صلاحيات الولي الفقيه

إن البحث في حدود صلاحيات الولي الفقيه داخل و خارج البلاد نابعة من طبيعة العلاقة بين الفقيه المجتهد وأتباعه المقلدين بغض النظر عن جنسياتهم. في التصور الشيعي الإمامي هناك الفقيه المجتهد العادل وهناك الأتباع المقلِّدون.
Thursday, March 15, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
صلاحيات الولي الفقيه
 صلاحيات الولي الفقيه


إن البحث في حدود صلاحيات الولي الفقيه داخل و خارج البلاد نابعة من طبيعة العلاقة بين الفقيه المجتهد وأتباعه المقلدين بغض النظر عن جنسياتهم. في التصور الشيعي الإمامي هناك الفقيه المجتهد العادل وهناك الأتباع المقلِّدون. والفقيه ليس واحداً بل قد تتعدد المرجعيات الفقهية بين المقلدين.
وبحال كان الولي الفقيه الذي يقود الحكومة الإسلامية مرجعية فقهية فإن فتواه تسري على المقلدين خارج البلاد، وهي وظيفة فقهية على غرار سائر المرجعيات الدينية، في حين أن تعاطي الحكومة الإسلامية خارج البلاد مسنودة إلى الحكومة عبر مؤسساتها التي تناط بها وظيفة التعاطي مع الشؤون الخارجية للبلاد.
لما كان الولي الفقيه القائد للنظام الإسلامي ملتزماً بالقوانين ومراعياً لها أولاً كفرد بين سائر أفراد الشعب، ومن ثم ملتزماً بعمل المؤسسات الحكومية في النظام، إنما يكون ذلك أيضاً من خلال القوانين والصلاحيات الناتجة عن الجهات والمؤسسات الحكومية في رسمها لسياساتها الداخلية والخارجية وبما تضطلع به من آليات تنفيذية لتطبيق هذه السياسات والتي لا بد لها من مراعاة القانون الدولي في علاقة الجمهورية الإسلامية بغيرها من الدول عبر الدبلوماسيات المعتمدة بحسب العرف والقانون الدولي.
وتأكيداً على دور الحكومة في رسم السياسات وخصوصاً الخارجية منها، يرى الإمام الخميني قدس سره في رسالة قد أرسلها إلى مجمع تشخيص مصلحة النظام، أن على أعضاء مجلس صيانة الدستور أن يفكروا في مصلحة النظام، والأخذ بعين الاعتبار فاعلية الزمان والمكان ودورهما في الاجتهاد واتخاذ القرارات ثم يؤكد أن الحكومة الإسلامية هي التي تعين الفلسفة العملية للتعامل مع الشرك والكفر ومع التعقيدات الداخلية والخارجية(1).
فالرسالة تشير إلى دور هذه المؤسسات. فالحكومة تعمل أولاً عبر وزارة الداخلية والخارجية على رسم هذه السياسة ومن ثم عبر مؤسستي تشخيص المصلحة، ومجلس صيانة الدستور اللتين تنظران في قرارات مجلس الشورى إذا ما خالفت موازين الشريعة أو الدستور"(2).
أما في العلاقات الخارجية فقد حدد الدستور مبادئ السياسة الخارجية على أساس "عدم الانحياز تجاه القوى التسلطية وتبادل العلاقات السلمية مع الدول غير المحاربة"(3) و"دعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين في أية نقطة من العالم وفي الوقت نفسه لا تتدخل في الشؤون الداخلية للشعوب الأخرى"(4)
وإذ يوضح الدستور احترام السيادة الداخلية للدول الأخرى، فالشعوب هي التي تقرر مصائرها في سائر الميادين وليس للجمهورية الإسلامية التدخل بشؤونها. أما دعم النضال المشروع للمستضعفين ضد المستكبرين سواء في العالم الإسلامي أو في غيره فلا يعني تجاوزما هو معمول به لا سيما إذا أدى التدخل إلى المساس في شؤون الدول الأخرى. فالدعم هو دعم معنوي، وليس عسكرياً، باعتبار أن القوات المسلحة، الجيش والحرس الثوري، مناط بها "الدفاع عن استقلال البلاد ووحدة أراضيها، والدفاع عن نظام الجمهورية الإسلامية"(5)
إن إقامة الحكومة الإسلامية هي من المتعينات الواجبة وعلى المسلمين إقامتها لتطبيق شريعة الإسلام.
إن تعبير الإمام الخميني قدس سره إذا ما أُخذ على أنه بمثابة الفتوى التي ينبغي على المقلدين الالتزامها سواء داخل النظام الإسلامي أو خارجه.ليس جامداً إذا ما أُخذت هذه المصاديق مع اقترانها بالزمان والمكان والمصالح المرتبطة بحال المسلمين والتي ينبغي فيها للفقيه معرفة الواقع.
ومن هنا ثمة فوارق بين الأحكام الصادرة عن الفقيه كأحكام أولية وتلك الصادرة كأحكام ثانوية. الأحكام الأولية هي أحكام كلية غير مطبقة على مصاديقها الخارجية كقول الفقيه الصلاة واجبة أو الحج واجب في حين أن الأحكام الثانوية هي أحكام شرعية وضعت للعناوين الطارئة(6)
فإذا كان وجوب إقامة الحكومة الإسلامية يعد من الأحكام الأولية الأساسية، بمعنى أن وجوب إقامة الحكومة الإسلامية هو كالقول بوجوب الصلاة، غير أن حيثيات إقامتها قد ترتبط بعناوين فرعية أخرى تستوجب أحكاماً من النوع الثانوي خصوصاً مع تزاحم الواجبات كالواجب الذي يقتضي إنقاذ الغريق أو إقامة الصلاة في وقتها، أو البدائل حين لا يوجد ماء للوضوء، أو أكل لحم الميتة وغيرهما.
وهو ما ينطبق على حال وجوب التزام المسلمين بإقامة الحكومة الإسلامية بالعنوان الأولي. ولكن هذا الوجوب سيكون محكوماً للعناوين الثانوية مع متغيرات المكان والزمان، على غرار وجود عدد قليل من المسلمين في الصين أو في بعض البلدان الأوروبية، أو في غيرها، إذ تصبح إقامة الحكومة الإسلامية بحاجة إلى الأحكام الثانوية كونها من العناوين الطارئة.
والحالات الطارئة هي من قبيل الضرر، والعسر، والحرج، والإكراه والخوف(7).
ولذلك نجد الحكم الثانوي يعبر عن مرونة تشريعية تستجيب للحالة الضاغطة بمقدار ما تحمله من ضغط والأحكام الثانوية كالأحكام الأولية لها مصاديقها في القرآن الكريم ﴿إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ وَمَا أُهِلَّ بِهِ لِغَيْرِ اللّهِ فَمَنِ اضْطُرَّ غَيْرَ بَاغٍ وَلاَ عَادٍ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ إِنَّ اللّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ﴾(8)
و﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾(9).
كذلك جاءت الروايات لتتحدث عن عناوين أخرى، فعن الإمام الصادق عليه السلام قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم رفع عن أمتي تسعة: الخطأ، والنسيان، وما أكرهوا عليه، وما لا يعلمون، وما لا يطيقون، وما اضطروا إليه، والحسد، والتفكر في الوسوسة في الخلق وما لم ينطق بشفة". وهو ما ذكر في كتاب وسائل الشيعة وذكرته الصحاح(10).
تصدير الثورة خارج إيران
راجت مقولة تصدير الثورة الإسلامية الإيرانية إلى الخارج منذ نجاح الثورة بتثبيت دعائمها. وما زالت هذه المقولة سائدة حتى وقتنا الحاضر بعد مضي عقود من الزمن على قيام الثورة الإسلامية هذه.
وقد عمد الغرب إلى الاستفادة من شعارات الثورة عبر التضخيم والتمويه والتحريض وزرع الخوف لدى الأنظمة وبث الذعر بين الشعوب من أهداف توسعية مزعومة لإيران. وقد حقق نجاحاً ملحوظاً في إقناع العديد من دول المنطقة بأن رياح الثورة قد تهب عليها ما لم تبادر إلى اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحماية نفسها بالمزيد من الالتصاق بالغرب.
تبياناً لحقيقة هذا الشعار لا بد من العودة إلى أقوال مؤسس الثورة للوقوف على الدلالات الحقيقية لهذا الشعار وحيثيات تطبيقه خارج إيران بحسب قائدها ومؤسس دولتها الإسلامية. ولا بد من الإشارة في هذا المجال إلى أن شعار التصدير يستمد قوته ودافعيته من طبيعة الإسلام نفسه كدعوة توحيد عالمية باعتباره خاتم الديانات، ومن التجربة التاريخية لتطبيق الإسلام نفسه كدين ودولة بعد وفاة النبي، حيث لم تكن هذه الدولة قد ارتكزت على مبدأ الأرض بالمفهوم الحديث أو على مبدأ تعدد الخلافة.
دون الولوج إلى طبيعة الأحكام الفقهية في مبانيها ومصادرها وتكيفها مع واقع الحال فإن مقاربة تجربة الجمهورية الإسلامية في علاقاتها الدولية وطموحاتها المستقبلية تكشف عن طبيعة فهم الثورة لتطبيق الإسلام كدين عالمي.
معنى تصدير الثورة
الثورة الإيرانية هي إسلامية في منطلقاتها وتطبيقاتها، وهي استناداً إلى ذلك وبلا ريب تنطلق من أن الدين الإسلامي عالمي وهو للناس كافة. وانطلاقاً من ذلك يحضر السؤال حول ما إذا كانت الثورة بمنطلقاتها هذه تسعى إلى أسلمة الأنظمة والمجتمعات وجعلها نموذجاً مطابقاً للنموذج المعمول به في إيران بعد الثورة بمعنى أنها تريد نقل هذه التجربة إلى الآخرين عبر الإخضاع والجبر، أو أنها تسعى لتصدير الإسلام كدعوة توحيد.
بالعودة إلى تصريحات الإمام الخميني قدس سره لا نعثر على ما يدل على أن الثورة تسعى لتغيير الأنظمة على قاعدة جعلها مرتبطة بالولي الفقيه لأن معنى التصدير هو بحسب الإمام الخميني قدس سره "التعريف بالإسلام في كل أنحاء العالم"(11)
إذاً هي دعوة توحيد ودعوة لمعرفة الإسلام. والدعوة مشتقة من الداعي الذي يخاطب الآخر عبر الحوار والإقناع.
والمعنى الآخر هو دعوة إلى اليقظة، وليس دعوة لفتح البلدان وإخضاعها. وهذه اليقظة هي يقظة الشعوب والحكومات جراء أمر ما. وهذا الأمر هو انعدام فرص العدالة عبر التسلط ونهب خيرات الشعوب. يقول الإمام الخميني قدس سره في معنى تصدير الثورة "لا تفسروا خطأً معنى قولنا إننا عازمون على تصدير الثورة إلى كل مكان بأننا نريد فتح البلدان. إننا نعتبر جميع البلدان الإسلامية كبلدنا، ويجب أن تبقى هذه البلدان على حالها، ولكن نريد لهذه اليقظة التي تحققت في إيران في إبعاد القوى العظمى وقطع أياديها عن ثرواتنا، أن تحصل لدى كل الشعوب"(12).
لا نجد في هذا الكلام عن معنى تصدير الثورة أنه دعوة جهادية أو دعوة إلى تغيير الأنظمة في نوع الحكومات السائدة لديها أو في اعتناق وإتباع شعوبها. لمذاهب معينة وإنما هي دعوة إرشادية للمزيد من الحرية والاستقلال عن التبعية للقوى العظمى الناهبة لخيرات شعوبها، وهي دعوة إلى المزيد من الحرية داخل البلدان نفسها، وإلى المزيد من الالتصاق بين الشعوب والحكومات عبر الابتعاد عن الظلم ومراعاة مبدأ العدالة. يقول الإمام الخميني قدس سره في هذا الصدد "إننا نريد تحقيق المصالحة بين الشعوب والحكومات، لا نريد أن تبقى الحكومة ظالمة، ونريد أن لا يبقى الشعب معادياً للحكومة"(13)
وسائل تصدير الثورة
بعد تحديدنا لمعنى تصدير الثورة، بحسب قائدها ومؤسسها الإمام الخميني قدس سره، والتي وجدنا أن معناها يقف عند حدود الدعوة. إلى تصدير معاني الثورة وقيمها، أي رسالة التوحيد، كمبدأ إيماني، والعدالة والحرية كقيم اجتماعية، لا بد من الوصول إلى تبيان الوسائل التي يتعين على الثورة اعتمادها، وهي بلا شك تضيف بعداً آخر في فهم معاني تصدير الثورة. وهذه الكيفية تتجلى من خلال تحديد هذه الوسائل استناداً إلى فهم السياسات المعتمدة من قبلها والتي جرى تحديدها عبر كلمات الإمام الخميني قدس سره نفسه حيث رسم حدودها وآلياتها، وهذه الوسائل هي:
ألف- الدعوة السلمية
أن تكون الدعوة سلمية يعني غياب مبدأ الجهاد والقتال في نشر الدعوة والنظر إلى الشعوب أيضاً على أنها ليست معادية. يستلهم الإمام الخميني قدس سره ذلك من طبيعة الإسلام ومنطلقاته، يقول في هذا الصدد: "إن الأحكام الإسلامية هي أحكام سلمية، ونريد أن تكون جميع الفئات مسالمة، بما إن محتوى الثورة الإسلامية الإيرانية يقوم على العدل الإسلامي الذي تلتزم به فلا يمكنها الظلم والاعتداء على حرمة الآخرين"(14).
بهذه العبارة نجد أن لا مجال لإكراه الآخرين على القبول بما يطرح عليهم مع الالتفات إلى الكلمتين الأخيرتين في هذه العبارة "حرمة الآخرين"، الآخر هو المختلف في الثقافة والدين، هو كينونة بحد ذاته يكشف عن هوية مغايرة، وهذه المغايرة هي محترمة بحسب دلالات العبارة بل يصل احترامها إلى حد الحرمة أي المنع والامتناع عن التعرض لها بموجب الأحكام الإسلامية. فهذا حكم إلهي وليس إدارياً أو ظرفياً، وحرمة الآخرين تعني ما يعتقد به الآخر أنه خاص عنده، سواء في أرضه أو معتقده. والدعوة السلمية كأسلوب ينبغي إتباعه، وسيلته الإعلام وليس السلاح.
وتأكيداً لذلك يصرح الإمام الخميني قدس سره بقوله: "عندما نقول بأننا نريد تصدير الثورة فهذا لا يعني أننا نريد أن نستقل الطائرات ونهاجم البلدان الأخرى، فهذا ما لم نقله نحن، ولا يمكننا قوله، لكننا قادرون من خلال الأجهزة التي نملكها كالإذاعة والتلفزيون والصحافة والجماعات التي تسافر إلى الخارج أن نعرّف الإسلام كما هو، وهذا الواجب يشمل جميع المسلمين وليس الشعب الإيراني وحده. من خلال الإرشاد يدخل الإسلام قلوب الناس، وهذا الفن يأتي من أحكام الإسلام، لا من خلال المدفع والدبابة"(15).
ب- تقديم النموذج العملي في الخارج
الدعوة السلمية من خلال وسائل الإعلام قد تقتصر على البعد التنظيري الذي يحتاج إلى التدعيم في أبعاد أخرى عملية تعبر عن صدقية التزام هذا المبدأ، وتعزز من إمكانات تحقيق هذا الهدف. وهذا البعد يتجلى في ميادين شتى، في العلاقات التي ستقوم عليها السياسة الخارجية للجمهورية الإسلامية، وفي أداء النخبة من المثقفين والدبلوماسيين ورجالات الدولة في الداخل والخارج والذين سيتعين عليهم بحسب الإمام الخميني قدس سره أداء دورهم وفق هذا المنوال. ففي معرض السياسة الخارجية التي تعبر عن احترام سيادة الدول، وخيارات الشعوب يؤكد الإمام الخميني قدس سره أن سياسة الدولة الإسلامية هي حفظ الاستقلال، وحرية الشعب والحكومة، ولا فرق في ذلك بين القوى العظمى... حتى أمريكا "لو تعاملت مع إيران من خلال الاحترام فسوف نلتزم بالاحترام المتبادل ونتعامل معها بشكل عادل فلا نظلمها ولا تظلمنا"(16)
وكذلك روسيا وغيرها من دول العالم ودول المنطقة. فالمعيار هو السلام كأساس، وهو يقوم أيضاً على مبدأ العدالة وعدم الظلم. يقول الإمام الخميني قدس سره في هذا الصدد "نأمل أن يقوم السلام العالمي على أساس استقلال الشعوب وعدم التدخل في أمور بعضهم البعض، ومراعاة مبدأ السيادة الكاملة لدول المنطقة. وإن أي اعتداء على دول العالم الثالث والبلدان الإسلامية، يعدُّ خلافاً للموازين التي يجب أن تكون أساساً للسلام بين الشعوب"(17).
وعلى أساس هذا الاعتبار للاحترام المتبادل للسيادة والاستقلال واللذين ينطلقان من أساسات السلام والعدل وانتفاء الظلم يتجسد النموذج العملي الذي ستسلكه الثورة في علاقاتها الخارجية. ففي الوقت الذي تصون فيه سيادتها واستقلالها، تحافظ على عدم المسّ بسيادة واستقلال الآخرين، ولكن دون أن يعني ذلك الانغلاق والانزواء. فتصدير الثورة يبقى ماثلاً في بعده السلمي وفي تقديم التجربة في منظورها القيمي. فالعلاقات الحسنة والمرتكزة على مبدأ العدالة إنما تكون إحدى النماذج التي تقدمها الثورة في مقابل الدول العظمى في سعيها للهيمنة على استقلال الدول والشعوب الأخرى، والتي أدارت ظهرها لقيمها الحضارية وهي الحرية والديمقراطية التي نشأت عليها.
لا يقتصر النموذج العملي على أداء الدولة في السياسة الخارجية وإنما يشمل مسلكية العاملين فيها وخصوصاً أعضاء السلك الخارجي الذين ينبغي لهم تقديم النموذج في الجانب المسلكي والأخلاقي. ففي توجيهاته لسفراء الجمهورية الإسلامية للخارج يحدد الإمام الخميني قدس سره رسالة ودور هؤلاء السفراء ويلفت انتباههم إلى أن تصدير الثورة إنما يكون من خلال التزامهم السلوك العملي وخاصة في المسائل الأخلاقية، ومن خلال التزام الآداب الإسلامية التي تستحوذ على أنظار الناس، والتي لا بد للآخرين من تقبلها بسحب فطرتهم الطبيعية والسليمة، وهذا الأمر ليس منوطاً بالسفراء بل بكل الإيرانيين الذين يسافرون إلى الخارج(18).
ج- العدالة الاجتماعية
العدالة الاجتماعية التي يشكل الاقتصاد أحد أبعادها تتخذ في الإسلام بعداً عادلاً يراد له أن يشق طريقه بين الناس. وعندما طرح الإمام الخميني قدس سره العدالة لتكون أحد ركائز النظام في الجمهورية الإسلامية فإنها طرحت لديه في مقابل الرؤى الاقتصادية العالمية بشقيها الاشتراكي والرأسمالي حيث راح كل منهما يقدم نموذجه للعالم على أنه النموذج الذي يجسد العدالة الاجتماعية.
وبحسب فهم الإمام الخميني قدس سره فإن الإسلام لا يؤيد الرأسمالية الظالمة الجشعة التي تحرم الجماهير المظلومة، بل يرفضها رفضاً جاداً في الكتاب والسنة، ويعتبرها مخالفة للعدالة الاجتماعية، كذلك فليس في الإسلام نظام على غرار النظام الشيوعي، والماركسي اللينيني، لأن الإسلام نظام معتدل يعترف بالملكية ويحترمها ويضع حدوداً لظهورها والتصرف بها(19).
بهذا المعنى فإن العدالة التي ستتجسد في النظام الاقتصادي للثورة هي بمثابة النموذج الذي سيتعين على الثورة أن تقدمه للعالم كإطار رؤيوي يطرح في مناخات الحرية للاستفادة منه في سبيل خلاص البشرية الساعية إلى تجسيد مفهوم العدالة والإصلاح. وهو ما يتعين على المثقفين الإسلاميين جميعاً أن يسلكوا من خلال العلم والوعي الطريق لتغيير العالم الرأسمالي والشيوعي(20)
مع الالتفات إلى عدم سلوك فتح البلاد بالجهاد والتعامل مع الناس بالعنف بل بالسلوك الحسن والدعوة قدر الإمكان، فالجميع أحرار ليختاروا ما يشاؤون، إلا عند الإحساس بالمؤامرة فيجب الدفاع وصدّ المهاجم.(21)
المصادر :
1- مسعود بو فرد، الديمقراطية الدينية، مرجع سابق، ص232.
2- دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية، المادة 110.
3- المرجع نفسه، المادة 152.
4- المرجع نفسه، المادة 154.
5- المرجع نفسه، المادة 143.
6- محمد علي التسخيري، حول الدستور الإيراني، المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب، إيران 2005، ص183
7- المصدر نفسه، ص180.
8- البقرة: 173.
9- الحج: 78.
10- محمد علي التسخيري، حول الدستور الإيراني، مرجع سابق، ص182.
11- الإمام الخميني قدس سره، منهجية الثورة الإسلامية، مصدر سابق، ص443.
12- المصدر نفسه، ص447.
13- المصدر نفسه، ص449
14- المصدر نفسه، ص438
15- المصدر نفسه، ص447.
16- المصدر نفسه، ص440.
17- المصدر نفسه، ص440.
18- المصدر نفسه، ص450-451.
19- المصدر نفسه، ص449.
20- المصدر نفسه، ص442.
21- المصدر نفسه، ص473
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.