
في المدينة المنورة مساجد كثيرة نشير إلى أسماء بعضها :
١ ـ مسجد قبا :
«قبا» قرية تبعد عن المدينة زهاء ميلين ، وقد نزل فيها النبي صلىاللهعليهوآله في هجرته قبل دخوله المدينة ، حيث أقام هناك ينتظر قدوم أمير المؤمنين عليهالسلام بالفواطم.
لما سأل أهل «قبا» النبي صلىاللهعليهوآله أن يبني لهم مسجداً.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآله : ليقم بعضكم فيركب الناقة.
فقام أبو بكر ، فركبها فحرّكها ، فلم تنبعث ، فرجع فقعد.
فقام عمر ، فركبها فلم تنبعث ، فرجع فقعد.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله لأصحابه : ليقم بعضكم فيركب الناقة.
فقام علي عليهالسلام ، فلمّا وضع رجله في غرز الركاب وثبت به.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : أرخ زمامها وابنوا على مدارها فانّها مأمورة (١).
وهو المسجد الذي نزل فيه قوله تعالى (لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَىٰ مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) (2).
وتبلغ مساحة المسجد اليوم زهاء (١٣٥٠٠) متراً مربعاً ، وبنايته غاية في الجمال والابداع.
٢ ـ مسجد القبلتين :
ويقع إلى الشمال الغربي من المدينة المنورة ، وسمي بـ «مسجد القبلتين» لأنّ النبي صلىاللهعليهوآله كان يصلّي فيه صلاة الظهر ، فأمر أن يتوجه إلى الكعبة ونزل قوله تعالى (فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا) (3) فاستدار النبي صلىاللهعليهوآله إلى الكعبة.
٣ ـ مسجد الجمعة :
إنّ النبي صلىاللهعليهوآله لمّا خرج من قباء مقدمه المدينة أدركته الجمعة في بني سالم بن عوف ، فصلّاها في بطن الوادي ، وكانت أول جمعة صلّاها النبي صلىاللهعليهوآله بالناس ، وبني في ذلك الموضع مسجداً سمي بـ «مسجد الجمعة» فكان ثاني المساجد ـ تاريخياً ـ بعد مسجد قبا.
ويقع مسجد الجمعة في وسط بساتين وحدائق منطقة قباء وشمال مسجد قباء ويظهر على يمين الخط النازل منه حيث يظهر واضحا ويبعد عنه بمسافة 500 متر تقريبا ويشرع كثير من الزوار خاصة في شهر رمضان المبارك زيارته والتعرف على القيمة التاريخية للمسجد.
سمي المسجد بعدة مسميات من ضمنها مسجد عاتكة وكذلك أطلق عليه سابقا مسجد الوادي؛ لأنه يقع في بطن وادي رانوناء. وسبب تسميته بمسجد الجمعة هو أن النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن انتهى من بناء أول مسجد أسس للتقوى اتجه نحو المدينة المنورة، وقد جعل قباء خلفه، حيث أصبحت منازل بني النجار بهذا المسير على يمينه من ناحية الشرق، وكان ذلك صباح يوم الجمعة، وتسارع بنو النجار داعين المصطفى عليه الصلاة والسلام للبقاء عندهم والسكن معهم، وأخذوا يتجاذبون خطام ناقته «القصواء» باعتبارهم أخواله، وكان النبي يجيبهم «دعوها فإنها مأمورة»، حتى إذا بلغ المكان الذي به المسجد الآن أدركته صلاة الجمعة، وهو في بني النجار وقد توفرت شروطها باكتمال العدد، حيث أدى الصلاة في المكان، وحدد فيها واجبات صلاة الجمعة بالخطبتين والإقامة واكتمال العدد، وهي أول صلاة جمعة تقام في الإسلام، وأول جمعة تؤدى في المدينة المنورة بعد هجرته صلى الله عليه وسلم، وبها سمي هذا المسجد.
وجدد في عهد عمر بن عبدالعزيز مرة ثانية، وفي العصر العباسي ما بين 155هـ و159هـ، وفي نهاية القرن التاسع الهجري خرب سقفه فجدده شمس الدين قاوان، وفي عهد الدولة العثمانية أمر السلطان بيازيد بتجديده، وظل على حاله إلى منتصف القرن الرابع عشر الهجري حيث جدده السيد حسن الشربتلي.
كان المسجد قبل التوسعة الأخيرة مبنيا فوق رابية صغيرة طوله 8 أمتار، وعرضه 4.5 متر، وارتفاعه 5.5 متر، وله قبة واحدة مبنية بالطوب الأحمر وفي شماله رواق طوله 8 أمتار، وعرضه 6 أمتار. وفي عهد خادم الحرمين الشريفين الملك فهد في سنة 1412هـ تمت إعادة بنائه وتوسعته وفق تصميم هندسي جميل، وضوعفت مساحته عدة أضعاف ليتسع لـ650 مصليا بالإضافة إلى مرافق أخرى.
٤ ـ مسجد الفضيخ :
وهو في نهاية شارع العوالي. و «الفضيخ» شراب يتخذ من التمر.
وقيل : إنّ نفراً من المسلمين كانوا يشربون فيه فضيخاً ، فلما حرمت الخمر
خرج الخبر اليهم ، فحلّوا وكاء السقاء فهراقوه فيه ، وأقاموا مسجداً ، فبذلك سمي مسجد الفضيخ (4).
٥ ـ مسجد الفتح :
وهو المسجد المرتفع على قطعة من جبل «سلع» في المغرب ، غربيه وادي «بطحان» وقد دعا فيه النبي يوم الأحزاب فاستجاب له ربّه ، ونصره على المشركين ، وأباد جحافلهم وهزمهم.
٦ ـ مسجد أمير المؤمنين علي عليهالسلام :
ويقع جنوب مسجد الفتح مشرفاً على وادي «بطحان» ، وكان أمير المؤمنين علي عليهالسلام يتعبّد فيه لما كانت المدينة محاصرة من قبل جيوش الأحزاب.
٧ ـ مسجد فاطمة عليهاالسلام :
ويقع بالقرب من مسجد الامام علي عليهالسلام ، ويعدّ ضمن المساجد السبعة المعروفة ، وتجتمع جميعاً حول مسجد الفتح ومنها «مسجد سلمان».
وقد أغلق باب مسجد «فاطمة عليهاالسلام» في السنين الأخيرة وبني بابه بالآجر في محاولة لمحو هذا المعلم المذكر ببنت رسول الله صلىاللهعليهوآله ولكن المسلمين والمؤمنين لازلوا يصلون لله ـ تعالى ـ في الساحة الصغيرة من الرصيف الواقع أمام الباب ويأبى الله إلّا أن يتم نوره ولو كره المشركون.
وهناك مسجد آخر بالقرب من مسجد الغمامة في السوق يقال : أنّه مسجد فاطمة عليهاالسلام أيضاً ، وقد أعيد إعماره في الآونة الأخيرة ، وهو مرتفع عن سطح الأرض عدة أمتار.
٨ ـ مسجد الغمامة :
قال الواقدي : صلّى النبي صلىاللهعليهوآله أول صلاة عيد في المدينة في السنة الثانية للهجرة ، فخرج إلى الصحراء ، فبني في ذلك الموضع مسجداً في القرن الثاني للهجرة.
وقيل في سبب تسمية المسجد بمسجد الغمامة : إنّ النبي صلىاللهعليهوآله استسقى هناك ودعا ، فلمّا أتمّ دعاءه تجمع الغمام وهطل المطر.
٩ ـ مسجد المباهلة :
إشارة إلى مباهلة النبي صلىاللهعليهوآله لنصارى نجران حيث خرج صلىاللهعليهوآله يباهلهم ومعه أمير المؤمنين عليهالسلام وفاطمة والحسن والحسين عليهماالسلام ، فأنزل الله تعالى (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِن بَعْدِ مَا جَاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعَالَوْا نَدْعُ أَبْنَاءَنَا وَأَبْنَاءَكُمْ وَنِسَاءَنَا وَنِسَاءَكُمْ وَأَنفُسَنَا وَأَنفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَل لَّعْنَتَ اللَّهِ عَلَى الْكَاذِبِينَ) (5).
١٠ ـ مسجد الشجرة :
يبعد هذا المسجد فرسخ ونصف الفرسخ عن المدينة تقريباً ، وإنّما سمي بـ «مسجد الشجرة» لوجود أشجار السدر في المنطقة التي فيها المسجد.
وقد اكتسب هذا المسجد أهمية خاصة من خلال موقعه الخاص ، حيث أحرم منه النبي صلىاللهعليهوآله لحجة الوداع ، وهو الآن ميقات الحجاج الايرانيين ـ وغيرهم ـ للعمرة المفردة وللحج لمن يقصد المدينة قبل أعمال الحج.
وكان هذا المسجد صغيراً مهجوراً إلّا أنّه تمّ تجديد بناءه وإعادة إعماره ، وهو الآن يسع خمسة آلاف مصلي ، ومحاط بمرافق صحية ودورات مياه نظيفة تتألف من أكثر من خمسمائة حمام لمن يريد أن يغتسل غسل الاحرام ، وأكثر من (٣٥٠) مرحاض.
١١ ـ مسجد أبي ذر :
ويقع في نهاية شارع «أبو ذر» حالياً ، وقد تمّ إعادة إعماره وتوسيعه في الآوانة الأخيرة.
١٢ ـ مسجد مشربة أم إبراهيم :
روي أنّ النبي صلىاللهعليهوآله : صلّى في مشربة أم إبراهيم ... وإنما سمّيت مشربة أم إبراهيم لأن أم إبراهيم ولدت إبراهيم ابن النبي صلىاللهعليهوآله فيها.
وهو موضع بالعوالي من المدينة بين النخيل ، وهو أكمة قد حوّط عليها بلبن.
والمشربة : البستان ، ولعلّه كان بستاناً لمارية القبطية أم إبراهيم ابن النبي صلىاللهعليهوآله.
قال في الصحاح : المشربة ـ بالكسر ـ : إناء يشرب فيه ، والمشربة ـ بالفتح ـ : الغرفة ، والمشارب : العلالي.
وليس في كلامه اطلاق ذلك على البستان ، والظاهر أنها كانت عِليّة في ذلك البستان.
١٣ ـ مسجد الشمس :
وهو المكان الذي أعيدت الشمس فيه بعد غروبها لعلي عليهالسلام ، وكان ذلك بالصهباء من خيبر.
قال عياض في الشفاء : كان رأس النبي صلىاللهعليهوآله في حجر علي عليهالسلام وهو يوحى اليه ، فغربت الشمس ، ولم يكن علي صلّى العصر.
فقال النبي صلىاللهعليهوآله : أصليت يا علي؟
قال : لا.
فقال : اللهم إنّه كان في طاعتك وطاعة رسولك فاردد عليه الشمس.
قالت أسماء : فرأيتها غربت ثم رأيتها طلعت بعد ما غربت ، ووقعت على الجبال والأرض ، وذلك بالصهباء في خيبر.
قال عياض : خرجه الطحاوي في مشكل الحديث وقال : إنّ أحمد بن صالح كان يقول : لا ينبغي لمن سبيله العلم التخلّف عن حفظ هذا الحديث ؛ لأنّه من علامات النبوة (6).
١٤ ـ مسجد الإجابة :
ويقع شمال البقيع ، صلّى فيه النبي صلىاللهعليهوآله ودعا فاستجاب الله دعاءه ، فسمي بـ «مسجد الاجابة».
١٥ ـ مسجد العسكر :
يقع بالقرب من قبر حمزة عليهالسلام ، قيل : إنّه مصرع حمزة عليهالسلام ، وأنّه مشى بطعنته من الموضع الأول إلى هناك فصرع عليهالسلام.
وقيل : أنّه دفن فيه جملة من شهداء أُحد.
١٦ ـ مسجد بني الظفر :
ويعرف بمسجد «البغلة» وهو في شرقي البقيع ، طريقه عند ـ القبة المعروفة ـ بفاطمة بنت أسد ، أم علي عليهالسلام ، بأقصى البقيع ، صلّى فيه النبي صلىاللهعليهوآله وجلس على الحجر الذي فيه ، ولم يزل الناس يصفون الجلوس على ذلك الحجر للمرأة التي لا تلد ، ويقصدون ذلك المسجد لأجله ، فقلّ امراة نزر ولدها تجلس عليه إلّا حملت (7).
١٧ ـ مسجد الأبواء :
و «الأبواء» قرية تبعد عن الجحفة ثلاثة عشر ميلاً ، توفيت فيها أم النبي صلىاللهعليهوآله السيدة آمنة بنت وهب عليهاالسلام ، في منصرفها من زيارة قبر زوجها عبد الله عليهالسلام ، وكان النبي صلىاللهعليهوآله صغيراً فحزن حزناً شديداً لفراق أمه.
وفي وسط الأبواء مسجد لرسول الله صلىاللهعليهوآله وذكر بها آباراً وبركاً (8).
١٨ ـ مسجد الجحفة :
الجحفة ميقات أهل الشام ، وفي أولها مسجد لرسول الله صلىاللهعليهوآله ، وسميت الجحفة ؛ لأنها واقعة في طريق السيول.
وقد أصابها السيل مرة فجرف ما فيها وغرق يومها «حماد بن عيسى» أحد أصحاب الاجماع ، وقد روى عن أربعة من الأئمة عليهمالسلام.
وكان الامام الصادق عليهالسلام قد دعا له بخمسين حجة ، فوفّق لها كاملة ، وفي الحجة الواحدة والخمسين استأذن الامام الجواد عليهالسلام في الخروج ، فاذن له الامام عليهالسلام ، وقال له : ولكن لا تتعجل ، فخرج إلى الجحفة ، فلمّا أراد أن يغتسل فيها غسل الاحرام ثار السيل فأغرق حماداً فسمي «غريق الجحفة».
١٩ ـ مسجد غدير خم :
وهو على ثلاثة أميال من الجحفة يسرة عن الطريق حذاء العين.
وقال عياض : غدير خم ، غدير تصبّ فيه عين ، وبين الغدير والعين مسجد للنبي صلىاللهعليهوآله.
وفي مسند أحمد عن البراء بن عازب قال : كنا عند النبي صلىاللهعليهوآله فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة ، وكسح لرسول الله صلىاللهعليهوآله تحت شجرة ، فصلّى الظهر وأخذ بيد علي.
وقال : ألستم تعلمون أني أولى بالمؤمنين من أنفسهم؟!
قالوا : بلى.
قال : فأخذ بيد علي وقال : اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه ، اللهم وال من والاه وعاد من عاداه.
قال : فلقيه عمر بعد ذلك فقال : هنيئاً يا ابن أبي طالب أصبحت وأمسيت مولى كلّ مؤمن ومؤمنة (9).
٢٠ ـ مسجد بدر :
كان العريش الذي بني لرسول الله صلىاللهعليهوآله يوم بدر عنده ، وهذا المسجد معروف بقرب بطن الوادي بين النخيل والعين قريبة منه.
وفي هذه القرية قبور أربعة عشر شهيداً في شهداء بدر ، وهي تقع على بعد كيلومتراً واحداً عن الطريق القديم بين المدينة ومكة ، ولا زال أهل تلك القرية يدفنون موتاهم عند تلك القبور ، وهي محصورة بسياج عال يحوط المقبرة كلّها.
المصادر :
1- وفاء الوفاء ١ / ٢٥١.
2- سورة التوبة : الآية ١٠٨.
3- سورة البقرة : الآية ١٤٤.
4- أنظر : وفاء الوفاء ٣ / ٨٢١.
5- سورة آل عمران : ٦١.
6- وفاء الوفاء ٣ / ٨٢٣.
7- أنظر للمزيد : وفاء الوفاء ٣ / ٨٢٧.
8- المصدر السابق.
9- وفاء الوفاء ٣ / ١٠١٣.