العقيدة بالنبوّة

يعتقد الشيعة الإمامية : أنّ جميع الأنبياء الذين نصّ عليهم القرآن الكريم رسل من اللّه ، وعباد مكرمون ، بُعثوا لدعوة الخلق إلى الحقّ ، وأنّ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياء ، وسيّد الرسل ، وأنّه معصوم من الخطأ والخطيئة ،
Sunday, November 12, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
العقيدة بالنبوّة
العقيدة بالنبوّة



 

يعتقد الشيعة الإمامية : أنّ جميع الأنبياء الذين نصّ عليهم القرآن الكريم رسل من اللّه ، وعباد مكرمون ، بُعثوا لدعوة الخلق إلى الحقّ ، وأنّ محمدا صلى‌الله‌عليه‌وآله خاتم الأنبياء ، وسيّد الرسل ، وأنّه معصوم من الخطأ والخطيئة ، وأنّه ما ارتكب المعصية مدة عمره ، وما فعل إلاّ ما يُوافق رضا اللّه سبحانه حتى قبضه اللّه إليه.
وأنّ اللّه سبحانه أسرى به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ، ثمّ عرج من هناك بجسده الشريف إلى ما فوق العرش والكرسي وما وراء الحجب والسرادقات ، حتى صار من ربّه قاب قوسين أو أدنى.
وأنّ الكتاب الموجود في أيدي المسلمين هو الكتاب الذي أنزله اللّه إليه لهداية الناس أجمعين ، وللإعجاز والتحدي ، ولتعليم الأحكام ، وتمييز الحلال من الحرام ، وأنّه لا نقص فيه ولا تحريف ولا زيادة.
ويعتقد الإمامية أنّ كلّ من اعتقد أو ادعى نبوة بعد مُحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، أو نزول وحي أو كتاب فهو كافر يجب قتله (١).

تفسير ظاهرة النبوّة

أ ـ الهداية العامة :
إن السلوك الخاص والمنتظم الذي يشاهد في كل أنواع الكائنات الحية ، يكشف وببساطة عن حقيقتين ، هما :
١ ـ أن بين جميع المراحل التي يطويها نوع من أنواع الكائنات الحية هناك اتصالاً وارتباطا قائما مادامت الحياة فيه قائمة.
٢ ـ أن هناك قانونا ما ، تسير وفقه وتنتظم تلك المراحل والأدوار ، وصولاً إلى الغاية في التكامل التكويني لكل نوع من أنواع الكائنات الحية.
والقرآن العظيم يؤيد هذه الحركة وهذا الاستنتاج في أن أنواع الكائنات الحية تهتدي بهدي اللّه تعالى في طريق تكاملها وكمالها : «الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى» (2).
ويقول جل ذكره : «الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى * وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدَى» (3).
ب ـ الهداية الخاصة :
بديهي أن النوع الانساني لا يستثنى من هذه الهداية التكوينية التي تهيمن على جميع الكائنات في العالم ، إنها تسيطر على الإنسان أيضا ، وبما أن كل كائن يستمر في طريقه نحو التكامل بما لديه من قدرة وقابلية ، فكذلك الإنسان يُساق نحو الكمال الواقعي بواسطة الهداية التكوينية. غير أن للإنسان امتياز آخر على سائر المخلوقات ، ألاَ وهو العقل.
فالعقل يدعو الإنسان إلى التفكر والتدبر ، وأن ينتفع من كل وسيلة ممكنة ، لتحقق أهدافه وأغراضه.
وبواسطة العقل أيضا يدرك الإنسان أن وجوده وجود اجتماعي ، وأن متطلباته في الحياة متعددة ، وأنه لاينالها لوحده وبنفسه فحسب ، بل بالتعاون مع أبناء نوعه ، الذين يتصفون بالغرائز ذاتها ، ويدركون هذا الإدراك ذاته.
ثم إنّ الإنسان بعد تقبله الحياة الاجتماعية التي قوامها التعاون ، يرى ضرورة القانون الحاكم على الحياة ، وهو الذي يعين واجبات كل فرد من أفراد المجتمع ، فإذا عمّ النظام وساد في المجتمع ، عندئذ ينال كل من أفراد المجتمع السعادة المطلوبة ، التي طالما تمنّاها.
واللّه تعالى لما كان هو الذي جعل للإنسان ، قانون تكامله التكويني ، وكان عالما بخصائصه ونزعاته وما تنطوي عليه من استعدادات ، وتتطلع إليه من حاجيات ضرورية لتكامله الإنساني ، جعل على نفسه جل شأنه ، وبما ينسجم مع لطفه وعدله ، أن يضع للإنسان النظام الكفيل بتحقيق هذا النوع من التكامل.
ولما كان للتكامل الإنساني بعدان : بُعد دنيوي ، وبعد أخروي ، وأن الأخير يشكل ذروة التكامل وغايته النهائية ، فإن النظام ، أو التشريع ، الإلهي سيكون هو الوحيد الذي يضمن تحقيق التكامل ، في بعديه معا ، دون إخلال بأيّ منهما ، وعند ذلك فقط يتحقق التكامل ، وتطوي الأدوار والمراحل المتصلة والمترابطة طريقها نحو الهدف النهائي الذي تسير باتجاهه : «أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثاً وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لاَ تُرْجَعُونَ» (4)؟
وبهذا تتلخّص مهمة الأنبياء عليهم‌السلام ، بالهداية إلى طريقة التكامل وقوانينه ، في بعديه ، الدنيوي والأخروي.
أي أن هذا النظام واكتشافه هو خارج عن نطاق العقل الإنساني وعن قدراته ، فلابد من أن يكون له طريق آخر.
فبمقتضى نظرية الهداية العامة ، التي ترى ضرورة هذا الإدراك في النوع البشري ، لابدمن وجود سبيل آخر يرشد النوع الإنساني إلى ذلك القانون ، إلى الواجبات الواقعية للحياة. ذلك السبيل هو ما يسمى بـ «الوحي».
وبما أن هذا الطريق مختلف عن غيره ، موقوف على استعدادات رفيعة من طراز خاص ، فقد اصطفى اللّه تعالى له أفرادا من عباده ، جعلهم أنبياءه ورسله إلى العباد ، يتلقّون الوحي بوعي تام ، ويبثونه إلى الناس بأمانة تامة.
قال تعالى : «إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ» (5)
«رُسُلاً مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّه حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ» (6).

الأنبياء وعصمة النبوة :

لما كان الأنبياء يمتازون بـ «الوحي» والنبوة ، فعند ظهورهم في كل زمن كانوا آحادا ، فجعل اللّه هداية الناس على عاتق هؤلاء ، بما اُمروا من دعوة وإبلاغ ، وما ذلك إلاّ لتعم وتتم وتكتمل تلك الدعوة.
ومن هنا يتضح وجوب عصمة الأنبياء ، فهم مصونون من الآثام ومن الخطأ في تلقي «الوحي» من جانب اللّه تعالى ، وفي حفظه وإيصاله إلى الناس ، فإنّهم بعيدون كل البعد عن المعصية والخطأ ، لأن تلقي الوحي بنصه وحدوده ، وحفظه وإبلاغه يشتمل على أركان الهداية التكوينية ، ولا معنى بأن يكون هناك خطأ في التكوين.
فضلاً عن أن المعصية والتخلف عن أداء الدعوة والإبلاغ ، عمل يخالف الدعوة ، ويوجب سلب ثقة الناس واطمئنانهم بصحة الدعوة وصدقها ، ونتيجة لذلك ينتفي الغرض والهدف الأساسي للدعوة.
والخالق جل شأنه يشير إلى عصمة الأنبياء في كتابه المجيد بقوله : «وَاجْتَبَيْنَاهُمْ وَهَدَيْنَاهُمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ» (7).

الأنبياء والشرائع السماوية :

أن ما حصل عليه الأنبياء عن طريق الوحي وإبلاغهم الناس على سبيل الخبر ، إن ذلك هو الدين. وباتخاذه نهجا من قبل الناس في سبيل الحياة والوظائف والواجبات الإنسانية ، يضمن لهم السعادة.
يشتمل التشريع الإلهي بشكل عام على جانبين : الاعتقادي ، والعملي. فالجانب الاعتقادي يحتوي على مجموعة معتقدات أساسية ، تفرض على الانسان أن يتخذها أساسا لحياته ، وإذا أهمل أحدها لم يتحقق اتباع الدين.
والجانب العملي يتألف من مجموعة وظائف أخلاقية عملية تحتوي على وظائف معينة يتقيد بها الإنسان أمام اللّه تعالى وأمام المجتمعات البشرية.
ومن جهة أخرى فإنَّ النوع الإنساني يتجه نحو الكمال بصورة تدريجية ، والمجتمع البشري يتكامل بمرور الزمان ، وأن ظهور هذا السنخ من التكامل ضروري في الشرائع السماوية ، ويؤيد القرآن الكريم هذا التكامل التدريجي ، الذي يفيد أن الشرائع اللاحقة أكمل من الشرائع السابقة ، بقوله تعالى : «وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ» (8).
ومن هنا نرى أن القرآن الكريم يوضح هذه الحقيقة ويصرح بأنّ الاسلام هو الدين الذي اختاره لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله ، وهو آخر الأديان السماوية وأكملها ، وأن كتابه العزيز ـ القرآن ـ لايُنسخ ، والنبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله هو خاتم الأنبياء ، وأن الاسلام يحتوي على جميع الوظائف والواجبات ، كما في قوله تعالى : «وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ * لاَ يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلاَ مِنْ خَلْفِهِ» (9).
وقوله أيضا : «مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِن رِجَالِكُمْ وَلكِن رَسُولَ اللّه وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ».
وقوله تعالى : «وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِكُلِّ شَيْءٍ»

الأنبياء ودليل الوحي والنبوة :

إن ادعاء النبوة يحتاج إلى حجة ودليل ، ولا يكفي أن تكون الشريعة التي جاء بها النبي توافق العقل ، فإنّ صحة النبوّة لها طريق آخر للاثبات ، وهو أن يكون صاحبها على اتصال بالعالم العلوي الوحي ، وقد انيطت به هذه المسؤولية من قبل اللّه تعالى ، وهذا الإدعاء يفتقد إلى دليل لإثباته.
ذلك أن الوحي والنبوة اللذين يدعيهما المرسل ، لم يكونا ليحصلا في سائر الناس ، والذين هم مثله ، ولابد من قوة غيبية قد أودعها اللّه تعالى نبيه بنحو يخرق العادة به ، والتي بواسطتها يصغى إلى كلام اللّه تعالى ، ويوصله إلى الناس وفقا لمسؤوليته ، وإذا كان هذا المعجز صحيحا ، فالرسول يريد من اللّه تعالى أن يعينه على معجز آخر ، كي يصدّق الناس نبوته ومدعاه.
ويتضح أن مطالبة الناس الأنبياء بالمعجزة أمر يوافق المنطق الصحيح ، وعلى الأنبياء لإثبات نبوتهم أن يأتوا بالمعجزة ، إما ابتداءً أو وفقا لما يطالب به المجتمع.
والقرآن الكريم يؤيد هذا المنطق ، ويشير إلى معاجز الأنبياء إما ابتداءً أو بعد مطالبة الناس إياهم.

النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله والقرآن :

كان الناس يطالبون النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله بالمعجزة ، كما كانوا يطالبون سائر الأنبياء
فكان صلى‌الله‌عليه‌وآله يؤيد المعاجز لدى الأنبياء ، والقرآن الكريم يصرح بذلك.
وقد ذُكرت للنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله معاجز كثيرة ، إلاّ أن بعضا منها لا تتصف بالقطعية في روايتها ، ولم تكن مورد قبول واعتماد ، ولكن المعجزة الباقية له صلى‌الله‌عليه‌وآله والتي لا تزال حية هي «القرآن الكريم» كتابه السماوي.
القرآن الكريم كتاب سماوي يشتمل على أكثر من ستة آلاف آية ، وينقسم إلى مئة وأربع عشرة سورة.
نزلت الآيات القرآنية الكريمة بصورة تدريجية خلال أيام بعثته ودعوته صلى‌الله‌عليه‌وآله طوال ثلاث وعشرين سنة ، وكانت توحى إليه صلى‌الله‌عليه‌وآله بصور مختلفة ، من سورة أو آية أو أقل من آية ، وفي أوقات متفاوتة ، في ليل أو نهار ، في سفر أو حضر ، في الحرب أو السلم ، وفي أيام شدة أو رخاء.
والقرآن الكريم في آيات عدة ، يصرح تصريحا بأنه معجزة ، وقد تحدى العرب في ذلك اليوم ، مع ما كانت عليه من الفصاحة والبلاغة ، فقال تعالى في كتابه العزيز : «فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِن كَانُوا صَادِقِينَ» (10).
«أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ مُفْتَرَيَاتٍ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُم مِن دُونِ اللّه » (11).
«أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ» (12).
فما كان جواب الفصحاء والبلغاء من العرب إلاّ أن قالوا إنه لسحر ويعجز من مثلنا أن يأتي به!
ويمكن النظر من ناحية اُخرى إلى أنّ القرآن الكريم لم يتحد العلماء من ناحية الفصاحة والبلاغة فحسب ، بل تحداهم من ناحية المعنى أيضا ، لأنه يشتمل على البرنامج الكامل للحياة الانسانية ، ولو مُحّص تمحيصا دقيقا ، لوجد أنه الأساس والأصل في مجالات الحياة الإنسانية كلّها ، بما فيها الاعتقادات والأخلاق والأعمال التي ترتبط بالإنسان ، فإنه يعالج كل جانب من جوانبها بدقة تامة ، فهو من اللّه الحق.
هذا فضلاً عن أن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله ، لم يتعلم القراءة والكتابة عند معلِّم ، لقد قضى ثلثي عمره وحياته الشريفة قبل دعوته في بيئة تفتقر إلى حضارة ، ولم تسمع بمدنية ، كانوا يعيشون في أرض صحراء قاحلة ، وجو مهلك ، ومع كل هذه الظروف والأحوال نجد القرآن الكريم يتحدى من طريق آخر ، وهو أنه اُنزل بصورة تدريجية مع ظروف متفاوتة مختلفة ، في أيام الفتن والأيام الاعتيادية ، في الحرب والصلح ، وفي أيام القدرة وأيام الضعف وغيرها ، خلال ثلاث وعشرين سنة.
فلو كان من صنع البشر ، لوجدوا فيه تناقضا وتضادا كثيرا ، وهذا ما يؤكده التحدي القرآني الآخر : «وَلَوْ كَانَ مِنْ عِندِ غَيْرِ اللّه لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلاَفاً كَثِيراً» (13).
منبع مقاله :
1- أصل الشيعة وأصولها : ٢٠.
2- سورة طه : ٢٠ / ٥٠.
3- سورة الأعلى : ٨٧ / ٢ـ٣.
4- سورة المؤمنون : ٢٣ / ١١٥.
5- سورة النساء : ٤ / ١٦٣.
6- سورة النساء : ٤ / ١٦٥.
7- سورة الأنعام : ٦ / ٨٧.
8- سورة المائدة : ٥ / ٤٨.
9- سورة فصلت : ٤١ / ٤١ ـ ٤٢.
10- سورة الطور : ٥٢ / ٣٤.
11- سورة هود : ١١ / ١٣.
12- سورة يونس : ١٠ / ٣٨.
13- سورة النساء : ٤ / ٨٢.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.