(1746 ـ 1817) تاديوس كوزيوسكو Taddeus Kosciusko اسم الشهرة لضابط في الجيش البولندي ورجل دولة ذاع صيته لدوره الكبير في حرب الاستقلال الأمريكية وتزعمه حركة التمرد الوطني ضد المحتلين في موطنه الأصلي بولندا.
اسمه الكامل تاديوس أندري بونافنتورا كوزيوسْكو Tadeusz Andrzej Bonawentura Kosciuszko، وُلد لأسرة نبيلة ودرس في كلية بياريست Piarist college في لوبيزوف Lubieszow وفي الأكاديمية العسكرية في وارسو Warsaw، وعُيّن مدرباً فيها بعد تخرجه. لفتت قدراته العسكرية أنظار الملك ستانيسلاف الثاني Stanislaw II فأوفده إلى باريس لمتابعة تأهيله في الهندسة العسكرية والمدنية. وبعد عودته إلى وارسو سنة 1774 درّس مادتي الرسم والرياضيات لابنتي الجنرال جوزيف سوسنوفسكي J.Sosnowski؛ فوقع في غرام إحداهما، واسمها لودفيكا Ludwika، وأخفقت محاولته الفرار معها، فهرب إلى باريس، ومن ثم هاجر سنة 1776 إلى أمريكا.
أعماله في أمريكا
التحق كوزيوسكو من فور وصوله بقوات المستعمرات التي تقاتل من أجل الاستقلال عن بريطانيا، والتحق بلجنة الدفاع عن بنسلڤانيا في فيلادلڤيا. حيث أسهم في تخطيط التحصينات العسكرية للدفاع عن مقر المؤتمر القاري Continental Congress، ومُنح لعمله هذا رتبة عقيد مهندس.
في ربيع عام 1777 أُلحق كوزيوسكو بجيش الجنرال هوراشيو غيتس H.Gates في حصن تيكونديروغا Ticonderoga إلى الشمال من نيويورك، حيث تولى تحصين المواقع وإقامة الموانع على الطرق على امتداد نهر هدسون، مما اضطر القوات البريطانية إلى الاستسلام في ساراتوغا Saratoga في تشرين الأول/أكتوبر من ذلك العام.
أمضى كوزيوسكو العامين التاليين في تحصين وست بوينت West Point، وعُيّن في عام 1780 قائداً لفيلق الهندسة، نُقل بعدها للعمل تحت إمرة الجنرال ناتانيال غرين N.Greene. في كارولينا الشمالية، وتمكن بإحكام سيطرته على معابر الأنهر من إنقاذ الجيش مرتين من هجمات القوات البريطانية. وفي ربيع 1781 قاد كوزيوسكو في كارولينا الجنوبية معركة الـ 96 Battle of Ninety-Six والحصار الطويل الأمد في تشارلستون Charleston. وبعد انتهاء الحرب مُنح كوزيوسكو الجنسية الأمريكية ورقي إلى رتبة عميد في جيش الولايات المتحدة الأمريكية.
حملاته العسكرية في بولندا
عاد كوزيوسكو إلى موطنه عام 1784، وبسبب ميوله التحررية وعلاقاته مع أسرة تسارتوريسكي- المناوئة للملك- لم يتمكن من الالتحاق بالجيش البولندي، وعاش خمس سنين في بعض أملاكه في ضائقة مالية. ومع بدء حركة الإصلاح والتحرر في بولندا عاد إلى الخدمة العسكرية سنة 1789 ومُنح رتبة لواء.
وفي عام 1792 غزا الجيش الروسي بولندا في عهد الامبراطورة كاترين الثانية للحيلولة دون تطبيق الإصلاح الداخلي ولتثبيت الهيمنة الروسية. وذاع صيت كوزيوسكو قائداً لفرقة في معركة دوبينكا Dubienka الدامية، فرقّاه الملك ستانيسلاف الثاني إلى رتبة عماد، ومنحته الحكومة الثورية في باريس لقب مواطن شرف فرنسي. غير أن الملك إرضاء لروسيا، التي تمت لها السيطرة على بولندا، تخلى عن قضية الإصلاح الراديكالية، وعهد بالحكم إلى حزب المحافظين، ونفى أنصار التحرر إلى سكسونيا؛ فتخلى كوزيوسكو عن منصبه على غير رغبة الملك والتحق بالمنفى بإرادته.
في سكسونيا أوفد كوزيوسكو في أوائل سنة 1793 إلى باريس سعياً وراء دعم قضية بلاده، وكلف عقب عودته في صيف ذلك العام قيادة الثورة لتحرير بولندا، فانتقل سراً إلى مكان قرب كراكوف Krakow، ولما وجد الاستعدادات غير كافية أرجأ إعلان الثورة وغادر البلاد من جديد، واستغل العدو الوقت لإخفاق مخطط المتآمرين من الداخل واعتقال كثيرين منهم. وبادر من بقي من التنظيم السري إلى إعلان الثورة في آذار/مارس 1794، فعاد كوزيوسكو إلى كراكوف وأقسم أمام جموع الشعب أن يقاتل قوات الاحتلال - وخاصة روسيا وبروسيا- وتحمل المسؤولية السياسية والقيادة العسكرية الكاملة. وكان عليه التغلب على نوعية قوات العدو بالمكاثرة العددية، فأمر بفتح باب التجنيد، وأحدث تشكيلات جديدة. ولعدم وجود صناعة حربية فقد كان يعوز قواته ما يكفي من الأسلحة النارية، ومع ذلك تمكن كوزيوسكو من تحقيق نصر ساحق في راكلافيتش Raclawice بتشكيلات مسلحة بالفؤوس والمناجل ودعم المدفعية، وبعد هزائم عدة منيت بها قواته تراجع إلى وارسو التي كانت آخر معاقله، وفرضت القوات البروسية والروسية حصاراً شديداً على المدينة دام شهرين. ويُعد الدفاع الذي نظمه كوزيوسكو عن وارسو من أهم إبداعاته العسكرية استراتيجياً وهندسياً، وكان في اللحظات الحاسمة يقود الهجوم بالحراب بنفسه، وتمكن من إشعال الثورة خلف خطوط العدو وأجبر ملك بروسيا على الانسحاب، لكن التعزيزات الروسية تمكنت من سد الثغرة بسرعة، ولم يعد في وسع كوزيوسكو حشد القوى المناسبة في الوقت المناسب، فحاقت به الهزيمة في ماتشيوفيتش Maciejowice حيث جُرح وأُخذ أسيراً، وانهارت الثورة من دون قائد، وقُسِّمت بولندا للمرة الثالثة.
السنوات الأخيرة
سجن كوزيوسكو في قلعة بيتروبافلوفسك في بطرسبرغ، حيث استرد بعض عافيته تدريجياً. وبعد وفاة كاترين الثانية سنة 1796 أطلق سراحه فعاد إلى فيلادلفيا (الولايات المتحدة) حيث لقي ترحيباً، وعاش يمارس نشاطاً اجتماعياً. غير أن تواتر الأنباء من باريس حول احتمال طرح القضية البولندية من جديد، حفّزه على مغادرة الولايات المتحدة سراً إلى فرنسا سنة 1798، إلا أنه رفض التعاون مع نابليون وقيادة الفيالق البولندية في القتال من أجل فرنسا، إلا في حال ضمان تحرير بلاده.
وهكذا تقاعد كوزيوسكو عن الحياة العامة واتخذ لنفسه سكناً في برفيل Berville بالقرب من فونتينبلو. وحاول نابليون مرة أخرى في عام 1806 الحصول على مساعدة كوزيوسكو في حربه مع روسـيا غير أنه لم يوافق، وظل كوزيوسكو في المنفى على الرغم من إعـادة ترتيب بـلاده تحت اسـم دوقية وارسو الكبرى (1807). وبعد سـقوط نابليون (1814) ومؤتمر ڤيينا (1815) عرض قيصر روسيا ألكسندر الثاني على كوزيوسكو العودة إلى موطنه، لكنه طرح شروطاً غير قابلة للتنفيذ؛ وهنا قرر الانتقال إلى سولوتورن Solothurn في سويسرا وبقي فيها حتى وفاته. ونُقلت رفاته سنة 1819 إلى كراكوف حيث دفن في كاتدرائيتها إلى جوار أضرحة الملوك. وأقام الناس قرب المدينة نصباً ضخماً تخليداً لذكراه.
تاديوس كوزيوسكو
Monday, July 27, 2015
الوقت المقدر للدراسة:
ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.
آخر أعلام
الأكثر زيارة في الأسبوع
موارد بیشتر برای شما
الشعر في مشهد، العاصمة الدينية لإيران
الانهيار البطيء للنظام السعودي..بن سلمان وحيدا في القمة!
معركة فاصلة على الرئاسات الثلاث في البرلمان العراقي
امريكا تصعد هجماتها الإعلامية ضد وزيرخارجيتها السابق
كاتب بريطاني: ابن زايد يستغل جهل ابن سلمان
مفاجأة... لماذا قرر عمر البشير حل الحكومة؟
الأنواء تعلن حالة الطقس في العراق للأيام المقبلة
اليابان تجرب مصعدا إلى الفضاء!
استخدام تقنية التعرف على الوجه في مطارات الهند
روسيا تستأنف إنتاج أضخم "سفينة طائرة" في العالم
جماعة علماء العراق: حرق القنصلية الايرانية تصرف همجي!!
البرلمان العراقى يعقد جلسة استثنائية لمناقشة الأوضاع بالبصرة اليوم
قمة طهران تخطف صواب الغرب وتذهل ساسته
معلومات لم تسمعها عن "المختار الثقفي"..من أديا دوري الامام الحسين وأخيه قمر بني هاشم؟!
الأمم المتحدة تطالب الصين بالإفراج عن مليون مسلم من الأويغور