عبد الوهاب أبو السعود

Monday, February 9, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
عبد الوهاب أبو السعود

(1897 ـ 1951) عبد الوهاب أبو السعود، مصور سوري من الرواد، كاتب ومخرج مسرحي، وممثل، وأحد مؤسسي المسرح في سورية. ولد في نابلس بفلسطين. عاش طفولته الأولى في صيدا، وأحب المسرح والتمثيل، ودرس في بيروت. أوفده والده لدراسة الشريعة في الأزهر بالقاهرة، فانصرف عن الأزهر وتابع مسرح جورج أبيض، ولكن والده أعاده إلى دمشق بعد إخفاقه في الأزهر. هرب من الخدمة في الجيش التركي، وفي عام 1918 أسس نادي الاتحاد والترقي ثم تحول إلى النادي العربي بدمشق بعد دخول الملك فيصل إلى دمشق, وكانت السلطات الاستعمارية الفرنسية في سورية تلاحقه. تزوج عام 1920، وفي عام 1928 أسس نادي الكشاف الرياضي، ثم أسس نادي التمثيل والألحان عام 1933. ترك التعليم وعين موظفاً في البريد، ثم ما لبث أن ترك هذه المهنة أيضاً. رسم في مجلتي «حط بالخرج», و«المضحك المبكي». أُرسِل في منحة لدراسة الرسم في فرنسا، وعندما قُطعت عنه المنحة تابع دراسته على نفقته الخاصة. سافر إلى إسبانيا ودرس فيها الفنون الإسلامية، وتخرج في أكاديمية الفنون الجميلة بباريس عام 1937.

كان أبو السعود يركز في تعليمه على أهمية الزخرفة العربية وما تمتازبه من تناظر ومقابلة وتكرار وتقاطع وتماس ومواجهة، وكان يوضح أهمية امتداد زوايا الخطوط الصادرة عن المثلث والمربع والمخمس والمسدس والمثمن، إذ تشكل مجموعة من العلاقات الهندسية المتصالبة والمتشابكة والمتعاكسة، فتعطي في المحصلة نظام الزخرفة العربية الإسلامية (الخيط العربي) المعتمد في أعمال العجمي والخشب والجص، ومثال ذلك الزخرفة المنفذة في المجلس النيابي السوري وأبوابه وسقفه، وفي جدران المسجد الأموي بدمشق.

وكانت تعاليم أبو السعود في التصوير الزيتي تقضي بتدريب العين على رؤية الأشكال في الطبيعة وإمعان النظر فيها وتأملها بدقة واهتمام، ثم دراستها وتحليلها مع الانتقال من المهم إلى الأهم، ثم اختيار ما يجب رسمه وما يجب حذفه، بما يخدم موضوع اللوحة، وكان يقول: «علينا ألا نسجل ما هو موجود، بل أن نصنع لوحة فنية من وحي الوجود».

رسم عبد الوهاب أبو السعود الكثير من اللوحات: منها ما اعتمد فيها على الخيال، مع العودة إلى حوادث التاريخ العربي مثل لوحات: «طارق بن زياد»، و«فتح الأندلس» و«حرق السفن»، و«معركة اليرموك»، و«خالد بن الوليد»، و«عمر بن الخطاب على أبواب بيت المقدس»، و«أبو العلاء المعري»، و«الرئيس ابن سينا»، و«سوق عكاظ»، وغيرها. ومنها لوحات مأخوذة عن الطبيعة مباشرة مثل: المناظر الطبيعية كالقرى المحيطة بدمشق، والتكية السليمانية، وقصر الحمراء في الأندلس، ومنها موضوعات من الحياة اليومية الشعبية مثل: الحكواتي في مقهى النوفرة خلف الجامع الأموي. ورسم بالألوان الزيتية خلفيات مسرحياته التي ألفها وأخرجها ومثلها ومنها: و«امعتصماه»، و«جابر عثرات الكرام»، و«عنترة بن شداد»، و«فتى العصر»، وهي محفوظة حتى اليوم في ثانوية جودت الهاشمي بدمشق والتي كان اسمها التجهيز الأولى للبنين. وقد مثل دور هملت في مسرح شكسبير، ودور جمال باشا السفاح في المسرح العربي، وأخرج تمثيليات كثيرة قدمت على مسارح معهد اللاييك بدمشق (معهد الحرية)، والتجهيز الأولى وثانويات دمشق.

كان رساماً محترفاً، وكان يعمل بإخلاص مع رفاقه الفنانين من جيله مثل: رشاد قصيباتي وميشيل كرشة[ر]، إذ شارك معهم في أول معرض رسمي أقامته الدولة (وزارة المعارف) للرسامين السوريين باسم «معرض الرسم اليدوي» في المتحف الوطني بدمشق في عام 1950. كان أبو السعود يجمع في لوحات المناظر الطبيعية الإنسان والنبات والماء والعمارة (البناء)، وفي اللوحات القومية والتاريخية اهتم بالجنود والخيول وأدوات الحرب اهتمامه بالأبطال والقادة، وكان يستخدم الألوان المركبة مازجاً أكثر من لونين في لمسة واحدة، وبعد أن يضعها على سطح اللوحة يعود ويعالجها بلمسات إضافية برأس فرشاة تحمل اللون الزيتي بقوامه الأصلي ودون وسيط. استمد أبو السعود ألوانه من الواقع بمعنى أنها قريبة من لون الطبيعة بدرجاتها المتفاوتة، مع إحساس ضبابي في مجمل اللون العام الذي كان يستخدمه في لوحات الحروب والفتوحات خاصة، كما رسم كثيراً من الوجوه، ولاسيما الوجوه البدوية الجبلية والصحراوية التي كانت تتردد على بيت الأمير الشعلان في منطقة الشعلان بدمشق، فرسمهم وأكد في تعابير الوجوه سمات القوة والصلابة والنظرة الثاقبة، وكان يقول هذه وجوه عربية أصيلة تظهر شخصية العربي الذي يفترش الأرض ويلتحف السماء، في أقسى أحوال الطبيعة في قلب الصحراء.

وعندما عضه الجوع والعوز رسم لوحات القاشاني الموجودة في قصر العظم، وحفظت في دار الآثار. وفي عام 1925 زخرف قبراً فاطمياً استناداً إلى أصول الزخرفة العربية الأصيلة وقواعدها، كما شارك في وضع أول منهاج علمي لتعليم الرسم في المدارس الإعدادية في سورية.

وفي أواخر أيامه، في الشهر الثالث من عام 1951، جلس في صالة مسرح الكنيسة الإنجيلية مع الجمهور على غير عادته، إذ كان يبقى مع الممثلين يوجههم ويشرف على المسرحية من وراء الكواليس، ولما سئل لماذا جلست مع الجمهور وتركت الممثلين؟ قال: «حتى أتأكد من أن تلاميذي يستطيعون حمل رسالة الفن المسرحي بجدارة أم لا... وقد كانوا بالفعل موضع هذه الثقة، فأنا مطمئن لمستقبل المسرح في بلدي». وكانت هذه آخر كلماته.



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.