(1859ـ1891) جورج سورا Georges Seurat مصور فرنسي من كبار الفنانين المبدعين، ولد وتوفي في باريس التي عاش فيها مع والدته وأخيه وأخته إبان كومونة باريس Commune de Paris عام 1871. وهو من مؤسسي المدرسة الانطباعية الجديدة Néo- Impressionniste في أواخر القرن التاسع عشر، إذ استطاع بتقانته وأسلوبه المعروف بالتنقيطية Pointillism تصوير الضوء وانعكاساته باستعمال لطخات صغيرة متضادة الألوان، فأبدع في استعمال هذه التقانة بتوليفاتها الضخمة ولطخات الألون الصافية المنفصلة عن بعضها، والتي يصعب على المشاهد تمييزها إن لم ينظر عن بعد إلى كامل العمل الفني نظرة شاملة. وبالتقانة هذه جعل لوحاته تومض ببريق من النور، وقد تجلى هذا في لوحتيه: «حمام سباحة أسنيير» Une Baignade Asnières و«بعد ظهر يوم أحد في جزيرة لاغراندجات» Sunday afternoon on the Island of La Grande Jatte.
بدأ جورج سورا الرسم منذ حداثته، وتابع في عام 1875 دورة تدريبية عند النحات جوستان لوكيان Justin Lequien، ثم التحق وهو في السادسة عشرة بمدرسة الفنون الجميلة في عام 1878 حيث التقى هنري ليمان تلميذ أنغر[ر] Ingres. راح سورا يصور النساء والرجال صوراً تقليدية إلى أن عثر في مكتبة المدرسة على كتاب كان مصدر إلهام لـه في مستقبل أيامه عنوانه: «مقالة عن تواقيع الفن الجلية» Essay On the Unmistakable Signs تأليف همبرت دو سوبرفيل Humbert De Superville وحفار من جنيف، يعالج الكتاب منهجاً مستقبلياً في علم الجمال، ويلقي الضوء على علاقة الخطوط بالصور. تأثر سورا أيضاً بعالِم الجمال ديفد سوتر David Sutter الذي جمع بين الرياضيات وعلم الموسيقى، ولقد أظهر سورا من عمله الوجيز اهتماماً غير مألوف في أسس الفن الفكرية والعلمية.
وحين ناهز العشرين من عمره، عام 1879، ذهب الفنان إلى برست Brest ليؤدي الخدمة الإلزامية، ورسم هناك البحر والشواطئ والقوارب، وحين عاد إلى باريس في الخريف التالي ليشارك في المرسم فناناً آخر هو إدمون - فرنسوا أمان - جانEdmond- Francois Aman-Jean الذي ألحقه فيما بعد في صف ليمان، ولكنهما افترقا هرباً من سياسات مدرسة الفنون الجميلة وتعاليمها Ecole Des Beaux Arts. وفي الربيع استقل الصديقان مركب المسافرين إلى جزيرة غراند جات La Grande Jatte، وعرض الفنان لوحاته في الصالة الرسمية حيث كانت الحكومة ترعى فيها المعرض السنوي أول مرة عام 1883، وعرض لوحات صور شخصية Portraits لأمه ولصديقه أمان ـ جان، وبدأ في العام ذاته بإعداد دراسات ورسوم سريعة ولوحات على الخشب من أجل لوحته «حمام أسنيير» التي تقدم بها للمشاركة في الصالون ورفضتها لجنة التحكيم عام 1884، وتصور هذه اللوحة أشخاصاً يستحمون في نهر السين في يوم صيفي، ويستريحون على شاطئه. يلاحظ في هذه الصورة أن تأثير الجو الذي امتاز به التصوير الانطباعي قد أضيفت إليه متانة في الشكل وفي التصميم، وشارك بهذه اللوحة في معرض مؤسسة جماعة الفنانين المستقلين (The Foundation of the Group Des Artistes Independents)، وهي رابطة بلا حكام وبلا جوائز. كان سورا في هذه المرحلة متأثراً بلوحات بوفيس دو شافان Puvis De Chavannes الرمزية النصبية؛ كما اجتمع بالكيميائي العجوز ميشال أوجين شيفرول Michel - Eugene Chevreul، وجرب وفقاً لنظرياته دوائر النور اللونية، ودرس تأثيراتها التي يمكن إنجازها بالألوان الثلاثة: الأصفر والأحمر والأزرق ومتمماتها التي توضح استخدام ثلاث توليفات من الألوان المتكاملة: أحمر وأصفر - أزرق وبرتقالي - بنفسجي وأصفر، وتعتمد هذه الطريقة على رسم المساحات اللونية على شكل بقع صغيرة منفصلة من ألوان أساسية متكاملة ينتج من تجمعها اللون المطلوب. التقى سورا مصادفة ببول سينياك[ر] Paul Signac، فتابعا معاً نظريات الألوان التي ابتكرها العلماء وقتذاك، وبصفة خاصة نظرية «التباين والتوافق» Simultaneous-Contrast ونظرية «تفاعل الألوان المتكاملة» Interplay of complementary Colors .
أمضى الفنان عام 1885 يعمل في جزيرة لاغراند جات شتاءً، وفي كامب نورمندي الكبير صيفاً؛ وعرَّفه سينياك المعلم الانطباعي كميل بيسارو Camille Pissarro الذي تحول مؤقتاً إلى تقانة التنقيطية pointillism. أنهى جورج سورا لوحته (لاغراند جات) وعَرَضها من 15 أيار حتى 15 حزيران في معرض الانطباعيين، فأثارت هذه اللوحة بتقانتها اهتماماً عظيماً.
أنهى سورا في عام 1887، رسم لوحة «المتكلّفات» Les Poseuses. وفي عام 1888 ذهب مع سينياك إلى بروكسل ليشاهدا المعرض العشرين لمجموعة من الفنانين المستقلين، وشارك في معرض المستقلين عام 1889 بمناظر طبيعية، وأنجز في أثناء هذه المرحلة صورة شخصية لـ بول سينياك.
أكمل الفنان في عام 1890 لوحته «الضوضاء» Le Chahut التي شارك بها في المعرض العشرين في بروكسل، وصور في الفترة عينها لوحة «الشابة التي تتبرج» Jeune Femme Se Poudrant، وقضى ذلك الصيف في غرافلين Gravelines حيث صور الكثير من المناظر الطبيعية وحدد ما عسى أن تكون لوحته الأخيرة، ألا وهي السيرك؛ وعرضها قبل أن تكتمل في المعرض الثامن للفنانين المستقلين، وكأنما بداخله هاجس بموت وشيك.
أنهك سورا نفسه في العمل على تنظيم المعرض، وفي عرض الأعمال الفنية وتعليقها، فأصيب إثر ذلك بقشعريرة تطورت إلى مرض الخناق المعدي، وتوفي قبل أن ينتهي المعرض في يوم أحد الفصح، وفي اليوم التالي لوفاته قدمت مادلين كنوبلوش نفسها في قاعة الحي الذي تقطن فيه على أنها أم لـ بيير جورج سورا؛ الطفل الذي أصيب بعدوى مرض أبيه، وتوفي في 13 نيسان 1891.
دفن سورا في مدفن العائلة في مقبرة الأب لاشيز Lachaise، تاركاً سبع لوحات كبيرة، وأربعين من اللوحات والرسوم السريعة، و500 من الأوراق المرسومة، وكتب عدة زاخرة بالرسوم السريعة، ومع أن ما خلفه من حيث الكمية قليل، إلا أن هذه الآثار وضعته بين فناني الطليعة في فترة من أعظم الفترات في تاريخ الفن.
جورج سورا
Monday, February 16, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور