في موضوع المهدي المنتظر (عجّل الله فرجه الشريف) كثيرة، وقد جمع أحد علماء أهل السنَّة ـ وهو الشيخ محمد جعفر الكتاني في كتابه "نظم المتناثر من الحديث المتواتر" ـ جزءاً ممَّا ورد عند أهل السنة في ذلك، وكان جمعه ذلك جامعاً إلى حدٍّ ما،
وقد نقل غير واحد عن الحافظ السخاوي أنها متواترة، والسخاوي ذكر ذلك في فتح المغيث ونقله عن أبي الحسين الآبري... وفي تأليف لأبي العلاء إدريس بن محمد بن إدريس الحسين العراقي المهدي هذا أنَّ أحاديثه متواترة أو كادت قال: وجزم بالأول [ أي التواتر] غير واحد من الحفاظ النقاد. وفي شرح الرسالة للشيخ جسوس ما نصه: ورد خبر المهدي في أحاديث ذكر السخاوي أنها وصلت إلى حد التواتر. وفي شرح المواهب نقلاً عن أبي الحسين الإبري في مناقب الشافعي قال تواترت الأخبار أن المهدي من هذه الأمة وأن عيسى يصلي خلفه ذكر ذلك ردًّا لحديث ابن ماجة عن أنس ولا مهدي إلا عيسى.
وفي معاني الوفاء بمعاني الاكتفاء قال الشيخ أبو الحسين الآبري قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بمجيء المهدي، وأنّه سيملك سبع سنين، وأنه يملأ الأرض عدلاً.
وفي شرح عقيدة الشيخ محمد بن أحمد السفاريني الحنبلي ما نصه: وقد كثرت بخروجه الروايات حتى بلغت حد التواتر المعنوي وشاع
ذلك بين علماء السنة حتى عد من معتقداتهم ثمَّ ذكر بعض الأحاديث الواردة فيه عن جماعة من الصحابة وقال بعدها وقد روى عمن ذكر من الصحابة وغير من ذكر منهم بروايات متعددة وعن التابعين من بعدهم ممَّا يفيد مجموعة العلم القطعي فالإيمان بخروج المهدي واجب كما هو مقرَّر عند أهل العلم ومدوَّن في عقائد أهل السنة والجماعة. وتتبَّع ابن خلدون في مُقدِّمته طرق أحاديث خروجه مستوعباً لها على حسب وُسعه، فلم تسلم له من علَّة، لكن ردُّوا عليه بأنَّ الأحاديث الواردة فيه على اختلاف رواياتها كثيرة جداً، تبلغ حد التواتر، وهي عند أحمد والترمذي وأبي داود وابن ماجه والحاكم والطبراني وأبي يعلي الموصلي والبزار، وغيرهم من دواوين الإسلام من السنن والمعاجم والمسانيد، وأسندوها إلى جماعة من الصحابة. فإنكارها مع ذلك ممَّا لا ينبغي، والأحاديث يشدُّ بعضُها بعضًا، ويتقوَّى أمرها بالشواهد والمتابعات، وأحاديث المهدي بعضها صحيح، وبعضها حسن، وبعضها ضعيف، وأمره مشهور بين الكافَّة من أهل الإسلام، على ممرِّ الأعصار، وأنَّه لا بُدَّ في آخر الزمان من ظهور رجل من أهل البيت النبوي يؤيِّد الدين، ويظهر العدل، ويتبعه المسلمون، ويستولي على الممالك الإسلامية، ويسمَّى بالمهدي، ويكون خروج الدجال وما بعده من أشراط الساعة الثابتة في الصحيح؛ على أثره، وأنَّ عيسى ينزل من بعده، فيقتل الدجال، أو ينزل معه، فيساعده على قتله، ويأتمُّ بالمهدي في بعض صلواته، إلى غير ذلك.
وللقاضي العلَّامة محمد بن علي الشوكاني اليمني رحمه الله رسالة سماها التوضيح في تواتر ما جاء في المنتظر والدجال والمسيح قال فيها: والأحاديث الواردة في المهدي التي أمكن الوقوف عليها منها خمسون حديثا، فيها الصحيح والحسن والضعيف المنجبر، وهي متواترة بلا شك ولا شبهة، بل يصدق وصف التواتر على ما دونها على جميع الاصطلاحات المحررة في الأصول، وأمّا الآثار عن الصحابة المصرِّحة بالمهدي فهي كثيرةٌ أيضًا، لها حكم الرفع، إذ لا مجال للاجتهاد في مثل ذلك. وانظره فقد ذكر أحاديثه وتكلَّم عليها.
وفي الصواعق لابن حجر الهيتمي ما نصه: قال أبو الحسين الآبري: قد تواترت الأخبار واستفاضت بكثرة رواتها عن المصطفى صلى الله عليه وسلم بخروج المهدي، وأنّه من أهل بيته، وأنه يملك سبع سنين، وأنَّه يملأ الأرض عدلاً، وأنّه يخرج مع عيسى صلى الله على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام، فيساعده على قتل الدجال بباب لد بأرض فلسطين، وأنَّه يؤمُّ هذه الأمَّة ويصلِّي عيسى خلفه.
ومثله له في القول المختصر في علامات المهدي المنتظر، إلَّا أنَّه عبَّر عن أبي الحسين المذكور ببعض الأئمة، ونصه: قال بعض الأئمة قد تواترت الأخبار... الخ ما مر عنه في الصواعق. وقال قبله بيسير ما نصه: قال بعض الأئمة الحفاظ: إنَّ كونه ـ أي المهدي ـ من ذريته صلى الله عليه وسلم قد تواتر عنه صلى الله عليه وسلم.
قلت: وأبو الحسين المذكور هو محمد بن الحسين بن إبراهيم الآبري السجستاني، مصنف كتاب مناقب الشافعي، وهو كتاب حافل رتَّبه على أربعة أو خمسة وسبعين بابًا. و(آبر) من قرى سجستان. تُوفِّي في رجب سنة ثلاث وستين وثلاثمائة. راجع ترجمته في الطبقات الكبرى للسبكي.
ولولا مخافة التطويل لأوردت هاهنا ما وقفت عليه من أحاديثه؛ لأنِّي رأيت الكثير من الناس في هذا الوقت يتشككون في أمره، ويقولون يا ترى هل أحاديثه قطعيَّة أم لا، وكثير منهم يقف مع كلام ابن خلدون ويعتمده، مع أنه ليس من أهل هذا الميدان. والحق الرجوع في كل فن لأربابه والعلم لله تبارك وتعالى.

نزول سيدنا عيسى:

نزول سيدنا عيسى (عليه السلام) قرب الساعة وحكمه في الناس قال الآبي في شرح مسلم في الكلام على أحاديث الأشراط ما نصه:
(وتقدَّم في حديث جبريل عليه السلام قول ابن رشد الأشراط عشرة والمتواتر منها خمسة).
والذي تقدَّم له في حديث جبريل هو أنه بعدما نقل عن القرطبي أنَّ الأشراط تنقسم إلى:
معتاد كالمذكورات في حديث جبريل، وكرفع العلم، وظهور الجهل وكثرة الزنى وكثرة شرب الخمر.
وغير معتاد كالدجال ونزول عيسى وخروج يأجوج ومأجوج والدابة وطلوع الشمس من مغربها.
قال: قلت قال ابن رشد: واتفقوا على أنَّه لا بدَّ من ظهور هذه الخمسة واختلفوا في خمسة أخر خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب والدخان ونار تخرج من قعر عدن تروح معهم حيث راحوا وتقيل معهم حيث قالوا زاد بعضهم وفتح قسطنطينية وظهور المهدي.
وقال أيضًا قبله في الكلام على أحاديث نزول عيسى ما نصه: لا بدَّ من نزوله لتواتر الأحاديث بذلك. وقد ذكروا أن نزوله ثابت بالكتاب والسنة والإجماع والأحاديث في نزوله كثيرة ذكر الشوكاني منها في التوضيح تسعة وعشرين حديثاً ما بين صحيح وحسن وضعيف منجبر؛ منها ما هو مذكور في أحاديث الدجال ومنها ما هو مذكور في أحاديث المنتظر وتنضم إلى ذلك أيضاً الآثار الواردة عن الصحابة فلها حكم الرفع إلَّا لا مجال للاجتهاد في ذلك.
والحاصل أنَّ الأحاديث الواردة في المهدي المنتظر متواترة وكذا الواردة في الدجال وفي نزول سيدنا عيسى ابن مريم (عليهما السلام)"(7)

بعض ما جمعه الوهابية

هناك بحث آخر يشبه البحث السابق، وقد نشر في الإنترنت، نقلاً عن "مجلة الجامعة الإسلامية" في المدينة المنورة في عددها الثالث من سنتها الأولى، ملخصاً لمحاضرة بعنوان: عقيدة أهل السنة والأثر في المهدي المنتظر، للشيخ عبد المحسن العباد. ونظراً لأهميته نورد منه ما يلي:
"... أخبر الرسول صلى الله عليه وآله أمته عن الأمم الماضية بأخبار لا بدَّ من التصديق بها، وأنَّها وقعت وفق خبره صلى الله عليه آله، كما أخبر عن أمور مستقبلة لابد من التصديق بها، والاعتقاد أنها ستقع على وفق ما جاء عنه صلى الله عليه وآله وما من شيء يقرّب إلى الله إلاّ وقد دلّ الأمَّة عليه، ورغّبها فيه، وما من شر إلاّ حذّرها منه.
إنّ من بين الأمور المستقبلة التي تجري في آخر الزمان، عند نزول عيسى ابن مريم (عليه السلام) من السماء، هو خروج رجل من أهل بيت النبوة من ولد علي بن أبي طالب، يوافق اسمه اسم الرسول صلى الله عليه آله، ويقال له المهدي، يتولى إمرة المسلمين، ويصلِّي عيسى بن مريم (عليه السلام) خلفه، وذلك لدلالة الأحاديث المستفيضة عن رسول الله صلى الله عليه وآله، التي تلقَّتها الأمة بالقبول، واعتقدت موجبها إلاّ من شذ.
المصادر :
1- كمال الدين وتمام النعمة للشيخ الصدوق: 286
2- المصدر نفسه: 411
3- تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: 7/120
4- تفسير مجمع البيان للشيخ الطبرسي: 7/267
5- تفسير الميزان للطباطبائي: 5/144
6- مطمح الآمال في إيقاض جهلة العمال من سنة الضلال للمهلا: 185
7- نظم المتناثر من الحديث المتواتر للكتاني: 225.



 

 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.