تشارلز أوغسطس ليندبِرغ

Thursday, August 20, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
تشارلز أوغسطس ليندبِرغ

(1902ـ 1974) تشارلز أوغسطس ليندبِرغ Charles A. Lindbergh طيار أمريكي استطاع في عام 1927 قطع المحيط الأطلسي من نيويورك إلى باريس بطائرة ذات محرك واحد من دون توقف في رحلة استمرت 33 ساعة و30 دقيقة.

 ولد ليندبِرغ في مدينة دِترويت - ميتشيغان Detroit -Michigan، وأمضى معظم طفولته في بلدة ليتل فولز Little Falls بولاية مينيسوتا، وأتم دراسته الثانوية منعزلاً عن أقرانه بسبب كثرة تنقلاته بين مسقط رأسه وواشنطن مكان إقامة والده عضو الكونغرس آنذاك، فاعتاد العزلة وتأمل الطبيعة، والبحث عن مغزى كل ما يراه. وانصرف بعد إكمال دراسته إلى إدارة مزرعة العائلة على ضفة نهر الميسيسيبي مدة سنتين، ثم التحق بجامعة ويسكونسن Wisconsin عام 1920 لدراسة الهندسة الميكانيكية، لكنه توقف عن متابعة دراسته بعد سنتين ليلتحق بمدرسة الطيران في لنكولن Lincoln بولاية نبراسكا حيث حصل على شهادة طيار عام 1923. وفي العام التالي اشترى طائرة من نوع كورتيس Curtiss Jenny وراح يقوم باستعراضات جوية في ولايات الجنوب والغرب الأمريكي، وبعد عام من ذلك التاريخ انتسب ليندبِرغ إلى مدرسة الطيران العسكرية في سان أنطونيو بولاية تكساس، وتخرج فيها الأول على دفعته، وأصبح في عام 1926 أول طيار بريد بين شيكاغو وسانت لويس، وعضواً بارزاً في نادي القفز بالمظلات. ولما كانت طموحاته أبعد من أن يستمر في هذا العمل، فقد عرض عليه بعض رجال الأعمال في سانت لويس محاولة الحصول على جائزة قدرها 25000 دولار، تبرع بها رايموند أورتيغ Raymond B.Orteig أحد رجال الأعمال الفندقية منذ عام 1919 لمن يستطيع قطع المحيط الأطلسي بين نيويورك وباريس بطائرة من دون توقف. فتحمس للفكرة وأتم رحلته بنجاح.

يعدّ عبور ليندبِرغ الأطلسي بطائرته المروحية ذات الجناح الواحد من دون توقف من أهم الإنجازات التي قام بها. ففي صباح العشرين من أيار/مايو عام 1927 أقلع بطائرته «روح سانت لويس» Spirit of St. Louis من مطار روزڤلت Roosevelt في لونغ آيلند Long Island قرب نيويورك بعد أن جهّزها وأدخل عليها بعض التعديلات لتلائم رحلته المقبلة، فأزال منها كل ما من شأنه أن يزيد من وزنها مثل مظلة النجاة وجهاز الراديو ومجموعة مكابح العجلات وحتى الزجاج الأمامي، واستبدل به حمولة زائدة من الوقود، كما زاد في طول الأجنحة لاستيعاب الوقود الإضافي اللازم للرحلة التي استمرت 33.5 ساعة من دون توقف، قطع فيها مسافة 3610 أميال فوق سطح البحر على ارتفاع يراوح بين 3 و500 متر عن سطح الماء حسب الأحوال الجوية، وهبط في مطار لوبورجيه Le Bourget بقرب باريس مساء يوم 21 أيار/مايو 1927.

حاز ليندبِرغ بإنجازه هذا شهرة واسعة على طرفي المحيط، وأعيد مع طائرته إلى أمريكا على متن مدمرة أمريكية، واستقبل في واشنطن استقبال الأبطال، ثم انتقل إلى نيويورك التي استقبلته باستعراض ضخم، وأصدرت مصلحة البريد بهذه المناسبة طابع بريد تذكاري. وتبع ذلك عدد كبير من الاستعراضات المثيرة في أوربا وأمريكا. وتعد رحلته هذه من العوامل الأساسية التي أسهمت في تشجيع استخدام الطائرات في النقل الجوي، و قادت إلى التوسع في تطوير صناعة الطائرات التي تخدم هذا الغرض. وقد أسهمت المعلومات الفنية؛ التي أوردها في كتابه «نحن» We الذي أصدره في ذلك العام وضمَّنه شرحاً مفصلاً لمراحل رحلته التاريخية مدعماً بالوثائق، وخاصة ما يتعلق منها بتصميم الطائرة وخواصها الفنية، في سعي الدول المعنية إلى تطوير طائراتها استناداً إلى النتائج التجريبية التي وصل إليها.

تزوج تشارلز ليندبِرغ من آن سبنسر مورو Anne S. Morrow ابنة السفير الأمريكي في المكسيك في عام 1929، وعملت معه مساعد طيار وملاح في كثير من جولاته في القارتين، ثم دخلت عالم الأدب وصارت كاتبة شهيرة، كما عمل هو مستشاراً فنياً لشركتي طيران.

وفي عام 1932 اختطف طفلهما البكر من منزلهما وقُتل مما سبّب صدمة كبيرة لوالديه، هاجرا بعدها إلى بريطانيا، ثم انتقلا منها إلى فرنسا حيث دعم ليندبِرغ الجراح الفرنسي ألكسيس كاريل Alexis Carrel مالياً في بعض التجارب الطبية لتطوير مضخة اصطناعية للقلب، وأنجبت له زوجته خمسة أطفال آخرين. كما زار مراكز الطيران الألمانية ونبَّه إلى تعاظم القوة الجوية في ألمانيا النازية، وتعرض لنقد شديد لمَّا منحته ألمانيا وساماً عام 1938، وخاصة بعد عودته إلى أمريكا عام 1940 وإلقائه خطباً ينتصر فيها لحياد أمريكا في الحرب العالمية الثانية. و تزعم عام 1941 تجمعاً وطنياً كان شعاره «أمريكا أولاً»، وكان الناطق الرسمي لهذا التجمع الذي كان يسعى إلى تحييد أمريكا في الحرب الدائرة في أوربا وإلقاء اللوم على اليهود في إشعال نار الحرب، وقد اتهم ليندبِرغ لهذا السبب بمعاداة السامية، وطالب خصومه بتجريده من الجنسية الأمريكية.

غير أن دخول أمريكا الحرب بعد الهجوم على بيرل هاربر دفعه إلى التطوع بصفته مدنياً في المجهود الحربي، كما انخرط في صفوف القوات الجوية المقاتلة متخلياً عن فكرة حياد أمريكا، وعمل مستشاراً لشركة فورد لإنتاج القاذفات، وخبيراً فنياً وطيار تجارب لدى الشركة المتحدة لصناعة الطائرات، و قام ببعض تجارب الطيران على ارتفاعات عالية لاختبار آثار تعرض الجسم لدرجات الحرارة المنخفضة، في سبيل زيادة مدى الطائرات المقاتلة. كما قام بأكثر من خمسين طلعة جوية قتالية  فوق المحيط الهادئ. وبعد انتهاء الحرب في أوربا رافق ليندبِرغ بعثة تقنية بحرية أمريكية إلى أوربا للتحقيق في تطور الطيران الألماني. ومنحه الرئيس الأمريكي آيزنهاور [ر] Eisenhower  رتبة لواء طيار في القوى الجوية.

ظل ليندبِرغ طوال حياته مولعاً بالطيران، وشارك في الأبحاث المبكرة لتطوير الصواريخ مستعيناً بخبرته الواسعة، كما شارك في أعمال المجلس الاستشاري الوطني لعلوم الفضاء الذي تطور ليصبح وكالة ناسا NASA فيما بعد. وقد أصدر عدة كتب في حياته العملية، وأسهم في أعمال خيرية كثيرة على المستوى العالمي لمكافحة الأمراض وإعانة ضحايا الكوارث الطبيعية، وتدل كتاباته وخطبه على شغفه بالتطور العلمي وبالطبيعة التي أسهمت في بناء أفكاره.

نشر ليندبِرغ في عام 1953سيرته الذاتية «روح سانت لويس» وحاز بها جائزة بوليتزر Pulitzer Prize في العام التالي. وعكف في أواخر حياته على كتابة مذكراته التي نشرت عام 1970 بعنوان  «يوميات تشارلز أ. ليندبِرغ عن زمن الحرب» The Wartime Journals of Charles A. Lindbergh. وعاش في منزل شيّده مع زوجته آن في جزيرة ماوي Maui (هاواي Hawaii) حتى وفاته.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.