الملك الرحيم لؤلؤ بن عبد الله

Saturday, August 15, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
الملك الرحيم لؤلؤ بن عبد الله

(570 ـ 657هـ/1174ـ 1259م) الأتابك لؤلؤ بن عبد الله أبو الفضائل بدر الدين الملقّب بالملك الرحيم وبالملك المسعود صاحب المَوْصِل ومؤسس الدولة الأتابكية الثانية فيها. مملوك الأتابك الزنكي في الموصل نور الدين أرسلان شاه الأول (589 ـ 607هـ)، وينسب إليه أحياناً فيقال: النوري. إلا أنه مملوك مجهول الأصل اشتراه سيّده، وربّاه في كنفه كغيره من المماليك، وتقدّم في المراتب حتى غلب على شؤون الموصل.

يسميه المؤرّخ ابن الفوطي: لؤلؤاً الرومي، أما المؤرخ أبو شامة فيشير إلى أنه أرمني الأصول؛ علماً أن موضوع أصول هؤلاء المماليك الذين اصطنُِعوا في كافة الدول الإسلامية، وعمّ وجودهم أقطارها من الهند حتى الأندلس؛ لحماية المتغلبين على السلطة من بعضهم بعضا ولضمان سيطرتهم على الرعية… غير ذي بال، إذ كان يتم شراؤهم صغاراً، ثم يربّون في قصور مالكيهم، وكانت بعض الظروف الذاتية أو الموضوعية تدعم أقواهم وأذكاهم وأكثرهم دهاء وأحياناً أكثرهم محبّة لسفك الدماء وحياكة الدسائس إلى السلطة.

وهو شخصية بارزة من شخصيات العصور السلجوقية والزنكية والأيوبية والمغولية كان له  دور بارز في تاريخ الموصل وما حولها في القرن السابع الهجري/ الثالث عشر الميلادي في عهد أتابكتها الزنكيين حيث استبد بالسلطة في أيام ضعفهم، ودفعته الظروف إلى تأسيس دولة أتابكية ثانية فيها.

تُجمع المصادر على أنه كان كما قال عنه ابن الفوطي: «عاقلاً، حازماً، لبيباً، جواداً، كريماً ذا دهاء وحيلة وإحسان إلى الرعية؛ ولكنه كان كثير القتل والتشويه والمؤاخذة» كما قال عنه صاحب كتاب «الفخري»: «إنه كان كثير المجالسة للأفاضل مع أنه كان أمياً لا يقرأ ولا يكتب». جمع حوله نخبة من الحكماء والعقلاء حتى كان عصره من أزهى عصور تاريخ الموصل، وتكفي فيه شهادة سيده نور الدين أرسلان شاه الأول التي أوردها المؤرخ ابن الأثير حين قال عنه: «إنه كسب ثقة أستاذه الذي طال مرضه، وفسد مزاجه، فرأى أن يتولى تدبير مملكة ولديه، ويقوم بحفظهما والنظر في مصالحهما».

بدأ نفوذه في عهد أستاذه نور الدين أرسلان شاه الأول (589 -607هـ) وبعد وفاته قام بتدبير مملكة ابنه القاصر الملك القاهر عز الدين مسعود الثاني (607 - 615هـ) الذي لم يكن له من الأمر شيء إذ عزله مُدَبرُهُ عن الناس… وأثار موته المبكر شكوك بعض المؤرخين كما أثار شكوك عمّه الأمير عماد الدين زنكي الثالث صاحب إقطاع قلعتي العقر والشوش.

وبحجة رعاية مصالح أبناء سيده في وجه عمهم عماد الدين وحليفه مظّفر الدين كوكبرى صاحب أربل وجَدُّ الولدين؛ قام الاتابك لؤلؤ بِخَوْضِ صراع مرير ضدّ عمّ الطفلين القاصرين نور الدين أرسلان شاه الثاني (615- 616هـ) وشقيقه ناصر الدين محمود (616-631هـ) وحليفه… وتمكَّن بعقد تحالفات مع خليفة بغداد المستنصر بالله وتزويج ابنتيه من قائدين قويّين من قوّاد الخليفة وبعقد تحالف مع الملوك الأيوبيين أسياد الجزيرة العليا وخصوم الزنكيين من ضمان مركزه… وكان صراعاًً عقيماً مريراً. فلما مات سيد أربل القوي، واستولى الخليفة على إقطاعه؛ صفا الجو لبدر الدين، وتخلّص من الملك ناصر الدين محمود، وأنفذ الخليفة أميراً كبيراً إلى الموصل «ومعه خَلعَة السلطنة وتقليد بدر الدين لؤلؤ الرومي الأتابكي صاحب الموصل فخلع عليه  ولقبه بالملك المسعود وأذن له بذكر اسمه على المنابر ببلده ونقشه على سكة العَيْن والوَرِق» وانقطع خبر ناصر الدين محمود الذي مات عام 631هـ.

وقد حاول السلطان بدر الدين في بداية حكمه المستقل توسيع أملاكه على حساب جيرانه في الغرب والشمال، فاستولى على مملكة سنجار، وطرد منها الملك الجواد آخر الزنكيين، كما استولى على إقطاع نصيبين بعد انحسار نفوذ سلاطين سلاجقة الروم عنه وانشغال الأمراء الأيوبيين بنزاعاتهم الأسرية المخجلة، كما استولى على ماردين في عام 646 هـ؛ ولكنه لم يهنأ طويلاً بعد ذلك، فقد مات حليفه الخليفة المستنصر في عام 640هـ، وظهر الخطر المغولي في شرقي الخلافة وفي الشمال حين استولوا على بلاد خراسان وأذربيجان وأرمينيا وخضعت لهم إمارات السلاجقة الضعيفة في الأناضول.

وزاد خطر المغول حين عيّن هولاكو عام 651هـ قائداً عاماً مهمته الاستيلاء على الدويلات الإسلامية في غربي آسيا. وحاول بدر الدين عبثاً أن يعقد تحالفات لمواجهة الخطر ولكنه أخفق. قال صاحب كتاب «الفخري»: «بينما كان هولاكو يطلب من بدر الدين إمداده بالمنجنيقات وآلات الحصار كان الخليفة يكتب إليه طالباً إرسال جماعة من ذوي الطرب؛ مما جعل بدر الدين يقول متأوهاً: انظروا إلى المطلوبين، وابكوا على الإسلام وأهله». وطلب هولاكو من بدر الدين أن يرسل إليه جنوده؛ ليشاركوه في حصار بغداد، وتظاهر بالاستجابة لطلبه، ووصلت تجريدته العسكرية بقيادة ابنه الملك الصالح إلى بغداد متأخرة، فلما ملك هولاكو بغداد سار لؤلؤ بن عبد الله إلى طاعته بجبال همذان، فأحسن هولاكو قبوله، واحترمه لكبر سنه ورق له وجبر قلبه بالمواعيد، وأقام في خدمته أياماً، ثم عاد إلى الموصل فلما دخلها مرض أياماً -كما يقول المؤرخ ابن الفوطي- ومات وعمره نحو ثمانين سنة، ودفن بالقلعة، ثم نقل ابنه الملك الصالح ركن الدين إسماعيل رفاته إلى مدرسة أنشأها على شاطئ دجلة تعرف بالبدرية.

وخلفه ابنه الملك الصالح، وسار في خدمة هولاكو لدى فتحه بلاد الشام، ثم قتله في عـام 660هـ.
 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.