هناك مجموعة مزايا للرجل بسبب الأعمال التنفيذية ولكن في القواعد الأساسية للتقرب والتكامل ليس هناك فرق بين المرأة والرجل . فمثلاً عندما تطرح المرأة في مقابل الرجل والرجل في مقابل المرأة بوصفهما صنفين فالرجل ليس قوام وقيم المرأة أبداً ، وليست المرأة تحت قيمومية الرجل . ( الرجال قوّامون على النساء ) حين تكون المرأة في مقابل الزوج والزوج في مقابل المرأة وفي تلك الحالة يرد الكلام في القيومية . علاوة على أن القيمومية ليست دليلاً على الكمال والتقرب إلى الله ، مثلما ان في جميع الوزارات المجامع والمراكز هناك أشخاص قوامون على آخرين كالمدير ، المسؤول والرئيس وأمثالهم ، ولكن هذه الإدارة ليست فخراً معنوياً ، بل هي عمل تنفيذي . فالشخص الذي يصبح رئيساً أو مسؤولاً وقيماً وقوّاماً لا يكون أقرب إلى الله . بل إن ذلك مسؤولية تنفيذية فقط ، ومن الممكن ان الشخص الذي لا يتولى رئاسة تلك المؤسسة يعمل باخلاص أكثر من القيم ويحصل يوم القيامة على أجر أفضل ، ويكون عند الله أقرب .
فالقوامية تتعلق بأعمال الإدارة والأعمال التنفيذية ودليلها بينه القرآن بهذا الشكل :
( الرجال قوّامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما انفقوا من أموالهم ) (1) .
إن المسائل الاجتماعية والحسن الاقتصادي والسعي والجهد لتحصيل المال وتأمين حاجات المنزل وإدارة الحياة يتولاها الرجل بصورة أفضل ، ولأن الرجل مسؤول عن تأمين النفقة فمسؤولية المنزل الداخلية تكون بعهدته ، ولكن ليس بمعنى أن يحصل من هذه المسؤولية على مزية ويقول : أنا أفضل لأنني مسؤول ، بل إن هذا هو عمل تنفيذي ووظيفة وليس فضيلة . روح القوامية هي وظيفة ، والقرآن لا يقول للمرأة إنك تحت أمر الرجل ، بل يقول للرجل تولّ مسؤولية المرأة والمنزل . إذا اعتبرنا هذه الآية بصورة تبيين وظيفة لا إ‘طاء مزية ، عند ذلك يتضح معنى ( الرجال قوّامون على النساء ) أي ( يا أيها الرجال كونوا قوّامين ) ، كما أن الله أمرنا لتنفيذ المسائل القضائية وقال :
( كونوا قوامين بالقسط شهداء لله ) (2) .
إن ( الرجال قوامون على النساء ) وان كانت جملة خبرية ولكن روحها إنشاء ، أي أيها الرجال كونوا قوّامين على المنزل ، كونوا مسؤولين عن المنزل ، قواموا بالأعمال في الخارج ، تولوا إدارة الحياة في المنزل ، لذا يجب أن لا يعمل الرجل عملاً بحيث يؤذي المراة في داخل المنزل ، وأن لا يأكل الطعام في الخارج لأن الخارج هو محل عمله فقط ، وراحة وحياة الرجل هي في البيت .
( ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها ) (3) .
( الرجل قوامون على النساء ) ليس بمعنى أن المرأة اسيرة الرجل ، والرجل قوّام وقيوم ومدير ويستطيع ان يعمل برغبته ، سواء آراد ان يذهب إلى المنزل أو لم يرد ، بل القرآن يقول اللنساء أيضاً أن يحترمن هذا الإدارة والمسؤولية الداخلية ، ويقول للرجل أنت موظف وهذه هي وظيفتك وليس مزيتك عند ذلك حين يفرغ الرجل من محيط العمل يذهب مباشرة إلى المنزل ، وإذا كان اللمجتمع هكذا فسوف يكون أساس المجتمع قوياً ، ويرحل الطلاق وينتهي الفساد ويتربى أبناء صالحون .
إن ( الرجال قوّامون على النساء ) لم تأت أبداً لتعطي فتوى من طرف واحد وتقول للرجال أنت آمر واعمل كل ما تريد ، لأن الرجل إذا خرج من محل العمل ولم يذهب إلى المنزل فهو ليس قوّاماً وقيوم وآمراً ومديراً ، بناء علىهذا ، إذا ذكر الإسلام هذين الحكمين إلى جانب بعضهما البعض وأمر المرأة بالتكمين في مقابل الزوج وأمر الرجل بالمسؤولية في مقابل المرأة . فهو بيان وظيفة فقط ، وأي منهما ليس معيار فضيلة ولا يؤدي إلى نقص .
لو قيل لرئيس مؤسسة : ابذل جهداً حتى تثبت نظام تلك المؤسسة ، فهذا ليس بمعنى أن هذا النظام تحت اختيارك ، وأنت تختار ، ذهبت أم لن تذهب ، المقصود هو : إذهب وثبته ، لذا لا ترون في أية في مسألة النة أن درجات الرجل تكو أكثر من درجات المرأة ، بل توزع هناك على أساس العلم والعمل الصالح .
النتيجة ، أولاً : ( الرجال قوامون على النساء ) تتعلق بالفصل الثاني من البحث وليس الفصل الأول ، أي تتعلق بالمرأة في مقابل الزوج وليس المرأة في مقابل الرجل . ثانياً : هذه القيمومة ليست معيار فضيلة بل هي وظيفة .
قيمومة المرأة والرجل هي في محور أصول الأسرة ، أحياناً المرأة هي قيمة الرجل وأحياناً الرجل قيم المرأة . وكثير من المسائل تتغير في الأصول العائلية .
اطاعة الابن للوالدين واجبة سواء كان ولداً أو فتاة ، وإذا عمل الاين عملاً يؤذي والديه يصبح عاقاً لوالديه ، وعقوق الوالدين حرام . فإذا نهت الأم ابنها عن عمل وقالت : إن هذا العمل يسبب ايذائي ، هنا إطاعة الأم واجب ولا يستطيع الابن ان يقول : إنني لم أعد تحت أمر أمي لأنني الآن في رفبة الاجتهاد أو انني أصبحت مهندساص أو طبيباً وأمثال ذلك .
وفي الحقيقة المرأة في هذه الحالات هي القيمة على الرجل . الأم قيمة على الابن ولو كان الابن مجتهداً أو متخصصاً . في المسائل المتعلقة بداخل الأسرة هناك مجموعة حقوق متقابلة . بين المرأة والزوج ، والأم والابن ، والأب والابن .
النظرة المادية والإسلامية :
إذا اعتبر شخص ان معيار التفضيلة يتلخص في المسائل المالية والمنصب والمقام فيجب أن بعيد النظر في أساس تفكيره وتقييمه . إن النظام الذي ينظر إلى المسائل من محور الطبيعة والمادة يعتبر الشخص الذي لديه طاولة أكبر ومنصب أكبر وراتب شهري أكثر ، هو أفضل ، أما الإسلام فلا يعطي لهذا النوع من الأمور قيمة ويقول : إن عظمة الإنسان هي بروح الإنسان والشيء المنفصل عن روح الإنسان هو أداة تنفيذية فقط . بناء على هذا فإذا كان شخص يتمتع بمزايا خارج النفس فقط ، فنفسه لم تتكامل والشيء الذي هو عامل كمال النفس يجب أن يكون مزايا روحية وهو غذاء الروح ، وغذاء الروح تشكله المعارف والعلوم والأخلاق والمزايا الفاضلة ، وفي هذه الناحية ليس هناك امتياز المرأة والرجل .العظمة الحقوقية والاجتماعية للمرأة في القرآن
جاء في القرآن بشأن العظمة الحقوقية والاجتماعية للمرأة :( يا أيها الذين آمنوا لا يحل لك أن ترثوا النساء كرهاً ولا تعضلوهن لتذهبوا ببعض ما آتيتموهن إلا ان يأتين بفاحشة مبينة وعاشروهن بالمعروف فان كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ) (4) .
إن المسائل المتعلقة بحقوق المرأة بعضها يتعلق بالإرث وبعضها يتعلق بالنكاح وبعضها يتعلق بتعدد الزوجات وبعض آخر يتعلق بالمهر وأمثال ذلك . ولأن هذا النوع من المسائل بينها عدد كثير منهم المرحوم العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان وكتب المتأخرون كتباً أيضاً بتوجيهات ذلك المفسر الكبير في العالم الإسلامي ، لذا سوف لا نبحث في ذلك المجال .
أما في هذا القسم فينبهنا القرآن ويقول : يجب أن تعاشر المرأة بالمعروف وهذه العشرة لا تختص العائلية ، أحياناً يصور التعصب الجاهلي أو رواج ثقافة غير صائبة أو تعصب ساذج وأمثال ذلك ، للرجل انك لا تستطيع التعارن مع المرأة مؤسسة من المؤسسات أو ان المرأة لا تستطيع ان تتواجد في المجتمع بشكل فعال :
يقول القرآن الكريم في هذا المجال ( وعاشروهن بالمعروف فإن كرهتموهن ) إذا لم يشركم ان يكون لهن منصب مثلكم ويكون لهن حضور في المجتمع وميدان السياسة ومجال الطب والثقافة والتدريس ، فتحملوا هذا الأمر لعله يكون هناك خير كثير في هذا الأمر و أنتم لا تعلمون ، لذا لما ان القرآن الكريم يقول بشأن الحرب والدفاع :
( كتب عليكم القتال وهو كره لكم وعسى أن تكرهوا شيئاً وهو خير لكم وعسى أن تحبوا شيئاً وهو شر لكم ) (5)
بيّن شبيه هذا التعبير بشأن حضور المرأة في الحياة الاجتماعية ومسائل الحياة وقال : ( وعاشروهن بالمعروف ) المعروف ، أي المعترف به رسمياً . الشيء الذي يعترف به العقل رسمياً والمعترف به رسمياً عند صاحب الشريعة هو المعروف ، والشيء الذي لا يعترف به العقل والدين رسمياً ، فهو نكرة ويصبح منكراً ، قال بأن تعامل المرأة بشكل يعترف به العقل والشرع رسمياً ، أي اعترف به رسمياً عند الوحي والعقل ، وأن لا تعزل هذه الشريحة العظيمة ولا تعامل معاملة سيئة .
طبعاً سيادة الرجل في داخل المنزل هي مسألة تتعلق بالفصل الثاني من البحث ولكن يجب أن لا تكون سيادة للرجل في المجتمع ، ويجب أن لا يقال : إن هذا الفرع العلمي يتعلق بالرجل ولا تستطيع المرأة أن تتولاه ، أو أن المرأة تستطيع ان تتخصص في العلوم التجريبية والإنسانية وأمثالها .
ثم قال : ( فإن كرهتموهن ) . إذا لم يسركم أن تتمتع النساء بحياة اجتماعية صحيحة وسليمة فاعلموا ان كراهتكم هذه غير صحيحة ( فعسى أن تكرهوا شيئاً ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ) . إن ( ويجعل الله فيه خيراً كثيراً ) هي أهم من مسألة الجهاد تلك ، لأن الجهاد والدفاع هو أمر مؤقت ، أما حضور المرأة في الساحة فهو دائمي والحياة الاجتماعية للمرأة تستطيع أداء دور أكثر تأثيراً في مسألة الجهاد والدفاع .
المصادر :
1- سورة النساء ، الآية : 34 .
2- سورة النساء ، الآية : 135 .
3- سورة الروم ، الآية : 21 .
4- سورة النساء ، الآية : 19 .
5- سورة البقرة ، الآية : 216 .