ناصر الدين فرج بن برقوق الناصر

Saturday, June 6, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ناصر الدين فرج بن برقوق الناصر

(791 ـ 815 هـ/1389 ـ 1412م) الناصر (ناصر الدين) فرج بن برقوق بن آنص الجركسي العثماني أبو السعادات، أصله من بلاد الجركس الواقعة في المرتفعات الجنوبية من بلاد القبجاق شمالي البحر الأسود، وشمالي بحر قزوين، والعثماني نسبة إلى التاجر عثمان بن مسافر الذي جلب والده برقرق إلى مصر فبيع، ورُبي إلى أن تسلم السلطة وأسس دولة المماليك الجركسية أو البرجية، ثم تسلم ابنه فرج من بعده بوصية منه، إذ ألف السلطان برقوق قبل وفاته مجلساً للوصاية على أبنائه الثلاثة ـ وهم: فرج وعبد العزيز وإبراهيم - برئاسة الأمير آيتمش البجاسي، وعضوية عدد من الأمراء، وكلفهم تولية أولاده من بعده، ومعاونتهم في شؤون الحكم.

 ولما توفي برقوق نفذ مجلس الوصاية الشطر الأول من الوصية، فولّوا فرجاً العرش، ولقبوه بالملك الناصر، أما الشطر الثاني للوصية القاضي بمساعدة فرج على استقرار الأمن في الدولة وإدارة شؤون البلاد فقد أخلّوا به في اليوم التالي لوفاة السلطان، إذ تميّز عهد فرج الأول ( 801ـ 808 هـ/1399ـ 1405م) بالتنافس بين أمراء المماليك في القاهرة، وانعكس ذلك على أمراء الشام، ونجم عن انقسام الأمراء فيما بينهم انقسام في الجيش، ونتيجة لاشتداد المعارضة في بلاد الشام لم يجد فرج بداً من التوجه إلى هذا البلد على رأس جيش كبير سنة 802هـ/1400م، وتمكن من السيطرة على مدنه، ثم الدخول إلى دمشق والقضاء على الثورة، وأمر بقطع رؤوس الفتنة، وفي مقدمتهم الأميران تنم وآيتمش، وقيل إنه ذبح في ليلة واحدة أربعة وعشرين أميراً، ثم عاد إلى القاهرة.

وعلى الرغم من نجاح فرج في إخماد هذه الفتن، إن السنوات الست اللاحقة شهدت قيام انتفاضات تعددت أسبابها، فمنها ما كان صراعاً مملوكياً جركسياً داخلياً للفوز بالمناصب الكبرى، ومنها ما كان صراعاً عنصرياً بين الجراكسة والمماليك التركمان.

ولما أخفق فرج في القضاء على المتمردين ترك مقر حكمه واختفى، فاتفق الخارجون عليه على تنصيب أخيه عبد العزيز سلطاناً، وذلك سنة 808هـ/1405م، ولكن فرجاً سرعان ما ظهر فجأة بعد غياب دام سبعين يوماً، ودخل القلعة مع أنصاره، وقبض على أخيه وسجنه، وأمسك بزمام الأمور، لكن الانتفاضات استمرت ناشطة ضده حتى نهاية حكمه.

وما إن وطد الناصر فرج سلطته في بلاد الشام حتى تحرك الخطر المغولي من جديد، فاحتل تيمورلنك مدينة بغداد، ثم استعد للزحف نحو بلاد الشام كما فعل هولاكو قبل أكثر من قرن وثلث القرن، مما عُدّ تهديداً فعلياً للحدود الشمالية في السلطنة المملوكية وللدولة العثمانية الناشئة في آسيا الصغرى، وقد أدرك العثمانيون مدى خطورة الزحف المغولي، فأرسل السلطان بايزيد الأول (719ـ 805هـ) كتاباً للناصر فرج يعرض فيه إقامة حلف عسكري لمواجهة تيمورلنك، فلم يلق أذناً مصغية.

زحف تيمورلنك نحو بلاد الشام واحتل عينتاب ثم استباح حلب، وتعرضت حماة للمصير نفسه، عندها تحرك الناصر فرج بجيشه نحو بلاد الشام، فوصل غزة، ثم دمشق، فأرسل إليه تيمورلنك يعرض الصلح مقابل تبادل أسيره أطلامش مع الأمراء المماليك الأسدية لديه، فرفض السلطان المملوكي، فتابع تيمورلنك زحفه سنة 803هـ/1400م، فاحتل بعلبك ومن ثم الساحل من بيروت وطرابلس وصيدا.

ثم ما لبث السلطان فرج أن عاد إلى القاهرة لخوفه من مؤامرة بعض الأمراء الذين انسحبوا خلسة من الجيش، واتجهوا نحو القاهرة، ومعهم ألفا مملوك، وبعد أن قضى فرج على المؤامرة في القاهرة فرض تدابير مالية تحت ستار تجهيز حملة عسكرية للعودة إلى دمشق والدفاع عنها ضد تيمورلنك، أرهقت كاهل الأهالي والتجار، لكنه عدل عن خطته، وارتأى البقاء في القاهرة، وبذلك سنحت الفرصة أمام تيمورلنك ليتجه نحو دمشق سنة 803هـ/1401م، وكان يتولى الدفاع عنها جيش مملوكي قليل العدد ومن دون قائد، يسانده الأهالي بانتظار وصول نجدة السلطان من القاهرة.

حاول تيمورلنك استغلال هذا الوضع ومهاجمة دمشق، لكنه مني بالهزيمة أمام صمود الجيش والأهالي، فعمد إلى الحيلة وأظهر رغبته في عقد الصلح، فاضطر الأهالي إلى إرسال وفد يضم القاضي إبراهيم بن مفلح، والمؤرخ الشهير ابن خلدون، والإذعان لشروط تيمورلنك مقابل الصلح، فدخلت جيوشه دمشق، فأخذ يجبي الأموال الطائلة من الأهالي بالضرب والمصادرة، وعندما أيقن من عجزهم نكث عهده وقبض على القاضي ابن مفلح، وانتشر المغول داخل المدينة، واستبيحت دمشق مدة تسعة عشر يوماً، وتعرضت لأبشع كارثة في تاريخها لاتزال إلى اليوم مضرباً للمثل، فاهتز المشرق العربي الإسلامي نتيجة لهذا الخطر المغولي وموقف السلطان فرج بن برقوق الذي أظهر التخاذل والضعف.

وبعد تدمير دمشق غادرها تيمورلنك بعد أن أقام فيها مدة ثمانين يوماً، وقد اصطحب معه أرباب الصنائع والحرف والفنانين والأطباء حيث استخدمهم في تجميل عاصمته.

ويبدو أن الثورات ضد فرج لم تهدأ حتى نهاية حكمه، إذ انتفض عليه عدد من أمرائه، فعمد إلى اتباع وسيلة التفرقة بينهم، فاستمال إليه شيخ المحمودي وعينه نائباً على طرابلس، وعزل الأمير نوروز عن نيابة الشام، ومع كل هذه المحاولات لم ينجح فرج في إخماد هذه الفتن والثورات.

وفي يوم السبت 25 المحرم خلع الخليفة المستعين بالله الملك الناصر فرج من السلطنة، واتفق الأمراء على إقامة الخليفة المستعين بالله في السلطنة لتستقيم بسلطنته الأحوال، ووافق القضاة على خلع الناصر فرج وعلى إقامة الخليفة سلطاناً.

ثم قبض على الناصر فرج وقُتل، وظلت جثته ثلاثة أيام في العراء قبل أن تدفن في دمشق.
 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.