لا يختلف دين عن آخر، ولا رسالة عن اخرى في ان الحرکة التغييرية في المجتمعات تکون باتجاه العبودية لله وحده والقاعدة التي تنطلق عنها هذه الحركة التغييرية الواسعة، هي بكل بساطة توحيد العبادة والعبودية للّه، وكلمة ((لااله الا اللّه)) هي الشعار الدائم والمستمر لهذه الانطلاقة الجبارة على وجه الارض، وعبر هذا التاريخ الطويل.
(شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا اليك وما وصينا به ابراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما تدعوهم اليه)(1)
(لقد أرسلنا نوحا الى قومه فقال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من اله غيره اني أخاف عليكم عذاب يوم عظيم)(2)
(والى عاد أخاهم هودا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من اله غيره أفلا تتقون)(3)
(والى ثمود أخاهم صالحا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من اله غيره قد جأتكم بينة من ربكم)(4)
(والى مدين أخاهم شعيبا قال يا قوم اعبدوا اللّه ما لكم من اله غيره قد جأتكم بينة من ربكم)(5)
ولا عليك، بعد، من تثليث المسيحيين، وتأليههم للمسيح عيسى بن مريم (علیه السلام)، وشرك اليهود، فان ذلك شيء حدث بعد موسى وعيسى (عليه السلام)، ولم يدعوا اليه، ولم يرتضياه.
فهذه الرسالات، اذن، في جوهرها دعوة الى توحيد اللّه تعالى، ورفض للشرك في العبودية بكل معانيه، وهو ما تلخصه كلمة ((لا اله الا اللّه)) تلخيصا مستوعبا. فهي تدل على رفض أي اله على وجه الارض وفي السمأ غير اللّه، وتوحيد الالوهية في اللّه، وتوحيد العبودية له تعالى.
وضمن هذا التصور نجد أن (التوحيد) والولأ والحاكمية يرتبطان ببعض ارتباطا وثيقا. والولاية والسيادة والحاكمية نابعة في هذا الدين من أصل (التوحيد) مباشرة.
ونحن فيما يلي نشير الى النظام التوحيدي الشامل في الاسلام من خلال القرآن الكريم، وعلاقة الولاية والسيادة والحكم والتشريع بهذا الجانب في حلقات مترابطة متماسكة.
يقرر القرآن (التوحيد) ضمن نظام شامل، هذا النظام يبدأ من التوحيد في الخلق والالوهية والربوبية، وينتهي الى التوحيد في أمر السيادة والتشريع.
وفيما يلي استعراض سريع للنظام التوحيدي في القرآن:
1- توحيد الخلق:
يقول تعالى: (يا أيها الناس اذكروا نعمة اللّه عليكم هل من خالق غير اللّه يرزقكم من السمأ والارض لا اله الا هوفأنى تؤفكون) (6)(ذلكم اللّه ربكم لا اله الا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل)(7)ولم تكن مسألة توحيد الخلق هي محط الصراع بين حركتي الشرك والتوحيد في تاريخ الصراع العقائدي فقد كان أهل الكتاب والمشركون عموما يؤمنون بواحدية الخالق وتوحيد الخلق، ولم يشذ في هذا الايمان الا الملحدون الذين كانوا يرفضون الايمان بالغيب على الاطلاق.
2- توحيد الالوهية:
االاله كما نفهم من القرآن هو الحاكم المهيمن على الكون:(وهو الذي في السمأ اله وفي الارض اله وهو الحكيم العليم)(8)
(أمن خلق السماوات والارض وأنزل لكم من السمأ مأ فأنبتنا به حدائق ذات بهجة ما كان لكم أن تنبتوا شجرهاأاله مع اللّه بل هم قوم يعدلون # أمن جعل الارض قرارا وجعل خلا لها أنهارا وجعل لها رواسي وجعل بين البحرين حاجزا أاله مع اللّه بل أكثرهم لا يعلمون)(9)
(خلق السماوات والارض بالحق يكور الليل على النهار ويكور النهار على الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لا جل مسمى)(10)
ب- وهو المهيمن الحاكم على وجود الانسان: (قل أرأيتم ان أخذ اللّه سمعكم وأبصاركم وختم على قلوبكم من اله غير اللّه يأتيكم به)(11)
ج- وهو يعز، ويذل، ويعط ي الملك لمن يشأ، وينزع الملك ممن يشأ: (قل اللهم مالك الملك تؤتي الملك من تشأ وتنزع الملك ممن تشأ وتعز من تشأ وتذل من تشأ)(12)
(واتخذوا من دون اللّه آلهة ليكونوا لهم عزا)(13)(( هذه الاية تدل على ان العرب كانوا يفهمون ان الاله هو مصدر عز الانسان)).
وينصر: (واتخذوا من دون اللّه آلهة لعلهم ينصرون)(14)
ويغني: (فما أغنت عنهم آلهتهم التي يدعون من دون اللّه من شيء لما جأ أمر ربك وما زادوهم غيرتتبيب)(15)
ويضر، وينفع: (ويعبدون من دون اللّه ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلأ شفعاؤنا عنداللّه(16)(( كذلك هذه الاية تدل على ان من خصائص الالوهية ان الاله يضر وينفع، ولما كان هؤلأ الناس يعبدون من دون اللّه ما لا يضرهم ولا ينفعهم يستنكر القرآن عبادتهم له واتخاذهم له الها. )).
(واتخذوا من دونه آلهة لا يخلقون شيئا وهم يخلقون ولا يملكون لا نفسهم ضرا ولا نفعا ولا يملكون موتا ولا حياة ولا نشورا)(17). ويتولى رزق عباده: (يا أيها الناس اذكروا نعمة اللّه عليكم هل من خالق غير اللّه يرزقكم من السمأ والارض لا اله الا هو فأنى تؤفكون)(18) د وهو بذلك يستحق من الانسان العبادة (وما لي لا أعبد الذي فطرني واليه ترجعون # ءأتخذ من دونه آلهة ان يردن الرحمن بضر لا تغن عني شفاعتهم شيئا ولا ينقذون)(19)
(ذلكم اللّه ربكم لا اله الا هو خالق كل شيء فاعبدوه وهو على كل شيء وكيل)(20)
ويستحق الدعأ: (ولا تدع مع اللّه الها آخر لا اله الا هو)(21). ويستحق التشريع: (أم لهم شركأ شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به اللّه)(22)
ويستحق التبعية والطاعة: (أرأيت من اتخذ الهه هواه افأنت تكون عليه وكيلا)(23)
وانما اتخذوا أهوأهم آلهة، بالتبعية والطاعة والانقياد لاهوائهم وشهواتهم.
واذا عرفنا ان (الاله) هو القوة المهيمنة والحاكمة على الكون والانسان، وانه انطلاقا من هذه الهيمنة والقوة يعز ويذل وينصر ويغني ويعط ي ويمنع ويضر وينفع، وهو بذلك يستحق من الانسان الدعأ والعبادة والطاعة والتسليم...
ويحق له وحده أن يتولى التشريع والحكم والسيادة في حياة الانسان... أقول اذا عرفنا هذه المجموعة من الحقائق، فان القرآن يقرر ان الالوهية وحدة لا تتجزأ ولا تتعدد، فان المصدر الشرعي مصدر هذه الولاية المطلقة لل (اله) لهذه الولاية المطلقة في حياة الانسان هو الهيمنة والحاكمية المطلقة في الكون وفي حياة الانسان. ولما كانت هذه الهيمنة والولاية لا تتعدد ولا تتجزأ (وهو الذي في السمأ اله وفي الارض اله).
فان اللّه تعالى هو الاله الواحد المهيمن على هذا الكون ولذلك فهو الحاكم والمشرع في حياة الانسان، وهو وحده مصدر كل ولاية وسيادة وحاكمية في حياة الانسان، وليس لغيره من دون اذنه ولاية وحاكمية وسيادة على حياة الانسان. وهذا هو معنى توحيد الالوهية.
يقول تعالى: (وقال اللّه لا تتخذوا الهين اثنين انما هو اله واحد فاياي فارهبون)(24)
(والذين يدعون من دون اللّه لا يخلقون شيئا وهم يخلقون # أموات غير أحيأ وما يشعرون ايان يبعثون # الهكم اله واحد)(25)
(ولا تدع مع اللّه الها آخر لا اله الا هو)(26)
3- توحيد الربوبية:
ا- (الرب) في القرآن يأتي بمعنيين اثنين. يأتي بمعنى المربي (من التربية) والاستصلاح، والرعاية والتدبير. يقول الراغب في المفردات(27):الرب في الاصل التربية وهو انشأ الشيء حالا فحالا الى حد التمام. وقال في الصحاح(28): رب الضيعة أي أصلحها وأتمها، ورب فلان ولده أي رباه. وبهذا المعنى استعمل القرآن هذه الكلمة كثيرا.يقول تعالى: (الذي خلقني فهو يهدين # والذي هو يطعمني ويسقين # واذا مرضت فهو يشفين)(29)
(قال فمن ربكما يا موسى # قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى)(30). (قل من يرزقكم من السمأ والارض أمن يملك السمع والابصار ومن يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ومن يدبر الامر فسيقولون اللّه فقل أفلا تتقون # فذلكم اللّه ربكم الحق فماذا بعد الحق الا الضلا ل فأنى تصرفون)(31)
(يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر كل يجري لا جل مسمى ذلكم اللّه ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير)(32)
ب- ويأتي الرب بمعنى المالك، يقول تعالى: (فليعبدوا رب هذا البيت # الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)(33)
(قل من رب السماوات السبع ورب العرش العظيم)(34)
(رب السماوات والارض وما بينهما ورب المشارق)(35)
(وأنه هو رب الشعرى)(36)
ج- ويحق للرب بموجب هذا التدبير والاستصلاح والرعاية للكون وللانسان أن ينيب اليه الناس ويدعونه: (واذامس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه)(37)
ويستحق بذلك على الناس الحمد: (فلله الحمد رب السماوات ورب الارض رب العالمين)(38)
(الحمد للّه رب العالمين)(39)
ويستحق على الناس الاستغفار: (فقلت استغفروا ربكم انه كان غفارا)(40). ويستحق بذلك على الناس العبادة: (فليعبدوا رب هذا البيت # الذي أطعمهم من جوع وآمنهم من خوف)(41)
(رب السماوات والارض وما بينهما فاعبده واصطبر لعبادته هل تعلم له سميا)(42)
(ان هذه امتكم امة واحدة وأنا ربكم فاعبدون)(43)
ويستحق على عباده الطاعة والتبعية: (اتبعوا ما انزل اليكم من ربكم ولا تتبعوا من دونه أوليأ)(44)
ويستحق على عباده الايمان والطاعة: (وتلك عاد جحدوا بيات ربهم وعصوا رسله واتبعوا أمر كل جبارعنيد)(45)
ويستحق على عباده الطاعة والانقياد وان يولوا وجوههم وجهه: (فلما جن عليه الليل رأى كوكبا قال هذا ربي فلما أفل قال لا أحب الافلين # ... فلما رأى الشمس بازغة قال هذا ربي هذا أكبر فلما أفلت قال يا قوم اني بريء مماتشركون # اني وجهت وجهي للذي فطر السماوات والارض حنيفا وما أنا من المشركين)(46)
د- اذن للربوبية أصلان ومعنيان في القرآن:
أحدهما: الرعاية والتدبير والاستصلاح. والثاني: الملك. وبنأ على كل منهما يستحق (الرب) من المربوبين الحمدوالانابة والاستغفار والطاعة والاتباع والانقياد والتسليم.
ولم يكن يشك أحد من المشركين في ربوبية اللّه تعالى، كما لم يشكوا في أنه تعالى هو الخالق، الا أنهم كانوايؤمنون بتوحيد الخالقية، أما الربوبية فكانوا يقولون فيها بالتعدد والتجزؤ والشرك.
فكانوا يرون ان للملائكة والجن والارواح والنجوم حظا في تدبير الكون والانسان، وحظا في رعاية حياة الانسان واستصلاحه واستصلاح الكون. هذا فيما يتعلق بالشرك في المعنى الاول من معنيي (الرب)، وأماالشرك الذي كانوا يقترفونه في المعنى الثاني من معنيي (الرب) فهو في اعتبار الانسان شريكا للّه تعالى في الملك.
وبذلك كانوا يرون الملوك والحكام (الطغاة) الذين كانوا يملكون البلاد أنهم أرباب هذه البلاد، ويحق لهم بموجب هذه الربوبية أن يعبدهم الناس ويطيعوهم ويتبعوهم ويتولوهم، وكان ملاك ذلك كله هو الملك.
فقد كان نمرود طاغية عصر ابراهيم (عليه السلام)يدعي الربوبية، وكان السبب في هذه الدعوى هو (أن آتاه اللّه الملك).تأملوا في هذه الايات المباركة: (ألم تر الى الذي حاج ابراهيم في ربه أن آتاه اللّه الملك اذ قال ابراهيم ربي الذي يحيي ويميت...)(47)
وكان فرعون طاغية عصر موسى (عليه السلام)يدعي الربوبية، يقول تعالى: (فكذب وعصى # ثم أدبر يسعى # فحشرفنادى # فقال أنا ربكم الاعلى)(48) وكان ملاك هذه الربوبية عنده (الملك)
يقول تعالى: (ونادى فرعون في قومه قال يا قوم أليس لي ملك مصر وهذه الانهار تجري من تحتي أفلا تبصرون)(49)
والقرآن يقرر في مقابل دعوى تجزئة الملك وتعدد المالكية، وتعدد التدبير وتجزئته، وحدة التدبير والملك، وبالتالي توحيد الربوبية.
يقول تعالى: (قل أغير اللّه أبغي ربا وهو رب كل شيء)(50)، (رب المشرق والمغرب لا اله الا هو فاتخذه وكيلا)(51)، (قال بل ربكم رب السماوات والارض الذي فطرهن)(52) وهذا هو أصل (توحيد الربوبية)
4- توحيد التشريع:
للربوبية والالوهية حقوق واختصاصات تخص (الاله) و (الرب) في حياة الناس ومن هذه الاختصاصات والحقوق، حق التشريع في حياة الانسان. وقد اختص تعالى لنفسه بهذا الحق في حياة الانسان.وذلك أن اللّه تعالى وحده الاله الحاكم في حياة الانسان (وهو الذي في السمأ اله وفي الارض اله)(53)
وهو وحده (رب المشارق والمغارب) و (رب الناس)، أنشأهم ورباهم ويملكهم ويدبر امورهم (قل اعوذ برب الناس # ملك الناس # اله الناس) فهو بالضرورة يحق له وحده، أن يشرع للناس، فان التشريع يحدد من حرية الانسان بالضرورة، ولا يحق لاحد أن يحدد من حرية الاخرين، الا اذا كان يملك امورهم، وكان المدبر المهيمن الحاكم عليهم وهو اللّه تعالى فقط، ولا يشاركه فيه أحد، فان الخلق والتدبير والهيمنة والملك في نظر القرآن كل لايتجزأ ولا يتعدد، فلا ملك بالحقيقة ولا سلطان ولا هيمنة، ولا تدبير لغير اللّه تعالى في حياة الانسان الا أن يكون باذن اللّه وفي امتداد سلطان اللّه وملكه وهيمنته وتدبيره.
وتوحيد الخلق والتدبير والهيمنة والملك يقتضي توحيد التشريع بالضرورة، فلا يحق لاحد أن يشرع للاخرين الا باذنه وأمره.
والحكم حكمان ولا ثالث لهما:
فأما أن يكون الحكم للّه وبأمر اللّه فهو دين اللّه. وأما أن يكون لغير اللّه فهو من حكم الجاهلية. يقول تعالى:(أفحكم الجاهلية يبغون ومن أحسن من اللّه حكما لقوم يوقنون)(54)
والقرآن صريح في توحيد التشريع، يقول تعالى: (ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فاولئك هم الكافرون)(55)، (ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فاولئك هم الظالمون)(56)(ومن لم يحكم بما أنزل اللّه فاولئك هم الفاسقون)(57)
فلا يحق لاحد أن يشرع لحياة الناس، ولا يحق للناس أن يأخذوا بشرع ودين غير شرع اللّه ودينه وحكمه.
5- توحيد الحاكمية والسيادة:
والحق الاخر الذي اختص اللّه تعالى به لنفسه بالالوهية والربوبية هو حق الحاكمية والسيادة في حياة الانسان.وشرعية الولاية والحاكمية والسيادة في حياة الناس لا تنفك عن الملك والسلطان والتدبير والهيمنة التكوينية للّهتعالى على الكون والانسان. ومن يملك هذا الملك والسلطان والهيمنة بالتكوين، يملك شرعية الولاية والسلطان والسيادة في حياة الناس بالامر والنهي. والعلاقة بين تلك وهذه علاقة بديهية بحكم العقل.
ويقرر القرآن توحيد السيادة والحاكمية بصراحة ووضوح بقوله تعالى: (ان الحكم الا للّه يقص الحق وهو خير الفاصلين)(58) والاية الشريفة واضحة في حصر الولاية والحاكمية في اللّه تعالى وتوحيدها له تعالى.
ويقول تعالى: (له الحمد في الاولى والاخرة وله الحكم واليه ترجعون)(59) وهذه الحاكمية من خصائص الالوهية والربوبية، كما ان حق التشريع من خصائص الالوهية والربوبية، وتوحيد الربوبية والالوهية يقتضي توحيد التشريع والسيادة للّه تعالى في حياة الانسان.
فكلمة التوحيد، اذن، ترفض أي اله وحاكم على وجه الارض غير اللّه، وتسلب حق الحكم والقيمومة في حياة الانسان من غير اللّه، وتحصر الالوهية والحاكمية في حياة الانسان في اللّه رب العالمين.
فهي دعوة صريحة اذن الى توحيد العبودية للّه تعالى، والخضوع والاستسلام لامر اللّه وحكمه في كل شيءيتعلق بحياة الانسان وتفكيره من دون تردد أو تريث. فهو الحاكم المطلق في حياة الناس، والناس عبادمخلوقون له، محكومون لامره لا يملكون من دونه، من أمرهم شيئا.
وذلك جوهر الدعوة في كل رسالات اللّه، من دون فرق، والعمود الفقري لكل دين للّه على وجه الارض، في أي مرحلة من مراحل تاريخ الانسان، ومهما اختلفت رسالات اللّه في التفاصيل والاحكام، فلا تكاد تختلف فيما بينهافي هذه الحقيقة الجوهرية، التي تشكل جوهر هذه الرسالات وأصلها.
وناهيك به قاعدة للتغيير والانقلاب، فهو انقلاب وتغيير في كل شيء في حياة الانسان، تغيير واسع يشمل كل أطراف الحياة، وعميق يتناول أعمق أعماق الحياة.
اذن، المنطلق الذي تنطلق منه رسالات اللّه هو تعبيد الانسان للّه تعالى، وهو ذو مدلول فطري وسلوكي عميق. فان الانسان عندما يعترف للّه بالعبودية، لا يملك أن يمارس شأنا من شؤون حياته الفردية والاجتماعية بمعزل عن شريعة اللّه ومنهجه.
وأي تصرف يقوم به الانسان العبد بعيدا عن منهج اللّه، يعتبر خرقا لالتزامات العبودية المطلقة، التي يعترف بها العبد تجاه ربه، ويعتبر تمردا على شريعته وطغيانا.
والاسلام بهذا المعنى، وهو صفة لكل رسالات اللّه: أن يسلم الانسان نفسه للّه، ولا يقدم على عمل، دون أن يعرض تصرفه على منهج اللّه ودينه.
ولذلك، فلا يبقى معنى لما يقال من أن (ما لقيصر لقيصر، وما للّه للّه)، فليس هناك شيء لغير اللّه، ولا يملك قيصرشيئا من أمر نفسه، ومن أمر الناس، ولا يتوزع، بحال من الاحوال، سلطان هذا الكون وحكمه بين قيصر وبين اللّه.
المصادر:
1- الشورى: 13.
2- الاعراف: 59.
3- الاعراف: 65.
4- الاعراف: 73.
5- الاعراف: 85.
6- فاطر: 3.
7- الانعام: 102.
8- الزخرف: 84.
9- النمل: 60 61.
10- الزمر: 5.
11- الانعام: 46.
12- آل عمران: 26.
13- مريم: 81.
14- يس: 74.
15- هود: 101.
16- يونس: 18.
17- الفرقان: 3.
18- فاطر: 3.
19- يس: 22 23.
20- الانعام: 102.
21- القصص: 88.
22- الشورى: 21.
23- الفرقان: 43.
24- النحل: 51.
25- النحل: 20 21.
26- القصص: 88.
27- المفردات للراغب: ص184 مادة (رب).
28- الصحاح للجوهري: 1/130.
29- الشعراء: 78 80.
30- طه: 49 50.
31- يونس: 31 32.
32- فاطر: 13.
33- قريش: 3 4.
34- المؤمنون: 86.
35- الصافات: 5.
36- النجم: 49.
37- الزمر: 8.
38- الجاثية: 36.
39- الفاتحة: 1.
40- نوح: 10.
41- - قريش: 3 4.
42- مريم: 65.
43- الانبيأ: 92.
44- الاعراف: 3.
45- هود: 59.
46- الانعام: 76 79.
47- البقرة: 258.
48- النازعات: 21 24.
49- الزخرف: 51.
50- الانعام: 164.
51- المزمل: 9.
52- الانبيأ: 56.
53- الزخرف: 84.
54- المائدة: 50.
55- المائدة: 44.
56- المائدة: 45.
57- المائدة: 47.
58- الانعام: 57.
59- القصص: 70.