ملتون
جون
Friday, June 9, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
كان ملتون من أنصار الجمهورية في الحرب الأهلية التي قامت عام 1642 بين الملكيين والجمهوريين، فانشغل بالكتابة التحريضية ضد الملكية والبابوية. وشغل منصباً في «مجلس الدولة» Council of State ، الذي شكله كرومويل[ر] Cromwell، يمكن أن يقارن بمنصب وزير خارجية وثقافة وإعلام معاً، كما كان المستشار والمحرض السياسي الأول، فلم يكن غريباً أن يُزج في السجن مع عودة الملكية Restoration عام 1660، وحصل لاحقاً على عفو بوساطة زملائه، ومنهم مارڤل[ر]، فترك العمل السياسي ليتفرغ كلياً للكتابة في عالمه المظلم، ولم يغادر منزله حتى وفاته.
بدأ ملتون كتابة الشعر في أثناء دراسته في الجامعة، وكانت قصيدة «أود في صباح ولادة المسيح» Ode On the Morning of Christ’s Nativity (1629) أولى قصائده التي تجلت فيها الصبغة الملتونية التي تتميز بالعلم الغزير والأسماء والإشارات المتعددة واللغة المنمقة. ثم كتب قصائد «المرِح» L’Allegro و«المتأمِّل» Il Penseroso (1631-1632) تغنى فيها بالوحدة والهدوء في أحضان الطبيعة فعبَّرت عن نفسية الشاعر المكتفي بذاته. أما «كومَس» Comus (1637)، فهي مسرحية أقنعة masque ومن نوع المسرحية الأخلاقية، وتتحدث عن شخصية كومس الخيالية الذي يخطف سيدة عفيفة ويحاول إغواءها، إلا أن الخير ينتصر في النهاية، وهذا تعبير عن أخلاقيات الشاعر ورؤيته لذاته. كتب ملتون أيضاً «ليسيداس» Lycidas (1637)، وهي إحدى أبلغ المراثي في اللغة الإنكليزية، إلا أنها تبحث أيضاً في وضع البلاد وفساد الكنيسة والسلطة البابوية، وينتقل فيها الشاعر إلى مرحلة النشاط والتحريض السياسي.
كتب ملتون في هذه المرحلة المتوسطة من حياته الأدبية ما بين التأسيس والنضج منشورات وكراسات pamphlets ناقش فيها كل ما يخص المجتمع؛ فبحث في الحقوق المدنية والدينية والسياسية وفي التعليم. وكان قد نشر كتيباً حول الطلاق، وعندما حاول البرلمان منعه من التداول كتب «آريوباجيتيكا» Areopagitica (1649)، نسبة إلى تلال آريس Ares في أثينا حيث كان المجلس الأثيني الأعلى يعقد اجتماعاته، وهي دفاع جريء عن حرية الكلمة والتعبير.
وفي عهد جمهورية كرومويل ، ومع إعدام الملك تشارلز الأول، كتب ملتون «ولاية الملوك والقضاة» The Tenure of Kings and Magistrates (1649) حول مشروعية التخلص من الحاكم الطاغية، وكتب في العام ذاته «محطم الصور» Eikonoklastes دفاعاً عن ذلك. وفي محاولة أخيرة للحفاظ على مكاسب الجمهورية، أو «الكومنوِلث» Commonwealth، كتب عدداً من الكراسات دفاعاً عن إنكلترا وشعبها وجمهوريتها كما في «أفضل وأسهل وسيلة لإقامة كومنوِلث حر» The Ready and Easy Way to Establish a Free Commonwealth (1660)، إلا أن كل ذلك لم يغن شيئاً وعادت الملكية لتحكم إنكلترا من جديد.
اعتكف ملتون في منزله بعد الإفراج عنه من السجن وكتب أكبر مؤلفاته وأفضلها، مستلهماً فيها كلها الكتاب المقدّس، وأولها ملحمته «الفردوس الضائع» أو «الفردوس المفقود» Paradise Lost (1667) في اثني عشر كتاباً عن قصة الخليقة ومعصية الشيطان للخالق، والصراع الأزلي بين قوى الخير ممثلة بالسيد المسيح وقوى الشر، وعلى رأسها الشيطان وزبانيته، وهزيمتها، وعن أول معصية في تاريخ البشرية، وهي معصية آدم وحواء للأمر الإلهي وعقابهما وطردهما من الفردوس ليبدأا حياة جديدة على الأرض. أما «العودة إلى الفردوس» أو «الفردوس المستعاد» Paradise Regained (1671) في أربعة كتب فتعالج الطريقة المثالية لكسب الفردوس وهي الثبات على الإيمان ومقارعة إغراءات الشيطان، وصراع السيد المسيح مع هذا الشيطان وانتصاره عليه. ومع نص «الفردوس المستعاد» نشر ملتون نص قصيدته الدرامية «شمشون الجبار» Samson Agonistes؛ قصَّ فيها حكاية ثأر شمشون من أعدائه الذين سجنوه وأهانوه. ثم كتب «تاريخ بريطانيا» History of Britain (1670)، وظهرت «قصائد» Poems في طبعة ثانية عام 1673، وله مؤلفات أخرى كثيرة تصعب الإحاطة بها جميعاً.
تناول النقد ملتون كثيراً وتباينت آراء الشعراء والنقاد في مؤلفاته، من بليك[ر] وشِلي[ر] إلى برجس[ر] وإليوت[ر]؛ فبعضهم يرى أن ملتون كان البطل الفعلي في مؤلفاته كلها، فهو كومس وشمشون الأعمى، وهو بطل «الفردوس الضائع» الذي يرى بعضهم أنه الشيطان، وهو بطل كل النثر الذي كتبه دفاعاً عن الجمهورية باسم البيوريتانية أو التطهرية[ر] التي لم يكن في الواقع يكن لها كثيراً من الاحترام بل كانت سبيلاً للوصول إلى المدينة العلمانية الفاضلة التي لم يكن محيطه قد جهز لها بعد.
كتب ملتون باللغات الإنكليزية واليونانية واللاتينية والإيطالية، وحتى عند كتابته بالإنكليزية فقد كان أسلوبه لاتينياً مغايراً لذاك المتبع في الأنغلوسكسونية، حافلاً بالجمل الطويلة والإشارات المتكررة إلى الميثولوجيا اليونانية والرومانية وإلى الكتاب المقدس مما يضعه في مصاف الأدباء الكلاسيكيين الكبار.
طارق علوش
مراجع للاستزادة:
- C.A. PATRIDES & RAYMOND B. WADDINGTON (eds.), The Age of Milton: Backgrounds to Seventeenth-Century Literature (1980).
- J. MARTIN EVANS, Paradise Lost and the Genesis Tradition (1968).
- JOHN T. SHAWCROSS (ed.), Milton: The Critical Heritage (1970).
- JOSEPH A. WITTREICH (ed.), The Romantics on Milton (1970).
- NORTHROP FRYE, The Return of Eden (1956, reissued 1975)
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور