
نجم الدین المصری عالم فلک، ولا یعرف له تاریخ میلاد أو وفاة على وجه التحدید فی کافة الموسوعات العربیة أو الأجنبیة، ولکن من المعروف أنه کان یعیش فی القرن السابع الهجری/الثالث عشر المیلادی.
ولد بالقاهرة وتعلم بالجامع الأزهر، وقد کان علم الفلک أحد العلوم البحتة التی تدرس فی ذلک الحین بجامعة الأزهر، وله أساتذته وطلابه. ومع منتصف القرن السابع الهجری / الثالث عشر المیلادی برع نجم الدین المصری فی علم الفلک، وصار زمیلا لأساتذته الکبار بالجامع الأزهر، مع أساتذة آخرین فی مجالات الریاضیات والفیزیاء وکافة علوم الحیاة، واعتبر فی زمانه من أکبر علماء علم التوقیت.
ومن الغریب أن العالم نجم الدین المصری ظل مجهولا لعدة قرون إلى أن اکتشفت مخطوطات کتبه بالقاهرة وأوربا. وقد نقل علماء الفلک الأوربیون عنه الکثیر من المعلومات الفلکیة فی أوائل عصر النهضة، خصوصا فی مجال علم الفلک الکروی. ومن أهم إنجازاته أنه وضع أکبر جداول فلکیة عرفتها العصور الوسطى لتعیین الوقت فی أی بقعة على الأرض فی أی وقت من اللیل أو النهار. وقد استخدم فی ذلک حساب المثلثات الکروی وقوانین حساب وریاضة مع رصد ارتفاع الشمس أو النجوم. وتضارع هذه الجداول الجداول الفلکیة التی تصنفها أکبر الهیئات العلمیة الفلکیة فی العصر الحدیث. وقد حدد فی جداوله أکثر من ربع ملیون قیمة محسوبة بالدرجات والدقائق. والغرض من تلک الجداول تعیین الوقت بدقة تامة من رصد ارتفاع الشمس نهارا أو النجوم لیلا فی أی بقعة من الکرة الأرضیة.
وتعتبر هذه الجداول بمثابة الجداول الفلکیة العالمیة، التی صنفت وحسبت فی القرن السابع الهجری/القرن الثالث عشر المیلادی (قبل عصر النهضة الأوربیة)، وهی موضوعة على غرار الجداول العالمیة التی تصنفها أکبر الهیئات العالمیة الفلکیة فی العصر الحدیث. وقد تمت حدیثا مراجعة بعض القیم الواردة فی جداول نجم الدین المصری، وتبین أنها سلیمة، ولا تزال صالحة کل الصلاحیة للاستخدام الفلکی والأخذ بها. کما تبین أن الخطأ فی بعضها لا یزید فی حساب تقدیر الزمن عن تقدیره فی الحسابات الفلکیة الحدیثة وبالأجهزة الحدیثة عن دقیقة واحدة زمنیة ، وقد اکتشفت هذه الحقائق بعد أن أجریت الاختبارات على جداول نجم الدین المصری باستخدام الحاسب الإلکترونی الحدیث بمعهد الإحصاء بجامعة القاهرة.
وقد تحدث نجم الدین المصری عن الفلک الکروی بمعناه الحدیث الذی نعرفه الآن، وعن القواعد والقوانین الفلکیة التی بنى علیها علمه واستخدمها فی الحسابات الفلکیة.
ومن أهم مؤلفات نجم الدین المصری رسالة تحمل اسمه تحدث فیها عن نظریته عن علم الفلک الکروی وبین قواعده وقوانینه. وهی لا تزال مخطوطة، وله جداول فلکیة غایتها أن تعطی ارتفاع الشمس بمدینة القاهرة فی أی ساعة من ساعات النهار على مدار العام من قیاس الزمن لخط عرض مدینة القاهرة، وتوجد تلک الجداول مخطوطة بدار الکتب المصریة. وله جداول فلکیة أخرى لتعیین الوقت فی أی بقعة على الأرض وهی مخطوطة عربیة فریدة تضم معلومات فلکیة قیمة.