فيليب الرابع الجميل

Friday, June 19, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
فيليب الرابع الجميل

(1268ـ 1314م) هو فيليب الرابع Philippe IV le Bel ابن فيليب الثالث. ملك فرنسي من أسرة كابيه[ر] Capétiens الفرنسية. لُقب بالجميل والوسيم، من أعظم ملوك العصور الوسطى، وصلت فرنسا في عهده إلى الذروة. تعلّم علوم عصره وأتقنها، امتاز بقوة العزيمة، والمهارة السياسية وبعد النظر الذي مكّنه من أن يجعل سلطة الملك تعمُّ جميع أرجاء فرنسا. تولّى حكم فرنسا بعد وفاة أبيه في تشرين الثاني/نوفمبر1285م، ودام حكمه نحو ثلاثين سنة، وضع في أثناء فترة حكمه الطويلة  ـ بمساعدة مشرعين اعتمد عليهم ـ مفهوم الدولة التي أصبح فيليب الرابع فيها ملكاً فعلياً للبلاد وممثلاً حقيقياً للقانون، والمسؤول عنه، لا مجرد سيد بين الأسياد، أو إقطاعي بين إقطاعيين. وترافق ذلك مع مفهوم الوطن، فكان ذلك بداية ظهور القوميات، وانهيار النظام الإقطاعي[ر] ونشأة المدن، وظهور الآداب على حساب سلطة البابوية[ر]، التي كانت سائدة حتى القرن الثالث عشر الميلادي.

اتجهت سياسة فيليب الرابع نحو إتمام توحيد فرنسا، وتوسيع حدودها، وتحقيق زعامتها على غربي أوربا، فبدأ بضم كلٍ من نافار Navarre، وشامبانيه Champagne إلى حكمه في آب/أغسطس 1284م، وذلك إثر زواجه من أرملة هنري ـ ملك هاتين المنطقتين ـ ووريثته.

حاول فيليب الرابع ضمّ منطقة الفلاندر Flandre التي كانت خاضعة لنفوذ إنكلترا، وهي من أهم المناطق الصناعية والتجارية في غربي أوربا. وكانت إنكلترا متمسكة بحكمها لأسباب اقتصادية، فقد كانت تصدّر إليها الصوف الإنكليزي لتصنيعه وتسويقه وفرض الضرائب عليه، وبدأ فيليب الرابع العمل على ذلك باستغلال المتاعب التي كان يعانيها إدوارد الأول ملك إنكلترا، واستولى على بعض قلاع المنطقة، فعمل إدوارد على استرجاعها، وتحالف من أجل ذلك مع الأمراء الألمان والفلمنكيين، ورد فيليب الرابع بالتحالف مع إسكتلندا، وجرت بين الطرفين مواجهات متعددة، طالت لدرجة أنهكت خزينة الدولتين، ولم تؤد إلى نتائج حاسمة، فقبل فيليب وساطة البابا وعقد صلحاً مع إدوارد سنة 1298م، إلا أن الصلح لم يؤد إلى توقف الحروب نهائياً، لأن فيليب كان ما يزال يطمع في ضم الفلاندر إلى مملكته، ولكن محاولاته للسيطرة عليها سنتي 1303م و1305م، باءت بالإخفاق.

كانت علاقة فيليب الرابع مع البابا بونيفاس الثامن Boniface VIII سيئة، وكان فيليب يعمل على التخلص من سلطة الكنيسة، وقد بدأ الصراع حين فرض فيليب الرابع ضرائب على رجال الكنيسة في فرنسا، مبرراً ذلك بحاجته إلى المال لمواصلة حروب التوحيد والتوسع، فغضب رجال الكنيسة الفرنسية، واشتكوا إلى البابا، الذي أصدر قراراً سنة 1296م، ببطلان حقّ الملوك في فرض ضرائب على الممتلكات الكنسية من دون إذن البابوية، فاستاء فيليب من تدخل البابا في شؤون فرنسا، ورد عليه باتخاذ إجراءات عدة، منها:

ـ تحريم دخول غير الفرنسيين إلى فرنسا، للحيلولة دون وصول مندوبي البابا إليها.

ـ تحريم تصدير الذهب والفضة والنقود خارج فرنسا، لقطع الموارد المالية التي تصل إلى البابا منها.

قابل البابا هذه الإجراءات بعقد مجمع كنسي من رجال الدين لاتخاذ قرارات ضد ملك فرنسا، وأقرّ هذا المجمع السيادة الروحية والزمنية للكنيسة على فرنسا، فمنع فيليب الرابع رجال الدين الفرنسيين من حضور المجامع الكنسية والسفر إلى روما، ودعا مجلس الطبقات للاجتماع لأول مرة في تاريخ فرنسا في نيسان/أبريل 1302م الذي أقر السلطة الزمنية للملك. وعلى الرغم من كل الإجراءات التي اتخذها فيليب الرابع، فإن بعض رجال الدين الفرنسيين تمكّنوا من حضور المجمع البابوي، فعاقبهم فيليب بمصادرة أملاكهم، وتوجيه اتهامات عدة للبابا الذي توفي بعد ذلك بفترة وجيزة، وانطوت بوفاته آخر صفحة من تاريخ البابوية العظيم في العصور الوسطى، كما فسحت وفاته المجال لفيليب الرابع فرض ضريبة عشرية على ممتلكات الكنيسة الفرنسية، وساعده على ذلك إلغاء البابا بندكت الحادي عشر القرارات التي أصدرها سلفه في حق ملك فرنسا.

عمل فيليب الرابع على التخلص من سيطرة فرسان الداوية (المعبد) Templiers الذين كان لهم دور كبير في الحروب الصليبية، فقد أساؤوا التصرف في فرنسا، وقاموا بنشاط مصرفي ومالي واسع فيها، درّ عليهم ثروة طائلة، مما أدى إلى قيام البابا سنة 1310م بالتحقيق في مسلكهم ومحاكمتهم، واستغل فيليب الرابع موقف البابا منهم، وعمل على التخلص من نشاطهم الذي أضرّ باقتصاد فرنسا، وحكم بإعدام زعيمهم جاك دي موليه Jacques de Molay سنة 1314م، حرقاً مع أربعة وخمسين من أعوانه، ممّا أدى إلى تفرّق بقيتهم في البلاد، واعتناقهم مذاهب هرطقية.

أدت حاجة فيليب الرابع إلى المال إلى مواصلة حروبه المتتالية إلى طرد جميع رجال المال والصيارفة اللمبارديين من فرنسا سنة 1291م، ومصادرة ممتلكاتهم. كما قاسم اليهود الذين كانوا يمثّلون طبقة رجال المال في أوربا والمشرق أرباحهم، ولم يكتف بذلك، بل عمل سنة 1306م على مصادرة أملاكهم وطردهم، وعندما أدّى ذلك إلى اضطراب التجارة الفرنسية، تراجع عن قراره وسمح لبعضهم بالعودة.

حاول فيليب الرابع الحصول على المال بطرق أخرى، فقام بتغيير العملة، وتلاعب في قيمتها، وفرض ضرائب على المبيعات وعلى الواردات والصادرات، خاصة على الأصواف الإنكليزية والفلمنكية لحماية الإنتاج المحلي، كما فرض ضرائب على النقابات والأديرة، والجامعات وأراضي الكنيسة والطبقة البرجوازية.

عمل فيليب الرابع على إصلاح القضاء والإدارة، ففصل الإقطاعيين من الهيئة القضائية، وأحلّ محلّهم مجموعة من القانونيين العاملين بالقانون الروماني، والمعترفين بسيادة الملكية، وأنشأ محكمة أو غرفة مالية للفصل في المنازعات حول الأمور المالية والضرائب، وشكَّل مجلس الطبقات من رجال الدين والنبلاء والبورجوازيين، واستدعاه للاجتماع أكثر من مرة، لأنه قدّر أهميّة وقوة الرأي العام، واشترط أن يرفع هذا المجلس قراراته إلى الملك لينظر فيها. توفي فيليب الرابع الجميل في باريس، وترك عرش فرنسا لابنه لويس العاشر.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.