النعمان بن بشير الأنصاريّ

وهو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن الجلاس بن زيد بن مالك ابن ثعلبة بن كعب بن الخزرج الأنصاريّ ، الخزرجي ، وكنيته : أبو عبد الله المدنيّ ، وقيل أبو محمّد.
Thursday, March 22, 2018
الوقت المقدر للدراسة:
مؤلف: علی اکبر مظاهری
موارد بیشتر برای شما
النعمان بن بشير الأنصاريّ
 النعمان بن بشير الأنصاريّ


وهو النعمان بن بشير بن سعد بن ثعلبة بن الجلاس بن زيد بن مالك ابن ثعلبة بن كعب بن الخزرج الأنصاريّ ، الخزرجي ، وكنيته : أبو عبد الله المدنيّ ، وقيل أبو محمّد. (1)
ولّاه معاوية بن أبي سفيان إمارة الكوفة سنة 59 للهجرة ، وذلك بعد عزل عبد الرحمن بن أمّ الحكم عنها ، ثمّ أقرّه يزيد بن معاوية سنة 60 للهجرة ، ثمّ عزله ، وبعث بدله عبيد الله بن زياد. (2)
ولد النعمان بن بشير في المدينة ، وهو أوّل مولود في الإسلام ، ولد في المدينة من الأنصار ، وهو ابن أخت الصحابي الجليل عبد الله بن رواحة (3) ، وله 114 حديثا اتفقا له على خمسة ، وانفرد البخاريّ بحديث واحد ، ومسلم بأربعة أحاديث.
وكان النعمان بن بشير (عثمانيّا) حضر مع معاوية حرب صفّين ، ولم يكن مع معاوية من الأنصار غيره ، وكان من المقربين إلى معاوية ، وكذلك عند يزيد بعده.
والنعمان بن بشير من المعروفين بالشعر سلفا وخلفا ، فجدّه شاعر ، وأبوه شاعر ، وعمّه شاعر ، وأخوه شاعر ، وأولاده وأحفاده شعراء. (4)
وأوّل شعر قاله النعمان (وهو في حداثة سنّه) وذلك عند ذهابه مع أقرانه إلى الأردن ، فأهدت لهم امرأة من بني القين تسمّى (ليلى) هدية فقال : (5)
يا خليلي ودّعا دار ليلى / ليس مثلي يحل دار الهوان
إنّ قينية تحلّ محبّا / وحفيرا فجنبني ترفلان (6)
لا تؤاتيك في المغيب إذا ما / حال من دونها فروع قنان (7)
إن ليلى ولو كلّفت بليلى / عافها عنك عائق غير وان
وبعد سنين طوال ذهبت ليلى القينيّة إلى (حمص) وكان النعمان بن بشير أميرها فدخلت عليه ، فعرفها ، وأنشأ يقول : (8)
ألا استأذنت ليلى فقلنا لها لجي / ومالك لا تدخلين بسلام
فإنّ أناسا زرتهم ثمّ حرّموا / عليك دخول البيت غير كرام
فأكرمها النعمان طيلة بقائها في حمص ، ثمّ رحلت.
وكانت ابنته (حميدة) قد تزوجت من الحارث بن خالد المخزومي ، وقيل المهاجر بن عبد الله بن خالد ، فهجته وقالت : (9)
كهول دمشق وشبّانها / أحبّ إليّ من الجاليه (10)
صماحهم (11) كصماح التيو / س أعيا على المسك والغاليه (12)
وقمل يدبّ دبيب الجراد / أكاريس أعيا على الفاليه
فطلّقها زوجها ، ثمّ تزوّجها روح بن حاتم الجذاميّ ، فهجته أيضا ، وخاطبت أخاها الّذي زوّجها من روح فقالت : (13)
أضلّ الله حلمك من غلام / متّى كانت مناكحنا جذام
أترضى بالأكارع والذنابي / وقد كنّا يقرّ لنا السنام
فطلقها روح ، وقال لها : سلّط الله عليك زوجا يشرب الخمر ، ويتقيء في حجرك ، فتزوجت بعده (الفيض بن أبي عقيل الثقفيّ) ، فكان يسكر ويقيء في حجرها. وكانت تقول : (أجيبت فيّ دعوة روح).
وقالت تهجو الفيض : (14)
وهل أنا إلّا مهرة عربية / سليلة المراس تجللها بغل
فإن نتجت مهرا كريما فبالحرى / وإن كان إقراف فما أنجب الفحل
وعند ما انتخب الإمام عليّ عليه‌السلام خليفة للمسلمين ، بعد مقتل عثمان بن عفّان ، بايعته جميع الأنصار ، ما عدا نفر قليل ، كان من جملتهم النعمان بن بشير الأنصاريّ ، امتنعوا عن البيعة ، فقال النعمان : (15)
لقد طلب الخلافة من بعيد / وسارع في الضلال أبو تراب (16)
معاوية الإمام وأنت منها / على وتح بمنقطع السراب
والنعمان ، هو الّذي أخذ قميص عثمان ، وذهب به إلى معاوية في الشام فوضع على المنبر ، وأمر معاوية بمشاهدة القميص (وعليه الدماء) وظل الشاميّون يبكون على القميص سنة كاملة ، ومعاوية كان يلبسه أحيانا ليزيد في حماسهم ، حتّى آلوا على أنفسهم ان لا يناموا على فراش حتّى يقتلوا قتلة عثمان ، أو يموتوا. (17)
وجاءت الأنصار ، ومعهم النعمان بن بشير إلى معاوية ، فمنعوهم من الدخول عليه حتّى يؤذن لهم ، ثمّ جاء عبد الملك بن مروان ودخل على معاوية ، وأخبره بأن الأنصار على الباب ، فقال عمرو بن العاص (وكان جالسا عند معاوية) : ما هذا اللّقب الّذي جعلوه نسبا؟! أرددهم إلى أنسابهم. (18)
فنادى المنادي : من كان بالباب من ولد عمرو بن عامر فليدخل ، فدخلوا. ثمّ نادى مرّة أخرى : من كان ها هنا من الأوس والخزرج فليدخل. فلمّا سمع النعمان بذلك غضب وقال : (19)
يا سعد (20) لا تعد الدعاء فما لنا / نسب نجيب به سوى الأنصار
نسب تخيّره الإله لقومنا / أثقل به نسبا على الكفار
إنّ الّذين ثووا ببدر منكم / يوم القليب هم وقود النار
فرجع النعمان ومن معه من الأنصار ثمّ بعد ذلك أرسل إليه معاوية فرده ، وقضى حوائجه وحوائج جماعته.
وكان يزيد بن معاوية هو الآخر يكره الأنصار ، فطلب من الأخطل (21) أن يهجوهم فقال (22) :
وإذا نسيت ابن الفريعة (23) خلته / كالجحش بين حمارة وحمار
لعن الإله من اليهود عصابة / بالجزع بين صليصل وصدار (24)
قوم اذا هدر العصير / رأيتهم حمر عيونهم المسطار (25)
خلّوا المكارم لستم من أهلها / وخذوا مساحيكم (26) بني النجّار (27)
إنّ الفوارس يعرفون ظهوركم / أولاد كل مقبّح أكّار (28)
ذهبت قريش بالمكارم كلّها / واللؤم تحت عمائم الأنصار
فلمّا سمع النعمان بن بشير بهذه الأبيات ، ذهب إلى معاوية ، فخلع عمامته عن رأسه وقال : يا امير المؤمنين : أترى لؤما؟
فقال معاوية : بل أرى كرما وخيرا ، فماذا دهاك!! قال النعمان : زعم الأخطل بأن اللؤم تحت عمائم الأنصار. فقال له معاوية : (لك لسانه فأقطعه) (29).
وجيء بالأخطل حالا ، فطلب ان يدخلوه على يزيد بن معاوية اولا ، فأدخلوه فطمأنه يزيد ثمّ دخل على أبيه ، وطلب منه إخلاء سبيل الأخطل ، لأنّه شاعرهم الّذي يمدحهم ، فأطلق معاوية سراحه وأسترضى النعمان.
وعند ما كان النعمان بن بشير أميرا على (الكوفة) ، امره معاوية بزيادة رواتب أهل الكوفة عشرة دنانير لكل واحد منهم فلم يدفعها لهم النعمان ، وذلك لأنّه يكرههم لحبهم لعليّ بن أبي طالب.
وخطب النعمان بن بشير ذات يوم فصاح أهل الكوفة : (ننشدك الله والزيادة). فقال لهم النعمان : اسكتوا. فقام إليه عبد الرحمن بن همّام السلوليّ فقال (30) :
زيادتنا نعمان لا تحبسّنها خف الله فينا والكتاب (31) الّذي تتلو فإنك قد حمّلت منّا أمانة بما عجزت عنه الصلاخمة (32) البزل (33)
فلا يك باب الشرّ تحسن فتحه لدينا ، وباب الخير أنت له قفل
وأنت امرؤ حلو اللسان بليغه / فما له عند الزيادة لا يحلو؟!
وقبلك قد كانوا علينا أئمة / يهمهم تقويمنا وهم عصل
إذا نصبوا للقول فقالوا فأحسنوا / ولكن حسن القول خالفه الفعل
يذمّون دنياهم وهم يرضعونها / أفاويق حتّى ما يدر لهم ثعل
وعزل النعمان بن بشير الأنصاريّ عن أمارة الكوفة ، عزله معاوية بن أبي سفيان ، فولّاه القضاء في دمشق ، ثمّ ولّاه إمارة (حمص) فبقى فيها إلى ان قتل. وقيل ذهب أعشى همدان إلى النعمان بن بشير الأنصاريّ عند ما كان أميرا على (حمص) فخطب النعمان في الناس قائلا : (يا أهل حمص ، هذا ابن عمّكم ، من أهل العراق والشرف ، جاء يسترفدكم فماذا ترون)؟. قالوا : (اصلح الله الامير إنّما الأمر اليك). فقال النعمان : قد حكمنا له على أنفسنا بدينارين من كلّ واحد منا ، فأعطاه من بيت المال أربعين ألف دينار ، حيث كان عدد اصحاب النعمان عشرون ألف. وكان النعمان يفتخر ويقول :
ومن ذا يعادينا من الناس معشر / كرام وذو القرنين منّا وحاتم
المصادر :
1- ابن بكار ـ الأخبار الموفقيات. ص ٢٢٨. وتاريخ الطبري. ج ٣ / ٤٩. وابن حبان ـ الثقات. ج ٣ / ٤٠٩. وأبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٦ / ٢٨. وابن حجر العسقلاني ـ تهذيب التهذيب. ج ٢٩ / ٤١٤.
2- تاريخ الطبري. ج ٥ / ٣٤٨. وابن حبان ـ الثقات. ج ٣ / ٤١٠. والذهبي ـ سير أعلام النبلاء. ج ٣ / ٤١٢. وتاريخ ابن خلدون. ج ٣ / ١٣١.
3- عبد الله بن رواحة : استشهد في معركة اليرموك مع جعفر الطّيار وآخرون وقبره في كرك بالأردن.
4- أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٦ / ٤١.
5- نفس المصدر السابق.
6- محبّ وحفير وترفلان : أسماء أماكن في الشام.
7- قنان : أسم جبل بأعلى نجد
8- أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٦ / ٤١.
9- المصدر السابق. ج ١٦ / ٥٣.
10- الجاليه : القوم الّذين رحلوا عن بلادهم (أجلوهم).
11- الصماح : العرق المنتن (الصنان).
12- الغالية : نوع من العطور.
13- أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٦ / ٥٣.
14- أبو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني. ج ١٦ / ٥٤.
15- تاريخ الطبري. ج ٤ / ٥٦٢.
16- أبو تراب : كنية الإمام عليّ عليه‌السلام كنّاه بها النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان أعداء الإمام عليه‌السلام يتصورون بأنّ هذه الكنية انتقاصا له.
17- تاريخ الطبري. ج ٤ / ٥٦٢.
18- طه حسين ـ الآدب الجاهليّ ص / ١٥٥
19- ابو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني ج ١٦ / ٤٨ وطه حسين ـ في الأدب الجاهلي ص ١٥٥
20- سعد : حاجب معاوية ، واسمه سعد بن دره.
21- الأخطل : واسمه غياث بن غوث وهو شاعر هجاء من شعراء الدولة الأموية
22- ابن بكار ـ الأخبار الموفقيات ص ٢٢٨ وابو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني ج ١٦ / ٣٥
23- ابن الفريعة : كنية حسّان بن ثابت (شاعر الرسول) والفريعة : أمّه.
24- صليصل وصدار : أسم مكان قرب المدينة.
25- المسطار : الخمرة الّتي اعتصرت من العنب حديثا.
26- المسحاة : آلة حديد تستعمل للحراثة.
27- بني النجار : إحدى قبائل المدينة يشتغلون بالزراعة والفلاحة.
28- أكار : الزراع ، الحراث.
29- ابو الفرج الأصبهاني ـ الأغاني ج ١٦ / ٢٩ ، ٣٦.
30- المصدر السابق. ج ١٦ / ٣١.
31- الكتاب : كان النعمان بن البشير إذا خطب على منبر الكوفة يكثر من قراءة القرآن ، كان يقول : لا ترون على منبركم هذا أحدا من بعدي يقول سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنه قال.
32- الصلاخمة : الجمال الصلبة الشديدة.
33- البزل : جمع بازل وهو الجمل الّذي انشق نابه.
 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.