المقريزي

أحمد بن علي

Tuesday, May 30, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
أحمد بن علي المقريزي (766 ـ 845 هـ/ 1364 ـ 1441م) المقريزي هو الاسم الذي اشتهر به أبو العباس تقي الدين أحمد بن علي ابن عبد القادر بن محمد العبيدي المقريزي، الأرجح أنَّهُ ولد بالقاهرة  وفيها توفي، أصله من بعلبك بالشَّام، ذلك أنَّ أباه كان من كبار المحدِّثين في بعلبك وهاجر إلى القاهرة وولي بعض الوظائف القضائية وكتب التوقيع بديوان الإنشاء. والمقريزي لقبه نسبة إلى حارة المقارزة (من حارات بعلبك في أيامه).

تلقى المقريزي تعليمه في الأزهر الشريف واهتمَّ بالفقه والحديث وعلوم الدِّين خاصَّةً، ويُسَجَّلُ له براعته في الأدب وإجادة النَّثر. وعمل في الوعظ وقراءة الحديث، ووُلِّي العديد من المناصب والمسؤوليَّات منها ولاية الحسبة والخطابة والإمامة. وعندما جاء مع النَّاصر ابن الملك الظاهر برقوق إلى دمشق سنة 810هـ/1407م عُرض عليه قضاؤها ولكنَّهُ أبى ذلك وعاد مع النَّاصر إلى مصر. وقد نال حظوة ومكانة مهمَّةً عند الملك الظاهر برقوق ثُمَّ عند ابنه الملك النَّاصر، وكانت له صلة وثيقة بالأمير يشبك الدودار، ونال نصيباً وافراً من الجاه والمال. ولكنَّهُ في أواخر سني عمره زهد في المناصب والمسؤوليَّات، وانقطع للكتابة ليترك العديد من المؤلفات المهمَّة، يقول السخاوي إنَّهُ قرأ بخط المقريزي أنَّ تصانيفه زادت على مئتي مجلد كبير. ولكن ما طبع منها حَتَّى اليوم نحو أربعين كتاباً فقط، ومعظمها طبع أكثر من مرَّة، حَتَّى إنَّ بعضها طبع عشر طبعات.

توزَّعت مؤلَّفات المقريزي على ثلاثة أقسام رئيسة أولها وأكثرها حظوة لديه هي التأريخ بمختلف أطياف معناه أي ما بَيْنَ التأريخ والتراجم والتحليل التاريخي، ومن أبرز ما كتبه في ذلك «إتحاف الحنفا بأخبار الأئمة الفاطميين الخلفا»، و« إغاثة الأمة بكشف الغمة»، و« إمتاع الأسماع بما للرسول من الأنباء والأموال والحفدة والمتاع»، و«الأمير الزاهد إبراهيم بن أدهم»، و«البيان والإعراب عما بأرض مصر من الأعراب»، و« تاريخ الأقباط المعروف بالقول الإبريزي للعلامة المقريزي»، و«تاريخ اليهود وآثارهم في مصر»، و« تجريد التوحيد»، و«ترجمة شيخ الإسلام ابن تيمية في التاريخ الكبير المقفى في تراجم أهل مصر والواردين إليها»، و«درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة»، و«الذهب المسبوك في ذكر من حج من الخلفاء والملوك»، و«رسائل المقريزي»، و»السلوك لمعرفة دول الملوك»، و« المقفى الكبير؛ تراجم مشرقية ومغربية من الفترة العبيدية»،و«المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار»، و«النزاع والتخاصم بَيْنَ بني أمية وبني هاشم»، و« النقود الإسلامية؛ شذور العقود في ذكر النقود».

وكان للعقيدة وعلوم الدين جزءٌ من اهتمامه وتأليفه؛ فكتب مثلاً: «تجريد التوحيد»، و«فضل آل البيت»، و«هداية المريد لتحصيل معاني كتاب تجريد التوحيد المفيد»... وغيرها.

أمَّا الميدان الأكثر أهميَّةً الذي خاض المقريزي غماره فهو ما يندرج تحت إطار الفلسفة الاجتماعيَّة التي يسجَّل لابن خلدون فضل تأسيسها علماً. ولا عجب أن يبرع المقريزي في ذلك وتكون له فيه الجهود المهمَّة، فهو تلميذ ابن خلدون الذي ورثه بجدارة وتابع جهوده باقتدار، وقد بدا ذلك واضحاً في مجموعة من الكتب مثل «إغاثة الأمة بكشف الغمَّة»، و«البيان والإعراب عمَّا بأرض مصر من الأعراب»، و«النقود الإسلامية أَو رسالة في النقود». ولكنَّ الأثر الصَّريح بدا خاصَّةً في كتابه المشتهر بـ «الخطط المقريزية»، واسمه الأصل «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار» الذي طبع أكثر من عشر طبعات مختلفة. ففي هذا الكتاب يبدو تأثره بمنهج ابن خلدون في معالجة الظواهر الاجتماعية، وأسلوبه في التحليل والتعميم وكشف القوانين... ولذلك يوجد شبه إجماع بَيْنَ الدارسين على أنَّ هذا الكتاب هو أكثر كتبه أهميَّةً، ويرون أنَّ التَّالي في الأهميَّة «إغاثة الأمَّة بكشف الغمَّة». ولكن لا يمكن تجاهل أنَّ كتابه «تاريخ النقود» واحد من أكثر الأبحاث في النُّقود سبقاً وأهميَّة في تاريخ الفكر البشري.

يكاد يكون كتاب «المواعظ والاعتبار بذكر الخطط والآثار» المعروف بـ»الخطط المقريزية» أَو «خطط المقريزي» كتاباً جامعاً لأحوال مصر بتاريخها وآثارها ومجتمعاتها وجغرافيتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسيَّة حَتَّى شوارعها وأسواقها وآثارها وجوامعها وقصورها ودروبها ومدارسها... بل إنَّ بعض الدارسين يعلق بإعجابٍ على الكتاب قائلاً: يمكن القول إنَّهُ لم يترك شارعاً ولا حيًّا ولا صرحاً أثريًّا في مصر إلا وتناوله بالحديث والتبيان والشَّرح...

وميزته في هذا الكتاب أنَّهُ لم يكن وصفيًّا انطباعيًّا لكلِّ ذلك، بل غلب عليه الطابع البحثي التحليلي بالأسلوب الخلدوني في التعامل مع الظواهر حَتَّى يمكن القول إنَّ هذا الكتاب الكبير هو كتاب في الفلسفة الاجتماعيَّة للحياة المصريَّة، فقد وجَّه اهتمامه إلى البحث في التاريخ الاجتماعي للمصريين وتقاليدهم وأعرافهم وعاداتهم اليومية وفلسفاتهم الحياتيَّة. ولم يكتف بذلك بل ربطه بتاريخ القاهرة وأحيائها وشوارعها وتطورها الجغرافي وما فيها من بيوت وأسواق ومدارس ومساجد. وقد سخَّر شاعريَّته وبراعته في الأدب والنثر لتقديم ذلك في قوالب فنيَّة يكاد يشعر القارئ معها أنَّهُ أمام صورة نابضة بالحياة.

 عزَّت السيد أحمد

مراجع للاستزادة:
ـ حسين عاصي، المقريزي «مؤرخ الدول الإسلامية في مصر» (دار الكتب العلمية، بيروت 1992).

ـ محمد كمال الدين عز الدين علي، المقريزي وكتابه درر العقود الفريدة في تراجم الأعيان المفيدة (عالم الكتب، بيروت 1992).

ـ محمد كمال الدين عز الدين، المقريزي مؤرخاً (عالم الكتب، بيروت 1990).

ـ محمد مصطفى زيادة وآخرون، دراسات عن المقريزي «مجموعة أبحاث» (الهيئة المصرية العامَّة للكتاب، القاهرة 1971).


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.