
أحمد بن عمر وکنیته "أبو علی" والمعروف بابن رستة، فلکی وعالم أرض عاش فی القرن الثالث الهجری / العاشر الهجری، لم تذکر الموسوعات أو کتب تاریخ العلوم تاریخ میلاد دقیق أو تاریخ وفاة له، والحق أن المعلومات عن حیاة العالم ابن رستة تکاد أن تکون مجهولة، ولکنه من المعروف عنه أنه عاش فی أصفهان، وأنه حج إلى مکة المکرمة عام 290هـ/902 م .
وقد اطلع ابن رستة على کتب التراث العربی فی الفلک وعلوم الأرض، وتأثر فی مؤلفاته الجغرافیة والفلکیة بابن خرداذبه، وأبی معشر الفلکی، ویعد من أهم أساتذة العالم القزوینی، ویعتبر ابن رستة من أوائل علماء الفلک الذین اهتموا بأبعاد القمر والنجوم السیارة عن الأرض.
ومن بین الکواکب التی اهتم بدراستها ابن رستة کوکب زحل، وکوکب الزهرة مقدرا أبعاد کوکب الزهرة عن مرکز الأرض فی الحضیض والبعد الأوسط و الأوج واقترب کثیرا من التقدیر الحدیث فی استخراج البعد فی الأوج أکثر من البعد فی الحضیض، وکان ذلک فی کتابه: کتاب فی القول فی الأجرام والأبعاد.
وقد اهتم ابن رستة بالجغرافیا الطبیعیة، وکان ذلک فی موسوعته الجغرافیة الفلکیة: الأعلاق النفیسة التی تحدث فیها عن البلدان التی رحل إلیها فاهتم اهتماما خاصا بدراسة المناخ وسماته والمعالم الجغرافیة الهامة مثل الأنهار، وظاهرة المد والجزر، واهتم کذلک بدراسة الجغرافیا الفلکیة التی تعتمد على دراسة الأبعاد، ودرس کذلک صورة الأرض وکرویتها وهیئتها ومرکزها وحجمها، ووصف أقالیمها فقد کان ینتمی إلى المدرسة الإقلیمیة فی علم الجغرافیا العربیة، فکان بذلک من أوائل العلماء العرب الذین أثروا فی أوربا بإنجازاتهم فی الربط بین الجغرافیا وحسابات الفلک.
ویعد مصنفه الأعلاق النفیسة من المصنفات الأولى فی علم الجغرافیا التی اهتم بها المستشرقون الغربیون، إذ أن ابن رستة کان دقیقا فی ملاحظاته دائم الاختبار لها معتمدا على المشاهدة والحساب الدقیق، ویرجح أنه قد ألف هذا المصنف عام 310هـ/923م، وکان ابن رستة حذرا فی کتابته وبخاصة فی آرائه الفلکیة وذلک لخوفه الشدید وحرصه على ألا یعتمد على التنجیم فی دراسته العلمیة فقد کان یرفضه.