عِِمران بن حِطّان

Monday, May 4, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
عِِمران بن حِطّان

(…ـ 84 هـ/… ـ بعد 703 م) عمران بن حِِطان بن ظُبيان، يرتفع نسبه إلى ذُهْل بن ثعلبة بن بكر بن وائل، ويكنى أبا سماك. نشأ في البصرة، ولما شبَّ ارتحل إلى الحجاز طلباً للعلم، فتلقى علوم الحديث والفقه عن عائشة وابن عباس وعبد الله بن عمر وأبي موسى الأشعري ، فضلع في علمه حتى صار محدثاً، روى عنه بعض المحدّثين.

كان إقباله على الحديث والفقه سبيلاً إلى التزامه مذهب الجماعة، فلم ينصرف إلى أي حزب سياسي أو فئة دينية في مقتبل عمره، وبرز في عصر زياد والي الأمويين على العراق خطيباً مفوهاً يروق من يستمع إليه، بيد أن الأمر تغيَّر بعد أن تزوج ابنة عمه جَمْرَة، وهي على مذهب الخوارج، فأثّرَت فيه واستمالته حتى صار إلى مذهبها، ويقال إنها كانت ذات جمال وكان قبيحاً، ويروى أنها قالت له يوماً: أنا وأنت في الجنة، قال: ومن أين علمت ذلك؟ قالت: لأنك أُعطيتَ مثلي فَشَكَرتَ، وأُعطيْتُ مِثْلَكَ فصبرت، والشاكر والصابر في الجنة.

اتخذ عمران رأي الخوارج الصُّفرية التي تجيز القعود عن الجهاد، ولعله تبع ذلك لكبر سنه، وضعفه عن الحرب، ومع ذلك فقد رضي به الخوارج زعيماً لهم تقديراً لجهده البياني، ولِمَا تمتع به من إبداع شعري وقوة في الخطابة، ودراية بعلوم الحديث والفقه. وبلغ من تعلق الشاعر بمذهب الخوارج أن أشادَ بأشقى الخوارج عبد الرحمن بن ملجم، قاتل عليٍّ علیه السلام ، ومما قال فيه:

يا ضربة من تقي ما أراد بها

                  إلا ليبلغَ من ذي العرش رِضْوانا

إني لأَذْكُرُهُ حيناً فأحْسَــبُه

                  أَوفى البريِّةِ عِندَ الله ميزانا

تعرض الشاعر بسبب ولائه الخارجي إلى مطاردة الأمويين، وقدَّر الحجاج بن يوسف والي الأمويين على العراق مبلغ تأثيره في تأليب الناس واستمالتهم، فطارده ولجَّ في ذلك، ففر إلى الشام، وجعل ينتقل من مدينة إلى أخرى استخفاءً وتمويهاً، واضطر إلى تغيير اسمه ونسبه أكثر من مرة، وفي ذلك يقول:

نَزَلْنا من بني سعدِ بن زيدٍ

                  وفي عَكٍّ وعِامرِ عوثبان

وفي لَخْمٍ وفي أُدَدَ بن عَمروٍ

                  وفي بكر وحيِّ بني الغِدان

ولما لم يتمكن الحجاج من العثور عليه، أرسل إلى عبد الملك بن مروان يعلمه خبره، فاشتد في طلبه.

نزل عمران على رَوْح بن زِنباع الجُذامي سيد يمانية الشام، وادعى أنه أزدي، فاستضافه ابن زنباع حولاً كاملاً، وأكرم وفادته، وكان لذلك وقع في نفسه فأشاد به في قصيدة منها:

يا روح من أخي مثوىً نزلت به

                  قد ظنَّ ظنَّك من لخمٍ وغسان

قد كنت ضيفَك حولاً لا تُروِّعُني

                  فيه الطوارق من إنس ومن جانِ

لو كنت مستغفراً يوماً لطاغيةٍ

                  كنت المقدَّمَ في سري وإعلاني

ووجد الجُذامي في ضيفه مثال الأدب والعلم والتقوى، فحدَّث عبد الملك بمزاياه، فعرفه الخليفة، وطلب إليه إحضاره، غير أن عِمران أحسّ بذلك، فهرب متجهاً صوب الجزيرة، ونزل ضيفاً على زُفر بن الحارث الكلابي بعد أن ادّعى أنه أوزاعي، فأكرم وفادته، ولما انكشف أمره مرة أخرى، رحل عنه قاصداً عُمان، فوجد فيها قوماً من الخوارج حيث كشفَ عن حقيقته لديهم واطمأن.

ولما واصل الحجاج مطاردته، تمكن من الفرار من عُمان والاستخفاء في قرية صغيرة قرب الكوفة بين جماعة من الأزد حتى توفي.

لم يصل من شعر عمران إلا قليل، وقد تناول فيه أغراض الحماسة والمديح، وأسهب في التطلع إلى الشهادة، وبعض الحكم الدينية من مثل قوله:

لا يُعجزُ الموت شيءٌ دون خالقه

                  والموت فانٍ إذا ما ناله الأَجَلُ

وكلُّ كربٍ أمام الموت متَّضِعٌ

                  للموت، والموت فيما بعده جَلَلُ

اتسمت أشعار عمران بوضوح المعاني، واستمد بعض معانيه من القرآن.
 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.