ابن المعلم المفيد

Saturday, May 27, 2017
الوقت المقدر للدراسة:
موارد بیشتر برای شما
ابن المعلم المفيد (محمد بن محمد-) (336 ـ 413هـ/ 947 - 1022م) أبو عبد الله، محمد بن محمد بن النعمان بن عبد السلام العكبريّ، الحارثي البغدادي الكرخي المعروف بـ «ابن المعلم» و«الشيخ المفيد»، فقيه،  وأصوليّ، ومتكلم، من شيوخ الإمامية، انتهت إليه رئاسة الشيعة في وقته.

ولد في «عكبرا» من أعمال الدجيل بالعراق؛ ومن هنا جاءت نسبته «العكبري»، وترعرع في كنف والده الذي لم يعرف من أخباره سوى كونه معلماً بـ «واسط»؛ ولذلك يكنى ولده بـ «ابن المعلم». وما إن تجاوز الشيخ المفيد سني الطفولة، وأتقن مبادئ القراءة والكتابة حتى جاء به أبوه إلى بغداد حاضرة العلم والعلماء، ومهوى أفئدة طلاب العلم، فسارع إلى حضور مجالس العلماء على اختلاف تخصصاتهم العلمية وتوجهاتهم، وبذل في سبيل ذلك الجهود الكبيرة. وقد ذكر المترجمون له عدداً كبيراً من العلماء والمشايخ الذين تلقى على أيديهم العلم واتصل بهم واتصلوا به منهم أحمد بن  إبراهيم بن أبي رافع أبو عبد الله الصيمري، وأحمد بن الحسين بن أسامة أبو حسين البصري، وأحمد بن محمد بن جعفر أبو علي الصولي، ومحمد بن أحمد أبو بكر الشافعي، وغيرهم.

وتخرج به جماعة كبيرة، وكان من جملة طلاّبه الذين أخذوا عنه مثل الشريف الرضي محمد بن الحسين، الشريف المرتضى علي بن الحسين، وسلار بن عبد العزيز الديلمي، والشيخ الطوسي محمد بن الحسن، وغيرهم.

وكان الشيخ المفيد قد عاصر فترة انكماش الدولة العباسية وضعفها ووهنها، وتولي بني بويه شؤون السلطة في بغداد، وقد حظي بسبب تشيع بني بويه بما لم يحظ به غيره من التقدير والاحترام، فكانت له صولة وجولة بسبب قربه من عضد الدولة البويهي، وبلغ من احترامه له أنه كان يزوره في داره، ويعوده إذا مرض. وكان للدور العلمي البارز الذي قام به المفيد في عصره أثر كبير في اشتهار اسمه، وشيوع ذكره، فحفلت كتب التراجم والتاريخ بالترجمة له والتحدث عن سيرته.

وقد تباينت مواقف المترجمين له تبعاً لاتجاهاتهم وانتماءاتهم المذهبيّة مع اتفاقهم على شهرته وقدراته العلمية والذهنية؛ فمنهم من بالغ في مدحه والثناء عليه من أبناء طائفته، ومنهم من طعن فيه، وبالغ في ذمه من مخالفيه.

فمما قيل في شأنه من قبل مادحيه من أبناء طائفته:- ما نقل عن يحيى ابن أبي طي الإمامي مما ذكره في شأن الشيخ المفيد حيث قال: «كان أوحد في جميع فنون العلم: الأصلين والفقه، والأخبار ومعرفة الرجال والتفسير والنحو والشعر وكان يناظر أهل كل عقيدة... وكان قوي النفس، كثير البر، عظيم الخشوع كثير الصلاة والصوم...» إلى آخر ما قال.

وما قاله السيد هبة الدين الشهرستاني عنه- فيما ينقله عنه المترجمون-: «هو نابغة العراق ونادرة الآفاق غرة المصلحين أستاذ المحققين ركن النهضة العلمية في المئة الرابعة الهجرية آية الله في العوالم، معلم الأعاظم وابن المعلم».

ومما قيل في شأنه من قبل طاعنيه والمخالفين له في المذهب- كما ذكر المترجمون له - ما ذكره الخطيب البغداديّ حيث قال عنه: «.. شيخ الرافضة والمتعلم على مذاهبهم. صنف كتباً كثيرة في ضلالاتهم والذب عن اعتقاداتهم ومقالاتهم والطعن على السلف الماضين من الصحابة والتابعين.. وكان أحد أئمة الضلال، هلك به خلق من الناس إلى أن أراح الله المسلمين منه».

وما نقل عن ابن تغري بردي، حيث قال: «... وكان ضالاً مضلاً هو ومن قرأ عليه ومن رفع منزلته..).

وعلى العموم فإن الشيخ المفيد كان من العلماء المبرزين في عصره، ومن الذين تركوا بصمات واضحة في الحياة العلمية من خلال المؤلفات التي قام بتأليفها والمجالس العلمية التي كان يعقدها لطلاب العلم على طريقته الخاصة، فقد ذكر معظم من ترجم له من الموافقين له والمخالفين أن مجالسه العلمية يحضرها خلق كثير من العلماء ومن سائر الطوائف، وأنه كان بارعاً في الكلام والفقه والجدل وكان يناظر أهل كل عقيدة بالجلالة والعظمة، وكان مدافعاً قوياً عن عقيدته الإمامية بارعاً فيها حتى قيل: «له على كل إمامي منة».

ووصف المؤرخون حياته الخاصة وصفاته الشخصية، فذكروا - من جملة ما ذكروا - أنه كان شيخاً ربعةً، نحيفاً، أسمر، كثير الصدقات عظيم الخشوع في الصلاة والصوم، حسن اللباس كثير التقشف والتخشع والإكباب على طلب العلم. ما كان ينام من الليل إلا هجعة، ثم يقوم يصلي، أو يطالع، أو يتلو القرآن.

توفي الشيخ المفيد بعد أن عاش ستاً وسبعين سنة، وشيعه ثمانون ألفاً من الباكين عليه، وصلى عليه تلميذه الشريف المرتضى علي بن الحسين الموسوي بميدان الأشنان- وهو الميدان الرئيس بكرخ بغداد، ودفن بداره في بغداد، ثم نقل إلى الكاظمية، فدفن بمقابر قريش. وقبره اليوم معروف في وسط الرواق الشرقي من المشهد الكاظمي.

ترك الشيخ المفيد تراثاً علمياً ضخماً في مختلف أنواع الفنون والعلوم قدّر  بأكثر من مئتي  مؤلَّف.

وقد ذكر له العاملي في كتابه «أعيان الشيعة» أكثر من خمسة وتسعين ومئة مؤلَّف، منها:

«أحكام المتعة»، و«الإرشاد في تاريخ النبيr والزهراء والأئمّة»، و«الإعلام فيما اتفقت الإمامية عليه من الأحكام»، و«أوائل المقالات في المذاهب والمختارات»، و«الإيضاح في الإمام»، و«إيمان أبي طالب»، و«تفضيل أمير المؤمنين على سائر الصحابة»، و«حدوث القرآن»، و«فضيلة المعتزلة» و«الكلام في وجوه إعجاز القرآن»، و«المقنعة في الفقه» إلى غير ذلك. وقد طبع كثير منها.

 

عبد العزيز الحاجي

مراجع للاستزادة:

ـ ابن حجر العسقلاني، لسان الميزان (منشورات مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، بيروت1390 هـ/ 1971م).

ـ الحافظ البغدادي، تاريخ بغداد أو مدينة السـلام (دار الكتاب العربي، بيروت، د.ت).

ـ محسـن الأمين، أعيان الشيعة، حقّقه وأخرجه حسن الأمين (دار التعارف للمطبوعات، بيروت 1403هـ / 1983م).

ـ الذهبي، ميزان الاعتدال في نقد الرجال، تحقيق: الشيخ علي محمد معوض، الشيخ عادل أحمد عبد الموجود (دار الكتب العلمية، بيروت 1416هـ/ 1995م).

ـ محمد باقر الموسوي الخوانساري الميرزا، روضات الجنات في أصول العلماء والسادات ( الدار الإسلامية، بيروت، 1411هـ /1991م).

 


ارسل تعليقاتك
با تشکر، نظر شما پس از بررسی و تایید در سایت قرار خواهد گرفت.
متاسفانه در برقراری ارتباط خطایی رخ داده. لطفاً دوباره تلاش کنید.