
(1806 ـ 1858) ألكساندرأندريفتش إيفانوف Alexander A.Ivanov، مصور روسي ولد في سان بطرسبرغ وتوفي فيها، وهو ابن المصور الروسي أندريه إيفانوف (1776-1848م). درس إيفانوف الرسم والتصوير في أكاديمية الفنون في سان بطرسبرغ على أبيه، كما كان في عداد تلامذة المصور ألكسي بيغوروف A.Pegorov، وذلك بين عامي 1817 و1828م.
إن أعمال إيفانوف المبكرة في سان بطرسبرغ تتمتع بميزات خاصة إذ تنتمي إلى الاتباعية (الكلاسيكية) وتحمل طابعاً شاعرياً، وتجمع بين الاتزان في التكوين والصدق في نقل المحيط بألوانه المحليّة. وقد عكف إيفانوف على دراسة الطبيعة والإنسان وتعمق في الواقع الحي وحقق نجاحات في مجال تصوير مناظر الفلوات. ومن أعماله في هذه المرحلة لوحة «بريام متوسلاً أخيل عند جسم ابنه هكتور» التي صورها عام 1824م وهي محفوظة في رواق ترتياكوف بموسكو؛ وقد اتسمت بالشاعرية الاتباعية.
أُرسل إيفانوف في عام 1831م إلى إيطالية من قبل جمعية تشجيع الفنانين الروس، وعاش في رومة حتى عام 1858م والتقى فيها المصور الألماني فريدريك أوفربك (1789-1869م) F.Overbeck وانضم إلى جماعته التي أسسها هناك والتي سميت «الناصريون» [ر. ألمانية (العمارة والفنون في ـ) ]، وقد زار إيفانوف في تلك الحقبة كلاً من النمسة وألمانية، كما زار مدن وسط إيطالية وشماليها والبندقية ونابولي، وفي عام 1857م سافر إيفانوف إلى لندن من أجل لقاء الفيلسوف والكاتب الثوري الروسي ألكساندر إيفانوفتش غيرتسن (1812-1870م) A.Gertsen.
عقد إيفانوف صداقة مع الكاتب الروسي نيقولاي غوغول (1809-1852م) N.Gogol، وكذلك مع المصور الألماني أوفربك، الذي لقيه في رومة، وتأثر بفكر كلٍ منهم مما ساعده على بلورة إيمانه بالدور التنويري للفن ومقدرته على تغيير الأخلاق الإنسانية وتهذيبها.
وقد تأثر إيفانوف أيضاً بالنزعة الإنسانية في فكر عصر النهضة الأوربي وبالنزعة الإبداعية مما شكل إضافة إلى خلفيته الدينية، أساساً لمضمون لوحته «ظهور السيد المسيح للشعب» التي تعد الأثر الرئيسي للفنان والتي ظل يعمل بها في رومة عشرين عاماً من سنة 1837م إلى سنة 1857م، ساعياً إلى إخراج الموضوع في صورة حدث تاريخي واقعي حقق انقلاباً روحياً في حياة إنسان ذلك العصر، وذلك بأن حشد في اللوحة أناساً مختلفي المشارب ينظر كل منهم إلى المسيح الآتي بانطباع ذاتي.
يبلغ بعدا اللوحة 5.40×7.50 أمتار، ويظهر في وسطها يوحنا المعمدان يشير بيده اليمنى إلى المسيح آتياً من بعيد. إن حركة يوحنا هذه تجعل المحتشدين في المشهد، والذين جاؤوا ليعمدهم يوحنا في نهر الأردن، يلتفتون إلى الحدث معبّرين عن ذلك بحركات وتعبيرات مختلفة. كل ذلك يجري في موقع طبيعي من جنوبي إيطالية وجده إيفانوف مشابهاً لطبيعة فلسطين.
لقد هيأ إيفانوف للوحته بدراسات بلغت ستمئة قطعة بين زيتية ومائية ودراسات خطية، وتعد في غالبيتها لوحات مكتملة منها «رأس يوحنا المعمدان» و«رأس العبد» و«أشجار حديقة سيغي» في إيطالية و«على ضفاف خليج نابولي».
وإضافة إلى اللوحة السابقة نفذ إيفانوف في إيطالية لوحات مستوحاة من أساطير الإغريق منها لوحة «أبولون مع إلهة الزنبق والسرو»، وهي محفوظة في رواق ترتياكوف أيضاً.
كذلك عمل إيفانوف في السنوات العشر الأخيرة من حياته سلسلة رسوم مائية تصور قصص الإنجيل مهيأة لأن تنفذ بشكل جداريات، وهي محفوظة في رواق ترتياكوف، وفي المتحف الروسي في بطرسبرغ.
وقد لقيت أعمال إيفانوف موقفاً معادياً في الأوساط القيصرية الروسية الرسمية بسبب خروجها عن المألوف آنذاك، في حين لقيت تقديراً من كل من غوغول وغيرتسن وتشيرنيشفسكي Tchernichevsky والمصورين كرامسكوي Kramskoi وريبين Repin وفروبل Vroubel وسوريكوف Sourikov.
وذكر إيفانوف أن البراعة المهنية التي تُعلمها أكاديمية الفنون غير كافية، فالبارعون كثيرون ولكن قلّ من يصل إلى الشهرة؛ لأن معرفة استخدام الريشة ليس شرطاً كافياً للإجادة في الفن بل لابد أن يقترن ذلك بالثقافة العالية.
عاد إيفانوف سنة 1858 إلى بطرسبرغ وتوفي فيها في العام نفسه.