(1895ـ 1970) السير باسيل ليدل هارت Sir Basil Liddell Hart، مؤرخ عسكري ومنظّر استراتيجي بريطاني، كان من المبشرين بالحرب الميكانيكية منذ بدايتها.
ولد باسيل ليدل هارت في باريس لوالدين إنكليزيين. وكان والده قد سيم كاهناً ميتودياً Methodist، وانتقل من إنكلترا ليمارس عمله في فرنسا. ثم عادت الأسرة إلى موطنها في أوائل القرن العشرين.
كان ليدل هارت في التاسعة عشرة من عمره يدرس التاريخ في جامعة كمبردج عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى (1914ـ 1918)، فترك الدراسة وتطوع في الجيش ولم يكمل دراسته بعدها مطلقاً. انضم ليدل هارت إلى فوج المشاة الخفيفة الملكي في يوركشير Yorkshire ورقي إلى رتبة ملازم، وأصيب بالاختناق في معركة «السوم» Somme الهجومية التي استُعملت فيها الغازات السامة، وبعد فترة الشفاء والنقاهة كلف العمل بمهام خفيفة في تدريب المشاة على الجبهة الغربية. تقاعد ليدل هارت برتبة نقيب في عام 1927 لعلة في القلب، وانصرف إلى التأليف والكتابة في الصحف. فعمل مراسلاً ومعلقاً صحفياً في الديلي تلغراف (1925-1935) ومستشاراً عسكرياً في صحيفة التايمز (1935-1939)، كما عمل في الفترة بين 1937 و1938 مستشاراً شخصياً لوزير الدولة للشؤون الحربية. وفي أثناء الحرب العالمية الثانية (1939- 1945) عمل مراسلاً حربياً لصحيفة الديلي ميل.
شهد ليدل هارت في فترة ما بين الحربين تطبيق كثير من الإصلاحات التي كان ينادي بها في مجال التدريب وفن الحرب، غير أن آراءه حول مكننة الجيش وتزويده بالدبابات والأسلحة المضادة للدبابات حوربت من معظم الضباط الكبار المحترفين آنذاك. ولكن كتاباته لاقت من الاستحسان بين العسكريين الألمان أكثر مما لاقته لدى الفرنسيين أو البريطانيين، وقد تبنى رواد الحرب المدرعة الألمان نظرية ليدل هارت حول «السيل الجارف» أو الهجوم غير المباشر كسيل الماء يسير في مجراه الطبيعي، يتجنب المواقع القوية ويهاجم النقاط الضعيفة، كما تبنوا نظرية فولر [ر. فولر (جون فريدريك تشارلز ـ)] حول استخدام الدبابات، ودخلت النظريتان في صميم مذهب الحرب الصاعقة الألماني Blitzkrieg، الذي مكّن ألمانيا من السيطرة على معظم القارة الأوربية في مدى عامين (1939-1941).
بعد أن وضعت الحرب العالمية الثانية أوزارها، تابع ليدل هارت نشر مؤلفاته الكثيرة التي جاوزت عشرين مؤلفاً، واشتملت على تراجم ومذكرات وتأريخ لأحداث حربية مهمة. ومن مؤلفاته الرئيسية: «باريس أو الحروب المقبلة»، و«إعادة تشكيل الجيوش الحديثة»، و«حين تذهب بريطانيا إلى الحرب»، و«الاستراتيجية: التقرب غير المباشر». والجدير بالذكر أن فترة العطاء الأكثر أهمية للسير باسيل ليدل هارت تضمنت إنجازه مؤلفه الأخير: «تاريخ الحرب العالمية الثانية» الذي صدر عام 1970، أي عام وفاته. وقد طرح في كتابه «الاستراتيجية» نظرية متكاملة حول الحرب الميكانيكية بالتعاون مع الطيران، ضمّنها شروحاً حول أفضلية الهجوم غير المباشر، والتوسع بتسديد ضربات قوية إلى أضعف النقاط في دفاع العدو، وإيجاد الوسائل الناجعة لتحطيم معنويات العدو، والتنسيق بين الدبلوماسية والدعاية والحصار الاقتصادي وضرب المراكز الحكومية والمدنية الرئيسية.
وقف ليدل هارت بشدة ضد نظرية الردع النووي التي ظهرت بعيد الحرب الثانية، وتمسك بقناعاته حول مكانة قوات الدفاع التقليدية وأهميتها، كما عارض مفهوم الحرب الشاملة الذي ساد أوساط حلف شمالي الأطلسي في الخمسينات من القرن العشرين. وقد منحته الملكة إليزابيت الثانية عام 1966 رتبة فارس.
