أبو الحسن علی

 أبو الحسن علی بن عبد الرحمن بن أحمد بن یونس الصدفی، فلکی ومؤرخ اشتهر فی القرن الرابع الهجری / العاشر المیلادی. ولد فی مصر لأسرة عرفت بالعلم، فوالده عبد الرحمن کان من أکبر المؤرخین فی مصر ومن أشهر علمائها. وجده یونس بن عبد الأعلى کان من أصحاب الإمام الشافعی، ومن الذین أمضوا معظم وقتهم فی دراسة علم الفلک، ولذا یعتبر من المتخصصین فی علم النجوم.

نبغ ابن یونس فی علم الفلک، فی عهد العزیز بالله الفاطمی وابنه الحاکم بأمر الله ، وقد شجعه الفاطمیون على البحث فی علم الهیئة والریاضیات فبنوا له مرصدا على صخرة أعلى جبل المقطم، قرب القاهرة وجهزوه بأفضل آلات وأدوات الرصد، وقد رصد بکل نجاح کسوف الشمس وخسوف القمر عام 368 هـ / 978 م. وعلى الرغم أن ابن یونس کان یعمل فی مرصد القاهرة باستقلالیة تامة عمن عاصروه من الفلکیین، إلا أنه وصل لنفس النتائج التی وصل إلیها فلکیو بغداد فی أرصادهم مما یؤکد أن علم الفلک کان متقدما فی هذه الفترة فی کل أرجاء الدولة الإسلامیة، إلا أن أعماله الفلکیة کانت أول سجل أرصاد دون بدقة علمیة ملحوظة، مما جعل فلکیی عصره ومن جاءوا من بعدهم یتخذونها مرجعا یرجعون إلیه.


وقد کان لابن یونس مجهودات علمیة متعددة هی التی أعطته الشهرة العظیمة منها رصده لکسوف الشمس لعامی 368هـ/977 م و 369هـ/978 م، فکانا أول کسوفین سجلا بدقة متناهیة وبطریقة علمیة بحتة. وقد استفاد منها فی تحدید تزاید حرکة القمر. کما أنه أثبت أن حرکة القمر فی تزاید (فی السرعة). وصحح میل دائرة البروج وزاویة اختلاف المنظر للشمس ومبادرة الاعتدالین.
 

وقد أظهر ابن یونس براعة کبرى فی حل الکثیر من المسائل الصعبة فی علم الفلک الکروی، وذلک باستعانته بالمسقط العمودی للکرة السماویة على کل من المستوى الأفقی ومستوى الزوال. کما أن ابن یونس أول من فکر فی حساب الأقواس الثانویة التی تصبح القوانین بها بسیطة، فتغنی عن الجذور التربیعیة التی تجعل الحسابات صعبة.

ومن أبرز إنجازاته أیضا، مساهمته فی استقلالیة علم حساب المثلثات عن الفلک، فاهتم ابن یونس به اهتماما بالغا وبرع فیه. ولقد قام بحساب ج یب الزاویة بکل دقة، کما أوجد جداول للظلال وظلال التمام. کما ابتکر طریقة جدیدة سهل بها کل العملیات الحسابیة.

أما أهم إنجازات ابن یونس العلمیة على الإطلاق هو اختراعه الرقاص . وکان قد أمضى معظم حیاته فی دراسة حرکة الکواکب التی قادته فی النهایة إلى اختراع الرقاص، الذی یحتاج إلیه فی معرفة الفترات الزمنیة فی رصد الکواکب، ثم استعمل الرقاص بعد ذلک فی الساعات الدقاقة.

وقد ترک ابن یونس عددا من المؤلفات معظمها فی الفلک والریاضیات من أهمها کتاب الزیج الحاکمی کتبه للحاکم بأمر الله الفاطمی وهو أربعة مجلدات، وکتاب الظل وهو عبارة عن جداول للظل وظل التمام، وکتاب غایة الانتفاع ویحتوی على جداول عن السمت الشمسی، وقیاس زمن ارتفاع الشمس من وقت الشروق وجداول أوقات الصلاة، وکتاب المیل وهو عبارة عن جداول أوضح فیها انحراف الشمس، وکتاب التعدیل المحکم وهو معادلات عن ظاهرة الکسوف والخسوف، وکتاب عن الرقاص. کما أن له کتابین آخران أحدهما فی التاریخ وهو بعنوان تاریخ أعیان مصر، والآخر فی الموسیقى وهو بعنوان العقود والسعود فی أوصاف العود.