(10ق.م ـ 54 م) هو تيبريوس كلاوديوس نيرو جرمانيكوس Tiberius Claudius Nero Germanicus، امبراطور روماني (41 ـ 54م) قدير من السلالة اليولية - الكلاودية. وُلد في مدينة ليون الفرنسية وكان الابن الأصغر لدروسوس Drusus الأكبر وزوجته أنطونيا Antonia الصغرى. كان والده دروسوس من كبار قادة أغسطس، زوج أمه ليفيا، وأحرز انتصارات باهرة في جرمانيا أكسبته لقب جرمانيكوس، ولكنه توفي عام 9ق.م وهو عائد من إحدى المعارك. أصيب كلاوديوس بمرض في طفولته سبب له إعاقة في مشيته وحديثه؛ فلم يحظ بعناية كبيرة من الأسرة الامبراطورية واستبعد من المناصب السياسية والعسكرية. ولكنه كان متوقد الذهن فانصرف إلى تحصيل العلم وتلقى من المؤرخ ليفيوس Livius معلوماته التاريخية واحترام التقاليد الرومانية، وقد انكب على الدراسات القديمة واهتم خصوصاً بالإتروسكيين وحضارتهم.
تقلد أول وظيفة له عام 37م عندما صار قنصلاً رديفاً لابن أخيه الامبراطور كاليغولا Caligula، الذي لم يدم حكمه طويلاً (37-41م)، فانتهى مقتولاً بسبب استبداده وتعسفه وأعماله الجنونية. ونادى الحرس البريتوري بكلاوديوس امبراطوراً؛ لأنه كان الخيار الوحيد المتبقي من أسرة أغسطس، واضطر مجلس الشيوخ إلى الموافقة عليه مكرهاً، ولكنه بقي يكّن له العداء على الدوام. وانصرف الامبراطور كلاوديوس إلى ممارسة واجباته بمنتهى الجد وإحساس عالٍ بالمسؤولية، واهتمام كبير بأمور الحكم والامبراطورية. من أجلّ أعماله الإدارية إنشاؤه أربعة دواوين (للمراسلات وتقديم التقارير وتنفيذ العدالة والدراسات) ذات سلطات واسعة، أسندت إدارتها إلى رجال أكفياء موثوقين من العتقاء، مثل نركيسوس Narcissus وبالاس Palas، ومارست هذه المكاتب عملها على خير مايرام، وصار رؤساؤها أغنياء لهم نفوذ واسع.
قام كلاوديوس بمشروعات مهمة في إيطاليا وكثير من أنحاء الامبراطورية؛ فقد أعاد تنظيم إمداد روما بالمياه النقية، وأضاف عام 47م قناتين كبيرتين (حملت أشهرهما اسمه Aqua Claudia) إلى قنوات المياه التي تغذي المدينة، كما أنشأ ميناء جديداً في أوستيا Ostia وأجرى تحسينات كبيرة في منشآت المرفأ القديم ومجرى نهر التيبر لتمخره السفن؛ فصارت أوستيا أكبر موانئ إيطاليا. وبدأ مشروعاً ضخماً عمل فيه آلاف العمال على مدى إحدى عشرة سنة لتجفيف بحيرة فوكينا المستنقعية Fucina في وسط إيطاليا واستصلاح أرضها للزراعة.
اُشتهر كلاوديوس بتوسعه في منح حقوق المواطنة الرومانية للمدن والمجتمعات الآخذة بأسباب الحضارة الرومانية، وكذلك الأفراد الذين يجيدون اللاتينية وقدموا خدمات لروما وجيشها. وقد عُثر على نقش في مدينة ليون يتضمن الخطاب الذي ألقاه حول السماح للزعماء الغاليين بدخول مجلس الشيوخ الروماني. ومن أشهر المستعمرات التي أنشئت في عهده كولشستر في بريطانيا وكولونيا في ألمانيا.
أما على صعيد السياسة الخارجة فقد استأنف كلاوديوس سياسة التوسع وضم مناطق جديدة إلى الامبراطورية. ويُعد غزو بريطانيا وإخضاعها من أعظم إنجازات حكمه، وقد شارك بشخصه في الحرب التي انتهت باحتلال حصن كاميولودونوم Camulodunum (كولشستر) حيث قام أحد عشر أميراً بريطانياً بتقديم فروض الطاعة والولاء، وتم تشكيل ولاية بريطانيا وعاد إلى روما ليحتفل بنصره عام 44م.
حافظ على حدود نهر الراين وعمل على تقوية خط الدانوب بالحصون والمعسكرات بإنشاء طريق جديدة امتدت أكثر من 500 كم من مرفأ أكويليا Aquileia على البحر الأدريايتكي حتى نهر الدانوب في جنوبي ألمانيا، وهو عمل أدى إلى تحويل مملكة نوريكوم Noricum (النمسا حالياً) إلى ولاية رومانية. أما في الشرق فقضى على مملكة تراقيا وجعلها ولاية تابعة لروما، كما أنه حول مملكة يودايا Iudaea في فلسطين بعد موت ملكها هيروديس أغريبا الأول Agrippa I عام 43م إلى ولاية رومانية.
وفي شمالي إفريقيا تم إخضاع مملكة موريتانيا Mauretania وضمها إلى الامبراطورية بعد أن كان سلفه كاليغو قد أعدم ملكها جوبا الثاني Juba II عام 40م وهكذا تحولت أجزاء واسعة من الجزائر والمغرب إلى ولايتين رومانيتين هما: موريتانيا القيصرية وموريتانيا طنجة. وفي عام 47م احتفل الامبراطور والشعب الروماني بالذكرى المئوية الثامنة لتأسيس مدينة روما.
يؤخذ على كلاوديوس أنه كان خاضعاً لتأثير مستشاريه والنساء حوله. تزوج أربع مرات، وقد اشتهرت زوجته الثالثة المدعوة ڤاليريا مسالينا Valeria Messalina- التي ولدت له ابنه بريتانيكوس Britannicus وابنته أوكتافيا Octavia- بمجونها واستهتارها، ثم تآمرت عليه في آخر الأمر فأمر بإعدامها عام 48م. وفي السنة التالية تزوج من ابنة أخيه الطموحة أغربينا الصغرى Agrippina التي دفعته إلى تبني ابنها نيرون من زوجها السابق، ثم بدأت تدبر له المكايد لإزاحة كل من يقف في طريقها، وأخيراً دست السم للامبراطور الذي فارق الحياة فأقيم له احتفال جنائزي كبير، وكان أول امبراطور بعد أغسطس يحظى بهذا التقديس.
برهن كلاوديوس على أنه كان من أكفى وأقدر الأباطرة الذين حكموا بعد جده بالتبني الامبراطور أغسطس، الذي سار على نهجه في كثير من الأمور.
ومع أن الصورة التي نقلها المؤرخون القدماء عنه وعلى رأسهم تاكيتوس[ر] تتصف بالعداء المعهود النابع من تقاليد مجلس الشيوخ، إلا أن الدراسات التاريخية الحديثة أظهرت على ضوء الآثار والنقوش والحقائق المعروفة عنه زيف هذه الصورة التي حكمت عليه من منظور حياته الخاصة وعلاقته بالنساء، ولكن مما لا شك فيه أنه كان إدارياً ممتازاً وحاكماً متنوراً حقق كثيراً من الإنجازات للشعب والامبراطورية الرومانية.
كلاوديوس
Tuesday, July 21, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور