الجرّاح بن عبد الله بن جعادة بن أفلح بن درّه بن حدقة بن فضة ، وكنيته : أبو عقبة الحكميّ ، الدمشقي ، وأصله من اليمن وسكن الام. (1) وقيل كنيته : أبو عطية. (2)
الجرّاح بن عبد الله الحكميّ من القادة الشجعان البارزين في عصر الخلفاء : (عبد الملك بن مروان ، الوليد بن عبد الملك ، سليمان بن عبد الملك ، عمر بن عبد العزيز ، يزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك). وكان أميرا على : (واسط ، البصرة ، سجستان ، أرمينيا ، أذربيجان وخراسان) لعدّة سنوات. (3) استخلفه يزيد بن المهلّب أميرا على الكوفة سنة (٩٩) للهجرة وذلك عند ما ذهب ابن المهلّب إلى خراسان. (4)
وفي معركة (دير الجماجم) الّتي وقعت بين الحجّاج بن يوسف الثقفيّ وبين عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث سنة (٨٢) للهجرة كانت كتيبة القرّاء (كتيبة كميل بن زياد) مع ابن الأشعث فأرسل لها الحجّاج ثلاث كتائب بقيادة الجرّاح الحكميّ ، ورغم الحملات الكثيرة والكثيفة على كتيبة القرّاء لم يتمكّن الجرّاح من قتل أيّ شخص منهم. (5)
وفي معركة (دير الجماجم) أيضا خرج عبد الله بن رزّام الحارثي إلى كتيبة الحجّاج فطلب مبارزته ، فخرج إليه رجل فقتله ثمّ كرّر ذلك ثلاثة أيّام يقتل كلّ يوم رجلا من شجعان جيش الحجّاج ، وفي اليوم الرابع طلب المبارزة أيضا ، فقال الحجّاج للجراح الحكميّ : (أخرج إليه) فخرج إليه الجرّاح ، فقال له عبد الله الحارثي (وكان صديقا له) : ويحك يا جراح لماذا خرجت إليّ ، فقال الجرّاح : قد ابتليت بك ، فقال له عبد الله الحارثي : سوف أنهزم أمامك وترجع أنت إلى الحجّاج فيرضى عنك ، وأما أنا فسوف أحتمل ما يقوله الناس في هزيمتي حبّا لسلامتك فإنّي لا أحبّ أن أقتل من قومي مثلك. فحمل عليه الجرّاح فانهزم الحارثي أمامه ثمّ تلاحقت حملات الجرّاح على الحارثي وهو يهرب أمامه ، وكان الجرّاح في حملته الأخيرة قد صمم فعلا على قتل الحارثي ، فلمّا رآى غلام الحارثي ذلك قال للحارثي : إنّ الجرّاح يريد قتلك ، عندها أخذ الحارثي عمودا فضرب الجرّاح على رأسه فسقط على الأرض ثمّ قال الحارثي لغلامه : أسكب الماء على وجهه ليستفيق ، ولمّا أفاق الجرّاح قال له الحارثي : (بئس ما جزيتني أردت بك العافية وأردت بي المنية). (6)
وعند ما ذهب الجرّاح إلى خراسان أميرا عليها سنة (١٠١) للهجرة كتب إلى عمر بن عبد العزيز : (إنّي قدمت خراسان ووجدت قوما قد أبطرتهم الفتنة فهم ينزون فيها نزوا أحبّ الأمور اليهم أن تعود ليمنعوا حقّ الله عليهم فليس يكفهم الّا السيف والسوط وكرهت الإقدام على ذلك إلّا بإذنك). (7)
فكتب إليه عمر بن عبد العزيز : (يا ابن أمّ الجرّاح ، أنت أحرص على الفتنة منهم لا تضربنّ مؤمنا ولا معاهدا سوطا إلّا في حقّ واحذر القصاص فإنك صائر إلى من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وتقرأ كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها). (8)
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الجرّاح : (أنظر من صلّى قبلك إلى القبلة فضع عنه الجزية). فلمّا سمع الناس بذلك أخذوا يدخلون في الإسلام أفواجا فقيل للجرّاح : إنّ الناس قد دخلوا في الإسلام تهرّبا من الجزية فاختنهم بالختان. فكتب الجرّاح بذلك إلى عمر بن عبد العزيز ، فكتب إليه عمر يقول : (إنّ الله بعث محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم داعيا ولم يبعثه خاتنا). (9)
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الجرّاح عند ما كان أميرا على خراسان : (أما بعد .. فإن استطعت أن تدع مما أحلّ الله لك ما يكون حاجزا بينك وبين ما حرّم الله فافعل فإن من استوعب الحلال كله تاقت نفسه إلى الحرام). (10)
وقيل : إنّ الجرّاح الحكميّ قال : (تركت الذنوب حياء أربعون سنة ثمّ أدركني الورع). (11)
وقيل إنّ الجرّاح إذا مرّ في جامع دمشق يميل برأسه عن القناديل لطوله. (12)
وقال الزرقي : (كان الجرّاح يد الله على خراسان كلّها حربها وصلاتها ومالها). (13)
وفي سنة (١١١) للهجرة تفرغ الجرّاح للغزو والفتح ، فقد ذهب لمحاربة الخزر (الترك) وكانت معارك كثيرة بينه وبينهم ، وقيل إنّه قال لأصحابه في اليوم الّذي قتل فيه : (أيّها القادة ، وأمراء الأجناد ، فيم اهتمامكم؟ غدوتم أمراء وترحون شهداء ، اللهم إذا رفعت عنّا النصر فلا تحرمنا الصبر والأجر). ثمّ قال : (14)
لم يبق إلّا حسبي وكفني / وصارم تلذّه يميني
وقال الفرزدق : (15)
لقد صبر الجرّاح حتّى مشت به / إلى رحمة الله السيوف الصوارم
قتل الجرّاح الحكميّ في برج (أردبيل) بخراسان سنة (١١٢) للهجرة ، قتله الخزر (الترك). (16)
المصادر :
1- ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٦ / ١٥.
2- الزركلي ـ الأعلام. ج ٢ / ١١٥.
3- ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٦ / ٢٧٩.
4- تاريخ ابن خياط. ج ١ / ٤٢٧. والذهبي ـ سيرة أعلام النبلاء. ج ٥ / ١٩٠.
5- تاريخ الطبري. ج ٦ / ٣٥٠.
6- المصدر السابق. ج ٦ / ٥٥٩.
7- المصدر السابق. ج ٦ / ٥٦٠.
8- المصدر اعلاه. ج ٦ / ٥٦١.
9- نفس المصدر السابق. ج ٦ / ٥٦١.
10- الآبي ـ نثر الدر. ج ٢ / ١٢٩.
11- الذهبي ـ سيرة أعلام النبلاء. ج ٥ / ١٩٠.
12- نفس المصدر أعلاه.
13- الزركلي ـ الأعلام. ج ٢ / ١١٥.
14- ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٦ / ١٩.
15- نفس المصدر السابق.
16- ابن حبان ـ الثقات. ج ٤ / ١١٢. والآبي ـ نثر الدر. ج ٢ / ١٢٩. وابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٦ / ١٨. وتاريخ ابن خلدون. ج ٣ / ١٤٠. والزركلي ـ الأعلام. ج ٢ / ١١٥. ومحمد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج ١ / ١٤٤.
الجرّاح بن عبد الله الحكميّ من القادة الشجعان البارزين في عصر الخلفاء : (عبد الملك بن مروان ، الوليد بن عبد الملك ، سليمان بن عبد الملك ، عمر بن عبد العزيز ، يزيد بن عبد الملك وهشام بن عبد الملك). وكان أميرا على : (واسط ، البصرة ، سجستان ، أرمينيا ، أذربيجان وخراسان) لعدّة سنوات. (3) استخلفه يزيد بن المهلّب أميرا على الكوفة سنة (٩٩) للهجرة وذلك عند ما ذهب ابن المهلّب إلى خراسان. (4)
وفي معركة (دير الجماجم) الّتي وقعت بين الحجّاج بن يوسف الثقفيّ وبين عبد الرحمن بن محمّد بن الأشعث سنة (٨٢) للهجرة كانت كتيبة القرّاء (كتيبة كميل بن زياد) مع ابن الأشعث فأرسل لها الحجّاج ثلاث كتائب بقيادة الجرّاح الحكميّ ، ورغم الحملات الكثيرة والكثيفة على كتيبة القرّاء لم يتمكّن الجرّاح من قتل أيّ شخص منهم. (5)
وفي معركة (دير الجماجم) أيضا خرج عبد الله بن رزّام الحارثي إلى كتيبة الحجّاج فطلب مبارزته ، فخرج إليه رجل فقتله ثمّ كرّر ذلك ثلاثة أيّام يقتل كلّ يوم رجلا من شجعان جيش الحجّاج ، وفي اليوم الرابع طلب المبارزة أيضا ، فقال الحجّاج للجراح الحكميّ : (أخرج إليه) فخرج إليه الجرّاح ، فقال له عبد الله الحارثي (وكان صديقا له) : ويحك يا جراح لماذا خرجت إليّ ، فقال الجرّاح : قد ابتليت بك ، فقال له عبد الله الحارثي : سوف أنهزم أمامك وترجع أنت إلى الحجّاج فيرضى عنك ، وأما أنا فسوف أحتمل ما يقوله الناس في هزيمتي حبّا لسلامتك فإنّي لا أحبّ أن أقتل من قومي مثلك. فحمل عليه الجرّاح فانهزم الحارثي أمامه ثمّ تلاحقت حملات الجرّاح على الحارثي وهو يهرب أمامه ، وكان الجرّاح في حملته الأخيرة قد صمم فعلا على قتل الحارثي ، فلمّا رآى غلام الحارثي ذلك قال للحارثي : إنّ الجرّاح يريد قتلك ، عندها أخذ الحارثي عمودا فضرب الجرّاح على رأسه فسقط على الأرض ثمّ قال الحارثي لغلامه : أسكب الماء على وجهه ليستفيق ، ولمّا أفاق الجرّاح قال له الحارثي : (بئس ما جزيتني أردت بك العافية وأردت بي المنية). (6)
وعند ما ذهب الجرّاح إلى خراسان أميرا عليها سنة (١٠١) للهجرة كتب إلى عمر بن عبد العزيز : (إنّي قدمت خراسان ووجدت قوما قد أبطرتهم الفتنة فهم ينزون فيها نزوا أحبّ الأمور اليهم أن تعود ليمنعوا حقّ الله عليهم فليس يكفهم الّا السيف والسوط وكرهت الإقدام على ذلك إلّا بإذنك). (7)
فكتب إليه عمر بن عبد العزيز : (يا ابن أمّ الجرّاح ، أنت أحرص على الفتنة منهم لا تضربنّ مؤمنا ولا معاهدا سوطا إلّا في حقّ واحذر القصاص فإنك صائر إلى من يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور وتقرأ كتابا لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها). (8)
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الجرّاح : (أنظر من صلّى قبلك إلى القبلة فضع عنه الجزية). فلمّا سمع الناس بذلك أخذوا يدخلون في الإسلام أفواجا فقيل للجرّاح : إنّ الناس قد دخلوا في الإسلام تهرّبا من الجزية فاختنهم بالختان. فكتب الجرّاح بذلك إلى عمر بن عبد العزيز ، فكتب إليه عمر يقول : (إنّ الله بعث محمّدا صلىاللهعليهوآلهوسلم داعيا ولم يبعثه خاتنا). (9)
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى الجرّاح عند ما كان أميرا على خراسان : (أما بعد .. فإن استطعت أن تدع مما أحلّ الله لك ما يكون حاجزا بينك وبين ما حرّم الله فافعل فإن من استوعب الحلال كله تاقت نفسه إلى الحرام). (10)
وقيل : إنّ الجرّاح الحكميّ قال : (تركت الذنوب حياء أربعون سنة ثمّ أدركني الورع). (11)
وقيل إنّ الجرّاح إذا مرّ في جامع دمشق يميل برأسه عن القناديل لطوله. (12)
وقال الزرقي : (كان الجرّاح يد الله على خراسان كلّها حربها وصلاتها ومالها). (13)
وفي سنة (١١١) للهجرة تفرغ الجرّاح للغزو والفتح ، فقد ذهب لمحاربة الخزر (الترك) وكانت معارك كثيرة بينه وبينهم ، وقيل إنّه قال لأصحابه في اليوم الّذي قتل فيه : (أيّها القادة ، وأمراء الأجناد ، فيم اهتمامكم؟ غدوتم أمراء وترحون شهداء ، اللهم إذا رفعت عنّا النصر فلا تحرمنا الصبر والأجر). ثمّ قال : (14)
لم يبق إلّا حسبي وكفني / وصارم تلذّه يميني
وقال الفرزدق : (15)
لقد صبر الجرّاح حتّى مشت به / إلى رحمة الله السيوف الصوارم
قتل الجرّاح الحكميّ في برج (أردبيل) بخراسان سنة (١١٢) للهجرة ، قتله الخزر (الترك). (16)
المصادر :
1- ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٦ / ١٥.
2- الزركلي ـ الأعلام. ج ٢ / ١١٥.
3- ابن الجوزي ـ المنتظم. ج ٦ / ٢٧٩.
4- تاريخ ابن خياط. ج ١ / ٤٢٧. والذهبي ـ سيرة أعلام النبلاء. ج ٥ / ١٩٠.
5- تاريخ الطبري. ج ٦ / ٣٥٠.
6- المصدر السابق. ج ٦ / ٥٥٩.
7- المصدر السابق. ج ٦ / ٥٦٠.
8- المصدر اعلاه. ج ٦ / ٥٦١.
9- نفس المصدر السابق. ج ٦ / ٥٦١.
10- الآبي ـ نثر الدر. ج ٢ / ١٢٩.
11- الذهبي ـ سيرة أعلام النبلاء. ج ٥ / ١٩٠.
12- نفس المصدر أعلاه.
13- الزركلي ـ الأعلام. ج ٢ / ١١٥.
14- ابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٦ / ١٩.
15- نفس المصدر السابق.
16- ابن حبان ـ الثقات. ج ٤ / ١١٢. والآبي ـ نثر الدر. ج ٢ / ١٢٩. وابن منظور ـ مختصر تاريخ دمشق. ج ٦ / ١٨. وتاريخ ابن خلدون. ج ٣ / ١٤٠. والزركلي ـ الأعلام. ج ٢ / ١١٥. ومحمد مختار باشا ـ التوفيقات الإلهامية. ج ١ / ١٤٤.