ابن المُنَجّم

يحيى بن علي

Monday, June 26, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
(241ـ 300هـ/855 ـ 912م) أبو أحمد يحيى بن علي بن يحيى ابن أبي منصور ، ابن المنجم الأديب الشاعر المتكلم النديم. أحد أعلام بني المنجم المعروفين بأدبهم وعلمهم وظرفهم ومنادمتهم للخلفاء العباسيين، يعودون بنسبهم الفارسي إلى يزدجرد. وقد قيل عنهم : «لا نعلم أنه اتصل في بيت من بيوت الأدب من التمسك بالدين والمناضلة عنه، والافتنان في الآداب والمثابرة عليها، ما اتصل فيهم قديمهم ومحدثهم، فهو من شجرة الأدب الناضرة وأنجمه الزاهرة. فاضل الآباء والأجداد، منتجب الأهل والأولاد».

محاسن يحيى بن علي كثيرة ، كان أديباً ملماً بمعارف عصره، وحافظاً لكثير من الأِشعار والأخبار محدثا بها، فعُدّ أشعر أبناء النعمة، شاعراً مطبوعاً وراجزاً مقصداً، أحسن أهل زمانه أدبا، وأكثرهم افتنانا في علوم العرب والعجم. وكان متكلما معتزلي المذهب يعقد مجلسا يحضره جماعة من المتكلمين بحضرة الخليفة المكتفي. وقد عُرف بظرفه وحسن عشرته وذكائه وقوة حافظته وسرعة بديهته، فامتلك أدوات المنادمة ومؤهلات النديم، لذلك اختصه الخلفاء بمجالسهم    ومرافقتهم في حلهم وترحالهم. وقد بدأ بمنادمة الموفق طلحة بن المتوكل الذي كان نائباً لأخيه الخليفة المعتمد، ثم نادم المعتمد والخلفاء من بعده، واختاره المكتفي لمنادمته فعلت رتبته عنده وتقدم على خواصه وجلسائه، وله معه وقائع ونوادر. وكانت له صلات واسعة مع أهل الدولة وأدباء العصر ، فتبادل معهم الرسائل والمطارحات الشعرية. وقد وصفه ابن مخلد في رسالة شعرية بقوله:

بنفسي أنت مِنْ خِلٍّ ظريف                       أخي أدبٍ ألوفٍ للكــــــرامِ

وذكر أنه كان مصنفا، له كتب كثيرة في الاعتزال وعلم الكلام والأخبار والأدب، منها كتاب «الباهر في أخبار شــعراء مخضـرمي الدولتين»، ولم يتمه، وأتمه ابنه أبو الحسن أحمد بن يحيى، وزاد عليه بعض الشعراء المحدثين، وكتاب «الإجماع على مذهب أبي جعفر الطبري» و«المدخل إلى مذهب الطبري ونصرته» وكتاب «الأوقات».

ولابن المنجم يحيى بن علي شعر كثير في المدح والإخوانيات والفخر والهجاء ووصف مجالس الأنس، أجاد فيه تصريف المعاني واختراعها، وبناء الصور وعقد التشبيهات ومخاطبة  الملوك وأهل الدولة والأدباء، وكان يحسن الهجاء والتعريض من غير فحش أو إسفاف. واتسم شعره بالمتانة والتدفق والسلاسة، وخلوه من الصنعة والتكلف، فكأنه يرتجله حتى بدا نثرا معقوداً بوزن وقافية، لذلك كان شديد الاعتداد به، مثل قوله:

إذا خاض في الشعر نُقّاده                         فعندي من سرِّه المعـــدنُ

وإنيْ لأُحْسِنُ تأليفـــهُ                         وأُسهل فيه إذا أَحْزَنُـــوا

فألقي إذا قُلْتُه ما يشـــ                         ـحُّ على مثله الشاعر المحسنُ

وأسقط أجود مما لــدى                        رواة القريض وقد دوَّنــــوا

ومن شعره قوله في رجز يصف الطاووس:

سبحانَ مَن من خلقه الطّاووس                    طيرٌ على أشكاله رئيــسُ

كأنّه في نفسه عــــروسٌ                     إذ إنه يحلو به التَّعريــسُ

ديباجةٌ تنشر أو ســــدوسٌ                   في ريشه قد ركبت قلــوسُ

تشرق من داراتها شـــموس                   في الرّأس منه شجرٌ مغروسُ

كأنّه بنفسجٌ يمـــــــيس                   أو زهرٌ في روضه ينـوسُ

 
محمود سالم محمد

مراجع للاستزادة:

ـ النديم، الفهرست (دار المعرفة، بيروت 1978).

ـ المرزباني، معجم الشعراء، تحقيق عبد الستار فراج (دار النوري، دمشق، د.ت).

ـ ابن خلكان،  وفيات الأعيان، تحقيق إحسان عباس (دار صادر ،بيروت، د.ت).


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.