الملا علي القاري

Monday, June 5, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: حسن نجفی
موارد بیشتر برای شما
الملا علي القاري (علي بن سلطان محمد) (… ـ 1014هـ/… ـ 1606م) علي بن سلطان محمد نور الدين، الملا الهروي القاري، ولد في هراة ونزل مكة فسكنها، أحد صدور العلم في عصره، الباهر السمت في التحقيق، وتنقيح العبارات، فقد كان فصيح البيان قوي الحجة، حكيماً تتفجر ينابيع الحكمة في بيانه، وتتدفق البلاغة على لسانه، واعظاً ملء السمع والقلب، مترسلاً بعيد غور الحجة، وعالماً مدققاً وباحثاً محققاً، اعتمد الدليل في بحثه عن الحقيقة بتجرد وإتقان وامتلاك لناصية العلم، لكثرة اطلاعه وسعة معرفته.

كان يتحلى بالأخلاق الفاضلة والآداب الكاملة، ويُذكر بين أقرانه بالإجلال والاحترام، كفى نفسه بنفسه، واستغنى عن الخلق في استجداء العطية، فقد كان يكتب في كل عام مصحفاً، يزيِّن أطرافه بالقراءات والتفسير، ليحصل على أجر يكفيه قوته من العام إلى العام.

نزل مكة المكرمة، وأخذ بها العلم عن علماء أفاضل أجلاء، كأبي الحسن البكري، وزكريا الحسيني، وشهاب أحمد بن حجر الهيتمي، والشيخ أحمد المصري تلميذ القاضي زكريا، والشيخ عبدالله السندي، والعلامة قطب الدين المكي، وغيرهم كثير ممن أقام في الحرم معلماً، أو مر به.

كثرت مؤلفات علي القاري، تناولت شتى فنون العلم الشرعي منها: «تفسير القرآن» في ثلاثة مجلدات و«الأثمار الجنية في أسماء الحنفية» و«الفصول المهمة» في الفقه، و«بداية السالك في المناسك» و«شرح مشكاة المصابيح» و«شرح مشكلات الموطأ» و«شرح الشفا» و«شرح الحصن الحصين» في الحديث و«شرح الشمائل» و«تعليق على بعض آداب المريدين لعبد القادر السهروردي»، و«نزهة الخاطر الفاتر في ترجمة الشيخ عبد القادر» وله «شرح الأربعين النووية» و«تذكرة الموضوعات» و«كتاب الجمالين حاشية على الجلالين» و«أربعون حديثاً قدسياً».

وللملا علي القاري باع واسع في التصنيف فيما يتعلق بالعقيدة والتوحيد فكتب «ضوء المعالي في شرح قصيدة بدء الأمالي» و«منح الروض الأزهر في شرح الفقه الأكبر» وهو شرح للكتاب المنسوب إلى أبي حنيفة المسمى بالفقه الأكبر، وله رسالة في الرد على ابن العربي في كتابه «فصوص الحكم»، وعلى القائلين بالحلول والاتحاد.

كانت كتابات الملا علي القاري تعالج كثيراً من القضايا التي دار حولها خلاف، فيقدم الحل الناجع مؤيداً قوله بالدليل القاطع، غير هياب ولا وجل، فله على سبيل المثال «الاهتداء في الاقتداء»، كتب هذا المصنف في تحقيق ماوقع البحث في زمانه في أنه هل يحق الاقتداء بالمخالف أم الانفراد أفضل في الصلاة؟.

إن جرأة الملا علي القاري جعلت بعض المقلِّدة ينظرون إليه نظرةً لا تليق بعالم جليل في مقامه، فقد اتهموه بأن له إيرادات أو اعتراضات على الأئمة في مسائل غلا فيها بعضهم في زمانه، ووضعوا البحث في غير موضعه، فناقش بقوة، وعضد رأيه بالدليل من دون النظر إلى الأشخاص وآرائهم، تجلى ذلك واضحاً في مناقشة إثبات النجاة لوالدي النبي.

مما يدل على سعة اطلاعه وقوة بيانه ما كتبه في أول شرح بدء الأمالي المسمى بـ «ضوء المعالي»، إذ يقول: «الحمد لله الذي وجب وجوده وثبت كرمه وجوده»، إلى أن قال : لما شرعت في شرح «الفقه الأكبر» كان في نيتي وطويتي أن يكون شرحاً مختصراً، ثم أنجرَّ الكلام إلى الكلام، حتى خرج عن نظام المرام، فسنح ببالي وخيالي أن أضع شرحاً موجزاً على قصيدة بدء الأمالي».

لقد أمضى الملا علي القاري حياته في العلم يتقلب بين حلقاته عالماً ومتعلماً، يزينه مع ذلك أدب جم وخلق رفيع وعفة نفس، حتى وافته المنية في مكة المكرمة بالمعلاة حيث صُلِّي عليه ودُفن، ولما وصل خبره إلى علماء مصر صلوا عليه بجامع الأزهر صلاة الغائب في مجمع يجمع أربعة آلاف نسمة.

تيسير العمر

مراجع للاستزادة:
ـ محمد بن عبد الحي اللكنوي الهندي، الفوائد البهية في تراجم الحنفية (شركة دار الأرقم ابن أبي الأرقم، بيروت، 1418هـ / 1998م).

ـ محمد المحبي، خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر (دار صادر، بيروت).

ـ عمر رضا كحَّالة، معجم المؤلفين (مؤسسة الرسالة، بيروت 1414 هـ/ 1993 م).

 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.