كارل فون كلاوزڤيتز

Tuesday, July 21, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
كارل فون كلاوزڤيتز

(1780ـ 1831) كارل فيليب غوتليب فون كلاوزڤيتز Carl  Philipp Gottlieb von Clausewitz جنرال ومنظّر بروسي (ألماني)، كان لمؤلفاته وخاصة كتابه «في الحرب» Vom Kriege أثره في تطوير النظرية العسكرية حول الحرب الشاملة التي تسوغ مهاجمة كل ما لدى العدو من أراضٍ وممتلكات ومواطنين.

ولد كلاوزڤيتز في بلدة بورغ Burg بالقرب من مدينة ماغدبورغ Magdeburg في بروسيا (Preussen)، لأسرة فقيرة من الطبقة المتوسطة تمتهن الحياة العسكرية، وانضم إلى صفوف الجيش البروسي في عام 1792. وألحق بحملة الراين 1793-1794 التي قامت بها القوات البروسية على قوات الثورة الفرنسية، وأمضى بضع سنوات في خدمات حامية الراين أتاحت له الوقت المناسب ليتابع دراسته ويرفد ثقافته، وأهلته جهوده ومواهبه للالتحاق بالكلية الحربية في برلين سنة 1801.

درس كلاوزڤيتز في المدة التي قضاها في برلين العلم العسكري والفلسفة والأدب تحت إشراف معلمه غيرهارد فون شارنهورست Gerhard von Scharnhorst، فنمت مفاهيمه الاستراتيجية واتسعت آفاق معارفه. وقدمه معلمه شارنهورست إلى البلاط البروسي حيث التقى الكونتيسة ماري فون برول Marie von Bruhl التي تزوجها فيما بعد، وحصل على وظيفة وصيف للأمير أوغست August ولي عهد بروسيا. وخدم بهذه الصفة في حملة يينا Jena (1806) ووقع في أسر القوات الفرنسية عند برِنتسلاو Prenzlau، ثم عاد إلى بروسيا عام 1808.

أصبح كلاوزڤيتز منذ عودته أحد قادة الجيش البروسي الفتي بعد أن أُخضع لإصلاح شامل على يد شارنهورست، غير أنه لم يكن راضياً عن تحالف ألمانيا مع فرنسا هذه المرة؛  فاستقال من الجيش البروسي عشية غزو نابليون بونابرت روسـيا (1812) وتطوع بالخدمة في الجيش الروسي مثل كثيرين من مواطنيه الألمان المخلصين.

برهن كلاوزڤيتز في حملة عام 1812 على موهبة حقيقية في عمله ضابط أركان. وكان له يد طولى في تطبيق استراتيجية التراجع المنظم الناجحة التي نفذها الجيش الروسي بقيادة كوتوزوف Kutouzov، وفي المفاوضات التي انتهت باتفاقية تاوروغن Convention of Tauroggen التي تخلت بروسيا بموجبها عن التزاماتها حيال فرنسا.

وبعد سنتين أمضاهما في مناصب مختلفة في الجيش الروسي إبان حملة 1813- 1814 عاد إلى الخدمة في الجيش البروسي، وعُيِّن رئيساً لأركان فيلق الجيش في حملة واترلو Waterloo. وفي عام 1818 رقي كلاوزڤيتز إلى رتبة جنرال وعين مديراً للكلية الحربية، و استفاد من الاثنتي عشرة سنة التي أمضاها في منصبه هذا في وضع دراساته التاريخية وتأليف كتابه الشامل عن الاستراتيجية الذي سماه «في الحرب»، وهو الكتاب الذي منحه شهرة واسعة. وقد تناول فيه بالتحليل تجارب فريدريش الكبير ونابليون بونابرت، وحاول تأكيد أهمية العبقرية العسكرية بعزله العوامل التي حسمت النجاح في الحرب. وقد ظلت استنتاجاته وآراؤه قابلة للتطبيق عملياً إلى القرن العشرين. غير أن كلاوزڤيتز لم يقدم أي منظومة استراتيجية متكاملة تتعارض مع المفاهيم الميكانيكية الجامدة التي كانت لسابقيه، وبدلاً من ذلك أكد كلاوزڤيتز أهمية العامل النفسي وعامل المصادفة اللذين قد يطغيان على أي حسابات أو تقديرات استراتيجية حاسمة. وحاول بمناقشته مختلف المواقف التي يواجهها القائد العسكري مناقشة مطولة أن ينمي لدى القارئ نظرياً المحاكمة العسكرية القادرة على وزن كل العوامل المؤثرة في موقف معين، وركز آراءه على أن أهداف الاستراتيجية ثلاثة رئيسية هي: قوات العدو، ومصادره، وإرادة القتال لديه. وكان يرى أن الحرب الدفاعية تحتل المكانة الأولى عسكرياً وسياسياً، وأن الحرب ليست سوى استمرار للسياسة ولكن بوسائل أخرى، ويرفض فكرة أن تكون الحرب نهاية في ذاتها.

قبل أن يُتِم كلاوزڤيتز مؤلفه «في الحرب» نقل إلى برسلاو Breslau وعين للعمل مع القوات البروسية التي أرسلته إلى بولندا لمراقبة الثورة هناك، وأصيب بحمى الهيضة (الكوليرا) إثر عودته إلى برسلاو وتوفي هناك، وجمعت أوراقه ونشرت في عشرة مجلدات من قبل أرملته الكونتيسة ماري، واحتل كتابه «في الحرب» ثلاثة منها.

دلت شخصية كلاوزڤيتز على أصله المتواضع وتأثره القوي بالفلسفة والأدب الألماني المعاصرين له، فكان خجولاً سريع التأثر لا يجاهر بآرائه، ولم يتسلم قط أي منصب قيادي، بل عمل معظم حياته المهنية في وظائف الأركان، وتميز بصدق إدراكه لمجريات الأمور واقتراح الحلول المناسبة لها. وكان لآرائه وخلفيته قبول لدى أنصار حركات إحياء القومية الألمانية أكثر من الطبقة الأرستقراطية المحافظة المتمسكة بالتقاليد البروسية العريقة. وقد تناوله مواطنوه والمفكرون الأجانب بالدرس من جميع الأوجه، ويمكن تلمس بصماته بوضوح في الفكر العسكري الألماني، وفي الفكر العسكري الغربي عامة. وترجمت أعماله إلى معظم اللغات الأوربية منذ منتصف القرن التاسع عشر، و تناولها كارل ماركس وإنغلز ولينين بالتحليل العميق. غير أن أول ترجمة أمريكية لكتابه «في الحرب» تمت في الولايات المتحدة الأمريكية في أثناء الحرب العالمية الثانية. كذلك تأخرت ترجمة كتابه إلى اللغة العربية إلى النصف الثاني من القرن العشرين.
 



ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.