رشيد كرامي

Thursday, July 16, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
رشيد كرامي

(1921ـ 1987) رشيد بن عبد الحميد كرامي، سياسي لبناني، كان من أهم الشخصيات اللبنانية البارزة في طرابلس، تسلّم رئاسة وزراء لبنان ثماني مرّات غير متتالية ما بين عامي 1955 و1987. جده رشيد كرامي كان مفتياً لطرابلس، ووالده عبد الحميد كرامي[ر] الذي جمع الإفتاء والنيابة ورئاسة الوزراء، وأخوه عمر كرامي الأخ الأصغر كان رئيساً للوزراء في لبنان أكثر من مرة.

ولد رشيد كرامي في مرياطة شمالي لبنان قضاء طرابلس، درس المرحلتين الابتدائية والإعدادية في مدرسة الفرير في طرابلس، وأكمل الثانوية في كلية التربية والتعليم والإسلامية ثم تابع دراسته الجامعية في كلية الحقوق بجامعة القاهرة حصل على «ليسانس الحقوق» عام 1947. تدرّب في مهنة المحاماة في مكتب المحامي فؤاد رزق في بيروت، ثم مارس المهنة في طرابلس الشام بين عامي 1948 و1951.

انخرط رشيد كرامي في الحياة السياسية بعد وفاة والده عام 1950؛ إذ انتخب عضواً في المجلس النيابي (البرلمان) اللبناني، نائباً عن مدينة طرابلس عام 1951 على رأس لائحة التحرر العربي. وأعيد انتخابه بلا انقطاع في دورات 1953 ـ 1960 ـ 1964 ـ 1968 ـ 1972 وظل نائباً في «البرلمان» حتى اغتياله.

عين لأول مرة وزيراً للعدل في حكومة رئيس الوزراء عبد الله اليافي من 7 حزيران 1951 حتى 18 شباط 1952، وذلك في عهد رئيس الجمهورية بشـارة الخوري. ثم تسلّم وزارة الاقتصاد الوطني والشـؤون الاجتماعية بين عـامي 1953 و1954. وعُين رئيساً لمجلس الوزراء في عهد الرئيس كميل شمعون، وكان آنذاك أصغر رئيس حكومة في لبنان. تولى رئاسة الوزراء مرتين في الخمسينيات، وأربع مرات في الستينيات، ومرتين في السبعينيات، ومرتين في الثمانينيات من القرن الماضي، وقد وصفته إحدى الصحف المصرية في الستينيات بأنه عندما يتولى رشيد كرامي الحكم يستمسك به لا حبّاً في السلطة والسلطان؛ وإنما رغبة في تنفيذ مشروعات الإصلاح المتعددة التي يريدها لخير لبنان واللبنانيين.

لم يكن رشيد كرامي نائباً ووزيراً ورئيساً لمجلس الوزراء فحسب، بل كان ركناً من أركان السياسة اللبنانية وزعيماً شعبياً معروفاً، بدأ حياته السياسية مناضلاً شعبياً؛ إذ شارك سنة 1950 في وفود طرابلسية عدة إلى دمشق للمطالبة بإنشاء سورية الكبرى. كما طالب بدمج الوحدة الاقتصادية مع سورية عام 1955 والتعاون العسكري معها عام 1956، وبارك قيام الجمهورية العربية المتحدة بين مصر وسورية عام 1958 ، ووفق ضد إقامة التمثيل الدبلوماسي بين سورية ولبنان عام 1962. وكان مع السياسة السورية في لبنان منذ اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية عام 1975 وحتى استشهاده عام 1987.

كان الرئيس كرامي من أبرز أقطاب جبهة الخلاص الوطني التي ضمّته؛ والرئيس سليمان فرنجية والوزيرين نبيه بري ووليد جنبلاط والتي كان لها الدور المهمّ بالتعاون مع سورية في إسقاط اتفاق 17 أيار 1983 بين لبنان وإسرائيل في عهد أمين الجميّل، ومن أقواله في هذا الصدد: «إن ما أصاب إسرائيل في لبنان هو هزيمة لم يسبق لها مثيل في تاريخها، من هنا يجب أن ندرك مدى الحقد الممزوج بالأطماع والأحلام الذي يغذي هذه الدويلة التي أقاموها على الإرهاب والعنف والاغتصاب في فلسطين».

أما سياسة رشيد كرامي الخارجية فهي معروفة وواضحة، فقد كانت ضد التدخلات الخارجية في شؤون لنبان الداخلية؛ منافحةً عن استقلاله وعروبته، إذ أرسل إلى الرئيس الأمريكي ريغان يقول له: «إن لبنان بلد الحضارة والمدنية والقيم، لم يكن مركزاً للعنف والصراعات الدامية، فقد أصبح منذ العام 1975 وبفضل المواقف والسياسة الأمريكية مركزاً للخراب والتدمير والشقاء والمآسي، إن السيد براون الذي جاء في تلك السنة إلينا من أجل تقسيم لبنان وتهجير أبنائه يشهد على صحّة ما نقول».

دافع الرئيس الشهيد عن القضية الفلسطينية، وساندها، واستقال في نيسان 1969 احتجاجاً على اشتباكات الجيش اللبناني المدعوم من رئيس الجمهورية شارل الحلو مع منظمة التحرير. ووقف إلى جانب الفلسطينيين في اتفاقية القاهرة، وفي الحرب الأهلية.

وآمن رشيد كرامي بالعيش الأخويّ الإسلامي ـ المسيحي، وكان من مؤيدي إلغاء الطائفية السياسية في لبنان، وعدّ هذا مهماً إذ قال: «إننا عندما نطالب بإلغاء الطائفية السياسية ليس ضد طائفة أو امتياز أو صلاحية، وإنما من أجل الوصول إلى خلق المواطنة الصحيحة التي تساوي بين اللبنانيين جميعاً، فتبقى الكفاءة وحدها هي المقياس والمعيار من أجل الوصول إلى تحقيق كل ما يطمح إليه هذا الشعب، وبدون إلغاء الطائفية السياسية؛ ستظل الطائفية مطية إلى المآرب والأهواء».

وقف كرامي ضد الحرب الأهلية، وضد المؤامرة على لبنان، فمات ضحيّتها، ففي أثناء الحرب الأهلية تعرض الرئيس رشيد كرامي لبضع محاولات اغتيال من قبل إسرائيل وعملائها في لبنان إلى أن كان يوم الأول من حزيران 1987 إذ استهدف بعبوة ناسفة زرعت في مقعده على متن الطوافة العسكرية التي كانت تقله من طرابلس إلى بيروت، فسقط شهيداً مضرّجاً بدمائه في سماء لبنان، ومات شهيد الواجب في المحافظة على وحدة لبنان أرضاً وشعباً.

كان الشهيد كرامي رجل دولة وقائداً حكيماً وسياسياً معتدلاً، صوفياً متقشفاً، زعيماً شعبياً شارك الناس أفراحهم وأحزانهم، وأحد القادة العرب البارزين، مثال الأصالة القومية والوطنية. رفض الاستعاضة عن الوطنية بالطائفية، والديمقراطية بالبندقية، والشرعية بالفوضى، والعروبة بالتعصب المذهبي، أمضى زهرة شبابه ومعظم عمره في معترك العمل السياسي الدؤوب والمثابر، فكان السياسي المميز ورجل الدولة الكبير.
 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.