(1905 ـ 1980) جان بول سارتر Jean-Paul Sartre أديب وعَلَم الفلسفة الوجودية[ر]، ومن أبرز الشخصيات في الحياة الفكرية الفرنسية والعالمية في القرن العشرين. ولد في باريس، وبسبب وفاة والده المبكرة وزواج أمه، عاش في كنف جده كارل شفايتزر Carl Schweitzer. درس في دار المعلمين العليا École normale supérieure، وتخرج فيها عام 1929، وتعرف هناك، وفي السوربون، كثيرين ممن صاروا لاحقاً كتّاباً بارزين، من أمثال موريس ميرلو ـ بونتي[ر] وكلود ليفي شتراوس[ر]. عمل أستاذاً في مدينة الهافر Le Havre حتى نشوب الحرب العالمية الثانية، واعتقله الألمان عام 1940 وأطلق سراحه في العام التالي، فالتحق بالمقاومة السرية الفرنسية ضد الاحتلال، ونظّم في ذلك العام خلية مقاومة سرية باسم «الاشتراكية والحرية» Socialisme et liberté لم يتقبلها الشيوعيون، لكونها مؤلفة من مثقفين معزولين وعديمي الخبرة في المقاومة مما دعاه إلى حلها بعد عامين، وانضم إلى الجناح الثقافي من الجبهة الوطنية التي كان يرأس اجتماعاتها أديب آخر هو بول إيلوار[ر].
ترك سارتر التدريس عام 1945 مع ازدياد نشاطه السياسي، وأسس المجلة السياسية الأدبية «الأزمنة الحديثة» Les Temps modernes التي أضحت لسان حاله في انتقاده للسلطة ودفاعه عن حركات التحرير العالمية في وجه الطغيان في فييتنام والجزائر، وعن حق الهنغاريين في الحرية عام 1956، وانتقاده الشديد لغزو دول حلف وارسو لتشيكوسلوفاكيا عام1968. ترأس سارتر أيضاً محكمة رَسل Tribunal Russel [ر. رَسل] التي حاكمت الولايات المتحدة الأمريكية على جرائمها في فييتنام، ووقف في صف ثورة الطلاب عام 1968، ثم صار رئيساً لصحيفة «قضية الشعب» La Cause du peuple، التي كانت في بداية السبعينيات من الصحف الخاضعة لملاحقة الحكومة الفرنسية اليمينية بسبب سياستها اليسارية، ثم أسس الصحيفة اليومية «ليبراسيون» Libération عام 1973، وكان بذلك أبرز مفكّر محرّض في العصر الحديث.
كان للصحبة والتعاون الطويلين مع الكاتبة سيمون دي بوفوار[ر]، على الصعيدين الشخصي والمهني، أثر أغنى حياة سارتر، فقد كانت صديقته ومرافقته الدائمة، وكتبت الكثير عن حياتهما معاً. مُنح جائزة نوبل للأدب عام 1964، إلا انه رفض قبولها احتجاجاً على القيم البرجوازية التي تمثلها والمصالح الاقتصادية والسياسية التي تهيمن عليها.
فقَدَ سارتر بصره، وساءت صحته مع تقدمه في السن، وتوفي في باريس بسبب ورم خبيث في الرئة. وفي جنازة مهيبة سار فيها أكثر من 25000 من أقرانه ومن عامة الناس الذين دافع عن حقوقهم في حياته شُيّع إلى مثواه الأخير، كما شُيّع قبله فكتور هوغو[ر]، واحداً من أبرز عباقرة فرنسا.