
هو جبير بن مطعم بن عدي بن نوفل بن عبد مناف بن قصي بن كلاب ، وكنيته : أبو محمّد وقيل أبو عدي (1) وقيل أبو سعيد (2) القرشيّ ، النوفلي المكّي ، وهو شيخ قريش في زمانه ، وهو من الطلقاء ، الّذين حسن إسلامهم وكان من أهل الحلم ، ونبل الرأي مثل أبيه مطعم.
ولّاه عمر بن الخطاب إمارة الكوفة بعد عزل عمّار بن ياسر ، وطلب منه كتمان الخبر ، وأن لا يخبر أحدا بذلك ، كان ذلك سنة 21للهجرة (3).
وقد سمع المغيرة بن شعبة من أحدهم بأنّ الخليفة عمر قد اختلى وهمس في أذن جبير بن مطعم ، ولا أحد يعرف ماذا قال له. فذهب المغيرة إلى زوجته ، وطلب منها أن تذهب إلى زوجة جبير بن مطعم ، وتساعدها في تهيأة مستلزمات سفر زوجها .
وبهذه الحيلة عرفت بأن الخليفة قد ولّى جبير بن مطعم إمارة الكوفة ، ثمّ عادت إلى المغيرة فأخبرته بذلك ، عندها ذهب المغيرة إلى عمر وقال له (أتولّي الكوفة رجلا لا يكتم سرا ، ولا يصلح للإمارة ، فعزله عمر ، وولّى المغيرة مكانه (4).
وقيل إنّ جبير بن مطعم قد تولّى إمارة الكوفة ، بعد عزل سعد بن أبي وقّاص ، إلّا أنّه عزل قبل أن يذهب اليها ، فولّى عليها المغيرة بن شعبة (5).
وجبير بن مطعم ، من علماء قريش وسادتها ، وعارفا بأنسابها ، وروى 60 حديثا عن النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم. أسلم بعد معركة بدر الكبرى (6).
وعن ابن عبّاس أنّه قال : قال النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم : (إنّ بمكّة أربعة نفر من قريش ، أربأبهم عن الشرك ، وأرغب لهم في الإسلام) (7). فقيل : ومن هم يا رسول الله. قال صلىاللهعليهوآلهوسلم : (عتاب بن أسيد ، وجبير بن مطعم ، وحكيم بن حرام ، وسهيل بن عمرو) (8).
وقيل : كان أبو بكر أعرف الناس بالأنساب ، ثمّ يأتي بعده عمر ، ثمّ جبير بن مطعم ، ثمّ سعيد بن المسيّب ، ثمّ محمّد بن سعيد بن المسيّب ، وقيل إنّ سعيد بن المسيّب أخذ النسب عن جبير بن مطعم (9).
وعند ما جيء بسيف النعمان بن المنذر إلى عمر بن الخطاب ، فأعطى السيف إلى جبير بن مطعم وقال له : يا جبير ، إلى من ينتمي النعمان؟ قال ابن مطعم : من أشلاء قنص بن معد (10).
وقيل إنّ رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطى للمؤلفة قلوبهم ، فأعطى جبير بن مطعم مائة من الإبل (11). وقيل إنّ جبير بن مطعم ، ذهب إلى المدينة في فداء الأسارى من قومه في معركة (بدر) ثمّ أسلم بعد ذلك عام خيبر ، وقيل يوم فتح مكّة (12).
وكان أبوه (مطعم) هو الّذي نقض (القطيعة) (القطيعة : كانت قريش والقبائل الموالية لها من المشركين قد قاطعوا آل أبي طالب بما فيهم النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فلم يبايعوهم ، ولم يشاروهم ، وكتبوا صحيفة بذلك وعلقوها بأستار الكعبة ، ثمّ حصروهم في واد ومنعوا الناس من الاتصال بهم ، وكان ذلك الوادي يسمى بالشعب ، أو" شعب أبي طالب".)
وكان يحنو ويعطف على (الشعب) (13) ويصلهم سرّا ، وقد قال فيه الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآلهوسلم يوم بدر : (لو كان المطعم بن عدي حيّا ، وكلّمني في هؤلاء النتنى لتركتهم له) (14).
وعن جبير بن مطعم أنّه قال : (لقد رأيت قبل هزيمة القوم (15) ، والناس يقتتلون مثل" البجاد الأسود" (16) جاء من السماء ، وسقط بيننا وبين القوم ، فنظرت وإذا به نمل أسود مبثوث قد ملأ الوادي ، فلم أشك بأنها الملائكة ، ولم يكن إلّا هزيمة القوم (17).
مات جبير بن مطعم بالمدينة سنة ٥٧ للهجرة ، وقيل ٥٨ وقيل ٥٩.(18)
المصادر :
1- ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٦ / ٥
2- ابن حبان ـ الثقات. ج ٣ / ٥٠.
3- تاريخ ابن خياط. ج ١ / ١٤٩ والذهبي ـ تاريخ الإسلام. ج ٣ / ٤٢.
4- ابن حبان ـ الثقات. ج ٢ / ٢٣٤ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٢ / ٢٠ وتاريخ اليعقوبي. ج ٢ / ١٣٣.
5- تاريخ ابن خياط. ج ١ / ١٥٤.
6- ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٥ / ٦ و٩
7- نفس المصدر السابق.
8- نفس المصدر اعلاه.
9- الجاحظ ـ البيان والتبيين. ج ١ / ٣١٨.
10- نفس المصدر السابق.
11- الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج ٣ / ٩٧.
12- نفس المصدر السابق والعسقلاني ـ تهذيب التهذيب. ج ٢ / ٥٦.
13- نفس الهامش أعلاه.
14- الذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج ٩٧ وصحيح البخاري. ج ٥ / ١١٠.
15- هزيمة القوم في معركة حنين.
16- البجاد : الكساء.
17- تاريخ الطبري ـ. ج ٣ / ٧٧.
18- تاريخ خليفة بن خياط. ج ١ / ٢٧٢ وابن حبان ـ الثقات. ج ٣ / ٥٠ وابن الأثير ـ الكامل. ج ٣ / ٥١٤ والذهبي ـ العبر في خبر من غبر. ج ١ / ٥٩ وابن العماد ـ الشذرات. ج ١ / ٦٤ والزركلي ـ ترتيب الأعلام على الأعوام. ج ١ / ١٣٨.