خلفت المسيرة الإسرائيلية من ورائها، أبشع بيوت الظلم والجور، وهذه البيوت خرج منها الوقود الذي أشعل وغذى معظم الصراعات التي دارت على امتداد عصرنا الحديث، وتذكر من هذه البيوت:
1- الماسونية:
والماسونية لغة معناها. البناؤون الأحرار، وهي في الاصطلاح.منظمة يهودية سرية إرهابية غامضة، محكمة التنظيم، تهدف إلى ضمان سيطرة اليهود على العالم، وتدعو إلى الالحاد والإباحية والفساد، جل أعضائها من الشخصيات المرموقة في العالم، يوثقهم عهد بحفظ الأسرار، ويقومون بما يسمى بالمحافل للتجمع والتخطيط والتكليف بالمهام (1). واختلف في تاريخ ظهور الماسونية. لتكتيمها الشديد، والراجح أنها ظهرت سنة 43 م، وسميت (القوة الخفية) وهدفها التنكيل بالنصارى واغتيالهم وتشريدهم ومنع دين المسيح من الانتشار (2)، وكانت تسمى في عهد التأسيس (القوة الخفية)، ومنذ بضعة قرون تسمت بالماسونية، لتتخذ من نقابة البنائين الأحرار لافتة تعمل من خلالها، وأهم أفكارهم ومعتقداتهم: أنهم يكفرون بالله ورسله وكتبه وبكل الغيبيات، ويعملون على تقويض الأديان وإسقاط الحكومات الشرعية وإلغاء أنظمة الحكم الوطنية في البلاد المختلفة والسيطرة عليها، وإباحة الجنس واستعمال المرأة كوسيلة للسيطرة، والعمل على تقسيم غير اليهود إلى أمم متنابذة تتصارع بشكل دائم، وبث سموم النزاع داخل البلد الواحد، وإحياء روح الأقليات الطائفية العنصرية، والعمل على السيطرة على رؤساء الدول لضمان تنفيذ أهدافهم التدميرية، والسيطرة على الشخصيات البارزة في مختلف الاختصاصات لتكون أعمالهم متكاملة، والسيطرة على أجهزة الدعاية والصحافة والنشر والإعلام واستخدامها كسلاح فتاك شديد الفاعلية، والسيطرة على المنظمات الدولية. كمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، ومنظمات الإرصاد الدولية. ومنظمات الطلبة والشباب والشابات في العالم.
والماسونية لها محافل في كل العالم تقريبا، وبيدها أكثر موارد الاقتصاد ووسائل الانتاج في العالم، ولهم عصابات إرهابية لتنفيذ العمليات الإجرامية للتخلص من كل من يقف في طريقهم عن قصد أو عن غير قصد (3) ويتبع الماسونية مجموعة نوادي ذات طابع خيري
اجتماعي في الظاهر، لكنها لا تعدو أن تكون واحدة من المنظمات العالمية التابعة للماسونية التي تديرها أصابع يهودية، بغية إفساد العالم والسيطرة عليه، ومن هذه النوادي (الليونز) وله نواد في أمريكا وأوروبا وكثير من بلدان العالم، ومركزه الرئيسي في (أوك بروك) بولاية الينوي في الولايات المتحدة الأمريكية، ويتجلى النشاط الظاهري لليونز في:
الدعوة إلى الإخاء والحرية والمساواة، وتنمية روح الصداقة بين الأفراد بعيدا عن الروابط العقيدية، ودعم المشروعات الخيرية. ودعم مشروعات الأمم المتحدة، وتقديم الخدمات إلى البيئة المحلية، والاهتمام بالرفاهية الاجتماعية، ونشر المعارف بكل الوسائل الممكنة، ولا يستطيع أي شخص أن يقدم طلب انتساب إليهم. وإنما هم الذين يرشحونه ويعرضون عليه ذلك (4).
ومن ذلك أيضا " نادي الروتاري " وهو منظمة ماسونية تسيطر عليه اليهودية العالمية، ومن أفكار الروتاري ومعتقداته: عدم اعتبار الدين مسألة ذات قيمة لا في اختيار العضو ولا في العلاقة بين الأعضاء، ولا يوجد أي اعتبار لمسألة الوطن، وإسقاط الدين يوفر الحماية لليهود ويسهل تغلغلهم في الأنشطة الحياتية كافة، وهذا يتضح من ضرورة وجود يهودي واحد أو اثنين على الأقل في كل ناد، وباب العضوية غير مفتوح لكل الناس، ولكن على الشخص أن ينتظر دعوة النادي للانضمام إليه على حسب مبدأ الاختيار، والعمال محرومون من عضوية النادي، ولا يختار إلا من يكون ذا مكانة عالية، وبدأت أندية الروتاري في أمريكا سنة 1955 م، وانتقلت بعدها إلى بريطانيا وإلى عدد من الدول الأوربية، ومن ثم صار لها فروع في معظم دول العالم، ولها نواد في عدد من الدول العربية كمصر والأردن وتونس والجزائر وليبيا والمغرب
ولبنان، وتعد بيروت مركز جمعيات الشرق الأوسط (5)، ويختلف الماسونية عن الروتاري. في أن قيادة الماسونية ورأسها مجهولان، على عكس الروتاري الذي يمكن معرفة أصوله ومؤسسيه، والروتاري وما يماثله من النوادي مثل: الليونز، الكيواني، أبناء العهد، تعمل في نطاق المخططات اليهودية من خلال سيطرة الماسون عليها والذين هم بدورهم مرتبطون باليهودية العالمية نظريا وعمليا (6).
2- الصهيونية :
الصهيونية حركة سياسية عنصرية متطرفة، ترمي إلى إقامة دولة اليهود التي تحكم من خلالها العالم كله. وتكون عاصمتها أورشاليم، وارتبطت الحركة الصهيونية باليهودي النمساوي (هرتزل)، الذي يعد الداعية الأول للفكر الصهيوني الذي تقوم على آرائه الحركة الصهيونية في العالم، وتعتبر الصهيونية جميع يهود العالم أعضاء في جنسية واحدة هي الجنسية الإسرائيلية، ويعتقدون أن اليهود هم العنصر الممتاز الذي يجب أن يسود وكل الشعوب الأخرى خدم لهم، ويقولون: لا بد من إغراق الأمميين في الرذائل بتدبيرنا من طريق من نهيئهم لذلك من أساتذة وخدم وحاضنات ونساء ملاهي، ويرون: أن السياسة نقيض للأخلاق. ولا بد فيها من المكر والرياء أما الفضائل والصدق فهي رذائل في عرف السياسة، ويقولون: يجب أن نستخدم الرشوة والخديعة والخيانة دون تردد. ما دامت تحقق مآربنا. ويقولون: ننادي بشعارات (الحرية. والمساواة والإخاء) لينخدع بها الناس ويهتفوا بها وينساقوا وراء ما نريد لهم، ويقولون: سنعمل على دفع الزعماء إلى قبضتنا وسيكون تعينهم في أيدينا واختيارهم حسب وفرة أنصبتهم من الأخلاق الدنيئة وحب الزعامة وقلة الخبرة. ويقولون: سنسيطر على الصحافة تلك القوى الفعالة التي توجه العالم نحو ما نريد، ويقولون: لا بد أن نفتعل الأزمات الاقتصادية لكي يخضع لنا الجميع بفضل الذهب الذي احتكرناه، ويقولون: إن كلمة الحرية تدفع الجماهير إلى الصراع مع الله. ومقاومة سنته فلنشعها هي وأمثالها إلى أن تصبح السلطة في أيدينا، ويقولون: لنا قوة خفية لا يستطيع أحد تدميرها. تعمل في صمت وخفاء وجبروت. ويتغير أعضاؤها على الدوام، وهي كفيلة بتوجيه حكام الأمميين كما نريد (7).ومن المنظمات التي خرجت من عباءة الصهيونية: (منظمة شهود يهوه) وهي منظمة تقوم على سرية التنظيم وعلنية الفكرة دينية وسياسية، ظهرت في أمريكا في النصف الثاني من القرن التاسع عشر، وهي تدعى أنها مسيحية، والواقع أنها واقعة تحت سيطرة اليهود وتعمل لحسابهم، وهي تعرف باسم (جمعية العالم الجديد) إلى جانب (شهود يهوه) الذي عرفت به ابتداء من سنة 1931 م. وتؤمن هذه المنظمة بعيسى رئيسا لمملكة الله، ويعملون من أجل إقامة دولة دينية دنيوية للسيطرة على العالم، ويقتطفون من الكتاب المقدس الأجزاء التي تحبب في إسرائيل واليهود ويقومون بنشرها، ويعادون النظم الوضعية ويدعون إلى التمرد، ويعادون الأديان إلا اليهودية. وجميع رؤسائهم يهود، ويعترفون بقداسة الكتب التي يعترف بها اليهود ويقدسونها، ولهذه المنظمة علاقة مع المنظمات التبشيرية، والمنظمات الشيوعية والاشتراكية الدولية، ولهم علاقة كبيرة مع أهل النفوذ من اليونانيين والأرمن (8). وخرجت من تحت عباءة اليهودية بعض التيارات الفكرية منها:
3- العلمانية:
وهي دعوة إلى إقامة الحياة على غير الدين، وتعني في جانبها السياسي، بالذات اللادينية في الحكم. وهي اصطلاح لا صلة له بكلمة العلم. والمذهب العلمي، ومن أفكار ومعتقدات هذا التيار، أن بعضهم ينكر وجود الله أصلا، والبعض الآخر يؤمن بوجود الله، لكنهم يعتقدون بعدم وجود أي علاقة بين الله وبين حياة الإنسان، ويعتقدون: أن الحياة تقوم على أساس العلم المطلق. وتحت سلطان العقل والتجريب، ويقولون: بفصل الدين عن السياسة وإقامة الحياة على أساس مادي، وينادون: بتطبيق مبدأ النفعية على كل شئ في الحياة. واعتماد مبدأ (الميكيافيلية) في الفلسفة والحكم والسياسة والأخلاق، ولقد رشح هذا التيار على العالم الإسلامي. وانتشر بفضل الاستعمار والتبشير، وقام دعاته في العالم العربي والإسلامي. بالطعن في حقيقة الإسلام والقرآن والنبوة، وزعموا بأن الإسلام استنفذ أغراضه، وهو عبارة عن طقوس وشعائر روحية، وزعموا بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة ويدعو إلى التخلف (9).(التغريب): وخرج دعاته من تحت العباءة اليهودية، والتغريب تيار كبير ذو أبعاد سياسية واجتماعية وثقافية وفنية، ويرمي إلى صبغ حياة الأمم والمسلمين بخاصة بالأسلوب الغربي، وذلك بهدف إلغاء شخصيتهم المستقلة وخصائصهم المتفردة، وجعلهم أسرى التبعية الكاملة للحضارة الغربية، ولقد استطاعت حركة التغريب أن تتغلغل إلى كل بلاد العالم الإسلامي، وإلى كل البلاد المشرقية على أمل بسط بصمات الحضارة الغربية المادية الحديثة على هذه البلاد وربطها بالعجلة
الغربية، ولم يخل بلد إسلامي أو مشرقي من هذا التيار (10). ويضاف إلى هذه التيارات. تيار (الوجودية) وهو تيار فلسفي، يكفر أتباعه بالله ورسله وكتبه وبكل الغيبيات وكل ما جاءت به الأديان، ويعتبرونها عوائق أمام الإنسان نحو المستقبل، وقد اتخذوا الالحاد مبدأ ووصلوا إلى ما يتبع ذلك من نتائج مدمرة، ومن أشهر زعماء هذا التيار " جان بول سارتر " الفرنسي المولود سنة 1955 م، وهو ملحد ويناصر الصهيونية، وانتشرت أفكار هذا التيار بين المراهقين والمراهقات في فرنسا وألمانيا والسويد والنمسا وإنجلترا وأمريكا وغيرها، حيث أدت إلى الفوضى الخلقية والإباحية الجنسية واللامبالاة بالأعراف الاجتماعية والأديان (11).
ويضاف إلى ذلك (الفرويدية) وهي مدرسة في التحليل النفسي.
أسسها اليهودي (سيجموند فرويد) وهي تفسر السلوك الإنساني تفسيرا جنسيا، وتجعل الجنس هو الدافع وراء كل شئ، كما أنها تعتبر القيم والعقائد حواجز وعوائق تقف أمام الاشباع الجنسي. مما يورث الإنسان عقدا وأمراضا نفسية، ولم ترد في كتب وتحليلات فرويد أية دعوى صريحة للانحلال كما يتبادر إلى الذهن، وإنما كانت هناك إيماءات تحليلية كثيرة تتخلل المفاهيم الفرويدية. تدعو إلى ذلك، وقد استفاد الإعلام الصهيوني من هذه المفاهيم لتقديمها على نحو يغري الناس بالتحلل من القيم وييسر لهم سبله بعيدا عن تعذيب الضمير (12).
واستغل اليهود المذهب (الرأسمالي) والرأسمالية نظام اقتصادي ذو فلسفة اجتماعية وسياسية. يقوم على أساس تنمية الملكية الفردية والمحافظة عليها، متوسعا في مفهوم الحرية، ولقد ذاق العلم بسببه ويلات كثيرة، وما تزال الرأسمالية تمارس ضغوطها وتدخلها السياسي والاجتماعي والثقافي، وترمي بثقلها على مختلف شعوب الأرض، وتقوم الرأسمالية في جذورها على شئ من فلسفة الرومان القديمة، يظهر ذلك في رغبتها في امتلاك القوة وبسط النفوذ والسيطرة، ولقد تطورت متنقلة من الاقطاع إلى البرجوازية إلى الرأسمالية. وخلال ذلك اكتسبت أفكارا ومبادئ مختلفة. تصب في تيار التوجه نحو تعزيز الملكية الفردية والدعوة إلى الحرية، ولا يهم الرأسمالية من القوانين الأخلاقية إلا ما يحقق لها المنفعة ولا سيما الاقتصادية منها على وجه الخصوص، وتدعو الرأسمالية إلى الحرية وتتبنى الدفاع عنها. لكن الحرية السياسية تحولت إلى حرية أخلاقية واجتماعية. ثم تحولت بدورها إلى إباحية، وازدهرت الرأسمالية في إنجلترا وفرنسا وألمانيا واليابان وأمريكا، وفي معظم العالم الغربي، وكثير من دول العالم يعيش في جو من التبعية لها، ووقف النظام الرأسمالي إلى جانب إسرائيل دعما وتأييدا بشكل مباشر أو غير مباشر (13).
ووضع اليهود بصماتهم على المذهب (الشيوعي) وهو مذهب فكري يقوم على الالحاد. وأن المادة هي أساس كل شئ، ويفسر التاريخ بصراع الطبقات وبالعامل الاقتصادي، وظهر المذهب على يد (ماركس) اليهودي الألماني (1818 - 1883 م) وتجسد في الثورة البلشفية التي ظهرت في روسيا سنة 1917 م بتخطيط من اليهود، وتوسعت الثورة على حساب غيرها بالحديد والنار، وقد تضرر المسلمون منها كثيرا، وأفكار ومعتقدات هذا المذهب تقوم على: إنكار وجود الله وكل الغيبيات، وقالوا: بأن المادة هي أساس كل شئ، وفسروا تاريخ البشرية بالصراع بين البرجوازية والبروليتاريا، وقالوا أن الصراع سينتهي بدكتاتورية البروليتاريا، وحاربوا الأديان واعتبروها وسيلة لتخدير الشعوب. مستثنين من ذلك اليهودية. لأن اليهودية شعب مظلوم! وحاربوا الملكية الفردية وقالوا بشيوعية الأموال وإلغاء الوراثة، ولم تستطع الشيوعية إخفاء تواطئها مع اليهود. وعملها لتحقيق أهدافهم، فقد صدر منذ الأسبوع الأول للثورة قرار. ذو شقين بحق اليهود:
أ - يعتبر عداء اليهود عداء للجنس السامي يعاقب عليه القانون.
ب - الاعتراف بحق اليهود في إنشاء وطن قومي في فلسطين (14)
وهكذا وضع اليهود المسيرة البشرية بين مذهبين اقتصاديين، يعارض كل منهما الآخر، ليشتد الصراع على امتداد المسيرة، مع احتفاظ اليهود بثمرات كل مذهب، وثمرات الصراع القائم بينهما.
4- التبشير
وأدلى النصارى بدلوهم على المسيرة البشرية. وخرجت قوافل التبشير المختلفة الأسماء المتحدة الهدف، ومن أفكار ومعتقدات هذه القوافل: محاربة الوحدة الإسلامية، وتشويه التعاليم الإسلامية، ونشر النصرانية بين الأمم المختلفة في دول العالم الثالث بعامة وبين المسلمين بخاصة، بهدف إحكام السيطرة على هذه الشعوب، وتتلقى قوافل التنصير الدعم الدولي الهائل من أوروبا وأمريكا. ومن مختلف الكنائس والهيئات والجامعات والمؤسسات العالمية، وألقى التنصير بثقله حول العالم الإسلامي. ويتمركز في أندونسيا وماليزيا وبنجلاديش والباكستان وفي إفريقيا بعامة، من التيارات التبشيرية التي يتبناها اليهود، طائفة (المورمون) وتلبس لباس الدعوة إلى دين المسيح، وتنادي بالعودة إلى الأصل. أي إلى كتاب اليهود، ويعتقدون بأن الله أعطى وعده لإبراهيم، ومن ثم لابنه يعقوب، بأن من ذريته سيكون شعب الله المختار، وكتابهم يشبه التلمود في كل شئ وكأنه نسخة طبق الأصل عنه (15)، ومؤسس هذه الجماعة (يوسف سميث) ولد عام 1805 م بمدينة شارون بمقاطعة وندسور التابعة لولاية فرمنت، ولقد جندت إسرائيل كل إمكاناتها لخدمة هذه الطائفة، وآمن بفكر هذه الطائفة كثير من النصارى، وكان دعاتها من الشباب المتحمس، وقد بلغ عدد أفرادها أكثر من خمسة ملايين نسمة، ثمانون بالمئة منهم في أمريكا، ويتمركزون في ولاية (أوتاه) حيث أن 68 % من سكان هذه الولاية منهم، 62 / من سكان مقاطعة البحيرات المالحة مسجلون كأعضاء في هذه الكنيسة، ومركزهم الرئيسي في ولاية (يوتا) الأمريكية، وهذا التيار انتشر في الولايات المتحدة. وأمريكا الجنوبية. وكندا وأوروبا، كما أن لهم في معظم أنحاء العالم فروعا ومكاتب ومراكز لنشر أفكارهم ومعتقداتهم، ويوزعون كتبهم مجانا، ولهم (175) إرسالية تنصيرية كما أنهم يملكون: شبكة تلفزيونية، وإحدى عشرة محطة إذاعية، ويملكون مجلة شهرية بالإسبانية. وصحيفة يومية واحدة (16).والخلاصة:
يجب أن نعترف بأن المسيرة البشرية حملت ضمن أحمالها البصمة الوثنية. التي زين الشيطان برنامجها وأغوى به قطاع عريض على امتداد المسيرة، ونحن في عصرنا نرى أعلام هذا القطيع ويجب أن نعترف أن الماسونية شجرة عتيقة فروعها هي الصهيونية وملحقاتها، وهذه الشجرة في بستان يملكه اليهود، والخدم في هذا البستان هم علماء التغريبوالعلمانية وغيرهم، ومهمة الخدم هي تذويب الاحساس القومي لدى الشعوب بنشر الأفكار العالمية، ونتيجة لذلك يكون اليهود هم الشعب الوحيد الذي يظل محتفظا بقوميته. ويكون له المجد في النهاية وله السيطرة على جميع شعوب الأرض باعتباره شعب الله المختار.
فالشعب اليهودي داخل دائرته. ظل على امتداد تاريخه بعد السبي يؤمن بضرورة العمل من أجل إحياء مملكة داوود. التي يكون لها المجد على شعوب الأرض. ويسبح معها الجبال والطير. وظل أتباع هذا الاعتقاد على امتداد تاريخهم وفي أحلك الأوقات يقيمون حياتهم على أساس هذا الدين الذي يحقق هذه النتيجة، وعندما عاشوا في بقاع الأرض المختلفة متباعدين. كانوا في نفس الوقت متقاربين نتيجة لوحدة الفكر والأمل، ولم يذوبوا في المجتمعات وإنما اجتمعوا في أحياء خاصة بهم داخل المجتمعات الكبيرة، وعملوا من أجل أن تكون المجتمعات الكبيرة في قبضتهم. وذلك عن طريق سيطرتهم على الاقتصاد ورجال الحكم.
وبعد عودة اليهود إلى فلسطين. وبعد انتصارهم عام 1967، يخطئ من يظن أن الحرب بين الفطرة وبين اليهود قد انتهت، ومخدوع كل من يظن أن كل ما هو معلق بين المسلمين وبين اليهود قد تحله العقود أو المواثيق أو اتفاقيات الصلح والاعتراف المتبادل، لأن المهمة الإسرائيلية لن تنتهي إلا بظهور أمير السلام الذي ينتظره اليهود، وقد يأخذ السلام بين العرب وبين اليهود أشكالا متعددة، ولكن تبقى الحقيقة الأكيدة: أن هذا السلام في نظر اليهود سيكون ورقة تكتيكية من أوراق الحرب المستمرة، حتى يأتي أمير السلام (الدجال) فينصب فسطاطه في المنطقة. ويتبعه جميع الذين تعاموا عن هذه الحقيقة.
ويجب أن نعترف أن قطاع عريض داخل المسيرة الإسلامية لا يعرف ذاته ولا يعرف القوى المعادية له، أو بمعنى آخر. يجب أن نعترف بأن هؤلاء يبدوا وكأنهم لا يريدون أن يعرفوا ذاتهم أو كأنهم لا يقدرون على محاولة المعرفة، وأنهم لا يعرفوا عدوهم معرفة حقيقية أو لعلهم لم يحاولوا أن يعرفوا، وفي جميع الحالات يجب أن نعترف بأننا لا نعرف أنفسنا ولا نعرف عدونا.
ويجب أن نعترف بأن الفطرة يحيط بها الظلم من كل مكان، وأين الوسائل المحيطة بها يمسك بزمامها الجبان، وكلمة الجبان لا تعني الرجل الخائف الرعديد فقط، وإنما تعني ذلك الرجل الذي إذا تمكن من عدوه كان أكثر جبنا، بمعنى أنه لا يعرف في التعامل معه معنى من معاني النبالة أو الكرم أو الشهامة، إنما يستعمل معه أدنأ الوسائل وأدناها إلى الحطة، والفطرة الإنسانية تحيط بها أكثر الناس جبنا، بمعنى أكثر الناس ميلا للانتقام..
وإذا كان البحث العلمي قد قدم للمسيرة البشرية مجهودات عظيمة، من عصر الطاقة اليدوية إلى عصر الفحم. إلى عصر البخار..
إلى عصر البترول. إلى عصر الكهرباء، ومن عصر الذرة إلى عصر الإلكترونيات. إلى عصر الكومبيوتر إلى عصر الفضاء إلى عصر الهندسة الوراثية، فيجب أن نعترف أن الأعظم من هذا المجهود الضخم استعمل في كل عصر من أجل خدمة مخططات الأهواء وأهداف المادية، وعن طريقة استطاع أصحابه أن يتغلغلوا داخل النفس لإغوائها لتكون عضوا على طريق أهدافهم.
إن العلوم المفيدة تكون في متناول الإنسان عندما تصلح أخلاقه، أما إذا وقف الجبان على أبواب المجهودات العلمية، فسيكون للظلم والجور وللفساد أعلاما متعددة الألوان والأشكال، وفي عصرنا نرى المخطط اليهودي والوثني تحميه الترسنات النووية والكيمائية
والمكروبية. والترسانة التقليدية، وأساطيل الطائرات والغواصات والدبابات وقاذفات الصواريخ والباتريوت، ونجد الفطرة في أماكن كثيرة. مقيدة بالديون وفوائد القروض ومحاذير السلاح وضغوط صندوق النقد الدولي وقرارات الأمم المتحدة، ونجدها مهددة من كل مكان.
بعد أن فسد كل شئ. ولوثت البحار والأنهار بالنفط والمبيدات ومخلفات المصانع وسموم المعادن الثقيلة، ولوث الجو بغازات الكبريت والأزون والكربون والرصاص، واتخذ الجبان من قلب الأرض والبحر مخازن للموت النووي والرعب الذري يدفن فيه النفايات القاتلة لصناعاته المهلكة، ونجد الفطرة محاصرة بقوافل خرقت الشرائع وطلبت اللذة من وجوهها الشاذة باللواط والسحاق، ولقد رأينا كيف خرجت قوافل الشواذ تطالب بشرعية الفسق وتقنين زواج الرجال بالرجال وزواج النساء بالنساء، وتسير في مظاهرات علنية تطالب بحقوقها الشاذة، ولم يقتصر الأمر على خروج قبائل العهر والفسق في مظاهرات، وإنما تفننت قبائل أخرى في جعل الحرية الجنسية شريعة لمملكتها، وأقامت للزنا نواد ومؤسسات وأقمار فضائية تنشره، وأبدعت هذه القبائل في إخراج العهر والفجور والفسق والشذوذ. بجميع أوضاعه في أبهة من الألوان ومواكب من الزينة والزخرف. واستأجرت لهذا الفتيات الساقطات من كل جنس لعرضهن عرايا. ثم ثبت هذا العهر ليستقبله كل من وجه هوائي استقبال إلى الفضاء.
لقد ملأت الأرض ظلما. والتطور ينطلق كل دقيقة بل كل ثانية.
وما كان يحدث من إنجاز علمي في ألوف السنين. أصبح يحدث الآن في سنوات قليلة، ومعنى هذا أن المستقبل سيشهد تطورا مضغوطا في حيز تاريخي قصير، فإذا كان الجبان ساهرا ومشرفا على هذا التطور، فإن معنى هذا أننا نهرول بالفعل إلى النهاية. وقبل هذا اليوم يجب أن نعرف من نحن؟ ومن هو عدونا؟ وما هي أهدافنا وما هي أهداف عدونا؟ ومن أين نبدأ وكيف نخرج من الدائرة المغلقة؟ إننا إذا لم نعرف كل هذا وغيره. فستدفع أجيالنا في المستقبل ثمنا باهظا ويشهدوا جنازتهم على أقل تقدير وهم وراء أمير السلام، وسنعتمد نحن هذه الجنازة لأن المستقبل ابن للماضي ولا ينفصل عنه. أجيبوا. أجيبوا يرحمكم الله. قبل أن يأتي يوم لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل.
المصادر :
1- لسان العرب 449.
2- لسان العرب 451.
3- لسان العرب 452.
4- لسان العرب 431.
5- لسان العرب 242.
6- لسان العرب 243.
7- لسان العرب ص 332.
8- لسان العرب 294.
9- لسان العرب 365.
10- لسان العرب 154.
11- لسان العرب 544.
12- لسان العرب 381.
13- لسان العرب 237.
14- لسان العرب 310 وما بعدها.
15- لسان العرب 486.
16- لسان العرب 487.
/ج